بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
-قرار المسلمة في بيتها وعدم خروجها منه أحفظ وأصون لها، ومتى خرجت منه خرجت لحاجة، وبضوابط شرعية.
للسلف أقوال في لزوم المرأة لبيتها، وضوابط خروجها، وقد يسر الله الكريم فجمعت بعضًا من أقوالهم في ذلك، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
· أفضل شيء للمرأة لزوم بيتها، فهو راحة لقلبها وانشراح لصدرها:
** قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما عبدت امرأة ربها بمثل أن تعبده في بيتها.
** قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: ليس للمرأة خير من بيتها، وإن كانت عجوزًا.
** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: الشواب لا تؤمن الفتنة عليهن، وبهن حيث خرجن، ولا شيء للمرأة أفضل من لزوم قعر بيتها، ولقد كره العلماء خروجهن إلى الصلوات....وما أظن سقوط فرض الجمعة عنهن إلا دليلًا على إمساكهن عن الخروج فيما عداها والله أعلم.
* قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب:33] أي: اقررن فيها، لأنه أسلم وأحفظ لكُنّ.
** قال العلامة بن باز رحمه الله: خير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها...الإسلام...أمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارًا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها، وضيق صدرها، وتعريضها لما لا تحمد عقباه.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله:
- بيتها أصون لها، وأبعد لها عن الفتنة، وأسلم لدينها وخلقها، وأحفظ لزوجها.
- لا شك أن بقاء المرأة في بيتها خيرٌ لها، كما جاء في الحديث: ((بيوتهن خيرٌ لهن))
** قال العلامة صالح الفوزان: قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب:33] يعني: البثن في بيوتكن ولا تكثرن الخروج، فهذا فيه أن الأفضل للمرأة أن تبقى في بيتها، ولا تخرج إلا لما لا بدَّ لها منه، لأن الله أمر نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وهن أطهر نساءِ العالمين بالبقاء في البيوت، ودُعاة السُّفور والانحلال يقولون: إن المرأة محجوبة، ومسجونة بين الجدران، لا يدرون أن هذا كرامة وحفظ لها.
فائدة: قال الإمام الشوكاني رحمه الله: أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين قال: نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك ؟ فقالت: قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقرّ في بيتي، فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت، قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن مسروق قال: كانت عائشة إذا قرأت ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ بكت حتى تبلّ خمارها.
· مما يعين المسلمة على لزوم البيت:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الأصل في المرأة الصالحة وفي المرأة المسلمة أن تلزم بيتها، إلا لما لا بدّ لها منه، ولو نظرت المرأة إلى هذه الحياة الدنيا، وأنها ميدان للتسابق في إعداد المنازل في الآخرة، لاستوحشت من الخلق، وأقبلت على ربها عز وجل، وهذا كمال
· عدم الخروج من البيت إلا لضرورة أو حاجة:
** قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل فيه غيرهن بالمعنى. هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة.
** قال ابن الحاج رحمه الله: خروج المرأة لا يكون إلا لضرورة شرعية.
** قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ أي: الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه.
· نصيحة بعدم ذهاب المسلمات بكثرة إلى الأسواق:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الذي أنصح به أخواتنا المسلمات ألا يكثرن الذهاب إلى الأسواق؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((بيوتهن خير لهن))، قاله وهو يتحدث عن مجيء المرأة إلى الصلاة في المساجد، وإذا كان هذا فيمن تأتي إلى الصلاة، فكيف بمن تخرج إلى الأسواق بلا حاجة، فإنها تُعرِّض نفسها للفتن؛ أن تفتتن هي أو يُفتَن بها، فنصيحتي لأخواتي المسلمات أن يلزمْنَ البيوت ما استطعْنَ إلى ذلك سبيلًا، ولا أدب أحسن من تأديب الله تعالى لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ حيث قال لهن: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: 33]، وبناء على ذلك نقول: إن احتاجت المرأة إلى الخروج إلى السوق فلتخرج، لكن تخرج غير متطيِّبة ولا متبرِّجة بزينة ولا كاشفة عن وجهها أو ما يجب ستره؛ بل ولا ماشية مِشية الرجال، ولا ضاحكة في الأسواق، ولا رافعة للصوت، ولا خاضعة بالقول.
· البيت ليس سجنًا للمرأة:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إن المرأة التي تقول: إن بقاء المرأة في بيتها سجن، أقول: إنها معترضة على قول الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾[الأحزاب: 33] كيف تجعل ما أمر الله به سجنًا؟! لكنه كما قلت: سجن على مَنْ تريد التبذُّل والالتحاق بالرجال، وإلا فإن سرور البقاء في البيت هو السرور وهو الحياء، وهو الحشمة، وهو البُعْد عن الفتنة وهو البُعْد عن خروج المرأة للرجال، فعلى النساء أن يتَّقين الله، وأن يرجعن إلى قول ربهن وخالقهن، وإلى ما قاله رسول رب العالمين إليهن وإلى غيرهن، وليعلمن أنهن سيُلاقين الله عز وجل، وسيسألهن: ماذا أجبتم المرسلين؟ وهن لا يدرين متى يلاقين الله، قد تصبح المرأة في بيتها أو قصرها وتمسي في قبرها، أو تمسي في بيتها وتصبح في قبرها، ألا فليتَّقِ الله هؤلاء النسوة، وليدعن الدعايات الغربية المفسدة، فإن هؤلاء الغربيين لما أكلوا لحوم الفساد جعلوا العصب والعظام لنا نتلقَّفها بعد أن سلب فائدتها هؤلاء الغربيُّون، وهم الآن يئنُّون ويتمنون أن تعود المرأة بل أن تكون المرأة كالمرأة المسلمة في بيتها وحيائها وبُعْدِها عن مواطن الفتن، لكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد أفيجدُر بنا ونحن مسلمون لنا ديننا ولنا كياننا، ولنا آدابنا ولنا أخلاقنا أن نلهث وراءهم تابعين لهم في المفاسد، سبحان الله العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله.
· عدم ذهاب المسلمة إلى المجامع العامة:
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: المرأة يستحسن بها أن لا تذهب إلى المجامع العامة، وأن توكل في الذهاب إليها من تثق فيه، كما وكلت أخت عقبة أخاها في الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
· عمل المرأة في بيتها عمل جليل:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الزوجة سكن للزوج، يطمئن إليها، ويأنس بها، ويألف البيت الذي هي فيه، أما لو كان البيت ليس فيه زوجه فإنه يضيق صدر صاحبه، ويتطلب الخروج منه، وأيضًا الزوج يكدُّ ويتعب خارج البيت، فإذا عاد وجد الزوجة قد هيأت له أسباب الراحة، وأعدت له الطعام والشراب، وهذا تعاون على كلف الحياة بين الزوجين، فالرجل يكتسب خارج البيت، والمرأة تعمل داخل البيت، لأن ذلك أرفق بها، وأستر لها، وتربي الأولاد، وبهذا تنتظم مصالح الأسرة، وعملها في بيتها لا يقل عن عمل الرجل خارج البيت،...فعملها في البيت عمل جليل، لكن الكفار وأذنابهم من المستغربين يريدون أن يغيروا هذا النظام الزوجي، ويخرجوا المرأة من البيت،...ويحرموا الرجل من السكن إليها، ومن خدمتها، ومن قيامها بالبيت، ويحرموا المرأة من قوامة الرجل عليها، يريدون أن يحرموا الرجل هذا السكن وهذه الراحة، ويتعبوا المرأة بعمل لا يليق بها، ولا تستطيعه، ولا تنتج فيه، وليس قصدهم مصلحة المرأة في ذلك، بل قصدهم كسر الحواجز كما يقولون وإزالة الفوارق بين الرجل والمرأة. والمرأة إذا خرجت فإنها تتعب، فهي ليست مثل الرجل، فالرجل إذا خرج ففيه قوة، وفيه جلد لاكتساب وطلب الرزق والأسفار، والمرأة ضعيفة ليس فيها جلد على هذا، ولذلك بقاؤها في البيت أرفق بها، وأحسن لها، وأنتج لعملها، أما إذا أُخرجت من بيتها فإنها تفقد مهمتها في الحياة، وتُضيع نفسها، ويضيع الرجل أيضًا، وتُضيع أولادها، وإذا ضاعت المرأة ضاع الرجل، فهؤلاء يعاكسون الفطرة، ويريدون أن يغيروا الخلقة...ويفسدوا المجتمع.
· ضوابط عمل المرأة خارج بيتها:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: إننا لا نمانع من عمل المرأة، خارج بيتها، إذا كانت بالضوابط الآتية:
1-أن تحتاج إلى هذا العمل، أو يحتاج المجتمع إليه، بحيث لا يوجد من يقوم به من الرجال.
2- أن يكون ذلك بعد قيامها بعمل البيت، الذي هو عملها الأساسي.
3- أن يكون هذا العمل في محيط النساء، كتعليم النساء، وتطبيب أو تمريض النساء، ويكون منعزلًا عن الرجال.
· بقدر خروج المرأة من بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: عمل المرأة خارج البيت، مشاركة للرجل في اختصاصه وفيه منازعة للرجل في وظيفته وتعطيل لقيامه على المرأة، وهضم لحقوقه، إذ لا بد للرجل من العيش في عالمين: عالم الطلب والاكتساب للرزق المباح، والجهاد والكفاح في طلب المعاش وبناء الحياة،وهذا خارج البيت،وعالم السكينة والراحة والاطمئنان وهذا داخل البيت وبقدر خروج المرأة من بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي بل يثير من المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك البيوت ولهذا جاء في المثل الرجل يجني والمرأة تبني
ومن وراء هذا ما يحصل للمرأة من المؤثرات عليها نتيجة الاختلاط بالآخرين.
إن الإسلام دين الفطرة وإن المصلحة العامة تلتقي مع الفطرة الإنسانية وسعادتها، إذا فلا يباح للمرأة من الأعمال إلا ما يلتقي مع فطرتها وطبيعتها وأنوثتها، لأنها زوجة تحمل وتلد وتُرضع وربة بيت وحاضنة أطفال ومربية أجيال في مدرستهم الأولى المنزل
· شروط حضور المسلمة إلى المساجد:
-قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )) لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث، وهو أن لا تكون متطيبة، ولا متزينة، ولا ذات خلال يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال، ولا شابة، ونحوها.
· منع خروج النساء اللواتي لا يؤمن عليهن ومنهن الفتنة إلى الأسواق:
-قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: الإمام يجب عليه أن يحول بين الرجال والنساء في التأمل والنظر، وفي معنى هذا منع النساء اللواتي لا يؤمن عليهن ومنهن الفتنة من الخروج والمشي في الحواضر والأسواق، وحيث ينظرن إلى الرجال.
وفي الختام فقرار المسلمة في بيتها كان شعارًا للمسلمات، قال القاضي ابن العربي رحمه الله: دخلت نابلس، وهي قرية المنجنيق لإبراهيم عليه السلام، وسكنتها مدة، وترددت عليها مرارًا، فما وقعت عيني على امرأة نهارًا، حتى إذا كان يوم الجمعة امتلأ المسجد بهن، ثم لا يقع عين عليهن إلى الجمعة الأخرى
فإن خرجت المسلمة من بيتها فلحاجة، قال العلامة العثيمين رحمه الله: ننصح جميع أخواتنا المؤمنات ألَّا يخرُجْنَ من بيوتهن إلَّا في حاجةٍ لا بد من الخروج فيها.
وينبغي للمسلمة المتزوجة ألا تخرج من بيتها إلا بأذن زوجها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها، ولو كانت إلى بيت أبويها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد