من أقوال السلف في عمل طالب العلم بعلمه ونشره بين الناس


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فالعلم هو العمل، قال بشر الحافي: العلم هو العمل... والعلم حسن لمن عمل به، وقال ابن المعتز: علم المؤمن في عمله

والعلم بلا عمل لا ينفع، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لو نفع العلم بلا عمل، لما ذمَّ الله سبحانه أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذمَّ المنافقين.

للسلف أقوال في عمل طالب العلم بعلمه ونشره، يسّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

·      نفع العلم في العمل به:

** قال معاذ رضي الله عنه: تعلموا ما شئتم، فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا.

** قال يحيى بن معاذ: العلم والعمل قرينان لا ينفع أحدهما إلا بصاحبه.

** عن ابن شوذب، عن مطر، قال: خير العلم ما نفع، وإنما ينفع الله بالعلم من علمه ثم عمل به.

** قال مالك بن دينار رحمه الله: إنك إذا طلبت العلم لتعمل به سرك العلم.

** قال الخطيب البغدادي رحمه الله:  كما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها.

·      أهل العلم العاملون بعلمهم:

** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لا يكون الرجل عالمًا حتى يكون به عاملًا.

** عن يحي بن جعدة عن علي قال: يا حملة العلم، اعملوا به، فإنما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله.

** قال سفيان بن عيينة:

• أرباب العلم الذين هم أهله الذين يعملون به.

• إن أنا عملت بما أعلم فأنا أعلم الناس، وإن لم أعمل بما أعلم فليس في الدنيا أحد أجهل مني.

** قال الخطيب البغدادي رحمه الله: العلم شجرة والعمل ثمرة وليس يعد عالمًا من لم يكن بعلمه عاملًا.

·      عمل الأئمة بعلمهم:

** قال الإمام أحمد: ما كتبت حديثًا إلا وعملت به، حتى مرَّ بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت.

** قال عبدالرحمن بن مهدي: سمعت سفيان يقول: ما بلغني من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط، إلا عملت به ولو مرةً.

·      الإخلاص لله يعين على العمل بالعلم:

قال أحمد الروباذي: العلم موقوف على العمل به. والعمل موقوف على الإخلاص.

·      الخوف من الله جل جلاله يعين على العمل بالعلم:

** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف، إذا لقيت ربي تبارك وتعالى أن يقول لي: قد علمت، فماذا عملت فيما علمت؟

** قال ابن مسعود رضي الله عنه: ويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات.

·      من لم يعمل بعلمه كان حجة عليه:

قال ابن عيينة: العلم إن لم ينفعك ضرك. قلت [القائل الخطيب البغدادي]: يعني إن لم ينفعه بأن عمل به، ضرهُ بكونه حُجة عليه.

·      العمل بالعلم يجعله للآخرة:

قال سهل بن عبدالله: العلم أحد لذات الدنيا، فإذا عمل به صار للآخرة.

·      من بركة العلم العمل به:

** قال أبو القاسم الجنيد: العلم يشير إلى استعماله، فإذا لم تستعمل العلم في مراتبه رحلت بركاته.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: من تعلمًا علمًا، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه، فإن انتشار العلم عن العالم من بركته، وأجره الذي ينمى.

·      الجمع بين العلم والعمل وإن قلّ نصيب طالب العلم منهما:

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: لا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشًا من العلم، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرًا في العمل، ولكن اجمع بينهما، وإن قلّ نصيبك منهما....والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجي في العاقبة.

·      قليل العلم ينفع مع العمل به:

قال أحمد بن عطاء الروذباري: من خرج إلى العلم يريد العلم لم ينفعه العلم، ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم.

·      العمل بالعلم له تأثير على سمت وهدى طالب العلم:

قال سفيان: إن الرجل ليسمع الحديث الواحد، فنرى عليه ثلاثة أيام سمته وهدى.

** قال الحسن: كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه، ويده.

** قال مخلد بن الحسين رحمه الله: إن الرجل ليسمع العلم اليسير، فيسود به أهل زمانه، يعرف ذلك في صدقه، وورعه.

·      العمل يثبت العلم، ويزيده، ويورث العبد ما لم يعلم:

** قال سهل التستري: شكر العلم العمل، وشكر العمل زيادة العلم.

** قال الفضيل بن عياض: من عمل بما علم، وفَّقه الله لما لا يعلم.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم.

** قال العلامة السعدي رحمه الله:  كان السلف يستعينون بالعلم على العمل، فإن عمل به استقر ودام ونمى وكثرت بركته، وإن ترك العمل به ذهب أو عدمت بركته، فروح العلم وحياته وقوامه إنما هو بالقيام به عملًا وتخلقًا وتعليمًا ونصحًا.

·      عمل طالب العلم بعلمه خير له من الدنيا:

قال الحسن البصري رحمه الله: قد كان الرجل يسمع بالباب من أبواب العلم فيتعلمه ويعمل به، فيكون خير له من الدنيا وما فيها.

·      العمل بالعلم يثمر التواضع:

قال مالك بن دينار: إذا تعلم العبد العمل ليعمل به كسره علمه.

·      من جمع بين العلم والعمل صار إمامًا وقدوة:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من جمع بين العلم، والعمل، والتعليم، وبذل النفس للناس،كان إمامًا قدوة.

·      من عمل بما علم لم يسلبه الله عقله:

** عن عبدالرحمن ابن يزيد بن جابر، عن أخيه يزيد، قال: لقيت وهب بن منبه بالموسم، فقال لي: ألك عهد بالحسن بن أبي الحسن؟ فقلت له: نعم، فقال: هل أنكرتم من عقله شيئًا؟ فقلتُ: لا، فقال وهب: إنا لنحدث أو إنا لنجد في الكتب أنه ما أوتى عبد علمًا فسلكه في سبيل هدى، فيسلبه الله عقله أبدًا.

·      كلما زاد العلم كثر العمل:

قال عبدالله بن جعفر: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول، وسئل عن الرجل يكتب الحديث فيكثرُ، قال: ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب. ثم قال: سبيل العلم مثل سبيل المال، إن المال إذا زاد زادت زكاته.

·      حثّ السلف على العمل بالعلم:

** قال ابن مسعود رضي الله عنه: تعلموا العلم، فإذا علمتم فاعملوا.

** قال أبو قلابة لأيوب: إذا حدث لك علم فأحدث فيه عبادة، ولا يكن همك أن تحدث به النفس.

** قال أحمد بن محمد: سمعت وكيعًا يقول: قالت أم سفيان الثوري: اذهب فاطلب العلم... فإذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل في نفسك زيادة فابتغه، وإلا فلا تتعنى.

** قال الإمام الغزالي رحمه الله: ليس العلم بمجرد صورته هو النافع، بل معناه، وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به، فكلما دله على فضل اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص بالغ في تجنبه.

** قال يحيى بن معاذ: العلم لم يرد ليعلم، إنما أُريد ليعلم ويعمل به.

* قال الفضيل: على الناس أن يتعلموا فإذا علموا فعليهم العمل.

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: فرض على الناس تعلم الخير والعمل به، فمن جمع الأمرين جميعًا، فقد استوفى الفضلين معًا.

ومن علَّمه ولم يعمل به فقد أحسن في التعلُّم، وأساء في تركِ العمل به، فخلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا، وهو خير من آخر لم يُعلِّمه ولم يعمل به.

وهذا الذي لا خير فيه أمثلُ حالةً وأقلُّ ذمًا من آخر ينهى عن تعلم الخير ويصدُّ عنه.

** قال سفيان الثوري: اطلب العلم لتعمل به.

** قال قاسم بن إسماعيل: كنا بباب بشر بن الحارث، فخرج إلينا، فقلنا: يا أبا نصر حدثنا فقال: أتؤدون زكاة الحديث؟ قال: قلت له يا أبا نصر، وللحديث زكاة؟ قال: نعم، إذا سمعتم الحديث. فما كان في ذلك من عمل أو صلاة أو تسبيح استعملتموه.

** قال سفيان الثوري: كان يقال: أول العلم: الصمت، والثاني: الاستماع له وحفظه، والثالث: العمل به، الرابع: نشره وتعليمه.

** قال العلامة السعدي رحمه الله:  من آداب العالم والمتعلم النصح وبث العلوم النافعة بحسب الإمكان، حتى لو تعلم الإنسان مسألة وبثها كان ذلك من بركة العلم، ولأن ثمرات العلم أن يأخذه الناس عنك.

** قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: ابذل الوسع في حفظ العلم "حفظ رعاية" بالعمل والاتباع.

·      نشر العلم والحذر من كتمه، أو البخل به:

** قال العلامة السعدي لتلميذه الشيخ عبدالرحمن العقيل: في هذه الأوقات يتعين على كل من عنده علم أن ينشره بحسب قدرته، ويلقيه على الناس على اختلاف طبقاتهم من طلبة وعوام وخواص على قدر ما تسنح الفرصة، فلو جرى أهل العلم هذا المجرى لحصل خير كثير، فما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه. ولا ينبغي لهم أن يملكهم اليأس ويعتذروا بكسل الناس، وليقتدوا بمعلم الخير وإمام الخلق صلوات الله وسلامه عليه، فإنه مازال يدعو الخلق في جميع الأوقات، ويكرر الدعوة مع إعراض المدعوين ومعارضتهم، ويدعو إلى سبيل ربه بالتي هي أحسن، ولا يمل ولا يسأم من الدعوة والتعليم سواء وافق إقبالًا من الناس ونجاحًا، أو صادف نفورًا وإعراضًا.

** قال الحسن وقتادة: من علم شيئًا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم فإنه هلكه.

** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: إخفاء العمل نجاة، وإخفاء العلم هلكة.

** قال محمد بن كعب: لا يحل لعالم أن يسكت على علمه.

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: الباخل بالعلم ألوم من الباخل بالمال فالباخل بالمال أشفق من فناء ما بيده والباخل بخِلَ بما لا يفنى على النفقة ولا يُفارقُه مع البذل.

·      نشر العلم عند من يشتهي سماعه:

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: نشر العلم عند من ليس من أهله مفسد لهم، كإطعامك العسل والحلوى من به احتراق وحمَّى.

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

• لا ينبغي نشر العلم عند من لا يحرص عليه، وكراهية التحديث عند من لا يقبل عليه، ويحدث من يشتهى سماعه لأنه أجدر أن ينتفع به.

• التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله، ولا يحدث به إلا من يعقله، ولا يحدث القليل الفهم بما  لا يحتمله.

·      نشر العلم حياة ثانية للعبد:

قال العلامة السعدي رحمه الله: من بث علمه كان له حياة ثانية وحفظًا لما علمه وجازاه الله بحسب عمله.

·      نشر العلم من أفضل أعمال البر:

قال الإمام مالك: نشر العلم من أفضل أعمال البر.

·      تعليم العلم لوجه الله:

عن أبي العالية قال: يا ابن آدم علم مجانًا كما عُلمت مجانًا.

·      عقوبة من بخل بنشر علمه:

** قال سفيان الثوري: من بخل بعلمه ابتُلي بثلاث: إما أن ينساه ولا يحفظ، وإما أن يموت ولا ينتفع به، وإما أن تذهب كتبه.

** قال الزهري: إن للعلم غوائل، فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب علمه.

** قال عبدالله بن المبارك: من بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما أن يموت فيذهب علمه، أو ينسى، أو يتبع السلطان.

** قال العلامة السعدي رحمه الله: من شح بعلمه مات علمه بموته، وربما نسيه وهو حي.

·      زكاة العلم بنشره والدعوة إليه:

** قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله:

• أد زكاة العلم صادعًا بالحق، أمارًا بالمعروف، ونهاءً عن المنكر، موازنًا بين المصالح والمضار، ناشرًا للعلم، وحب النفع.

فائدة: قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مأتي ألف، وأسلم على يدي أكثر من مأتى نفس.

وكم سالت عين متحجر بوعظي لم تكن تسيل.

ولقد جلست يومًا فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه، أو دمعت عينه... ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام.

·      من لم يعمل بعلمه فموعظته ليس لها تأثير في القلوب:

** قال مالك بن دينار رحمه الله: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلقت موعظته عن القلوب، كما يزلق القطر عن الصفار.

·      من لم يعمل بعلمه زاده فخرًا:

قال مالك بن دينار: العبد... إذا تعلم العلم لغير العمل زاده فخرًا.

·      من لم يعمل بعلمه فعلمه غير نافع:

قال أبو إسحاق الشيرازي الفيروزآبادي: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه: أن يكون الرجل عالمًا ولا يكون عاملًا... فالله الله... نعوذ بالله من علم يصير حجة علينا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply