المنظمات الدينية في الاتحاد الروسي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

منذ عهد الإمبراطورة يكاترينا الثانية كان قد تم السماح للمسلمين من رعايا روسيا القيصرية في أواخر القرن الثامن عشر بممارسة شعائرهم الدينية بمزيدٍ من الحرية إثر انتفاضةٍ شعبيةٍ شارك فيها المسلمين كادت أن تسقط حكم الإمبراطورة حينها، ورغم فشل الثورة إلا أن يكاترينا أدركت أن أهم أسباب الانتفاضة هو الاضطهاد الديني الذي كان يتعرض له رعاياها المسلمين وخاصة التتار منهم.

لذلك تم وبقرارٍ من الإمبراطورة تأسيس ما يسمى بالنَظارة أو -الإدارة الدينية للمحمديين- أي المسلمين، وهي عبارة عن مؤسسة تضم المشيخة الإسلامية لإدارة الحياة الدينية ولرعاية المسلمين كمجموعة دينية وكوسيط بينهم وبين الدولة، وكان مركز هذه الإدارة هو مدينة أوفا (عاصمة جمهورية باشكورتيستان المسلمة ذات الحكم الذاتي والداخلة ضمن الفيدرالية الفروسية في الوقت الحالي).

وقد تم بالفعل رعاية شؤون المسلمين منذ ذلك الحين عن طريق الإدارة الدينية ورئيسها؛ والذي يكون المفتي ونوابه وممثليه من المحتسبين والائمة والمرشدين الدينيين، وقد أشرفت الإدارة الدينية على بناء المساجد وافتتاح المدارس الإسلامية وطباعة المصاحف والكتب الدينية وغيرها من النشاطات الإسلامية. ومع الوقت تأسست إدارات دينية أخرى على أساس قومي، ففي الحقبة السوفييتية ورغم الاضطهاد الديني وقتل آلاف الأئمة وأهل العلم وهدم المساجد وغيرها من الجرائم البشعة للنظام الملحد الشيوعي، إلا أنه وبسبب بداية الحرب العالمية الثانية والتي يسميها الروس الحرب الوطنية العظمى، فقد تم إيقاف اضطهاد المسلمين نسبيًا،  وطُلِب منهم المشاركة عن الاتحاد السوفييتي والانخراط في الدفاع عنه أمام الهجوم الألماني، وقد تم إعطاء المنظمات الدينية نوع من الحريات الضيقة، فظهرت مجددًا الإدارات الدينية الجديدة والمقسمة على مناطق الاتحاد السوفييتي المختلفة وبشكل أساسي على أساس العرق، فكانت الإدارة الدينية للقسم الأوروبي من الاتحاد السوفييتي وسيبيريا ومنطقة البلطيق، والإدارة الدينية لمسلمي القوقاز، والإدارة الدينية لمسلمي منطقة آسيا الوسطى. وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات من القرن العشرين وإدخال تعديلات على قوانين الحرية الدينية والجمعيات الدينية فقد تم تأسيس جمعيات دينية جديدة، مع العلم أن القانون الروسي حاليًا يعطي الحق في القيام بالنشاطات الدينية فقط للجمعيات الدينية المسجلة في وزارة العدل ودائرة الضرائب والإحصاء، والتي بدورها تكون نوعان:

الأول: الجمعية الدينية المحلية وتكون صلاحياتها على مستوى قريةٍ أو حيٍ في مدينة كبيرة أو مدينة صغيرة ولتأسيسها يشترط وجود عشرة مواطنين مقيمين في تلك المنطقة وأيضًا رسالة تزكية من جمعية دينية مركزية، أي أنها يجب أن تكون تابعة لإدارة دينية أو أن تُثبت أنها كانت موجودة لمدة عشر سنوات بدون تسجيل.

النوع الثاني: الإدارة الدينية أو الجمعية الدينية المركزية ويكون مجال عملها ضمن محافظة او جمهورية فيدرالية وأعضائها ليسوا أشخاص بل جمعيات دينية محلية ثلاثة على الأقل، كما يمكن أن تكون تعمل على مستوى روسيا كاملة أو على مناطق جغرافية معينة.

وعادةً فهذه الإدارات الدينية يرأسها مفتي، ومن أكبر الإدارات الدينية الموجودة حاليًا في روسيا هي تلك التي تكون في الجمهوريات ذات الأغلبية السكانية المسلمة مثل جمهورية الشيشان وتتارستان وبوشكيرتيستان والداغستان وأنجوشيتيا وقباردينيا بلقاريا وكاراتشايا وشركيسيا وأديغيا. وفي كل المحافظات الروسية توجد إدارة دينية لمسلميها وأحيانًا تكون إداراتان أو اكثر متنافسة بين بعضهم .

وتوجد إدارات دينية كمؤسسات جامعة على مستوى روسيا مثل الإدارة الدينية لمسلمي الاتحاد الروسي، والإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، والتجمع الإسلامي الديني لروسيا، والمركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز، ومجلس شورى المفتين لروسيا. ولا يوجد حتى الآن منظمة دينية إسلامية موحدة لمسلمي روسيا!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply