فوائد من درس دلائل الإعجاز 33


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف.

الأحد: 5 من رجب 1446هـ = 5 من يناير 2025 م.

• مُهمٌّ جدًّا، ويَسرُّني جدًّا، أن يكون فَهْمُكم لِما في الكتاب أدقَّ مِن فَهْمِكم لِما أقول؛ لأن المطلوب ليس أن تَفْهمَ منِّي، وإنَّما المطلوبُ أن تَفْهمَ مِن الكتاب.

• الوقوفُ عند الدَّقائق ليس في حاجةٍ إلى عِلم، وإنَّما في حاجةٍ إلى تدبُّر وتأمُّل ومراجعة.

• طريقُ الوعي بما في كتاب الله هو التأمُّل والتدبُّر، وطريقُ الوعي بكلِّ ما في الكُتب هو التأمُّل والتدبُّر.

• حين نَشْرحُ الكُتبَ نُعوِّد أنفسَنا على الكسل حتى نسمعَ الشَّارحَ ماذا سيقول، ولو اجتهدتَ أنت وقرأتَ أنت لفَهِمْتَ أفضلَ من الشَّارح.

• ليس لي رسالةٌ أفضلُ مِن أن أدلَّك على فَهْمِ الكتاب.

• وأنت تقرأ انقُل كلامَ العلماء مِن كتب العلماء إلى قلبِك وعقلِك، ثم حَدِّثِ الناسَ بما في قلبِك وعقلِك وليس بما في كلام العلماء.

• شرطُ المعرفة أن تَنقُلَها مِن موقعِها؛ مِن كتابٍ أو مِن سَماعِ مُدرِّسٍ، إلى قلبِك وعقلِك، إذا نقلتها للناس من الكتاب أو ممَّا سمعتْ أذنُك قبل أن تَنقُلَها إلى قلبِك وعقلِك فلن ينتفع أحدٌ بها.

• حدِّثوا الناسَ بما في قلوبكم من كلام العلماء، ولا تُحدِّثوا الناسَ بما في الكُتب من كلام العلماء.

• شرطُ وُصولِ المعرفة إلى عقولِ طلابِ العلم وقلوبِهم أن تُنقلَ إليهم من عقول أهل العلم وقلوبِهم.

• الذي ضيَّع أجيالَنا أنني أَحفظُ كتابًا وأُبيِّنُه للناس قبل أن يَدخُلَ قلبي؛ لأنه إذا دخل قلبي أُطْعِمَ مِن قلبي وعقلي، وحين يُطْعَمُ الكلامُ من القلب والعقل يَدخلُ الكلامُ إلى القلب والعقل.

• أهتمُّ بكُتب الكبار لأنها تُحفِّز العقلَ إلى أقصى طاقات اليقظة، ولن تكون إنسانًا إلَّا بمقدار ما لديك من يقظة.

• إذا بلغتَ أقصى درجات اليقظة فقد بلغتَ أقصى درجات الإنسان الأفضل.

• الكُتبُ لا تُربِّي علمًا، وإنَّما تُربِّي عقولًا تستطيعُ أن تتصيَّد العلم.

• أنت لستَ في حاجةٍ إلى شيء كحاجتِك إلى متابعة عقلٍ يُحاور القضايا.

• صَدِّقْني، المُحاورة بين عقلِ عبد القاهر وعقولِ الناس الذين يُناقشهم أفضلُ عندي من الحقيقة العلميَّة التي هُم حولَها، الحقيقةُ العلميَّةُ التي هُم حولَها هي رجوعُ مَزيَّة الكلام إلى الألفاظ أو المعاني، والذي لأستفيد منه أكثرَ هو الحوارُ العقليُّ الذي يُنمِّي العقلَ ويُوقِظُ العقل.

• ربُّوا عقولًا تكونوا قد صنعتْم خيرًا للبلاد وللعباد.

• إن كنتَ تُحبُّ أرضَك فاصنعْ عقولًا حيَّةً تمشي على أرضك، إن كنتَ تُحبُّ قومَك فاصنعْ عقولًا حيَّةً تُداخِلُ قومَك.

• {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}، {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.. أُحِبُّ هذه الأرواحَ المُحبَّةَ لأقوامها، تَعلَّمُوا مِن هذا، واصنعوا في أقوامِكم رجالًا يَحمُون الأرضَ ويَحمُون العِرْض.

• لا تَقُلْ لي إن الذين يأكلون خَيراتِ الأرض لا يَشغلُهم إلَّا أنفسُهم وإلَّا سُلطانُهم؛ لأنني سأقول لك: لا تَنظرْ إلى هذا، ولكن انْظُرْ إلى ما يجب أن تفعلَه، ولا تَنظرْ إلى ما يفعلُه غيرُك؛ صوابًا كان فعلُه أو خطأ؛ لأنك أنت مسئولٌ عن نفسِك أنت.

• لا تيأسْ وتَقُلْ: «ماذا سأفعل؟ الدُّنيا خربانة! هل أنا الذي سأُعمِّرُها؟!» نعمْ، أنت الذي ستُعمِّرها يا سيِّدنا، يا سيِّدنا ربُّنا أَرسَلَ للخَلْق كافةً شخصًا واحدًا اسمُه: محمَّد بن عبد الله.

• لا أُريد مَن يَعْرفُ الصِّفةَ والحالَ، وإنَّما أُريد الذي يَعْرِفُ الفرقَ بين معنى الصِّفة ومعنى الحال، أُريد الذي يَعْرِفُ الفرقَ بين: «جاءني زيدٌ الرَّاكبُ» و«جاءني زيدٌ راكبًا» .

• تعقيبًا على قول الإمام عبد القاهر: «.. أن الاعتبارَ بمعرفة مدلول العبارات لا بمعرفة العبارات» - في الردِّ على شُبهة إتيان البَدويِّ الذي لم يَسمعْ بالنَّحْو قطُّ في كلامِه بنَظمٍ لا يُحْسِنُه المتقدِّمُ في علم النَّحْو - قال شيخُنا: أُحِسُّ أن في هذا الكلام لُبًّا، هو بعيدٌ عنا ولكنْ يجب أن نقتربَ منه، وهو أن كُتبَ النَّحْو فيها الحالُ وفيها الصِّفةُ، وأن سليقةَ البشر فيها الحالُ مِن غير تعريفِ الحال، وفيها الصِّفةُ مِن غير تعريفِ الصِّفة، وأن النَّحْو - وهذا مهمٌّ جدًّا - قبل أن يُكتبَ في الكُتُب هو في سلائق أصحاب اللِّسان، وأننا تَعلَّمْنا النَّحْوَ الذي في الكُتُب مِن عهد أبي الأسود الدؤلي وأهملْنا النَّحْوَ الذي في سلائق أصحاب اللِّسان.

• نَحوُ سيبويه ونحوُ ابن مالك كان على غير هذه الهيئة، وعلى غير هذه الصُّورة، قبل أن يَكتشفَه النُّحاة، وإنَّما كان في نفوس أصحاب اللِّسان.

• النَّحْوُ قبل أن يكون نحوًا في الكُتب كان نحوًا مكتوبًا في الصُّدور، وطُبعَتْ عليه الصُّدور، ونحن شُغِلْنا بالنَّحْو الذي في الكُتب ولم نُفكِّر في النَّحْو الذي كان في الصُّدور، وكأن النَّحْوَ خُلِقَ يومَ أن كُتِبَ في الكُتب! مع أن النَّحْوَ خُلِقَ مِن يومِ أن نَطقَ الإنسانُ بالكلام وتكلَّم.

• ليس الفِقهُ هو ما كُتِبَ في الكُتب، وإنَّما الفِقهُ هو ما فَهِمَه أصحابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كلامِ الله تعالى وكلامِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يَكتُبَه مَالِكٌ والشافعيُّ.. وغيرُهما.

• حين نُفكِّر في كلام علمائنا نَجِدُ فيه مَداخِلَ لم يَدخُلوا فيها هم، وكأنهم تَركُوا الدُّخولَ فيها لنا، ولهذا قلتُ لكم: انقلْ ما في الكُتب إلى صدرك، ثم حَدِّث الناسَ بما في صدرك؛ لأنك حينئذ ستُفكِّر وستتدبَّر.

• النَّحْوُ وُجِدَ قبل أن يُوجدَ أبو الأسود الدؤلي، وقبل أن يُوجدَ سيبويه، وكان نحوًا سليمًا جدًّا؛ لأن النَّحْوَ الذي كتبَه أبو الأسود الدؤلي ومَنْ بعدَه من النُّحاة كان للاحتراز عن الخطأ، وقبل أبي الأسود لم يكن هناك احتمالٌ للخطأ؛ فالنَّحْوُ عاش في صدور الناس نحوًا لا يحتمل الخطأ.

• النَّحْوُ كانت له مرحلةٌ أزهى وأبهى، وهي المرحلةُ التي كان النَّحْوُ فيها في صدور الناس.

• سَمعتُ من بعض علماء مصر في الزَّمن الأول أن اللُّغاتِ البائدة؛ كالآرامية والسريانية، التي بادتْ وباد أهلُها؛ رأيتهم كانوا يَدرُسُون عقليةَ الآراميين من خلال ما بَقِيَ من اللغة الآرامية، وعقليةَ السريانيين من خلال ما بَقِيَ من اللغة السريانية؛ فكأن اللغةَ ليست كلامًا، اللغةُ عبارةٌ عن وِعاءٍ لقلوب الذين تكلَّموا بها وعقولِهم وصدورِهم.

• كلامُ مَن سَبَقَنا جيدٌ جدًّا؛ إذا تأمَّلتَ فيه وجدتَ فيه شيئًا جديدًا لم يَستخرجوه، ولا تَقُلْ: «إنهم لم يَستخرجوه»؛ لأنهم استخرجوا ما استخرجوا وتركوا لك ما تَستخرِجُه، ولو كنتَ أنت في عقيدتِهم مَيِّتًا كَلًّا لا قيمةَ لك لاستخرجوا كلَّ ما في الكلام، إنَّما هم يعتقدون أنك إنسانٌ حيٌّ، وأنك مِنهم ومِن أصلابهم؛ فاستخرجوا ما استخرجوا، وتركوا لك ما تَستخرِجُه.

• إذا اكتفيتَ بحفظ كلامِ مَن سبقك، ولم تَستخرِجْ منه ما لم يَستخرجوه، فأنتَ الذي أبيتَ إلَّا أن تكون تافهًا.

• الفكرةُ حين تُناقَش تَكشِفُ عن خبايا، والكشفُ عن الخبايا أفضلُ ألفَ مرةٍ من تحصيل الظاهر.

• تعليقًا على قول الإمام عبد القاهر: «.. أن الاعتبارَ بمعرفة مدلول العبارات لا بمعرفة العبارات»، قال شيخُنا: ضع ثلاثةَ خُطوطٍ تحت هذه العبارة، ضع عشرةَ خُطوطٍ تحت هذه العبارة؛ لأن مِن توفيق الله للعالِم أن يُلهِمَه الجوابَ القاطعَ في أقلَّ مِن سطر.

• يا بنَ الحلال، لن تتذوَّق المعرفةَ إلَّا إذا أحسنتَ تدبُّرها، وأحسنت الوقوعَ على خفاياها، وإذا ذُقتَ المعرفةَ فلن تستطيعَ أن تَنقطِعَ عنها، ولو أردتَ أنتَ أن تَنقطِعَ عنها ستأبَى هي عليك؛ كما يقول المتنبِّي:

يُرَادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيَانُكُم     ***    وتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ

• إذا ذُقتَ المعرفةَ ستَدرُسُ العلمَ محبَّةً لا تكليفًا، وحينئذٍ يَعْظُمُ عطاءُ الله لك، وعطاءُ الله يا سيِّدنا ليس في الجنة ولا في القبر فحسب، وإنَّما يُعطيك في الدنيا حُبًّا للعمل الصالح؛ فتَصنعُ العملَ الصالحَ لا طمعًا في جنةٍ ولا خوفًا من نار، وإنَّما مَحبَّةً في العمل الصالح؛ كما قِيل: «نِعْمَ العبدُ صُهيبٌ؛ لو لم يَخَفِ اللهَ لم يَعْصِه».

• إذا تدبَّرتَ العلمَ وذُقتَ حلاوةَ العلم لن تستطيع أن تَنقطِعَ عنه.

• الشُّعوبُ التي يَكثُر فيها أهلُ العلم، ويَكثُر فيها حُبُّهم للعلم، وتَدبُّرُهم للعلم = هي الشعوبُ الغالبةُ، ولو كانت كافرة: {وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا}، والشعوبُ «الكحيانة» النائمة ولو كانت تُصلِّي وتصوم الدَّهرَ كلَّه = لا قيمةَ لها.

• أجمعَ العلماءُ على أن القراءةَ في كتب العلم أفضلُ مِن صلاة النَّافلة.

• شَبِعْتُم من النَّحْوِ الذي في الكُتب ولم تَشْبَعُوا من النَّحْوِ الذي كان في صُدور الناس قبل أن يَكون في الكُتُب.

• شَبِعْتُم من النَّحْوِ الذي يُحترَزُ به عن الخطأ، ولم تَشْبَعُوا من النَّحْوِ الذي كان مِن قومٍ لا يكون منهم خطأ.

• احفظْ كتابَ سيبويه وما بعدَه في كُتب النَّحْو وتأكَّدْ أنك مع نصف النَّحْو؛ لأن النِّصفَ الآخرَ من النَّحْو الذي كان لا يتسلَّل إليه خطأٌ أنت لم تكتبْ فيه سطرًا واحدًا.

• أقرأُ في الشِّعر وفي الكلام العالي وأجد بعضَ الشُّرَّاح يقولون: «هذا مِن التَّفنُّن في العبارة»، وأنا لا أُحبُّ كلمة «التَّفنُّن في العبارة»؛ لأنها لا تُقال في القرآن؛ لأن ربَّنا لم يُنزِل القرآنَ ليُعلِّمَنا التَّفنُّنَ في العبارة، والشاعر لم يَقُلْ شِعْرَه ليُعلِّمَنا التَّفنُّنَ في العبارة، وإنَّما لا بُدَّ أن تبحث عن السِّر.

• أُحِبُّ الوقوفَ عند العلم قبل أن يكون علمًا.

• يُدهشني ربُّنا - عزَّ وجلَّ - حين يقول للشيء: «كُن فَيَكُونُ»؛ كيف يَسمعُ الشيءُ كلمةَ «كُنْ» وهو في العَدَم، ثم يَسمعُ كلمةَ «كُنْ» فيَكونُ؛ بـ«الفاء» التي تدلُّ على أن ما بعدها يَقعُ بعدَ ما قبلها بلا مُهلة.

• تعقيبًا على استنكار الأعرابيِّ قولَ المؤذِّن: «أشهدُ أن مُحمدًا رسولَ الله»، قال شيخُنا: يُضايقني كثيرًا لَحْنُ المؤذِّنين، خصوصًا حين يَلْحَنون في نُطْق الكلمات لا في إعرابها، وهذا كثيرٌ جدًّا.

• الأعرابيُّ فَطَنَ بالسَّليقةِ إلى خطأ المؤذِّن الذي قال «أشهدُ أن مُحمدًا رسولَ الله»؛ لا يَعْرِفُ خبرًا ولا مبتدأً، وإنَّما هي السَّليقة، هي النَّحْوُ الذي كان في الفطرة قبل أن يكون في الكُتُب، وما أعظمَ النَّحْوَ الذي كان في الفطرة! وما أجلَّه! مع جلال النَّحْوِ الذي في الكُتب.

• العلمُ الذي في الفطرة هو العلمُ الذي خَلَقه اللهُ في الإنسان يومَ خَلَق اللهُ الإنسانَ في أحسنِ تقويم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply