من أقوال السلف في الصواعق


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سنن الله عز وجل لا تتبدل ولا تتغير فالعباد الذي عصوا وتمادوا في العصيان أرسل الله جل وعلا عليهم أنواع العقوبات، والعقوبات التي تصيب الناس، تتنوع فتارة تكون بالزلازل والبراكين، وتارة بالحروب والمجاعات، وتارة بالأعاصير والفيضانات، وتارة بالطواعين والأوبئة، وتارة بالصواعق المهلكة... إلخ.

للسلف رحمهم الله أقوال في الصواعق جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

·       أصل الصاعقة:

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: أصل الصاعقة، كلُّ أمر هائلْ، رآه المرءُ أو عاينه أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب، وإلى ذهاب عقلٍ وغمور فهم، أو فقد بعض آلات الجسم، صوتًا كان ذلك أو نارًا أو زلزلة أو رجفًا.

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الصاعقة ما يصعقُ المرء، أي: يُهلكهُ.

·       الصاعقة نار تأتي مع الرعد والبرق:

قال السدي رحمه الله: الصاعقة نار.

قال سفيان رحمه الله: الصواعق من نار السموم.

عن عمرو بن دينار رحمه الله قال: الصواعق تحرق.

عن ابن أبي نجيح رحمه الله قال: رأيت صاعقة أصابت نخلتين بعرفة، فأحرقتهما.

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: الصواعق جمع صاعقة، وهي صوت شديد من صوت الرعد يقع معه قطعة من نار تحرق ما تصيبه.

قال الإمام القرطبي رحمه الله: هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد، يكون معها أحيانًا قطعة من نار تحرق ما أتت عليه.

قال العلامة العثيمين: نار تنطلق مع البرق، فإذا أصابت أحدًا أو شيئًا أحرقته، وغالبًا تسقط على النخيل وتحرقها، وترى فيها النار والدخان، وأحيانًا تسقط على المنازل وتهدمها، لأنها كتلة نارية تنطلق بشدة لها هواء تدفعه أمامها.

·       مما يحفظ الإنسان من الصواعق:

عن كعب رضي الله عنه قال: من قال حين سمع يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثًا، عوفي مما يكون في الرعد.

قال محمد بن علي الباقر رحمه الله: الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم، ولا تصيب الذاكر.

عن عبدالله بن أبي زكريا رضي الله عنه قال: بلغني أن من سمع صوت الرعد فقال: سبحان الله وبحمده، لم تصبه صاعقة.

·       الصواعق عذاب ونقمة:

قال قتادة رحمه الله: ذكر لنا أن رجلًا أنكر القرآن وكذب النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل الله صاعقة فأهلكته.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله قوله:﴿وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ [الرعد:13] أي: يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء، ولهذا تكثر في آخر الزمان.

قال الإمام القرطبي رحمه الله:﴿وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ ذكر الماوردي عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب ومجاهد: نزلت في يهودي قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"أخبرني من أي شيء ربك أمن لؤلؤ أم من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأحرقته".

فائدة: قال بعض أهل العلم من المعاصرين: حدّثني من أثق به عن امرأة قريبة له من الصالحات... تقول عن نفسها: أنها حين كانت في سن الشباب... وكانت إذ ذاك ترعى الماشية، وكان في باديتها اثنين من الشباب وهما يرعيان الماشية أيضًا... وكانت لهم عادة في الخروج للبر للرعي، تقول المرأة: وفي ذات يوم، وبينما كنتُ أرعى الماشية وهذان الشابان من حولي يرعيان أيضًا، ونحن في حرّ شديد، وليس في السماء قزعة سحاب، إذا بنا نُدهم بالعطش حتى بلغ بنا وبالماشية مبلغًا شديدًا، استغاث أحد الشابين بالله تعالى بأن يسقينا من فضله، ولكن الآخر كان زنديقًا فاجرًا حيث أنه استدرك على صاحبة بالسخرية والتهكم بالله تعالى قائلًا له: لو كان لدى ربك ماءًا لسقى به نفسه!!! ﴿تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا﴾.

تقول المرأة: فمكثنا قليلًا حتى أنشأ الله سحابة من قِبل المغرب فارتفعت شيئًا فشيئًا حتى أضلتنا فسقانا الله من فضله. ثم إنها نزلت هذه السحابة على ذلك الزنديق _ ونحن ننظر إليها _ حتى هربنا منها، فأحاطت به وبدأت تقصه بالصواعق الشديدة، والبرق يسطع في أثنائها، حتى أُصبنا _ أنا وذلك الشاب المستغيث بالله تعالى _ برُعب شديدٍ، وكدنا أن يُغشى علينا من هول المنظر _ لولا لطف الله ورحمته_ حتى انجلت تلك السحابة عن ذلك الزنديق، فإذا بها قد قطعته إربًا إربًا، فأصبح أثرًا بعد عين. ﴿والله شديد العقاب.

·       الصواعق تُذكرُ بنار الآخرة:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وقد تحدث أحيانا حوادث غير معتادة تذكر بالنار، كالصواعق والريح الحارة المحرقة للزرع. قال الله تعالى:﴿وَيُرسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَن يَشاءُ [الرعد:13].

·       إهلاك الصواعق للدواب:

قال أبو هريرة رضي الله عنه: يوشك ألا تجدوا... دواب تبلغوا عليها في أسفاركم تهلكها الصواعق.

·       كثرة الصواعق عند اقتراب الساعة:

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل فيقول من صعق قبلكم الغداة، فيقولون صعق فلان وفلان.

وختامًا فينبغي أن يخاف المسلم ويتوب إلى ربه من ذنوبه، وأن لا تمر عليه هذه الآيات بدون أن تؤثر فيه فسلفنا كانوا يرون أن صوت الرعد من الوعيد، فعبدالله بن الزبير رضي الله عنه إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خفيته، إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد.

نسأل الله الرحيم أن يحفظنا وجميع المسلمين من كل سوء ومكروه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply