بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
القلب من أصغر الأعضاء في جسد الإنسان، ومع ذلك فله تأثير كبير فيه، فإذا صلح صلح الجسد، وإذا فسد فسد الجسد كله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي: القلب. )) [متفق عليه] والقلب يفسد بالأدواء القلبية التي تهلكه، مثل: الرياء، والكِبر، والعجب، والغرور، والحسد، والحقد. ويفسد بارتكاب الذنوب والمعاصي التي تجعله يقسو، وقد يموت. فينبغي أن يحرص المسلم على صلاح قلبه، وكما يحرص على صلاحه فينبغي أن يكون على خوف ووجل من تقلب قلبه، وذلك باجتناب الأمور التي تكون سببًا في تقلبه. قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: التعاظم في النفس، والتعاظم بالكلام والمدح والثناء ونحو ذلك، فليس من صنيع المجلين لله عز وجل، الخائفين من تقلب القلوب، فالله عز وجل يقلب القلوب، ويصرفها كيف يشاء، فالقلب المخبت المنيب يحذر، ويخاف دائمًا من أن يتقلب قلبه، فينتبه للفظه، وينتبه للحظه وينتبه لسمعه وينتبه لحركاته لعل الله عز وجل أن يميته غير مفتون ولا مخزي.
للسلف أقوال في العناية بالقلب يسّر الله فجمعت بعضًا منها، الله أسأل أن ينفع بها
· طهارة القلب:
قال العلامة السعدي رحمه الله: طهارة القلب سبب لكل خير، وهو أكبر داع إلى كل قول رشيد، وعمل سديد.
· لين القلب:
** قال أبو سليمان الداراني: تعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الخوف.
** قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: تعرض لرقة القلب بدوام مجالسة أهل الذكر.
** قال سفيان الثوري: عليك بقلة الكلام يلين قلبك.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله:
- القلب اللينُ يتأثر فرحًا بآيات الوعد، ويتأثر خوفًا وهربًا بآيات الوعيد.
-علامةُ رِقَّة القلب أن يَخشَعَ لذكر الله.
-أن يكون رفيقًا باليتامى فإن هذا يجعل للقلب رقَّة ورحمة وهذا شيء مشاهد.
- قراءة السيرة لها تأثيرٌ عجيب على القلب؛ لأن الإنسان يتذكَّر وكأنه مع الصحابة، فيَلين قلبُه.
- ومن أسباب لِينِ القلب رحمةُ الأطفال، والتلطُّف معهم، فإن ذلك يُلينُ القلب، وله تأثيرٌ عجيب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الراحمون يَرحَمُهم الرحمن، ارحَموا مَن في الأرض، يَرحَمْكم مَن في السماء)).
- ومن أسباب لينِ القلب: سماعُ المواعظ والقصائد التي تُحيي القلب؛ ولذلك تجد الرجلَ إذا سمع قصيدة مؤثرةً، يَخشَعُ قلبُه وتَدمَع عيناه.
- ومن أسباب لين القلب: حضورُ القلب في الصلاة؛ فإن ذلك من أسباب الخشوع، ولين القلب، نسأل الله تعالى أن يُلينَ قلوبنا لذكره.
** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: رقة قلوب الصحابة رضي الله عنهم...كانوا إذا ذكّروا ووعظوا فقلوبهم كانت لينة تستجيب، فتوجل القلوب من التذكير، وتذرف الدموع خشية لله عز وجل ومحبة للنبي صلى الله عليه وسلم.
· صلاح القلب:
** قال ميمون بن مهران: العلماء هم ضالتي في كل بلدة وهم بغيتي، ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: محبة المساكين لها فوائد كثيرة. منها: أنه يوجب صلاح القلب وخشوعه.
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
- الروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
- القلب صلاحه وفلاحه وسعادته بالإنابة إلى الله تعالى في المحبة، وامتلاء القلب من ذكره، والثناء عليه، وأعظم ما يحصل به هذا المقصود: الصلاة، التي حقيقتها: أنها صلة بين العبد وبين ربه.
** قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: صلاح القلب يصلح الحال، (( ألا إن في الجسد مُضغة: إذا صلحت صَلَحَ الجسدُ كلُّهُ، وإذا فسدت فَسَدَ الجسدُ كلُّهُ، ألا وهي القلب )) ولهذا يلزم على طالب العلم أن يكون بصيرًا بحال نفسه، وبصيرًا بحال من يريد إصلاحهم، وأن صلاح القلب ينتج عنه كل خير، وفساد القلب _ وإن صلحت الجوارح بأعمالها _ يعقبه شر، فإذا كان القلب صالحًا، آب العبد وإن عصى، وإن كان القلب فاسدًا، وإن كان ظاهره طاعة، فإنه لا يؤمن عليه الانتكاس، لأن القلب هو معدن الخير، ومعدن ضد ذلك من الشر والفساد.
· القلب الصحيح:
قال العلامة السعدي رحمه الله: القلب الصحيح: هو الذي عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل وتركه.
· القلب الطيب:
قال العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي: القلب الطيب إذا نزلت عليه أمطار القرآن: زواجره ونواهيه ومواعظه وحلاله وحرامه أثمر ذلك القرآن في ذلك القلب ثمرات أحسن من ثمرات الأرض الطيبة إذا نزل عليها المطر، فأثمر الإيمان بالله، والتطهر من أدناس المعاصي والكفر، وامتثال أمر الله واجتناب نواهيه، وكل خصلة حسنة يثمرها مطر القرآن في قلب المؤمن، كالخشية من الله، والتوبة عند الزلات، والإنابة إليه، والسخاء، والشجاعة، والرضا بقضاء الله، وعدم الشح، إلى غير ذلك من خصال الإسلام الكريمة الجميلة.
· خشوع القلب:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: خشوع القلب، وهو انكساره لله، وخضوعه وسكونه عن التفاته إلى غير من هو بين يديه، فإذا خشع القلب خشعت الجوارح كلها تبعًا لخشوعه....وأصل الخشوع: هو لين القلبِ ورقته وسكونه وخشوعه وانكساره وحرقته.
· نور القلب:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: سورة النور...إذا تأملت السورة ووجدت ذكر النور فيها وأن الله نور السموات والأرض وقوله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ [النور:40] تبين لك أن العفة من أسباب نور القلب، وأن ضدها -وهو الفجور- من أسباب ظُلمة القلب ولذا كان تأثير الزنى سواء كان بالعين أو بالرجل أو باليد أو باللسان أو بالفرج على القلب وعلى نور القلب أعظم من غيره وتأثير العفة في نور القلب أبلغ.
· صفاء القلب:
قال العلامة السعدي رحمه الله: من أخلص أعماله كلها لله، ونصح في أموره كلها لعباد الله، ولزم الجماعة بالائتلاف، وعدم الاختلاف، صار قلبه صافيًا نقيًا، وصار لله وليًا، ومن كان بخلاف ذلك، امتلأ قلبُهُ من كلِّ آفةٍ وشر، والله أعلم.
· إنابة القلب:
قال العلامة السعدي رحمه الله: الإنابة، إنابة القلب وانجذاب دواعيه، لمراضي الله تعالى، ويلزم من ذلك عمل البدن بمقتضى ما في القلب، فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة، ولا يتم ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة.
· القلب السليم:
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
- القلب السليم، معناه: الذي سلم من الشرك، والشك، ومحبة الشر، والإصرار على البدعة والذنوب، ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها، من الإخلاص، والعلم، واليقين، ومحبة الخير، وتزيينه في قلبه، وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله، وهواه تابعًا لما جاء به.
- قوله تعالى: ﴿إذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات:84] من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق والعمل به، وإذا كان قلب العبد سليمًا سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته: أنه سليم من غش الخلق وحسدهم.
** قال العلامة العثيمين رحِمه الله: من كان سليم القلب، فإن الله تعالى قد يَهَبُه فِراسةً يَعرِف بها الإثم، حتى إن نفسه لا تَطمئن له ولا ترتاح، وهذه نعمةٌ مِن الله على الإنسان.
· غذاء القلوب
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الإيمان له حلاوة وطعم، يذاق بالقلوب، كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان من أسقامه، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) لأنه لو كمل لوجد حلاوة الإيمان فاستغنى بها عن استحلاء المعاصي. سئل وهيب بن الورد: هل يجد طعم الإيمان من يعصي الله؟ قال: لا، ولا من هم بالمعصية. قال ذو النون: كما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب.
· راحة القلب:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: راحة القلب وزوال همومه وغمومه هو المطلب لكل أحد، وبه تحصل الحياة الطيبة ويتم السرور، والابتهاج، ولذلك أسباب دينية، وأسباب طبيعية، وأسباب علمية، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين، وأما من سواهم فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالًا ومالًا
· قلب المؤمن:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: تلقون المؤمن أصح شيئًا قلبًا، وأمرضهم شيئًا جسمًا، وتلقون الفاجر والمنافق أصح شيئًا جمسًا وأمرضه قلبًا، والله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لكنتم أهون على الله من الجعلان.
· حياة القلب:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: القلب...إذا رأيتَه يتأثرُ كلما عصى، فأحسَّ بالذنب، ورجع إلى الله، وأناب إليه، واستغفر ربَّه، فاعلم أن قلبك حيٌّ؛ لأن الميتَ لو أتيتَه بشُواظٍ من نار وأصبتَ به جسده، فهل يتأثر؟ أبدًا، ولا يُحسُّ، والحيُّ يُحسُّ، فهكذا القلوبُ متى أحسَّت بالمعصية وتركِ الطاعة، فاعلَم أن فيها حياةً.
· عينا القلب:
عن خالد بن معدان قال: ما من عبد إلا وله عينان في وجهه، يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه، يبصر بهما أمر الآخرة، فإذا أراد الله بعبد خيرًا فتح عينيه اللتين في قلبه، فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب، وإذا أراد الله به غير ذلك تركه على ما فيه، ثم قرأ: ﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد:24]
· حجب القلوب:
قيل لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق لِمَ حجبت القلوب عن الله ؟
قال: لأنها أحبت ما أبغض الله، أحبت الدنيا ومالت إلى دار الغرور واللهو واللعب، وتركت العمل لدار فيها حياة الأبد في نعيم لا يزول ولا ينفذ، خالدًا مخلدًا في ملك سرمد، لا نفاد له ولا انقطاع.
· عمى القلب:
قال العلامة السعدي رحمه الله: العمى الضار في الدين، عمى القلب عن الحق، حتى لا يشاهده، كما لا يشاهد الأعمى المرئيات.
· سقم القلب:
قال يحي بن معاذ: سقم الجسد بالأوجاع، وسقم القلوب بالذنوب، فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه، فكذلك القلب لا يجد حلاوة العبادة مع الذنوب.
· قسوة القلب:
** قال مالك بن دينار رحمه الله: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
** قال الفضيل بن عياض: خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثره الأكل.
* قال حذيفة بن قتادة: ما أصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه.
* قال عبدالله بن خبيق: قال لي حذيفة المرعشي: ما ابتلى أحد بمصيبة أعظم من قسوة قلبه.
** قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائدة:13] أي: غليظة لا تجدي فيها المواعظ، ولا تنفعها الآيات والنذر، فلا يرغبهم تشويق، ولا يزعجهم تخويف، وهذا من أعظم العقوبات على العبد، أن يكون قلبه بهذه الصفة التي لا يفيد معها الهدى والخير إلا شرًا.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله:
- قسوةُ القلب أسبابُها كثيرة؛ منها: الإعراض عن ذِكر الله، وكون الإنسان لا يذكرُ الله إلا قليلًا، تَجدُهُ حتى في الصلاة المفروضة لا يَذكُرُ الله بقلبه، يقرأُ، ويركع، ويَسجُد، ويُسبحُ، ويدعو والقلب غافلٌ، فهذه من أسباب القسوة.
- من أسباب قسوة القلب أيضًا: كثرةُ المِزاح واللعب والتلهِّي بالأصدقاء والأهل؛ & من أسباب قسوة القلب أيضًا: الانكبابُ على الدنيا وتفضيلها على الآخرة، وألا يكون همُّ الإنسان إلا جمعَ المال، ولها أسباب كثيرة.
- قال الله عز وجل: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ [المائد: 13]، فالمعاصي سببٌ لقسوة القلب، وإن قسوة القلب التي حدَثت اليوم في كثير من المسلمين، لهي من أعظم العقوبات، ولكننا لا نشعُر بها.
- القلب...علامةُ قسوته ألا يُباليَ بما سَمِعَ من آيات الله...إذا كنتَ تَقرأ القرآن ولا تتأثر به، فعليك بمداواة نفسك؛ فإن القلب إذا لم يَنتفعْ بالقرآن ولم يتَّعظ به، فإنه قلبٌ قاسٍ.
- إذا رأيتَ القلب لا يتحرَّك في طلب ثوابٍ أو خوفِ عقابٍ، ففيه قسوةٌ.
- الإنسان كُلما قسا قلبُه لا يتأثرُ بالمعصية، لكن إذا كان قلبه حيًّا وفعل المعصية، تَجِدُهُ يَحزنُ ويَندَم، ويَخجَل، ويُحدِثُ توبةً، فإذا وجدتَ مِن نفسك أن قلبك لا يتأثَّر بمعصية الله، فاعلَم أنه مختومٌ عليه - والعياذ بالله -
** قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: قال تعالى: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ﴾ [الحشر:21] فالجبل ألينُ من قلوب بني آدم، وهذا من العجائب، لكن ما السبب الذي جعل القلوب هكذا ؟ إنها الذنوب والمعاصي، والغفلة عن ذكر الله، وأكل الحرام، والاشتغال بالقيل والقال، والضحك والمزاح، كل هذه الأمور من شأنها أن تُقسي القلوب، فإذا سمعت هذه القلوب كلام الله، فإنها لا تتأثر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن السماوات على عظمها، ترعد خوفًا من كلام الله، والملائكة تصعق وتخرُّ ساجدة لله جل شأنه عند سماع كلامه.
· موت القلب:
** قيل لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق إن الله تعالى يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر:60] ونحن ندعوه منذ دهر فلا يستجيب لنا، قال ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:
أولها: عرفتم الله ولم تؤدوا حقه.
الثاني: قرأتم كتاب الله ولم تعملوا به.
الثالث: ادعيتم حب الرسول صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته.
الرابع: ادعيتم عداوة الشيطان و وافقتموه.
الخامس: قلتم نحب الجنة ولم تعملوا بها.
السادس: قلتم نخاف النار ورهنتم أنفسكم بها.
السابع: قلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له.
الثامن: اشتغلتم بعيوب إخوانكم ونبذتم عيوبكم.
التاسع: أكلتم نعمة ربكم ولم تشكروها.
العاشر: دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
** قال محمد بن يوسف الإصبهاني: علامة موت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة.
** قال الشيخ صالح عبدالعزيز آل الشيخ: إذا فارق ذكر الموت القلب كان موتًا له
· دواء القلوب:
** روى أن رجلًا سأل عائشة رضي الله عنها: ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى، وتشيع الجنائز، وتوقع الموت.
** قال رجل للحسن: يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي! قال: أذبه بالذكر.
** سئل ابن المبارك: ما دواء قسوة القلب؟ قال: قلة الملاقاة
** شكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار، فقال: أدمِن الصيام، فإن وجدت قسوة فأطل القيام، فإن وجدت قسوة فأقلّ الطعام.
** قال إبراهيم الخواص: دواء القلوب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
** قال عبدالله بن المبارك:
رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب ويتبعُها الــــــــــــذُّلُ أزمـــــــــــــــــانها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب فاختر لنفـــــــــــسك عـصيانها
** قال العلامة السعدي رحمه الله: القلوب تحتاج في كل وقت، إلى أن تذكر بما أنزل الله وتناطق بالحكمة ولا ينبغي الغفلة عن ذلك، فإنه سبب لقسوة القلوب.
· غفلة القلب:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا رأيتَ من نفسك أن أوقاتك ضائعةٌ بلا فائدة، فيجب عليك أن تُلاحظ قلبك، فإن هذا لا يكون إلا من غفلة القلب عن ذِكر الله تعالى، ولو نظرتَ فيما سبَق من التاريخ كيف أنتج العلماء رحِمهم الله ما أنتجوا من المؤلفات، ومِن فطاحل العلماء الذين تخرَّجوا على أيديهم في أوقات قد تكون أقلَّ مِن الوقت الذي عِشتَه أنت، وذلك بسبب ما ملأ الله تعالى به قلوبهم من ذكره، حتى صارت أعمارُهم لا يضيع منها لحظةٌ واحدة، فعليك أن تَنتبهَ لمرض قلبك، وأن تبادر بمُداوته.
· غربة القلب:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الغربة بأحد الاعتبارات تنقسم إلى غربتين: غربة ظاهرة. وغربة باطنه.
والغربة الظاهرة مثّل لها أهل العلم بأنها:
-غربة أهل الصلاح والطاعة بين الفسقة والفجار.
-وغربة أهل العلم المستقيمين الذين طلبوا العلم لله، لم يطلبوه ليماروا به السفهاء ولا ليصرفوا وجوه الناس إليهم، الذين خشعت جوارحهم وقلوبهم لله عز وجل بين من طلب العلم ليس لله، وبين من رغب في العلم لكنه رغب لأجل الجاه أو المال
- وغربة المستقيمين في أموالهم، وتحرى المأكل والمصرف الحلال بين أولئك الذين يأكلون من كل جهة، ويصرفون في كل جهة.
وهذه غربة ظاهرة مثل لها أهل العلم بهذه الأمثلة وغيرها ويتضح ذلك برؤية أصحابها
أما الغربة الباطنة: فهي التي لا يظهر أمرها، وهذه هي التي تنافس فيها المتنافسون، وهي غربة صدق القلب وقصده في توجهه إلى مولاه، بحيث تكون إراداته ورغباته إلى الله، وفي الله، فيرى هذا الغريبُ الناس من حوله، وتكالبهم على الدنيا، ورغبهم فيها، وحرصهم عليها، وأنهم يرونها وكأنها الباقية، يراهم وهو متجه فيما بينهم إلى ربه، طامع إلى الجنة، متباعد عن النار، وكأنه غريب بينهم، لأن قصده وتوجه قلبه مختلف عن توجه الناس، كذلك الخاشع الخاضع قلبه لله عز وجل بين جمهرة الذين لا يخشعون لله عز وجل يكون غريبًا، فهذه الغربة مما يتنافس فيه المتنافسون، لأن صاحبها الحظ الأوفر مما جاء في فضل الغرباء، لأن صلاح الباطن له أثره على صلاح الظاهر بيّن جليّ.
· متفرقات:
** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إن للقلوب شهوةً وإقبالًا، وإن للقلوب فترةً وإدبارًا، فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها، ودعوها عند فترتها وإدبارها.
** قال أبو سليمان الدارني: لكل شيء صدأ وصدأ نور القلب شبع البطن.
** قال يوسف بن أسباط: لا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج، أو شوق مغلق.
** قال أحمد بن خضرويه البخلي: القلوب جوالة، فإما أن تجول حول العرش، وإما أن تجول حول الحش.
** قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور في الصدور تغلى بما فيها، ومغارفها ألسنتها، فانظر الرجل حتى يتكلم، فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه، من بين حلو وحامض، وعذب وأجاج، يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: القلب...إذا تفكر في أهوال الآخرة، ودركات جهنم طار نومه، وعظم حذره.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
-القلوب مجبولة على حبِّ من أحسن إليها وبغضِ من أساء إليها.
- لا تطمئن القلوب إلا لله وحده ولا تسكن إلا إليه.
- القلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتذ بها حصل له نفور من سماع القرآن
- الحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب.
-لا يستقر شيء في القلب إلا ظهر موجبه على البدن ولو بوجه من الوجوه.
- ما في القلب من النور والظلمة والخير والشر يسري كثيرًا إلى الوجه والعين.
** قال العلامة محب الدين الخطيب رحمه الله: إذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخُلق.
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
- ثبات القلب أصل ثبات البدن.
- الألسن مغارف القلوب، يظهر فيها ما في القلوب، من الخير والشر.
-أصل الثبات: ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: تغيُّرات القلب تغيُّرات سريعة وعجيبة، ربما ينتقل مِن كُفرٍ إلى إيمان، أو مِن إيمان إلى كفرٍ في لحظة، نسأل الله الثبات!
** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ:
-الإيمان، التقوى، التوحيد، العلم، أسباب لتعظيم النور في القلب.
- التهديد يفيد القلوب العاتية، كما أن الترغيب يفيد القلوب المطمئنة، أو القريبة، والجمع بينهما يفيد القلب الذي فيه هذا، هذا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد