بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
موطني أنتِ في النَّوى ، والتَّداني | لَقَريبٌ يرفُ في أجفاني | |
أنتِ (ديرالزورِ) الحبيبةُ تحيا | في فؤادي وتنجلي في لساني: | |
عن تثنِّي ربيعِنا الحُلونشدو | يالَطيبِ الإنشادِ للنشوانِ | |
والليالي يا (ديرَنا) مقمراتٌ | مصغياتٌ للقارئ الجذلانِ | |
قد تربَّعْتِ في مغاني علانا | فتوارتْ نوازعُ البُطلانِ | |
لـم نكن نعرفُ الهوانَ فأهلوكِ. | . الرجالُ الأُباةُ في المَيْدانِ | |
لم يخافوا من وطأةِ الخطبِ يومًـا | أوألانوا الإباءَ للخذلانِ | |
فهشامٌ وهيثمٌ وحميدٌ | والملبُّون دعوةَ الرحمنِ | |
وفتانا حذيفةُ الطهرِ ألفى | عندَ ربِّ السماءِ طيبَ المكانِ | |
وألوفٌ من الكرامِ تغنَّوا | للقاءِ الرحيمِ ذي الإحسانِ | |
وشهيدٌ وافى الرضـا وسجينٌ | وجريحٌ في حينها من طعانِ | |
وكرامٌ وما احتواهم عـدو | بأكُفِّ الإغراءِ أوبالأماني | |
قـد دَرَتْ موطنَ النزالِ خُطاهـم | فاستجابوا لشأنه بالتفاني | |
كيف لا والملاحمُ اليومَ ضجَّتْ | بمخازي حضارةِ الطغيانِ | |
إنَّـه الدينُ دينُنا في المثاني | وبأسفارِ سيرةِ الفرسانِ | |
وبنورِ اليقينِ فاضَ سخيًّـا | فَتَلَقَتْهُ وثبةُ الشجعانِ | |
وتراءتْ بـه الحقائقُ تترى | بيِّناتٍ في دفقِه الهتَّانِ | |
ومحـالٌ أن يهجروهُ ففيـه | وحـيُ ربي وسُنَّةُ العدناني | |
أنتِ (ياديرُ) زهوه في زمانٍ | كدَّرَتْـهُ سفاهةُ القطعانِ | |
ربما ظنَّ مَن تولاهُ لـؤمٌ | أنَّ ذا الدِّين طاش في الميزانِ | |
لا وربِّي شريعةُ اللهِ تبقى | وستفنى مذاهبُ الشيطانِ | |
وتولِّي مكائـدُ البغيِ طيًّـا | في مهاوي مستنقعِ الشنآنِ | |
فلدينا نورُ الكتابِ فهيهاتَ. | . سنخشى تقلُّبَ الحدثانِ | |
هي (ديري) نَفْحاتُ ربي عليها | تتوالى في صفحة الإيمـانِ | |
ولياليها الهادئاتُ حبتْهـا | من فيوضاتِهـا يــدُ الديَّانِ | |
ما أفاقتْ إلا على رفرفاتٍ | لنسيمِ الرضـا وصوتِ الأذانِ | |
زيَّنَتْهـا بيوتُ ربِّـي بذكرٍ | وبأندى تلاوةِ القرآنِ | |
ومشاويرُ صحبةٍ قـد تآخوا | في ظلالِ الوفاءِ والتَّحنانِ | |
جمعتْهُم محبةُ اللهِ جندًا | فازدروا ربقةَ الهوى الفتَّانِ | |
فأقاموا على الثغورِ أباةً | رغمَ عصفِ الطغيانِ والأضغانِ | |
فأياديهمُ الكريمةُ ترعى | سِيَرَ الصَّالحين في الأزمانِ | |
مَن عناهـم نبيُّنا ذاتَ يومٍ | في لقاءِ الأصحابِ: بالإخوانِ | |
لـم يروا وجهَه الشريفَ ولكنْ | يُفتَدَى بالأموالِ والولدانِ | |
واحتفالاتُهم (بديري) تغنَّتْ | بمآتي ما للهدى من بيانِ | |
موكبٌ إثرَ موكبٍ حيثُ تلفي | في ميادينها رؤى الفتيانِ | |
فتيةٌ آمنوا بربٍّ عظيمٍ | وبحبٍّ للمصطفى العدناني | |
فَرَعَتْهُمْ بالحبِّ واحتضنَتْهُمْ | بيديهـا وصدرِها الريَّـانِ | |
إنَّها (الدَّيرُ) ما تخلَّتْ بيومٍ | عن مُحِبِّي ما جاءَ في الفرقانِ | |
من إخاءٍ ورِفعةٍ وجهـادٍ | ومن الكُـرْهِ للونـى والهوانِ | |
فاحمدي (ديرالزور) ربَّكِ واسْعي | ببنيـكِ الأبرارِ كلَّ أوانِ | |
رَبْعُكِ الحُلْولـم يزلْ يتثَنَّى | لغِناءِ القُمْرِيِّ في البستانِ | |
وبمجـرَى فراتِكِ العذبِ شادٍ | ما طواهُ النسيانُ في طوفانِ! | |
لـم يزل شدوُه الجميلُ ندِيًّـا | وَحُــدَاهُ مُحبَّبٌ والمعاني | |
شغفُ القلبِ بالحديثِ المصفَّى | لمزايا انسيابِه الرَّيَّـانِ | |
أَوَلَـم تُطْرِبِ القصائدُ قوما | فتدانوا بلهفةِ للمكانِ | |
غَرِدًا كانَ في اللقاءِ حفيًّـا | برجالِ الإيمانِ في المهرجانِ | |
فهي (الديرُ) ليس ترضى بدينٍ | غير دينِ الإسلامِ في الأزمانِ | |
وبطيبِ الأفنانِ فاحَ شذاها | بنسيمٍ في هدأةِ الشطآنِ | |
أخبرتْني عهودُها ما استكانتْ | في عصورٍ لسطوةِ الإذعانِ | |
هي كانت ولم تزل وستبقى | للهوى الأحمديِّ طوعَ البنانِ | |
قد أحبَّتْ من الأماكنِ بغضًا | لمكانِ الحداثةِ الخزيانِ | |
فغزتْها حشودُهم ورماها | بيديه تقلُّبُ الحَدَثانِ | |
وعَرَاها الجفافُ إثرَ رياحٍ | عاصفاتٍ بالحقدِ والعدوانِ | |
فتَغَشَّى ذاتَ الملامحِ ضيمٌ | فاكفهرَّتْ منابتُ الريحانِ | |
وسقاها هذا البلاءُ سمومًا | ناقعاتٍ تفتُّ في الأبدانِ | |
وإباءٌ! وما تردَّى إباءٌ | وَإِنِ اختلَّ الوقـعُ في الميزانِ | |
عاجلَتْها المؤامراتُ وألقتْ | من دخانٍ أخْوَى على الأجفانِ | |
واستُبيحَتْ أرجاؤُها إذ عَرَتْها | غارةُ المكرِ ما لهـا من أمانِ | |
أين وجهُ (الديرِ) المنيفُ استُثيرَتْ | في رؤاهُ ضراوة النيرانِ! | |
أين آمالُه الجميلةُ هشَّتْ | في رفيفٍ يطيبُ في الأردانِ! | |
أين صوتُ الأذانِ يبعثُ فينا | من شعورٍ برحمةِ الديَّانِ! | |
أين أبناؤُهـا الأشاوسُ! هاهم | تحتَ قصفِ يهـدُّ بالأركانِ | |
بين قتلٍ وبين سحلٍ وسحقٍ | للرؤوسِ المُلقاةِ في القيعانِ! | |
أين ذاك الزمانُ! ولَّى كئيبًـا | مَعَْ أنينِ النساءِ والولدانِ! | |
أين أحبابُنا الذين ألِفْنَا | في محيَّاهُمْ بسمةَ التحنانِ! | |
أين أهلي الذين عشنا سويًّا | في بيوتٍ تهدَّمتْ وأماني! | |
أين أين الخلاَّنُ ماعدْتُ ألقى | في طريقي بقيَّةَ الخلانِ! | |
أين أين الأرحامُ باتوا شتاتا | في بعيدِ الآفاقِ والبلدان! | |
أين حُلواللقاءِ بين كرامٍ | إن أتـانا أفاضلُ الجيرانِ! | |
أين منِّي أٌنْسِي بنفسي دهَتْها | (أينُ) إذ باتتْ مُــرَّةً في لسانِ! | |
غابَ وجهُ الأحبابِ عنَّـا ولمَّـا | يٌجْــدِ دمعٌ جرتْ بـه المقلتانٍ | |
هُـَو: تيــهٌ به الدماءُ أنارتْ | ما تغشَّاهُ من دجى الأشجانِ | |
هـو: تيهٌ فيه الحياةُ تراءتْ | في فِناءٍ لهـا بحضنِ الزمانِ | |
أم طريقٌ إلى حياةٍ تجلَّتْ | ما وعى سرَّهـا بنوالإنسانِ! | |
ماجنوه لمَّـا عصوا وتناسوا | مـا أتاهم من خالقَ الأكوانِ! | |
غير ضنكِ التَّبارِ في كلِّ شأنٍ | والمنايا للآمناتِ الغواني! | |
قد تخلَّوا عن المآثرِ لمَّــا | أسرَتْهُم زخارفُ الشيطانِ | |
فأشاعوا فسادَهم واستباحوا | حُرُماتٍ قــد صُــنَّ في الوجدانِ | |
لهُمُ السَّبقُ فالوحوشُ تخلَّتْ | عن عٌتُـووللقُفُولِ معاني! | |
أَوَيشوي الإنسانُ لحــمَ أخيه | وينادي أنا الهزبرُ الجاني! | |
أنا فرعونُ حقبةٍ ثارَ فيها | جمرُ حقدٍ لنـا على السُّكانِ! | |
أشربُ اليومَ من دماكم وأروي | ظمئي من تَلَهُّبٍ في جَناني | |
هكذا البغيُ ماتوانى لشَّرٍّ | بئس هذا الأذى مع الَّلاتَوَاني | |
ويحهم! ويحها جَنَتْ وتمادتْ | ذي الأيادي في ملعبِ الخسرانِ | |
إنَّهـا طفرةٌ بنفسِ شقيٍّ | أوغبيٍّ وطعنةٌ من جبانِ | |
حملوا خسَّةَ التعاملِ جهلا | واستعانوا بعابدي الأوثانِ | |
فهي الحقدُ والسياسة ضلَّتْ | ما أرادتْ للحكمِ والسُّلطانِ | |
وتناستْ تاريخَها يومَ أخوتْ | بعد فتـحٍ دعائمُ الإيوانِ | |
وأتوها كما أتوا لسواها | في بلادِ الشآمِ كالطوفانِ | |
وتداعتْ لحربنا أمــمُ الأرضِ. | . وعاثتْ بربعنا المزدانِ | |
وأحالوا أرجاءَه غليانا | في نفوسِ الأعزةِ الفرسانِ | |
أقفرتْ يومَ غادرَ الناسُ ضجَّتْ | بهمُ الدربُ بعدَ هجـرِ المغاني | |
هجروها! وما شكتْ ، والمآسي | أفرزتْها حماقةُ الصبيانِ | |
دَهَـمَ الشَّرُّ رحبَهـأ فأفاقتْ | وبنوهـا في هدأةٍ وأمانِ! | |
وتلَوَّى بِسُمِّه لاتبالي | بصغيرٍ فضاضةُ الأُفعُوانِ | |
مُجرِمُوغابِ حِقبةٍ مارعَتْها | أبـدًا إنسانيَّةُ الإنسانِ | |
هجروها وليس يُرضيهُمُ الهجرُ. | . ولكنَّهـا يــدُ العدوانِ | |
فهوالتَّهجيرُ المريرُ المدمَّى | لدياجيرِ وحشةِ الأعنانِ | |
وقلوبُ الجناةِ ماتت لتحيـا | من جديدٍ في غابةِ الذُّؤبانِ | |
لـكِ (ياديرُ) ما لأهلك من شجو. | . فهذا الفراقُ موتٌ ثانِ! | |
إذْ طوى الكربُ صفحةَ الأنسِ كانت | للأمـاني مزهوَّةً والتَّهـاني! | |
وإذا ما استُبيحَتِ الأرضُ أمسى | ماعليهاغنيمــةً للجاني! | |
فالخسيسُ الخسيسُ يجمعُ منها | ما ترى منه في الثَّرى العينانِ | |
وبكيسِ الخسيسِ أحذيةُ الناسِ. | . تراها رُصَّتْ مع التيجانِ! | |
إنه العقلُ إن تصاغرَ ألقى | صاحبَ الشَّرِّ في يـدِ الهذيانِ | |
وله القلبُ أفرغ الشَّرُّ منه | كلَّ خيرٍ فباتَ كالصِّوَّانِ | |
هكذا حـالُ مجرِمي الشَّرِّ عاشوا | كوحوشٍ تجري بلا أرسانِ | |
باءَ بالخزيِ آثـمٌ قـد تمادى | في فسادٍ في السِّرِّ والإعلانِ | |
ضـلَّ فاستهواهُ العُتُووجافى | نهجَ خيرٍ فعاشَ بالروغانِ | |
ومـع المجرمين لـجَّ ولكنْ | في ثيابِ المُسَفَّهِ الحيرانِ | |
سوف يفنى وللضَّلالِ عقابٌ | من نواصي أهلِ المخازي دانِ | |
أيُّها المجرمُ المعربدُ مهـلا | سوف يُلفي مصيرَك الثَّقلانِ | |
لـكِ (ياديرُ) في المآثرِ دارٌ | ليس تبلى برغمِ ليلِ الهوانِ | |
ويقينٌ باللهِ أمضى من السَّيفِ. | . ومن هـولِ غارةِ الطغيانِ | |
ومن الحقدِ قد تمادى جليًّـأ | في عيونِ المدلِّسِ الثُّعبانِ | |
سيكون المآلُ في قيدٍ ذُلٍّ | بثيابِ المعاقَبِ الحَسرانِ | |
لاتنامي على الجراحِ وهبِّي | من جديدٍ فَنَصْرُكِ العذْبُ دانِ | |
إنَّ مـولاكِ عالمٌ وبصيرٌ | بخفايا الأعداءِ والخـلاَّنِ ؟! | |
واضطرابُ الأمورِ في الدول العظمى. | . لَشأنٌ يدورُ في الأذهانِ | |
حكمةُ اللهِ لـم يزلْ في تجلِّيهـا. | . انفراجٌ لأمَّــةِ العدناني | |
ستعودُ الأيامُ ترفلُ زهوًا | في المغاني كتائبُ الرحمنِ | |
إخوتي ــ في الله الكريمِ ــ وهم أغلى. | . وأسمى من زخرفٍ وجُمانِ | |
فَلِرَبِّي حَمْدٌ أفاضَ علينا | من سُمُوالإخاءِ والتحنانِ | |
شدوُنا في مرابعِ (الديرِ) أحيا | في نفوسِ الأهلينَ روح الحنانِ | |
إنْ شُغِفْنا بحبِّها مابَلَغْنَا | شطرَ حقٍّ لها من العرفانِ | |
علَّمَتْنا معنى الإخاءِ المصفَّى | من حظوظِ للنفسِ والشيطانِ | |
وهي (الدَّيرُ) أمُّ عَذْبِ الحكايا | لذوات الحيـاءِ والأظعانِ | |
فَمِنَ الماجداتِ طوبى لأُمٍّ | نالَ أبناؤُهُنَّ طيبَ الجِنانِ | |
من سجايا جرت بهنَّ نفوسٌ | تتعلمْنَ وثبةَ الفرسانِ | |
ومزايا ما نالهُنَّ لئيمٌ | باتَ يأسى لغفلةٍ وتنائي | |
جرفتْهُ الأهواءُ في سوءِ زيفٍ | فتردَّى في وهدةِ النسيانِ | |
وهي (الديرُ) أهلُهـا ماتوانوا | عن جميلِ الإيثارِ والإحسانِ | |
ورجالاتُها الكرامُ تصدَّوا | لقبيحِ استهواءِ غُنْجِ القِيانِ | |
ديرُنا والفراتُ عـاشا بعـزٍّ | قد تجلَّى من غيرِ مـا ترجمانِ | |
وخريرُ الفراتِ مازالَ يدوي | رغـمَ داعي الهوانِ للكتمانِ | |
لـن يجف الفراتُ فالخيرُ ابقى | من هُـراءِ العدوذي الأضغانِ | |
طالما الديرُ أهلُهـا في ثباتٍ | في ظلالِ الحديثِ والقرآنِ | |
سكبَ النهرُ عذْبَه لظماءٍ | في الملماتِ من يَدَيْ رضوانِ | |
وسيبقى الفراتُ عذبًـا سخيًّا | رغـم كلِّ الآفاتِ والأحزانِ | |
أَوَيفْنَى عطاءُ ربِّك ؟ لا. لا | ليس يفنى والموتُ للعبدانِ | |
سيزولُ العجاجُ أعمى نفوسًا | دوَّختْهـا مكاتبُ البهتانِ | |
ووراءَ الغيوبِ علمٌ أكيدٌ | لتهاوي عبادةُ الأوثانِ | |
ليس يبقى ياقومُ غيرُ حَفِيٍّ | بالهـداةِ الكرامِ أهـلِ المثاني | |
لاتَغُرَّنَكُمْ مظاهرُ حقدٍ | أضرموها من سالفِ الأزمانِ | |
أغرق اللهُ قبلَهـا ألفَ حشدٍ | من فراعينِ ساسةِ الساسانِ | |
وأُلوفًا أخرى من الرومِ عاثت | بجميلِ الربوعِ في البلدانِ | |
ما سلا الناسُ أمسَهم أوأضاعوا | سِيَرَ الغابرين والأعيانِ | |
يا لَذاكَ المصير كان جزاءً | للطغـاةِ العتاةِ والكلُّ فـانِ | |
فأفيقوا ياقومَنا وتآخوا | وأعيدوا أيامَ أهـلِ التَّفاني | |
أسَئمتُم مرارةَ العيش يغشى | بالكآباتِ أمَّـةً والهـوانِ!؟ | |
هي أقدارُ ربٍّنـا بيدِه الأمرُ. | . فطوبى للسادةِ الفرسانِ | |
فالإلـه العظيمُ يسمعُ صوتًـا | ويرى مايكونُ في البلدانِ | |
فاطمئنِّي ياديرَنا فلهذا الأمرُ. | . حكمٌ بـه انجــلاءُ الأوان |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين