الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إِخْبَار الشَّارِع عَمَّا يُعلم بِالْعَادَةِ أَو بِالْعقلِ أَو بالحس لَيْسَ الْغَرَض مِنْهُ الْإِعْلَام بذلك الْمخبر عَنهُ؛ بل بِهِ فَوَائِد تنثني عَلَيْه.
الأولى: أَن يذكر ردًّا على دَعْوَى مُدع وتكذيبا لافتراء مفتر؛ كَقَوْلِه: {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه}.
الثَّانِيَة: أَن يُذكر وعظا كَقَوْلِه: {تِلْكَ أمة قد خلت}، {كل نفس ذائقة الْمَوْت}. كَذَلِك مَا تَوَاتر من قصَص المكذبين المهلكين فَإِنَّهُ ذكر للاعتبار والاتعاظ.
الثَّالِثَة: أَن يذكر للدلالة على صدق الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ كَقَوْلِه تعالى: {وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} الآية {وَمَا كنت لديهم إِذْ أَجمعُوا أَمرهم}، وَكَذَلِكَ الْقَصَص الْمُوَافقَة لما فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ذكرت للاستدلال على صِحَة النُّبُوَّة.
الرَّابِعَة: أَن يذكر عتبا كَقَوْلِه تعالى: {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ} إلى قَوْله: {وَالله أَحَق أَن تخشاه} وَقَوله: {عبس وَتَوَلَّى} إلى قَوْله: {فَأَنت لَهُ تصدى}.
الْخَامِسَة: أَن يذكر توبيخا ولوما؛ كَقَوْلِه; {إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم}، {يجادلونك فِي الْحق بعد مَا تبين}.
السَّادِسَة: أَن يذكر تمننًا؛ كَقَوْلِه: {إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ}، وقَوْله: {إِذْ أَنْتُم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض تخافون أَن يتخطفكم النَّاس} الْآيَة.
السَّابِعَة: أَن يذكر للاستدلال على الْإِعَادَة بالإنشاء؛ كَقَوْلِه: {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا}، {وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا}.
الثَّامِنَة: أَن يذكر تمدحا؛ كتمدح الرب سُبْحَانَهُ بأوصافه.
التَّاسِعَة: أَن يذكر مدحا وذما؛ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لقد خلقنَا الْإِنْسَان فِي أحسن تَقْوِيم} {فَأحْسن صوركُمْ}، {إِن الْإِنْسَان خلق هلوعا}.
الْعَاشِرَة: أَن يذكر تَنْبِيها على سَعَة الْقُدْرَة؛ كَقَوْلِه {وَمَا يَسْتَوِي البحران هَذَا عذب فرات سَائِغ شرابه وَهَذَا ملح أجاج}.
الْحَادِيَة عشرَة: أَن يذكر فارقا؛ كَقَوْلِه {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب}؛ ذكر فرقا بَين الْفَيْء وَالْغنيمَة.
الثَّانِيَة عشرَة: أَن يذكر إغراء بالعداوة والقتال وحثا عَلَيْهِمَا؛ كَقَوْلِه {نكثوا أَيْمَانهم وهموا بِإِخْرَاج الرَّسُول وهم بدؤوكم أول مرّة}، {يخرجُون الرَّسُول وَإِيَّاكُم}.
الإمام في بيان أدلة الأحكام للعز ابن عبدالسلام (ص: ٦٢) -باختصار-.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد