بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس.
عن أبي سعيد قال: "كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقط أو صاعًا من زبيب" (رواه البخاري ومسلم).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير"(متفق عليه).
هل هذه الاصناف توقيفية؟
الراجح في ذلك ما نص عليه جمهور أهل العلم أن الأصناف التي نصت عليها أحاديث ليست توقيفية، فالتوقيف انما هو في أصل عبادة الزكاة، وكذلك التوقيف في إخراجها طعامًا.
وأما الأصناف فإنما نص عليها الحديث لأنها كانت هي القوت الغالب للناس.
يدل عليه: عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين فرض صدقة الفطر: "صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير"، فكان صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلا التمر.(أخرجه ابن خزيمة (2392) والحاكم (1490) وصححاه).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كنا نُخرِج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعًا من طعام، وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر" (رواه البخاري).
(فقوله رضى الله عنه: (وكان طعامنا...) دل أن المراد هو إخراج ما كان قوتًا لغالب الناس، وهو قول الشافعية. (الوسيط (509/2)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو قول أكثر العلماء، وهو أصح الأقوال؛ فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء.(مجموع الفتاوى (69/25)).
لذا فلما ذكر ابن المقلن ما يُخرج من زكاة الفطر لأهل مصر قال: *ولا يجزئ ببلدنا مصر إلا البر؛ لأنه غالب قوتهم*(التوضيح (643/10).
ولا شك أن الأنفع للناس اليوم في مصر خاصة هو الأرز والعدس ونحو ذلك.
يقول ابن القيم: قد فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقط.
وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم، فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم. انتهى. [إعلام الموقعين (18/3)].
قدر الصاع:
روي الدارقطني والبيهقي بسند جيد أنه قيل لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَمْ وَزْنُ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ، أَنَا حَزَرْتُهُ. وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم.
وهذا يساوي:
أربعة أمداد، والمُد ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يديه بهما، وبه سمي مدًّا. قال الفيروز آبادي: (وقد جربت ذلك فوجدته صحيحًا).
فهذا هو مقدار الصاع بالكيل.
أما مقدار الصاع بالوزن فيساوى على التقريب: (2،160 ك. جرام)، وقيل يقارب ثلاث كيلوات.
والإخراج بالكيل أحوط، وهذا القدر الذي حدده الشارع إنما هو قدر إخراج زكاة الفطر، وأما قدر الإعطاء للفقراء فلم يحدده الشرع، فالأمر فيه واسع، فيشرع توزيع عدد من الفِطر على مسكين واحد، لشدة إعوازه مثلًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد