كيف بدأ الخلق


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

التقوى كما عرفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هي الخوفُ من الجليل، والعملُ بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعدادُ ليوم الرحيل، والتقوى كما وصفها ابن المعتز: خلِّ الذنوبَ صغيرِها وكبيرِها ذاكَ التُقى... واصنعَ كماشٍ فوقَ أرضِ الشوكِ يحذرُ ما يرى... لا تحقرنَّ صغيرةً إن الجبالَ من الحصى... والتقوى من الوقاية... أي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، قال تعالى:{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}، جعلني الله وإياكم من المتقين..

معاشر المؤمنين الكرام: هذه هي الحلقةُ الثانية من سلسلة دروسِ الدارِ الآخرةِ، وكُنَّا قد ذكرنا في الحلقة الماضيةِ أنَّ الإيمانَ باليوم الآخرِ, ركنٌ من أركان الإيمان، لا يصحُ إيمانٌ بدونه، وأنَّ الآخرةَ هي الأصل، وهيَ الخلود، وهي الحياةُ الحقيقية، وأنَّ الدنيا امتحانٌ مؤقتٌ للبشر... يعودونَ بعدها ليخلَّدُوا في الآخرة... فمن الواجبِ معرِفةُ أكبرِ قدرٍ ممكنٍ من التفاصيل عن تلك الحياةُ الخالدة... وذكرنا أيضًا أنَّ من فوائدِ ذلك ترقيقُ القلوبِ، وضبطُ السلوك... وأنَّ أشراطَ الساعةِ وعلاماتَ قربها بمثابةِ أجراسِ الخطر، التي توقظُ النائم، وتنبهُ الغافل، وتتوعدُ المعرض... وذكرنا أنَّ الإيمانَ بالآخرةِ يُهونُ ألم المصائبِ، ويمنحُ الرضا والطمأنينةَ فلا يجزعُ ولا ينهار...

أحبتي الكرام: انطلاقًا من التوجيه القرآنيِ الكريم:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}، فهناك أولًا أمرٌ بالنظر إلى بداية الخلقِ، ثمَّ رَبطُ ذلك بقيام الساعةِ وبدايةِ الآخرة، ودِلالة ذلك على عظمةِ الله تبارك وتعالى، وأنه على كل شيءٍ قدير...

تأمَّلوا يا عباد الله: فلقد أكدَّ المولى جلَّ وعلا قيامَ الساعةِ في آياتٍ كثيرة، وتكرر كثيرًا قوله تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا}، وأكدَّ سبحانه أنهُ هو وحدهُ فقط من يعلمُ متى تقوم، وأنَّها لا تأتي إلا بغتةً، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}، لكنه تبارك وتعالى من رحمته حذَّرهم في أكثر من موضعٍ أنَّها قريبةٌ، فقال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، وقال تعالى:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}، بل وأخبرنا جلَّ وعلا أنَّ هناك علاماتٍ وأماراتٍ ستقعُ قبل قيامِها، تدلُ على قُربُ وقوعها، فقال تعالى:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}، وهذه الاماراتُ أو الأشراطُ جاءَ تفصِيلُها في أحاديث كثيرةٍ، سنذكرُ بإذن اللهِ شيئًا منها في الحلقة القادمة... فالذي نفهمهُ من الآياتِ السابقة، أنَّ الساعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها، وأنَّها لا تأتي إلا بغتةً، وأنَّهُ لا يَعلمُ وقتَ قيامِها إلا اللهُ وحدَهُ فقط، وإنَّ قيامَها قريبٌ، وأنَّ هناك علاماتٍ وأماراتٍ ستقعُ قبلَها، تدلُ على قُربِ قيامها... فلنتأمل أيَّها الكرام: فالآياتُ التي تتحدثُ عن قُربِ قيامِ الساعةِ نزلت قبلَ أكثرَ من الفِ واربعمائة عام، ومعنى هذا أنَّ هذه الفترةَ وإن كنَّا نراها طويلةً فهي قصيرةٌ جدًا في تقدير الله تعالى، وقصيرةٌ بالنسبة لعُمر الدنيا، تأمَّل:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا}، ويقول جلَّ وعلا ردًا على من يستعجلُ بالعذاب:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، فميزانُ التقديرِ مختلفٌ جدًا، فنحنُ نقدرُ طولَ الزمنِ وقِصرةِ بالنسبة لأعمارنا التي لا تتجاوزُ المائةَ سنة، بينما قُربُ الساعةِ وبُعدُها إنما يُقاسُ بالنسبة لعُمر الدنيا كُلِّها، والتي يُقدِرها عُلماء الفلك بـ14 مليار سنة... ولقد كان أعظمَ اكتشافٍ لعُلماء الفلكِ والفضاء، حين اكتشفوا أنَّ الكونَ كُلَّه يتمدَّدُ للخارج بسُرعاتٍ هائلةٍ جدًا، وبناءً على ذلك وضعوا تصورًا تقريبًا لنشأة الكونِ وكيفَ بدأ... فقالوا لو رجعنا للوراء قديمًا، سنجدُ أنَّ الكونَ بدأ من جِرمٍ صغيرٍ، وهذا الجِرمُ الصغيرُ كانَ شديدَ الكثافةِ جدًا، أي أنهُ كانَ مضغوطًا ضغطًا هائلًا، وكانَ في درجة حرارةٍ هائلةٍ جدًا، ثمَّ أنفجرَ هذا الجِرمُ انفجارًا هائلًا، مُتحولًا إلى دُخانٍ وسديمٍ كوني كثيفٍ جدًا انتشرَ بسرعةٍ هائلةٍ في كل الاتجاهات... ورافقَ ذلك تدفقٌ هائلٌ للحرارة، ومع انتشارِ هذا السديم أخذت حرارتهُ بالانخفاض تدريجيًا لتبدأ بعدها أجزاءهُ بالتجاذبُ والتلاحُم مُكونةً النجومَ الأولى، ومنها تكونت المجراتُ بما فيها من نجومٍ وكواكبَ وأقمارٍ تدورُ حولَ بعضِها نتيجةَ وقوعِها بين قوتين، قوةِ التجاذبِ فيما بينها بحسب أحجامِها، وقوةُ الانفجارِ الأولِ، والتي تُسمى بقوة الطردِ المركزية، والتي بسببها ظلَّ الكونُ يتوسعُ ويتمدَّدُ للخارج في كُلِّ الاتجاهات، كأنهُ بالونٌ يتمدَّدُ بالنفخ، فمع تمدُّدِ الكونِ للخارج تتباعدُ الأجرامُ والنجومُ عن بعضها بسرعاتٍ هائلةٍ، إلا أنَّ هذهِ السرعةَ الهائلةَ في تناقصٍ مُستمر، وستظلُ تقِلُ وتقلُ حتى تتغلَّبَ عليها القوةُ الأخرى، قوةُ التجاذبِ، فينعكِسُ حالُ الكونِ، ويأخذُ في الانكماشِ للداخل، فيما يُسمى بالانسحاق العظيم، حتى يعودُ الكونُ كما بدأَ جِرمًا واحدًا، ثم ينفجرُ من جديدٍ مكونًا مجراتٍ ونجومًا جديدةً بنفس الطريقة، ويذكرُ العلماءُ أنَّ هناكَ مؤشراتٍ عِلميةٍ كثيرةٍ تؤكدُ أنَّ مرحلةَ الانسحاقِ هذه على وشك أن تبدأ... ورغمَ أنَّ هذه التصوراتِ لا تزالُ في كثيرٍ من جوانِبها مُجردَ نظرياتٍ، أي أنَّ أكثرها لم يثبُت بعدُ بشكلٍ قطعي، إلا أنَّ أجزاءَ كبيرةً منها تتوافقُ كثيرًا مع الحقائقِ القرآنيةِ... فالقرآنُ الكريم يخبرُنا أنَّ السمواتِ والأرضَ كانتا شيئًا واحِدًا ثم انفتَقَ، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، والقرآنُ الكريم يبين أنَّ أصلَ السمواتِ والأرضَ كان دُخانًا، يقول الحقُّ جل وعلا:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}، والقرآنُ الكريمُ كذلك يخبرنا أنَّ الكونَ في حالة تمدُّدٍ وتوسُّعٍ مُستمر، قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، والقرآنُ الكريمُ أيضًا يخبرنا أنَّ الكونَ سيُطوى ليعودَ كما بدأ، قال تعالى:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، والقرآنُ الكريمُ أيضًا يخبرنا أنَّ السمواتِ والأرضَ سوفَ تُبدلُ بسمواتٍ وأرضٍ جديدة، قال تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.. فلا إله إلا الله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}...

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}، بارك الله لي ولكم..

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه....

معاشر المؤمنين الكرام: تكلم علماء الفلك عن نشأة الكونِ ومراحل تكونه كثيرًا... إلا أن فهم ذلك وتصوره لا يزالُ صعبُ جدًا، نظرًا لأنَّ الأزمنةً التي تَفصِلُ كُلَّ مرحلةٍ عن الأخرى طويلةٌ جدًا، ولا يمكنُ إدراكُها وتصورها... ولكي يسهُلَ علينا تصورُ الوضعِ بمقاييسنا المحدودَةِ... فعلينا أن نتخيلَ أنَّ عمرَ الكونِ كُلِّهِ والذي يُقدرهُ عُلماءُ الفلكِ بـ 14 مليار سنة، نتخيلُهُ أو نعتبره كأنهُ أسبوعٌ، أو سبعةُ أيامٍ، أي أننا سنجعلُ في مقابل كلِّ مليارينِ من السنوات يومًا من الأسبوع، إذا تصورنا هذا، فإنَّ عُلماءَ الفلكِ يخمنونَ أنَّ النجومَ والمجراتِ ظهرت في اليومِ الثانيِ من عمر الكونِ، وأنهُ في اليوم الثالثِ ظهرت الكواكبُ والأقمارُ بعد أن انفصلت عن النجوم وبردت شيئًا فشيئًا، ومن ضمنها كوكبُ الأرض... وأنهُ في اليوم الرابعِ تشكلت أبراجُ السماء طِباقًا، وظهرت السماءُ بشكلها الحالي، وأنَّ كوكبَ الأرض في بداية تكونِه كان مُلتهبًا ثم برد، وأنَّ التربةَ والجبالَ بدأت في التشكُل في بداية اليومِ السادسِ تقريبًا، ثم ظهرت البحارُ والأنهارُ، ثم النباتاتُ والأشجارُ، ثم الأحياءُ المائية، ثم الحيواناتُ البرية، ثم الطيورُ ثم الحشرات... ويذكرونَ أنَّ الانسانَ وجدَ في الساعتين الأخيرتينِ من آخر هذا الأسبوع... وهذه التصوراتُ النظريةٌ وإن كانت لم تثبت بعد، إلا أنها هي أشهرُ ما يتداولهُ علماء الفلك والجيلوجيا حولَ نشأةِ الكونِ ونهايته... فتعالوا لنتأملَ ما قالهُ الصادقُ المصدوق قبلَ الفٍ واربعمائة عام... ففي صحيح الامام مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، أَخَذَ رَسُولُ اللهِ بيَدِي فَقالَ:"خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَومَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الجِبَالَ يَومَ الأحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَومَ الاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَومَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَومَ الأرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَومَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بَعْدَ العَصْرِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ، في آخِرِ الخَلْقِ، في آخِرِ سَاعَةٍ مِن سَاعَاتِ الجُمُعَةِ، فِيما بيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ"، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال:"إنَّما أجَلُكُمْ في أجَلِ مَن خَلا مِنَ الأُمَمِ، كما بيْنَ صَلاةِ العَصْرِ، ومَغْرِبِ الشَّمْسِ، ومَثَلُكُمْ ومَثَلُ اليَهُودِ والنَّصارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فقالَ: مَن يَعْمَلُ لي إلى نِصْفِ النَّهارِ علَى قِيراطٍ، فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، فقالَ: مَن يَعْمَلُ لي مِن نِصْفِ النَّهارِ إلى العَصْرِ علَى قِيراطٍ، فَعَمِلَتِ النَّصارَى، ثُمَّ أنتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ العَصْرِ إلى المَغْرِبِ بقِيراطَيْنِ قِيراطَيْنِ، قالوا: نَحْنُ أكْثَرُ عَمَلًا وأَقَلُّ عَطاءً، قالَ: هلْ ظَلَمْتُكُمْ مِن حَقِّكُمْ؟ قالوا: لا، قالَ: فَذاكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَن شِئْتُ"... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله : "بُعثتُ أنا والسَّاعةِ كهاتَيْن وجمع بين السَّبَّابةِ والوُسطَى"، متفق عليه...

أيها الكرام: أردتُ مما سبقَ أن ابينَ نقطةً جوهريةً هامة: وهي أنَّ الحقائقَ العلمية التي اكتشفت أو التي ستُكتشف فيما بعد لم ولن تتعارضَ مع حقائقِ القرآنِ وما صح من سنة المصطفى ... {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}...

وثانيًا: أنَّ كلَّ ما جاءَ في القرآن الكريمِ وأحاديث المصطفى الصحيحة من حقائقَ حولَ الساعة وقُربِ وقوعِها، إنما هو تحذيرٌ وإنذارٌ للعباد ألا يغفلوا عن هذه النهاية القريبة... قال تعالى:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}.. {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}...

وثالثًا: أنَّ من يؤمنُ بهذه الحقائقِ ويسيرُ على هديها، ويتذكرها ولا يغفل عنها، فهو من المهتدين المفلحين، تأمَّلوا:{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply