تقريب فقه الأضحية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102]

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا  (1)} [النساء: 1]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 70، 71] إنَّ خير الحديث، كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار،

فهذه بعون الله تعالى رسالة في تقريب فقه الأضاحي، تسهّل لكل مسلم فهم ما يتعلق بمسائل هذا الباب، مما تصح به الأضحية، وسننها ومكروهاتها، وما قد تبطل به الأضحية.

أولًا: تعريف الأضحية، ومشروعيتها:

الأضحية: هي ما يُذبح من النَّعَم؛ تقرُّبًا إلى الله - تعالى - في أيام النحر.

وقد شُرعت في السنة الثانية من الهجرة.

أدلة مشروعية الأضحية:

 قد دل الكتاب والسنة والإجماع على مشروعية الأضحية:

1- أما الكتاب: فقوله تعالى:

{إِنَّآ أَعطَينَٰكَ ٱلكَوثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنحَر} [الكوثر/1- 2]

2- أما السنة: فقد روى الشيخان من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّه قال: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌بِكَبْشَيْنِ ‌أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِما ".[1]

الإجماع: فقد أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية، نقل هذا الإجماع: ابن قدامة في «المغنى» (9/ 345)، وابن حزم في «المحلَّى» (7/ 355).

مسألة: في حكم التصدُّق بثمن الأضحية لسد حاجة الفقراء:

لا بد أن يُعلم أنه لا يجزئ في الأضحية دفع القيمة، وهو مذهب جمهور أهل العلم، وقال بذلك: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وربيعة وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم. قال سعيد بن المسيب: «‌لَأَنْ ‌أُضَحِّيَ ‌بِشَاةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ»[2] أضف إلى ذلك: أنَّ الأضحية شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، يتقرَّب فيها المضحي لله - عزوجل - بعبادة من أجلِّ العبادات، وهي الذبح، وإراقة الدماء، قال تعالى {وَمَن يُعَظِّم شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا ‌مِن ‌تَقوَى ٱلقُلُوبِ} (الحج: 32).

قال الجويني: واتفق المسلمون على أنَّ التضحية من الشعائر البيّنة، والقُربات الأكيدة.[3]

فإنَّ الأضحية أنما شُرعت لإقامة شعيرة عظيمة من شعائر الله عزوجل، ألا وهي التقرُّب إليه تعالى بعبادة الذبح، قال تعالى {وَٱلبُدنَ جَعَلنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ } [الحج: 36]

والمعنى: أنَّ الأضحية مِن أعلام دين الله تعالى، ففي استبدال ذلك بإخراج قيمتها لا شك أنَّه تضييع لهذه الشعيرة.

مسألة في حكم الأضحية:

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية على قولين:

فقد ذهب الحنفية إلى أنَّ الأضحية واجبة على الموسر المقيم من أهل الأمصار، وهي رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال به الليث بن سعد.

ومن أدلتهم على الوجوب:

1- ما روى مرفوعًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: «مَن وَجَدَ سَعَةً فلم يُضَحِّ ‌فلا ‌يَقْرَبَنَّ مُصَلَاّنا»[4].

قالوا: ومثل هذا الوعيد لا يُلحق إلا بترك ما كان واجبًا.

2- ما روي مرفوعًا من حديث مِخنَفِ ‌بْنِ ‌سُلَيْمٍ رضي الله عنه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً»[5].

والراجح والله أعلم: هو ما ذهب إليه جمهور الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين والفقهاء، وهو قول الشافعي وأحمد، وقول لمالك: أنَّ الأضحية سُنّةٌ مؤكدة، فلا تجب الأضحية إلاّ بالنذر أو التعيين.[6]

 إلا أنَّ أحمد قد كره ترك الأضحية مع القدرة عليها.[7]

قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة –رضي الله عنهم- أنها واجبة.[8] مما يُستدل به على أنَّ الأضحية مستحبة:

حديث أم سلمة رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ ‌وَأَرَادَ ‌أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا}.[9]

ووجه الدلالة: أنه قد علَّق الأضحية على إرادة المضحي، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب.[10]

ومما يؤيد الاستحباب: أنَّ الأضحية ذبيحة لم يجب تفريق لحمها، فلم تكن واجبة كالعقيقة.

قال الشوكاني: تضحيته - صلى الله عليه وسلم - عن أمته وعن أهله، تجزئ كل من لم يضح، سواء كان متمكنًا من الأضحية أو غير متمكن.[11] ومما يؤيد الاستحباب: ما رواه البيهقي عن حُذَيْفَةَ بْن أَسِيدٍ الْغِفَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ: " أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ، أَوْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُضَحِّيَانِ ‌كَرَاهِيَةَ ‌أَنْ ‌يُقْتَدَىَ بِهِمَا".[12]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: قوله " كَراهيَةَ أن يُقتَدَى بهِما ": يَعْنِي فَيَظُنُّ مَنْ رَآهُمَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.[13] قال الماوردي: ورُوى عن الصحابة - رضي الله عنهم - ما ينعقد به الإجماع على سقوط الوجوب.[14]

عن العلاء بن هلال: أن رجلا سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن الأضحية؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما: أيحسبها حتمًا؟ لا، ولكنها حسنة.[15] عن أبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه قالَ: لقد هَممتُ بتركِ الأُضحيةِ، ما بي ألا أَكونَ مِن أَيسرِكم، ولكنْ مَخافةَ أَن يَرى البائسُ الفقيرُ أنَّها عليهِ حتمًا واجبًا.[16]

وأما ما استدل به المجيبون:

فإنَّ حديث أبى هريرة رضي الله عنه المرفوع: «مَن وَجَدَ سَعَةً فلم يُضَحِّ ‌فلا ‌يَقْرَبَنَّ مُصَلَاّنا»، فهو حديث مختلف بين وقفه ورفعه.

قال ابن القيم: قال أحمد في رواية حنبل: "هذا حديث منكر".

والصواب وقفه كما رجَّح ذلك الدارقطني، فقد رواه موقوفًا بسند صحيح عن أبى هريرة رضي الله عنه.[17]

والصواب وقفه، والله أعلم، ممن رجَّح وقفه: ابن حجر وابن عبدالبر والترمذي وابن عبدالهادي والزيلعي.[18]

وعلى فرض صحة رفعه فهو محمول على تأكيد الاستحباب، ونظير ذلك ما ورد في غسل الجمعة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «غُسل الجمعة واجب على كل محتلم».

وأما حديث مِخنَفِ ‌بْنِ ‌سُلَيْمٍ رضي الله عنه:

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً» فقد ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم؛ لجهالة أبي رملة، واسمه عامر.

قال الخطابي: " هذا الحديث ضعيف المخرج، وأبو رملة مجهول ".[19] فإن قيل: هذا الحديث قد قوّاه الحافظ في "الفتح"(4/10)، وحسنه الترمذي، لمتابعة حبيب بن مِخنَف لأبي رملة. فيقال: كذلك على فرض صحة سنده فهو محمول على تأكيد الاستحباب، والله أعلم.

فإن قيل: قد أمرصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أن يعيد الأضحية، أليس هذا دالًا على وجوبها؟

 وجوابه: لا يمنع أن يكون الأمر مستحبًا، لكنه يلزم بالشروع فيه، ويلزم صاحبه القضاء إن أدَّاه على غير هيئته المطلوبة شرعًا، ولهذا نظائر،

منها: من شرع في حج تطوع فأفسده فإنه يلزمه القضاء، والله أعلم. لكن هنا نقول: مع القول باستحباب الأضحية، فقد ندب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى الأضحية، فلا ينبغي لموسر تركها؛ فإنه لم يُحفظ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه ترك الأضحية قط، والله أعلم.

بل ما تركها حتى حال سفره: عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: «ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: " يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ».[20]

فرع: شروط صحة الأضحية:

1- الشرط الأول: أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام:

وهذا ما قال به جمهور أهل العلم، أنَّ الأضحية لا تجزيء إلَّا إذا كانت من بهيمة الأنعام: وهي الإبل، والبقر، والضأن، والمعز.

لقوله تعالى: ﴿لِّيَذكُرُواْ ٱسمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن ‌بَهِيمَةِ ٱلأَنعَٰمِ﴾ (الحج: 34)

كما أنه لم يُنقل عنه صلّى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - التضحية بغيرها، وقد نقل ابن رشد الإجماع على ذلك.[21]

2- الشرط الثاني: سلامة الحيوان المضحَّى به من العيوب:

والعيوب المتفق على كونها مانعة من صحة الأضحية هي ما ورد عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ، الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي». [22]

ففي حديث البراء رضي الله عنه دليل على أنَّ البهيمة ظاهرة العوَر أو العرَج أو المرض لا يجوز التضحية بها، إلَّا ما كان من ذلك يسيرًا غير بيِّن، وكذلك الكسير التي لا نقي لها، أي لا مخ لها. وفي رواية الترمذي والنسائي: "والعجفاء"، بدل «الكسير»، فالعجفاء: هي المهزولة التي لا مخ في عظامها.

قال ابن عبد البر: العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث مجمع عليها، لا أعلم أخلافًا، بين العلماء فيها، ومعلوم أنَّ ما كان في معناها داخل فيها، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة، ألا ترى أنَّ العوراء إذا لم تجز في الضحايا، فالعمياء أحرى ألَّا تجوز، وإذا لم تجز العرجاء، فالمقطوعة الرجل أحرى ألَّا تجوز، وكذلك ما كان مثل ذلك كله.

وفي هذا الحديث دليل على أنَّ المرض الخفيف يجوز في الضحايا، وكذلك العرج الخفيف الذي تلحق به الشاة في الغنم،

لقوله صلى الله عليه وسلم: «البيِّن مرضها، والبيِّن ضلعها».

وكذلك المهزولة التي ليست بغاية في الهزال، لقوله: "والعجفاء التي لا تنقي"، يريد بذلك التي لا شيء فيها من الشحم، والنقي: الشحم.[23]

قاعدة مهمة:

"كل عيب ينقص اللحم لا يجوز، وما لا ينقص اللحم يجوز".

لذا فالفحل أفضل إن لم يحصل منه ضراب، ولا يضر في الأضحية فقد القرن خلقة، وتسمَّى الجلحاء، ولا كسره. فقد جوَّز الجمهور التضحية بمكسور القرن؛ وقد أجمع العلماء على جواز التضحية بالأجم، وهو الذي لم يخلق الله - تعالى - له قرنين؛ لأنَّ القرن لا يتعلق به كبير غرض.[24]

لكن لا شك أنَّ ذات القرن أفضل، ويدل عليه: 1- ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ».[25] 2- ما ورد في حديث الصحيحين: "أنَّ من بكَّر إلى الجمعة كأنما قرَّب كبشًا أقرن"، فلولا أنَّ وصف القرن مطلوب؛ لما وصف الكبش بأنه أقرن.

ولا يضر ذهاب بعض الأسنان أو أكثرها، ويجزئ مكسور سن أو سِنَّتين؛ لأنه لا يؤثر في الاعتلاف ونقص اللحم، لكن لو ذهب الكل، ضر، لأنه يؤثر في ذلك.

وكذا لا يضر شق إذن ولا خرقها، ولا ثقبها في الأصح، بشرط ألَّا يسقط من الإذن شي بذلك، لأنه لا ينقص به من لحمها شيء.

وجريًا على هذه القاعدة السابقة: فقد منع الشارع التضحية بالعوراء، ولأنَّ هذا يؤثر في تنقيص الرعي، فإنها لا ترعى إلاَّ من الشق الذي ترى فيه، فهذا يؤثر في اللحم.

3- الشرط الثالث: أن يبلغ الحيوان المضحى به السن الشرعي:

عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا ‌أَنْ ‌يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». [26]

والمُسنة: هي الثنية من كل شيء، من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، والثنية من الغنم ما له سنة، ومن البقر ما لها سنتان ودخلت في الثالثة، والثنية من الإبل: ما لها خمس سنين، ودخلت في السادسة، فلا يجزئ ما دون ذلك من هذه الأسنان.

وأما أضحية الضأن: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا ‌أَنْ ‌يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ»

قال النووي: أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني، ولا من الضأن إلَّا الجذع.[27] وهنا سؤالان: 1- الأول: هل يُعرف سن الحيوان بتغيير الأسنان، أم بقول أهل الخبرة؟

والجواب: أنَّ أصحاب الخبرة من أصحاب المزارع والمربِّين الأمناء يعرفون ذلك، بغض النظر عن مسألة تغيير الأسنان.

قال الخرقي: سمعت أبي يقول: سألتُ بعض أهل البادية: كيف تعرفون الضأن إذا أجذع؟ قالوا: لا تزال الصوفة قائمة على ظهره ما دام حملًا، فإذا نامت الصوفة على ظهره علم أنه قد أجذع.[28]

2- السؤال الثاني: هل يمكن اعتبار زيادة الوزن للأضحية بدلًا عن السن الشرعي؟

الجواب: لا تجزيء الأضحية إلَّا إذا بلغت السن الشرعي الذي حدَّده الشارع، فلا اعتبار للوزن في باب الأضاحي، ولو بلغ وزنها ما بلغ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا ‌أَنْ ‌يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ».

والقاعدة هنا: أنَّ الحكم الشرعي إذا عُلِّق بوصف منضبط فإنَّه لا يجزئ إلَّا بتحقق هذا الوصف.

4- الشرط الرابع:

عدد من تجزئ عنهم الأضحية:

اتفق الفقهاء على أنَّ الشاة والمعز لا تجزيء أضحيتهما إلَّا عن واحد، كما حكاه النووي، ويدخل في ذلك الرجل وأهلُ بيته.

وقد ذهب إلى أنَّ الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، وإن كثروا: مالك والشافعي وأحمد، وهو مروي عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم.

 عَنْ ‌عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ ‌تَقَبَّلْ ‌مِنْ ‌مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ».[29]

قال الخطابي: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد": دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله، وإن كثروا.[30] قال عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ: سَأَلْتُ ‌أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ ‌وَعَنْ ‌أَهْلِ ‌بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ.[31]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنْ ضحَّى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته أجزأ ذلك في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما؛ فإنَّ الصحابة – رضي الله عنهم- كانوا يفعلون ذلك.[32]

قال زين الدين العراقي: الأضحية مشروعة على الكفاية، فيكفي في تأدِّي مشروعيتها أنْ يضحي الواحد عنه وعن أهل بيته بأضحية واحدة.[33] ونص عليه أحمد في: "مسائل الكوسج" (2834).

وأما البدنة والبقرة: فتجزئ عن سبعة أشخاص، لحديث جَابِرِ بن عَبْدِ الله رضي الله عنهما أنَّهُ قَالَ:

نحَرْنا مع رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّم بالحُدَيبِيَةِ البَدَنةَ عن سَبعةٍ، والبَقَرةَ عن سَبعةٍ.[34]

وفي لفظ مسلم: قَالَ جابر رضي الله عنه: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌مُهِلِّينَ ‌بِالْحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَ". مسألة: هل يجزئ تعدُّد النيَّات في الذبيحة الواحدة؟

والجواب فى ذلك على تفصيل: 1- الحالة الأولى: أن تكون الأضحية مما تتعدَّد فيها الأسهم أو الأفراد:

كأن يشترك - مثلًا- سبعة في بقرة، فيدخل فيها كل واحد بنية، فينتوي زيدٌ بسهمه الأضحية، ويدخل عمروٌ بسهمين للعقيقة، ويدخل ثالث بنية النذر، ورابع بنية التمتع، وخامس كفارات، كنحو الحلق في النسك فيجزي ذلك، وهكذا، فلا حرج في ذلك كله.

قال النووي: تجزئ البدنة عن سبعة، وكذا البقرة، سواء كانوا أهل بيت أو بيوت، وسواء كانوا متقرِّبين بقربة متفقة أو مختلفة، واجبة أو مستحبة. [35]

قال ابن المنذر: ويشترك السبعة في البقرة والبدنة، متمتعين ومضحِّين.[36]

لذا فإنِّ كل إنسان منهم تُجزئ عنه نيته في سهمه، ولا تضره نية غيره، وهو قول الشافعية والحنابلة.

2- الحالة الثانية: إذا اجتمعت عند الشخص نية الأضحية والعقيقة، فأراد - مثلًا- أنْ يعقَ عن ولده يوم عيد الأضحى، وكان لا يملك إلَا شاة واحدة، ففي ذلك لأهل العلم قولان: 1- القول الأول: يُجزئ الجمع بين الأضحية والعقيقة بنيّة واحدة؛ وهو مذهب الحنفيَّة، ورواية عن الإمام أحمد، لأنّ فيه التيسير على الناس، ولأِنَّ الْقُرْبَةَ الَّتِي فِي الأْضْحِيَّةِ، وَفِي العقيقة إِنَّمَا هِيَ فِي إِرَاقَةِ الدَّمِ، فالمقصد في ذلك التقرّب إلى الله تعالى بالذبح، فتدخل نيَّة أحداهما بالأخرى. ونظير ذلك: دول تحية المسجد في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد، ولم يصلِّ تحية المسجد. 2- القول الثاني: وهو الراجح والله أعلم، وهو الذي عليه الجمهور أنه لا تجزئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب المالكية والشافعية، والمعتمد عند الحنابلة.

إذ أنَّ كلا الأمرين مقصودٌ لذاته، وما كان مقصودًا لذاته فإنه لا يُجمع مع غيره.

فكلًا منهما ذبحان بسببين مختلفين فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى؛ فإنَ المقصود بالأضحية الفداء عن النفس والأهل، ومن العقيقة الفداء عن الطفل، وعليه فلا يتداخلان.، كدم التمتع ودم الفدية.

قال عبد اللَّه بن أحمد: سألتُ أبي عن العقيقة يوم الأضحى، وهل يجوز أن تكون أضحية وعقيقة؟

قال: لا، إما عقيقة، وإما أضحية، على ما سمَّى.[37]

قال ابن حجر الهيتمي: وفي شرح العباب: لو ولد له ولدان، ولو في بطن واحدة، فذبح عنهما شاة، لم يتأدى بها أصل السنة كما في المجموع وغيره، وقال ابن عبد البر: لا أعلم فيه خلافًا.

وبهذا يعلم أنه لا يجزي التداخل في الأضحية والعقيقة من باب أولى، لأنه إذا امتنع مع اتحاد الجنس فأولى مع اختلافه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.[38] وقال رحمه الله: ظاهر كلام الأصحاب أنه لو ‌نوى ‌بشاة الأضحية والعقيقة لم تحصل واحدة منهما.[39] نقول والله أعلم: ولا شك أنَّ الأفضل والاحتياط الشرعي عدم التشريك بينهما بنيَّة واحدة، للخروج من الخلاف، والله تعالى أعلم وأحكم.

5- الشرط الخامس:

كون التضحية في وقت مخصوص:

في الصحيحين: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ‌ذَبَحَ ‌بَعْدَ ‌الصَّلَاةِ فَقَدْ تمَّ نُسُكه، وأصاب سنَّة المسلمين ".[40]

وفي رواية عند البخاري ومسلم: عَنْ ‌جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُضْحِيَةً ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "‌مَنْ ‌ذَبَحَ ‌قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ".

فقد دلت هذه الأحاديث تدل على أنَّ وقت الذبح إنما يكون بعد أداء صلاة العيد، فمن ذبح قبل الصلاة لم تجزئه.

الإجماع: أجمع أهل العلم على أنَّ الأضحية لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر، كما نقله ابن المنذر، وأنها لا تجزيء إلَّا إذا ذُبحت بعد صلاة العيد.

قال ابن الملقن: وأجمع العلماء أنَّ من ذبح قبل الصلاة فعليه الإعادة؛ لأنه ذبح قبل وقته.[41]

·       فرع: مستحبات وآداب الأضحية:

1- الأول: اتفق الفقهاء على أنه من الصفات المستحبة في الأضحية أن تكون كبشًا سمينًا، ذا قرن، بيضاء اللون.

ودليل ذلك:

 عَنْ ‌عَائِشَةَ رضي الله عنه: « أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ ‌تَقَبَّلْ ‌مِنْ ‌مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ ».[42]

قال الخطّابي: قوله: "يمشي في سواد،" إلخ: يريد أنَّ أظلافه ومواقع البروك منه، وما أحاط بملاحظ عينيه ووجهه أسود، وسائر بدنه أبيض.[43]

والجمهور على أنَّ الأفضل هو التضحية بالفحل، وإن لم يحصل منه ضراب، فهو أفضل من الخصي الموجوء، مع إجزاء التضحية بالخصي.

لما روى أَبِو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ».[44]

وقول الراوي: (مَوجوءين): الوجاء نحو الخصاء، وهو أن يؤخذ الكبش فتُرَضّ خصياه، ولا تقطعا.

2- الثاني: يستحب لمريد التضحية أن يذبح بنفسه، إن قدَر عليه، لأنَّ ذلك قربة، فمباشرتها بنفسه أفضل من توليتها غيره، كسائر القربات، وقد ضحى النبي – صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة.

فقد روى الشيخان من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّه قال:

«ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ‌ذَبَحَهُمَا ‌بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ».[45]

3- الثالث: يستحب أن يتوجَّه الذابح إلى القبلة، كما ثبت ذلك بالسُنة الصحيحة.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، ‌فَلَمَّا ‌وَجَّهَهُمَا ‌قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ»، ثُمَّ ذَبَحَ.[46]

وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن نافع: أنَّ ابن عمر - رضي الله عنهما- كان يكره أنْ يأكل ذبيحة ذُبحت لغير القبلة.[47]

قال شي الإسلام ابن تيمية: وأما الأضحية فإنه يستقبل بها القبلة فيضجعها على الأيسر، ويضع الذابح رجله اليمين على عنقها، ومن أضجعها على شقها الأيمن وجعل رجله اليسرى على عنقها تكلف مخالفة يديه ليذبحها فهو جاهل بالسُنّة، معذِّب لنفسه وللحيوان، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبَّل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك.[48]

4- الرابع: التسمية والدعاء والتكبير عند الذبح:

عَنْ ‌جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ- رضي الله عنهما- قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ ‌يُضَحِّ ‌مِنْ ‌أُمَّتِي».[49]

قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أنْ يقول الرجلُ إذا ذبح: بسم الله، والله أكبر.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يذبحْ أضحيتك إلَّا مسلم، وإذا ذبحتَ فقلْ: بسم الله، اللَّهُمَّ منك ولك، اللَّهُمَّ تقبل من فلان. [50]

5- الخامس: أن يحدَّ الذابحُ السكينَ، وألا يفعل ذلك أمام البهيمة:

عَنْ ‌شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ – رضي الله عنه- قَالَ: «ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللهَ - تعالى- كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ ‌فَأَحْسِنُوا ‌الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».[51]

وقد أخبرتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، ثم قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: ‌اشْحَذِيهَا ‌بِحَجَرٍ".[52]

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلًا أَضْجَعَ شَاةً يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحُهَا، وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟ هَلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌تُضْجِعَهَا».[53]

وقد جاء هذا المعنى في تبويب البيهقي في سننه، فقال: "ما يستحب من حد الشفار، ومواراته عن البهيمة".

مسألة: هل يجوز لمريد التضحية إذا دخل عليه عشر ذي الحجة أنْ يحلق شعره، ويقلِّم أظفاره:

الجواب: ورد في صحيح مسلم من حديث أم سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، ‌فَلْيُمْسِكْ ‌عَنْ ‌شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ».[54]

لكن قد ورد في الصحيحين ما يُعارِض ظاهرُه حديثَ أم سلمة رضي الله عنها، وهو ما روته عَائِشَةَ رضي الله عنها حيث قَالَتْ: لَقَدْ كُنْتُ أَفتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إلى الْكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حلَّ للرجل من أهله، ‌حتى ‌يرجع ‌الناس".[55]

وقد قيل في الجمع بين الحديثين وجوهٌ عدة: 1- الأول: ما ذكره الإمام أحمد، قال: سألتُ يحيى بن سعيد فقال: حديث أم سلمة – رضي الله عنها- لمن أراد أن يضحي بالمصر، وحديث عائشة - رضي الله عنها- لمن بعث بهديه وأقام، قال أحمد: وهكذا أقول.[56]

2- الثاني: أنَّ حديث عائشة - رضي الله عنها- محمول على ذلك العام الذي بعث فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه إلى الحج في ذي القعدة، وفَتلتْ فيه عائشة رضي الله عنها قلائد الهدي، فلم يكن شهر ذي الحجة قد دخل، فلو سلِّم بأنها رأته يأخذ من شعره وأظفاره فيحمل على أنه كان في ذي القعدة.

3- الثالث: القول بأنَّ حديث أم سلمة رضي الله عنها لا يصح رفعه، وإنما هو موقوف عليها، وقد قال بذلك الدارقطني في كتابه «العلل»، ولكن قد نازعه في ذلك آخرون فصحَّحوا رفعه، منهم مسلم بن الحجاج الذي رواه في «صحيحه» مرفوعًا، ومنهم أبو عيسى الترمذي، الذي قال عن حديث أم سلمة: هذا حديث حسن صحيح.

قال البيهقي: هذا حديث قد ثبت مرفوعًا من أوجه لا يكون مثلها غلطًا، وأودعه مسلمٌ في كتابه.[57]

والأقرب والله أعلم هو الجمع بين الحديثين: أن يقال أنَّ حديث عائشة رضي الله عنها نصٌ عامٌ فيما لا يُمنع منه مريد الهدى والأضحية، وأما حديث أم سلمة - رضي الله عنها – فهو خاص في المنع من الأخذ من الشعر والأظافر، والخاص مقدَّم على العام.[58]

يؤيده: أنه فهم الصحابة رضي الله عنهم للنص، فقد قال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون أو يقولون ذلك، أنَّ الرجل إذا اشترى أضحية ودخل العشر لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره.[59]

 وهنا إشكال: كيف يكون فرضًا على من أراد أن يضحي ألَّا يمسَّ من شعره ولا من ظفره مع أن أصل الأضحية على الراجح أنها مستحبة؟ والجواب: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر من أراد أن يضحي بذلك، ولم يأمرنا بالأضحية ذاتها أمر إيجاب، لذلك فلم نتعد ما حدَّه لنا، كمن أراد أن يتطوع بصلاة ففرضٌ عليه ألَّا يصليها إلَّا بوضوء، ومستقبلًا القبلة، وأن يقرأ فيها ويركع ويسجد. وكمن أراد أن يتنفل بصوم ففرضٌ عليه أن يجتنب ما يجتنبه الصائم في الفرض.[60]

مسألة في توزيع الأضحية: المستحب عند الحنفية والحنابلة، وهو الجديد عند الشافعي أن تكون نسبة التوزيع أثلاثًا، فيأكل المضحي ثلث أضحيته، ويُهدي ثلثها لأقاربه، ويتصدَّق بثلثها على المساكين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ومما يُستدل به على ذلك: قوله تعالى { فَكُلُواْ مِنهَا وَأَطعِمُواْ ٱلقَانِعَ وَٱلمُعتَرَّ} (الحج: 36)، والقانع: هو السائل الفقير، وأما المعتر: فهو الذي يعتريك أي يعترض لك بالسؤال لتطعمه، ولا يسأل. قال أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد من الثلث، ويتصدَّق على المساكين بالثلث، رواه الأصفهاني في " الوظائف"، وقال حديث حسن، وهو قول ابن مسعود و ابن عمر رضي الله عنهم ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة.[61] قلت: ومما يستأنس به في هذا المقام: ما ورد عن أَبَي بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ رضي الله عنه لمَّا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رضي الله عنه للنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، معتذرًا: "وَإِنِّي عَجَّلْتُ ‌نَسِيكَتِي لِأُطْعِمَ أَهْلِي وَجِيرَانِي وَأَهْلَ دَارِي". [62]

مسألة في حكم بيع الأضحية: يحرم على المضحي أن يبيع شيئًا من الأضحية، من لحم أو جلد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَاعَ ‌جِلْدَ ‌أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ ". [63] وكذلك فلا يجوز اعطاء الجزَّار جلد الأضحية أو شيئًا منها على سبيل أجرة الذبح عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا ‌أُعْطِيَ ‌الْجَازِرَ مِنْهَا، قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا ".[64] قال الجويني: فأما البيع فلا مساغ له في شيء من أجزاء الأضحية، ومنع الأئمة أن يصرف جلد الضحية إلى أجةه القصَّاب؛ فإنَّ ذلك تعويض وهو ممتنع.[65]

وهنا مسألة: هل يجوز أن يُعطى الجزار شيئًا من الأضحية لفقره، أو على سبيل الهدية؟

والجواب: إن دُفع اليه على سبيل الصدقة أو الهدية فلا بأس، لأنه مستحق للأخذ منه، لعلة فقره، فهو كغيره من الفقراء، بل هو أولى لأنه باشرها وطاقت نفسه إليها.[66] قال الحافظ: ظاهره ألا يعطي الجزار شيئًا البتةَ، وليس ذلك المراد، بل المراد ألا يعطي الجزار منها شيئًا في جزارتها كما وقع عند مسلم، وظاهره مع ذلك غير مراد، بل بيَّن النسائي في روايته من طريق شعيب بن إسحاق عن ابن جريج أن المراد منع عطية الجزار من الهدي عوضًا عن أجرته ولفظه، ولا يعطى في جزارتها منها شيئًا.[67]

قلت: فدل ذلك على أنه يشترط ألا ينقص هذا الذي سيأخذه من قدر أجرته، بل يكون زيادة على حقه، والَّا كان لهذه الهدية نصيب من ثمن الأجرة.

فرع: حكم الأضحية عن الميت: القول الأول: وهو الذي عليه الشافعية أنه لا يُضحَّى عن الميت، إن لم يوص بذلك، لقوله تعالى: {وَأَن ‌لَّيسَ ‌لِلإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} (النجم: 39)، فإن أوصى بها جاز، وبإيصائه تقع له، ويجب التصدق بجميعها على الفقراء، وليس لمضحيها ولا لغيره منها أي شيء لتعذّر إذن الميت في ذلك. قال الإمام النووي: ولا تضحية عن الغير بغير إذنه، ولا عن ميت إن لم يوص بها.[68] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الميت إذا أوصى أن يُضحَّى عنه كان كما لو أوصى أن يُحجَّ عنه، فإنَّ الأضحية عبادة بدنية مالية كالحج عنه، ولو وصَّى بالصدقة عنه جارْ بإجماع المسلمين.[69]

2- القول الثاني: وقال به الحنفية والحنابلة: تذبح الأضحية على الميت، ويفعل بها كعن الحي، من التصدق والأكل، والأجر في ذلك يكون للميت، قياسًا على الصدقة والحج عن الميت. والأقرب والله أعلم هو قول الشافعية، فقد تُوفي عدد من اقارب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ومع هذا لم يضح عن أحد منهم، كما أنه لم يُنقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين أنهم كانوا يضحون عن موتاهم. وأما القول بمشروعية الأضحية عن الميت، قياسًا على الصدقة والحج عنه، فيقال هنا بالقاعدة: ما خرج عن القياس فغيره عليه لا يقاس. فالأصل العام أن ليس للإنسان إلا ما سعى، فلا نخرج عن هذا الأصل إلَّا فيما ورد فيه الدليل، والله أعلم. لكن للمضحي أن يضحي عن نفسه وعن جميع أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات، فيدخل الموتى منهم في ذلك تبعًا، والقاعدة هنا:  "يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع" والأصل في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلّم لما ضحى عن نفسه وعن أهل بيته، وفيهم من قد مات من قبله. قال ابن العثيمين: وأما إدخال ‌الميت ‌تبعًا فهذا قد يستدل له بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ضحى عنه وعن أهل بيته»، وأهل بيته يشمل زوجاته اللاتي مِتْنَ واللاتي على قيد الحياة، وكذلك ضحى عن أمته، وفيهم من هو ميت، وفيهم من لم يوجد، لكن الأضحية عليهم استقلالًا لا أعلم لذلك أصلًا في السنة.[70]

وفي الختام تنبيه مهم: من الاخطاء التي يقع فيها المرء عند شراء الأضحية أن يقوم بحجز الأضحية من البائع، ويقوم بدفع العربون بناءً على وزنها المبدئي، ثم يرجئ السعر النهائي لها على تحديد وزنها يوم الذبح، وهذا بيع باطل، لما فيه من الغرر والجهالة؛ إذ أنَّ الأضحية قد حجزت على اسم المشتري دون أن يُحدد سعرها على سبيل الجزم. والمخرج من ذلك: أن يتم وزن الأضحية وبت سعرها وتحديده بشكل نهائي يوم الشراء، فإذا أراد المشتري إبقائها عند البائع إلى يوم العيد حدد له البائع أجرة المبيت والطعام الذي تتكلفه الأضحية، ثم يُضاف إلى ثمن الأضحية، والله أعلى وأعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


[1] متفق عليه.

[2] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8166).

[3] انظر : نهاية المطلب في دراية المذهب(18/161)

[4] أخرجه أحمد(8237) وابن ماجه (3123)

[5] أخرجه الترمذي (1596)وأبو داود(2788)

[6] والفرق بين النذر والتعيين: أما النذر : فكأن يقول: لله علىّ إن وقع لي كذا أن أضحي هذا العام، وأما التعيين: فكأن يقول : هذه الشاة بعينها لله عليّ أن أضحي بها لله تعالى .

[7] انظر : المجموع (8/283)والإفصاح(1/545)

[8] انظر : المحلى(6/10)

[9] أخرجه الجماعة إلا البخاري.

[10] انظر : الإقناع لابن المنذر(1/376)والمغني(11/95)

[11] انظر : نيل الأوطار(5/126)

[12] أخرجه البيهقي في الكبرى( 18813 )، وصححه ابن حجر في المطالب العالية(10/481)

[13] انظر : الأم (2/224)

[14] انظر : الحاوي(15/72)

[15] أخرجه الخطيب في المتفق (3/ 1737) بسند حسن ، وانظر ما صح من آثار الصحابة في الفقه(3/1100)

[16] أخرجه البيهقي (9/ 265)، انظر: وانظر ما صح من آثار الصحابة في الفقه(3/1100)

[17] نظر: سنن الدارقطني(4/ 277)

[18] انظر: التنقيح (2/498) ونصب الراية (4/207) والتمهيد (23/ 191).

[19] انظر: معالم السنن (2/226)

[20] أخرجه مسلم (1975).

[21] انظر: بداية المجتهد (1/501).

[22] أخرجه أبو داود (2802)، والترمذي (1497)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

[23] انظر: الاستذكار (5/215).

[24] انظر: الإنصاف (9/353).

[25] أخرجه أحمد (25928)، وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث (1138).

[26] أخرجه مسلم (1963).

[27] انظر: المجموع (8/394).

[28] انظر: المغني (13/369).

[29] أخرجه مسلم (1967).

[30] انظر: معالم السنن (2/22).

[31] أخرجه الترمذي (1505)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

[32] انظر: مجموع الفتاوى (26/310).

[33] انظر: طرح التثريب (5/225).

[34] أخرجه مسلم (1318).

[35] انظر: المجموع (8/493).

[36] انظر: الإقناع (1/370).

[37] انظر: تصحيح الفروع (3/565).

[38] انظر: الفتاوى الكبرى الفقهية (٤/ ٢٥٦).

[39] انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج (9/369).

[40] متفق عليه.

[41] انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (26/633).

[42] أخرجه مسلم (1967).

[43] انظر: معالم السنن (2/228).

[44] أخرجه أحمد (25928)، وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث (1138).

[45] متفق عليه.

[46] أخرجه أبوداود (2795) وأحمد (150222) بسند حسن.

[47] أخرجه عبد الرزاق (4/498) وسنده صحيح، وانظر: ما صح من آثار الصحابة في الفقه (3/1095).

[48] انظر: مجموع الفتاوى (26/310).

[49] أخرجه أحمد (14837) والترمذي (1521)، وحسنه الأرناؤوط.

[50] أخرجه البيهقي في الكبرى (28419) بسند حسن.

[51] أخرجه مسلم (1955).

[52] سبق تخريجه قريبًا.

[53] أخرجه الحاكم (7563)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في (الصحيحة:24).

[54] أخرجه الجماعة إلا البخاري.

[55] متفق عليه.

[56] انظر: الاستذكار (11/187) ومسائل صالح بن أحمد بن حنبل (1/450).

[57] انظر: معرفة السنن والآثار (14/21).

[58] انظر: المغني (2/361) والمعلم بفوائد مسلم (3/99) والتوضيح شرح الجامع الصحيح (26/640).

[59] أخرجه وكيع في أخبار القضاة (3/ 305) بسند حسن، وانظر: ما صح من آثار الصحابة في الفقه (3/1103).

[60] انظر : المحلى (6/5).

[61] انظر: المغني (8/632).

[62] أخرجه مسلم (1961).

[63] أخرجه البيهقي (19015)، انظر صَحِيح الْجَامِع 6118.

[64] متفق عليه، واللفظ لمسلم.

[65] انظر: نهاية المطلب (18/202).

[66] انظر: الإنصاف (9/385).

[67] انظر: فتح الباري (3/ 556).

[68] انظر: منهاج الطالبين (1/231).

[69] انظر: جامع المسائل (4/255).

[70] انظر: الشرح الممتع (7/423).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply