إن كنتم تحبون الله فاتبعوني


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

}قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{(32).

{قُلْ} الخطاب في الآية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا وجه إليه بـ «قل» في القرآن فهو دليل على العناية بهذا القول الذي أمر أن يقوله؛ لأن هذا أمر بالتبليغ الخاص لهذا القول. أما القرآن كله فقد أُمر أن يقوله كله لكن بعض الأشياء يُخص بـ «قل» مثل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:۳۰] {وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[النور:٣١]، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف:158]... وما أشبه ذلك، فهذا أمر بتبليغ هذا الشيء الخاص بعينه فيكون في ذلك توكيد ودليل على العناية به، وهذه لا شك يجب الاعتناء بها.

{إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} لكمال ذاته وإنعامه عليكم.. والشعور بالحسن الموجب للمحبة يستمد من الحواس في إدراك المحاسن الذاتية المعروفة بالجمال، ويستمد أيضا من التفكر في الكمالات المستدل عليها بالعقل وهي المدعوة بالفضيلة، ولذلك يحب المؤمنون الله تعالى، ويحبون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعظيما للكمالات، واعتقادا بأنهما يدعوانهم إلى الخير، ويحب الناس أهل الفضل الأولين كالأنبياء والحكماء والفاضلين، ويحبون سعاة الخير من الحاضرين وهم لم يلقوهم ولا رأوهم.

وقد اختلف المتقدمون في أن المحبة والجمال هل يقصران على المحسوسات: فالذين قصروهما على المحسوسات لم يثبتوا غير «المحبة المادية»، والذين لم يقصروهما عليها أثبتوا «المحبة الرمزية»، أعني المتعلقة بالأكوان غير المحسوسة كمحبة العبد لله تعالى، وهذا هو الحق، وقال به من المتقدمين أفلاطون، ومن المسلمين الغزالي وفخر الدين الرازي، وقد أضيفت هذه المحبة إلى أفلاطون، فقيل «حب أفلاطوني»: لأنه بحث عنها وعللها، فإننا نسمع بصفات مشاهير الرجال مثل الرسل وأهل الخير والذين نفعوا الناس، والذين اتصفوا بمحامد الصفات كالعلم والكرم والعدل، فنجد من أنفسنا ميلا إلى ذكرهم ثم يقوى ذلك الميل حتى يصير محبة منا إياهم مع أننا ما عرفناهم، ألا ترى أن مزاولة كتب الحديث والسيرة مما يقوي محبة المزاول في الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك صفات الخالق تعالى، لما كانت كلها كمالات وإحسانا إلينا وإصلاحا لفاسدنا، أكسبنا اعتقادها إجلالا لموصوفها، ثم يذهب ذلك الإجلال يقوى إلى أن يصير محبة.

{فَاتَّبِعُونِي} عقيدة وقولًا، وفعلًا وتركًا، في المَنْشَط والمكره.

فرتب تعالى على محتبهم له اتباع رسوله محبته لهم، وذلك أن الطريق الموصل إلى رضاه تعالى إنما هو مستفاد من نبيه، فإنه هو المبين عن الله، إذ لا يهتدي العقل إلى معرفة أحكام الله في العبادات ولا في غيرها، بل رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الموضح لذلك، فكان اتباعه فيما أتى به احتماء لمن يحب أن يعمل بطاعة الله تعالى.

ومن آثار المحبة تطلب القرب من المحبوب والاتصال به واجتناب فراقه. ومن آثارها محبة ما يسره ويرضيه، واجتناب ما يغضبه، فتعليق لزوم اتباع الرسول على محبة الله تعالى لأن الرسول دعا إلى ما يأمر الله به وإلى إفراد الوجهة إليه، وذلك كمال المحبة.

{يُحْبِبْكُمُ} هذه فك إدغامها، ولذلك ظهر السكون فيها، وفي غير القرآن لو قيل: *يحبكم الله* لكان صحيحًا؛ لأن الإدغام هنا وفكه يجوز.

{اللَّهُ} إشارة إلى دليل المحبة وثمرتها وفائدتها، فدليلها وعلامتها اتباع الرسول، وفائدتها وثمرتها محبة المرسل لكم، فما لم تحصل المتابعة فليست محبتكم له حاصلة ومحبته لكم منتفية.

{يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فيحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء: *ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ*.

وعلى النقيض قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}[المائدة:18].

** صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أن اتباع نبيه موجب لمحبته جل وعلا ذلك المتبع، وذلك يدل على أن طاعة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي عين طاعته تعالى، وصرح بهذا المدلول في قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [4/80]، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[59/7].

** هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ"[مسلم].

** وهي تسمى «آية المحنة» يعني: آية الاختبار والامتحان؛ وذلك أن قومًا ادعوا أنهم يحبون الله، فأمر الله نبيه أن يتحداهم بهذا الميزان.

قال أبو سليمان الداراني: لما ادعت القلوب محبة الله أنزل الله لها محنة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.

وقال بعض السلف: ادعى قوم محبة الله، فأنزل الله آية المحنة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}

وقال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية.

وقال الزمخشري: *أراد أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل، فمن أدّعى محبته وخالف سنة رسوله فهو كذاب، وكتاب الله يكذبه*.. ثم ذكر من يذكر محبة الله، ويصفق بيديه مع ذكرها، ويطرب وينعر ويصفق، وقبح من فعله هذا.

** يقول ابن القيم: فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته مع الخضوع له والانقياد لأمره، فأصل العبادة محبة الله، بل إفراده بالمحبة، وأن يكون الحب كله لله، فلا يحب معه سواه، وإنما يحب لأجله وفيه كما يجب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه، فمحبتنا لهم من تمام محبته وليست محبة معه كمحبة من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبه.

وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه، فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة، ولهذا جعل تعالى اتباع رسوله علما عليها وشاهدا لمن ادعاها، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله وشرطا لمحبة الله لهم، ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه، وتحققه بتحققه، فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة، فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله، وانتفاء المتابعة ملزوم لإنتفاء محبة الله لهم، فيستحيل إذا ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله.

** وفيه أن محبة العبد للرب تعالى واجب وإيمان لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".

** وفيه أنه كلما قوي اتباع الإنسان للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان هذا برهانًا على صدق محبته الله، فهذه من علامة محبة الإنسان لربه، فإذا رأيت الإنسان شديد الاتباع للسنة فاعلم أنه شديد المحبة الله.

** وفيه: إثبات المحبة بين العبد والرب من الجانبين؛ وهي محبة حقيقية خلافًا لمن أولها.

قال: {تحبون الله}: أي تحبون ثوابه، {يحببكم الله}: أي يثيبكم الله، فإن هذا تحريف. وسبب هذا التحريف القاعدة الباطلة للسمع والعقل؛ وهي تحكيم العقل فيما يثبت وينفي عن الله عز وجل.

{وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} أي كل ما عملتم من الذنوب يغفرها لكم، فيغفر وإن لم يستغفر الإنسان منه؛ لأن حسنة الاتباع تمحو هذا الذنب ومحبة الله للإنسان توجب عدم عقوبته. أو يغفر بأن ييسر لكم أسباب المغفرة بأن يعود من معصية الله إلى طاعته.

** وفيه: كمال إحسان الله سبحانه وتعالى لجزائه على العمل أكثر منه؛ لأن الذي يتبع الرسول يحصل له محبة الله ومغفرة الذنوب.

** وفيه أنه ينبغي للإنسان أن يجيب غيره بما هو أكثر من سؤاله إذا دعت إليه الحاجة؛ لأنه لم يقل: فاتبعوني تحبوا الله، بل قال: يحببكم، ولا أحد يحبه الله إلا وهو يحب الله، لأنك إذا أحببت الله عملت فأحبك الله. فلهذا أتى بالثمرة المهمة وهي محبة الله للعبد.

{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الجملة اسمية اشتملت على ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى: الله، والغفور، والرحيم.

فأما معنى «الله» المألوه أي المعبود حبا وتعظيمًا، وأن أصل (الله) الإله، فحذفت الهمزة تخفيفًا لكثرة الاستعمال.

وأما «الغفور»: يحتمل أن تكون صيغة مبالغة، ويحتمل أن تكون صفة مشبهة والمعنيان لا يتنافيان فتكون صفة مشبهة وصيغة مبالغة، صفة مشبهة؛ لأن الله لم يزل ولا يزال غفورًا، وصيغة مبالغة لكثرة من يغفر له، وكثرة ما يغفره من الذنوب.

والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه، وليست مجرد الستر لوجهين: لغوي وسمعي.

أما اللغوي: فلأن المغفرة مأخوذة من المغفر الذي يستر به المقاتل رأسه ويتقي به السهام، والمغفر جامع للستر والوقاية.

وأما السمعي فلما ورد في كيفية محاسبة الله لعبده المؤمن أنه يخلو به ويقرره بذنوبه، فيقول: "فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ"[مسلم].

وأما «الرحيم»: فهو ذو الرحمة، وهو صالح أيضًا لأن يكون صفة مشبهة أو صيغة مبالغة، والرحمة: صفة تقتضي العطف والإحسان على المرحوم، والجمع بينهما، بين الغفور والرحيم لفائدة عظيمة: وهي الجمع بين الوقاية والعناية، بين الوقاية بالمغفرة يقيك الله سبحانه وتعالى شر الذنوب، والعناية بالرحمة يعتني الله بك فييسرك لليسرى ويجنبك العسرى.

{قُلْ أَطِيعُوا} الطاعة هي عبارة عن الانقياد والموافقة سواء كانت في فعل أو في ترك؛ فإن كانت أمرًا فالطاعة فعل المأمور به، وإن كانت نهيًا فالطاعة اجتناب المنهي عنه.

{اللَّهَ وَالرَّسُولَ} توكيد لقوله: {فَاتَّبِعُونِي}، وأمر لكل أحد من خاص وعام.

وأتى بالواو الدالة على التشريك لأن طاعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يأمر به من الشريعة من طاعة الله، وأما فيما لا يأمر به من الشريعة فلا شك أنه أعظم الناس حقا علينا. ولكن قد يشير بالشيء أو قد يشفع بالشيء ولا يلزم طاعته في الشفاعة، كما في قصة بريرة.

ونظيرا هذا قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا ءَاتَهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}[التوبة:٥٩]. ولم يقل: *ثم* رسوله؛ لأن هذا إتيان شرعي لا قدري؛ لأن الأمور القدرية لا يمكن أن يشرك فيها الرسول مع الله بـ *الواو*.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا} أعرضوا عن الإِيمان والطاعة.

{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} والمعنى: فإن أعرضوا عن الطاعة ولم يمتثلوا لها ولم ينقادوا، وهذا كفر منهم، ولكنه قد يكون مخرجًا من الإسلام وقد لا يكون مخرجًا، فإن كان كفرًا مطلقًا بكل ما أمروا به فهو كفر مخرج عن الإسلام، وإن كان كفرًا مقيدًا ببعض الأوامر فهو كفر دون كفر لا يخرج من الإسلام، والميزان في ذلك النصوص، فما دلت النصوص على أنه كفر كان التولي عنه كفرًا مخرجًا عن الملة، وما دلت النصوص على أنه معصية فهو كفر لا يخرج من الملة.

واعلم أن ترك امتثال الطاعة إن كان سببه كراهة ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا كفر مخرج عن الملة كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَلَهُمْ}[محمد:٩]، وإن كان تكاسلًا وكراهة لهذا العمل نفسه لا لأن الرسول جاء به، فهذا لا يخرج من الملة، وهذه مسألة يجب التفطن لها.

فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون، بل أولو العزم منهم في زمانه لما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته.

وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} هو إظهار في محل الإضمار. ومقتضى السياق أن يقال: *فإن تولوا فإن الله لا يحبهم*، ولكنه أظهر في موضع الإضمار لفائدتين: إحداهما «لفظية»، والثانية: «معنوية». والمعنوية تتضمن ثلاث فوائد.

الفائدة اللفظية: مراعاة الفواصل أي فواصل الآيات، فإن قال: *فإن تولوا فإن الله لا يحبهم* لم تتناسب هذه الفاصلة مع الفواصل التي قبلها وبعدها، ومراعاة الفواصل من البلاغة ألم تروا إلى قوله تعالى من سورة طه: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَرُونَ وَمُوسَى}[طه:٧٠]، مع أنه في الآية الأخرى يقدم موسى، وموسى أفضل من هارون لا شك، وأحق بالتقديم، لكنه قدم هارون على موسى في هذه الآية من سورة طه من أجل مراعاة الفواصل، ولا شك أن القرآن في قمة البلاغة فمراعاة الفواصل من البلاغة.

أما الفائدة المعنوية: فقوله: {لَا يُحِبُّ الْكَفِرِينَ} إظهار في موضع الإضمار، وله ثلاث فوائد معنوية:

1/ التسجيل على هؤلاء بالكفر؛ يعني الحكم عليهم بأنهم كفار، ولو قال: *فإنه لا يحبهم* لم تحصل هذه الفائدة أنهم كفار.

2/ التعميم، بحيث تكون محبة الله منتفية عن كل كافر، ولو قال: لا يحبهم لاختص نفي المحبة بهؤلاء فقط.

3/ التعليل، وذلك لأن الحكم إذا عُلِّق بوصف دل على عليَّةِ ذلك الوصف فيه، فإذا قلت: أكرم المجتهد، أي: لاجتهاده، فدل ذلك على أن الاجتهاد هو العلة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply