فوائد من درس دلائل الإعجاز 30


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف يوم الأحد: 13 من جمادى الآخرة 1446ه = 15 من ديسمبر 2024م:

• قبل أن أبدأ الدرسَ هناك طالبٌ سألني في آخر الدرس الذي مضى عن اختلاف العلماء في الآيات التي مِن قَبيل: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}، وأنَّ مِن العلماء مَن يقولون إن القرآن نزل بلسانٍ عربيٍّ مُبِين، و«اليَدُ» في هذا اللِّسان العربيِّ المُبِين قد تُطلق ويُراد بها «القُدْرة»، فإذا أوَّلْنا قولَه تعالى: {يَدُ اللهِ} بمعنى: «قُدْرة الله» فنحن مع اللِّسان العربيِّ المُبِين الذي أنزلَه الله؛ لأن الله ليس كمِثْلِه شيء، أي: لا «يَد» ولا شيء من الأشياء التي نراها، وآخرون من علمائنا قالوا إن الله ما دام قال: «يَدُ اللهِ» فلا يجوز لأحدٍ أن يُلْغِيَ كلمة «يَدُ اللهِ»، وإنَّما نقول: «له يَدٌ ليست كأيدينا»، ويرفضون التأويل الذي أوَّله الآخرون، والقولان صحيحان، والمرادُ بهما غايةُ التنزيه.

• لمَّا دَرَسْتُ ما اختلف فيه النَّاسُ، وخصوصًا ما اختلف فيه الأشاعرةُ مع المعتزلة، وجدتُ الاختلافَ في مواضعَ محدودةٍ جدًّا، ووجدتُ أن المعتزلة يُبالغون في التنزيه.

• في بداية حياتي كنت أقرأ كثيرًا عن الهجوم على المعتزلة، وأن «الزَّمَخْشريَّ» - والذي قال هذا هو بهاء الدِّين السُّبكي، والده تقيُّ الدِّين السُّبكي، وهو من العلماء الكبار - لو لمْ تَدارَكْهُ مِن الله رحمةٌ فسوف يُرى في النِّار قِرْنًا لكافر.. اختلافاتٌ اشتدَّتْ واحتدَّتْ، وكنتُ أقرأ ل«الزَّمَخْشريِّ» في مخطوطاتٍ له دعاءً ومُناجاةً وتوجُّهًا إلى الله بقلبٍ عامرٍ بحُبِّ الله، وبالإيمان بالله، فأقول: يا رب، كيف يُقال في هذا: «فسوف يُرى في النَّار قِرْنًا لكافرٍ»، فبحثتُ فوجدتُ الخلافاتِ أصلُها الرَّغبةُ الشديدةُ في التنزيه؛ فأهلُ السُّنة مثلًا يقولون إن الله لا يَقعُ في مُلْكِه إلَّا ما يريده، وهذا مُناسِبٌ للجَلال، والمعتزلةُ يقولون إن إرادةَ الشرِّ شرٌّ، والله مُنزَّهٌ عن الشرِّ؛ فهو لا يُريد الشرَّ، وهذا مُناسِبٌ للجلال؛ فتَصالَحْتُ مع الجميع.

• سألني أحدُهم مرةً: «هل مذهبُك أشعريٌّ أو غيرُه؟»، فقلت له: قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ فأنا مع كلِّ مؤمنٍ يُوصَفُ بهذا الوصف: معتزلي، أشعري، ماتُرِيدي، المهمُّ أنه إذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَ قلبُه، وحَسْبُه هذا؛ فالمسألةُ ليست كبيرة.

• ظنِّي أن الأوائلَ احتدَّ الخلافُ بينهم لأنه لم يكن هناك دَخِيلٌ عليهم يَشْغَلُهم، فلو عاشوا في زماننا ورأوا غزوَ الفكر الصَّليبيِّ للفكر الإسلاميِّ لشُغِلُوا بهذا، لو وُجِدَ ابنُ تيمية في زماننا فلن يردَّ على غيره من علماء المسلمين، إنَّما سيَدْفَعُ هذا التيارَ غيرَ الدِّيني الذي يَزحَفُ على أرض المسلمين، والذي تَجِدُه في جامعاتنا للأسف، وفي كثيرٍ من أقلامنا للأسف، وكأنَّ شَرْطَ الحضارة أن تكون على طريقتهم وعلى مناهجهم وعلى أخلاقهم، والأمرُ ليس كذلك؛ لأن شَرْطَ الحضارة أن تَعْمَل، شَرْطَ الحضارة أن تَجتهد.

• لن يُسأل أحدٌ في القبر: «أنت أشعريٌّ أم ماتُرِيدِيٌّ؟»، هذه ليست أديانًا، هذه وِجْهاتُ نظر، اللهُ وحدَه لا شريكَ له ومُحمَّدٌ عبدُه ورسولُه وقُلْ ما شئت، بشَرطِ أن الذي تَشاؤه لا يتصادم مع هذا، ولا يُحِلُّ شيئًا حرَّمه الله، ولا يُحرِّم شيئًا أحلَّه الله.

• مِن فَضْلِ الله أنه يُثِيبك إذا أخطأتَ وأنتَ تُريد الصَّوابَ، ولا أعرف خطًا يُثابُ عليه إلَّا خطأَ مَن أراد الصَّواب فأخطأه، وهذا كلُّه لكي نجتهد، وإلَّا لو كان الخطأُ حين نُريد الصَّوابَ يُدخِل النارَ لما كُنَّا لِنجتهد.

• مسألةُ أنَّ قيمةَ الكلام وبلاغتَه تَرجِعُ إلى معناه مسألةٌ مُختصَرةٌ جدًّا، ومسألةُ أنَّ قيمةَ الكلام وبلاغتَه لا تَرجِعُ إلى لفظه مسألةٌ مُختصَرةٌ جدًّا، وطولُ الكلام فيها قِيمتُه - كما قلتُ لكم كثيرًا - أنها تُعلِّمنا كيف نُحلِّل وكيف نُفكِّر.

• كلُّنا يُفكِّر، لكنَّ التفكيرَ بابٌ فيه دقَّةٌ شديدةٌ، وفيه عِلمٌ شديدٌ، وله عُمقٌ وله أبعاد؛ فالمسألةُ ليست أن تُفكِّر، المسألةُ أن تُفكِّر التفكيرَ العلميَّ المُنتِجَ لحقائق العلم.

• يا سيِّدنا، تَعلَّمْ كيف تُبيِّن.

• خلقني الله بقلبٍ يَجِدُ خواطرَ وأفكارًا، وعلَّمني كيف أُبِينُ عن هذه الخواطر وهذه الأفكار، وهذه دراسةٌ جليلةٌ جدًّا في جوهر الإنسان، دراسةٌ جليلةٌ جدًّا في ماهِيَّةِ الإنسان.

• الكلامُ الذي أمامَك، افِهَمْه ووَسِّعْه وأعطِه دلالاتِه البعيدةَ تكنْ قارئًا مُنتجًا للمعرفة، تَكنْ كأنك مع الكاتب، وكأنك لا تَسمَعُ للكاتب، وإنَّما كأنك تُعِينُ الكاتبَ، وهذه هي القراءةُ التي فيها مشاركة، وهذه هي قراءةُ العالِم لكلام العالِم.

• الخطوةُ الأولى في العلم هي التَّحصيل، وأيُّ خُطوةٍ تَسبِقُ التَّحصيلَ فهي في الباطل والضَّلال، إنَّما بعد التَّحصيل أبدأُ أُعْمِلُ عقلي فيما حصَّلتُ حتى أستخرجَ ممَّا حصَّلتُ شيئًا جديدًا.

• الدكتوراه عند الأُمم المتخلِّفة هي نهايةُ الطريق، وعند الإنسان غير المتخلِّف هي بدايةُ الطريق، بدليل أنك في الدكتوراه لك مُشرِفٌ يقول لك: «أصبتَ وأخطأتَ»، وأنت بعد ذلك الذي تَقولُ لنفسك: «أصبتَ وأخطأتَ»؛ فابدأ الطريقَ الذي تقول أنت فيه لنفسك: «أصبتَ وأخطأتَ».

• التفكيرُ في العلم يُنتِج علمًا، وأنت لك مراحل: مرحلةٌ تُحصِّل العلمَ، ومرحلةٌ تُنتِج العلمَ، فإذا حصَّلتَ العلمَ ونِمْتَ فلا قيمةَ لك؛ لأنك تُحصِّل الواقعَ الموجودَ، فنحن في غِنًى عنك، وإنَّما نحتاجك حين تُفكِّر فيما حصَّلْتَ لتُنتِجَ غيرَ ما حصَّلتَ.

• بلادُك في حاجةٍ إليك لا لتَحْفظَ عِلمَها، وإنَّما لتُنتِجَ فيها علمًا، وتتقدَّمُ بلادُك بمقدار ما يُنتَجُ فيها من العلم وليس بمقدار ما يُحفَظُ فيها من العلم.

• حفظُ العلم ضرورةٌ، وأيُّ خُطوةٍ تتجاوز الحفظَ - الذي هو التَّحصيلُ بالعقل الواعي - خطوةُ ضَلال.

• ما دُمتَ تَمشي على قدمَيْك فلا بُدَّ أن تَكون طالبَ علم، وإذا تركتَ طلبَ العلم قبل الغَرْغَرة فأنت لست إنسانًا طبيعيًّا، وبهذا تكون الأمَّةُ أمَّةً وتكون الشُّعوبُ شُعوبًا.

• نَاهِيك بشعبٍ كلُّ مَن فيه يقرأ، وكلُّ مَن فيه يقرأ من المَهْد إلى اللَّحْد، ولاحِظْ أنه ليس أحدٌ يقرأ في المَهْد؛ لأن القراءةَ مُحتاجةٌ إلى أن تَكْبَرَ وتتعلَّمَ وتبدأَ تقرأُ، وإنَّما أراد سيدُنا رسولُ اللهأنْ يُبيِّن أهميةَ القراءةِ وطلبِ العلم.

• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «.. وذلك لأنك لم تأتِ بهذه الكَلِمِ لِتُفيدَه أنفُسَ معانيها، وإنَّما جئتَ بها لِتُفيدَه وُجوهَ التعلُّق التي بين الفعل الذي هو (ضَرَبَ) وبين ما عَمِل فيه، والأحكامَ التي هي محصول التعلُّق»،  قال شيخُنا: أرأيتَ الرَّحِمَ التي تَلِدُ اللُّغة، يا سيِّدنا تَعلَّمْ هذا وأنت طبيبٌ، وأنت مهندسٌ، وأنت ما شئتَ؛ لأن هذا عِلمٌ فطرك الله عليه. مِن أين يُوجَدُ الكلام؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الشِّعرُ؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين تُوجَدُ البلاغة؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الكلامُ العالي المألوفُ؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الكلامُ الذي أَشْتُمُ فيه الناسَ؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الكلامُ الذي أمدحُ فيه الناس؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الكلامُ الذي أهدي به الناس؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق. مِن أين يُوجَدُ الكلامُ الذي أُضِلُّ به الناسَ؟ مِن وُجُوهِ التعلُّق.. ليس إلَّا ذاك.

• يا قارئ الشِّعر، عليك بوُجُوه التعلَّق. يا قارئ الأدب، عليك بوُجُوه التعلُّق.

• بعد أن ذكر شيخُنا أنه أعدَّ الدرسَ الذي يَشرحُه قبل أن يأتي على الرَّغْم مِن أنه كان قد أعدَّه الأسبوعَ الفائتَ، قال: بمقدار عنايتِك بما تقولُه لطلاب العلم يَمنحُك الله التوفيق، ويَجعلُ وصولَ كلامِك إلى قلوب طلابِ العلم أمرًا سهلًا؛ لأني لا أَعْرِفُ طلابي وليس بيني وبينهم شيءٌ إلَّا شيءٌ واحد؛ هو أنني أريدُ أن أُضِيءَ شيئًا في قلوبهم؛ فالذي يُعينني على ذلك هو اجتهادي في إعداد الدَّرس.

• إعدادُك الدَّرسَ الواحدَ في كلِّ مرةٍ تُدرِّسُه، وإن كنتَ تَحفَظُه، ربما يُولِّد عندك فكرةً جديدةً، وإذا لم تكن المسألةُ أن تَجِدَ فيه فكرةً جديدة فالمسألةُ أن تَتْعَبَ فيه لكي يُبارِك الله لك.

• أُعِدُّ درسي في كلِّ مرةٍ أُدرِّسه لا لِيَزيدَ عِلمي به، وإنَّما لأن تَعَبِي في إعداد عقول طلاب العلم بيد الله، وأنا أجتهدُ حتى يُيسِّر الله وصولَ قولي إلى قلوب طلاب العلم الذين لا أعرفهم ولا أبغي منهم شيئًا؛ لأنهم هم أهل الشَّهادتَيْن، وناهِيك بإكرامِك مِن الواحد لمن يقول: اللهُ واحِد.

• من السُّخْف أن يقولَ مَن يُكرِم أهلَ الشَّهادتين إن المجتمع لم يُعطِني حقِّي، يا سيدنا يا أبا جَهْلَيْن، وليس يا أبا جَهلٍ واحد، أنت تُكرِمُ من يقول: «الله واحد» ابتغاءَ وجه الواحد؛ فماذا تُريد أكثرَ من ذلك.

• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «فبَيتُ بشَّار إذا تأمَّلْتَه وجدتَه كالحَلْقة المُفْرغة»، قال شيخُنا: كلام حلو يا أولاد، أنا سِنِّي تسعون سنة، وأستمتعُ حين يقول: «كالحَلْقة المُفْرغة»، مع أني في حياتي لم أترك الكتابَ، ومع ذلك تَرُوقني كلماتٌ لا أستطيعُ أن أقولَها.

• حياتي كلُّها مع القراءة، ليس فيها زعامةٌ، وليس فيها رياسةٌ، وليس فيها شيءٌ من هذا القبيل مطلقًا، إلَّا الكتاب: وجدتُ فيه الخيرَ كلَّ الخير، أغناني عن كلِّ شيء، وأَغْمضَ عيني عن كلِّ ما عداه.

• اللَّذةُ في الكتاب لا تَعْدِلُها لَذَّةُ رياسةٍ، ولا وزارةٍ ولا زعامةٍ ولا أُبَّهةٍ ولا هذا الكلام الفارغ، إذا عِشْتَ في الكتاب ستَجِدُ كلَّ هذا هُراءً.

• تعليقًا على وَصْفِ الإمام عبد القاهر بيتَ «بشَّار» بأنه ك «الحَلْقة المُفْرَغة»، قال شيخُنا: أنا شَرَحْتُ «بشَّار»، وحَفِظْتُ شِعرَ «بشَّار»، لكنَّ مسألةَ أن بَيتَه حَلْقة مُفْرَغة لم تَخطُر على بالي يا سيِّدَنا الشيخ عبد القاهر، وأنت تُكرِمُني كرمًا لا حُدودَ له حين تُخْطِر على بالي في شِعْرٍ حَفِظْتُه ما لم يَخْطُر على بالي.

• تأكَّدْ يا بُنيَّ وأنا في هذه السِّنِّ أني لا أزال أتعلَّم، أنا أقرأ كلامَ العلماء وكأني لم أقرأه قبلَ ذلك، مع أن الكتابَ الذي أقرؤه أبليتُ في يَدِي منه نُسَخًا، إنَّما إعمالُ العقل فيما نقرأ يَجعل ما نقرأ كأنه جديدٌ، وكأننا لم نقرأه مِن قبل ذلك.

• إعمالُ العقل فيما نقرأ يَجعلُ ما نَحفظُ كأننا نقرؤه أوَّل مرة.

• تَدبُّرًا لقول الله تعالى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}، قال شيخُنا: وجدتُ أن الغَفْلةَ تُحوِّل الإنسانَ إلى أضلَّ مِن الأنعام؛ فاحذرُوها.

• الغفلةُ أن تَقرأَ كلامًا وتُحصِّلَه وتُبَعْبِعَ به بين الناس.. يا عزيزي، حَرِّمْ على نفسِك «البعبعة» وأوجبْ على نفسِك العملَ العلميَّ المُنتِجَ للمعرفة.

• تأكَّدتُ أن إعمالَ الفِكْر في الفِكْر يُنتج فِكْرًا: إعمالُ الفِكْر في البلاغة يُنتِجُ بلاغة، إعمالُ الفِكْر في الفقه يُنتِجُ فقهًا، إعمالُ الفِكْر في الرياضة يُنتِجُ رياضة، إعمالُ الفِكْر في الطبِّ يُنتِجُ طبًّا. يا سيِّدنا، أعمِلْ فكرَك فيما أنت فيه تُنتجْ علمًا في الباب الذي أنت فيه.

• حين أقول لك: «أنا أقرأ ديوانَ امرئ القيس لكي أتبيَّن معانِيَ النَّحْو التي ذكرها امرؤ القيس»، وكنتَ أنت غارقًا في الذين يَفهمون الشِّعرَ العربيَّ من خلال نظريات الآخرين، فلا شكَّ أنك ستَسْخَرُ منِّي.

• لمَّا نشأتُ والدِّراسةُ الأدبيةُ غارقةٌ في كلام الآخرين ومَغسولةٌ مِن كلام علمائنا، وكنتُ أقرأ الشِّعرَ في دواوين الشِّعر فأَفْهَمُه، وأقرأ الشِّعرَ في تحليل النُّقاد فلا أَفْهَمُه كتبتُ كتابَ «الشِّعرُ الجاهليُّ: دراسة في مَنازِع الشُّعراء»، وقلتُ: ذَكِّرِ الجيلَ بمناهج علمائنا، وتأكَّدْ أن الكتابَ لن يُطبعَ طبعةً ثانية؛ لأن الجوَّ الثقافيَّ كلَّه مُستغرِب، ثم فوجئتُ بأنه طُبِعَ طَبَعات، وأن الجِيلَ مُتشوِّقٌ إلى أن يَعرِفَ مناهج أُمَّته، وأنه استغرَبَ لأنه لم يَجِدْ ما يُقنعِه بفِكر قومِه أو من يُقدِّم له فِكر قومِه، فوجدتُ أننا المسئولون عن ضياع هذه الأجيال؛ تركناها فسارت وراء أهل الضَّلالة، ولو قدَّمْنا لها فِكر قومِنا بطريقة واضحة تُشْبِع رغبتَها في المعرفة لاقتنعتْ، لا أن نكتفِيَ بتلقينها أن هذا كلامُ الآباء والأجداد؛ فهذا كلامٌ غير مقنع.

• المُربِّي الذي يُنشِّئُ جيلًا هو الذي يُنشِّئُ جيلًا يَحمي الأرضَ والعِرْضَ والتاريخ، وهذا ليس هَيِّنًا.

• أنت تُنشِّئُ جيلًا ابتغاءَ مَرضاةِ الله، فلا تَنتظرْ أن تُشكَر من أيِّ جهة، ولو انتظرتَ أن تُشكرَ تكون قد نَزلْتَ بمرضاةِ الله نُزولًا سيئًا جدًّا، إنَّما إذا فعلتَ حُبًّا في مَنْ قالوا: «لا إله إلَّا الله، محمدٌ رسول الله» وابتغاءَ مرضاةِ الله، فلن تَنتظِرَ شُكرًا مِن أحد؛ لذلك كان كلُّ نَبيٍّ من الأنبياء يقول لقومه: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply