بين يدي سورة ق 3

167
6 دقائق
8 شعبان 1446 (07-02-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

اتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون}، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.

معاشر المؤمنين الكرام: تدارسنا في خطبتين سابقتين، الجزء الأول والثاني من سورة ق، وبقي معنا الجزء الأخير من هذه السورة المباركة. والذي يأتي كالخلاصة والخاتمة. وفيه إعادةٌ لأقوى ما تقرر سابقًا في السورة من الموضوعات المهمة، ولكن بطريقةٍ سريعة مركزة، ليكون لها في الحس وقعٌ آخر وتأكيد أقوى.

وهذه من خصائص القرآن العظيم. {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد}.

يقول الله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ}. تأمل كيف بدأ الله هذا الْمَشْهَد الأَخِير لهَذِهِ السُّورَةِ العظيمة، بتهديدٍ شديد: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}، (وكم أهلكنا ودمرنا من الأمم السابقة، ممن عاشوا أزمنةً طويلة، وكانوا (هُمْ أَشَدُّ) من كفار قريشٍ قوة، وأكثر (مِنْهُمْ) جيوشًا و(بَطْشًا) وجبروتًا، فقد (نَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ)، وسيطروا على بقاعٍ كثيرةٍ من الأرض، وجمعوا ثرواتٍ هائلة، وشيدوا حضاراتٍ عظيمةٍ.

فما أغنت عنهم قوتُهم ولا أموالُهم ولا جيوشهم من الله شيئًا. و(هَلْ) لمن نزل بهم عذاب الله (مِنْ) وسيلةٍ تنقذهم، أو (مَحِيصٍ) يهربون إليه. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون}.

فخذوا منهم العظة والعبرة: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}. (إنَّ فِي ذَلِكَ) الإهلاك لتلك الأمم الغابرة لَعبرةً و(ذِكْرَى) مؤثرة، وإنّ في مصرعهم لموعظةً نافعة، ينتفعُ بها كل (مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ)، حيٌ سليم، وعقلٌ زكيٌ فهيم؛ يُذعنُ للحقّ ويستجيب، ومِثلهُ من (أَلْقَى السَّمْعَ)، وأصغى لآيات الله بانتباهٍ وتركيز؛ وأنصتَ لها بقلبٍ وعقلٍ حاضرٍ (شَهِيد). فإنه أيضًا سينتفعُ ويستفيد.

ففي القرآن لمن كان هذا شأنهُ موعظةً وذكرى؛ وهدىً وشفاء، أمّا المعرضُ والمستكبر فهذا لن يستفيدَ شيئًا؛ قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}. ثم ينوه اللهُ تَعَالَى بقدرته العظيمة؛ التي أوجد بها جميع المخلوقات، فيقول تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ) على ضخامتها، (وَالْأَرْضَ) على سِعتها، وخلقنا (مَا بَيْنَهُمَا) من عوالم ومخلوقاتٍ لا حصّر لها، خلقناها كلها (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا) بسبب ذلك (مِنْ) تعبٍ ولا (لُغُوبٍ).

وفي هذا إِشَارَةٌ إِلَى أنّ أمرَ الْخَلْقِ وَالإِنْشَاءِ سهلٌ عَلَى اللهِ، وبالتالي فإنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وبعثهم سيكون أهَونَ وأسهل.

{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}. (فَاصْبِرْ) يا محمد (عَلَى) هؤلاء المشركين، وعلى (مَا يَقُولُونَ) فيك مِن الأقاويل المؤذية، ولَا تأبه بها. ف {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}، وانشَغِلْ عنهم بكثرة الذكر والصلاة، فإن فيها سلوةٌ لك؛ وعونٌ على تبليغ الدعوة. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) كثيرًا، خصوصًا في الأوقات الفاضلة، (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) فجرًا، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) عصرًا. (وَ) كذلك (مِنَ) آناء (اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) وعقب الصلوات (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ).

ثم إنَّ الأمر بالصبر والتسبيحِ والصلاةِ، إنما هو تزودٌ واستعدادٌ لذلك اليوم العظيم، ولذا قَالَ اللهُ بعدها: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}. (وَاسْتَمِعْ) يا محمَّدُ وتأهب (يَوْمَ) يَنفَخُ صاحبُ الصورِ نفخةُ البعث، و(يُنادِ) ذلك (المنادِ) الناسَ (مِن مَكانٍ قَريبٍ)، قريبٍ من أرض المحشر؛ فكل الخلقِ في ذلك ال(يومَ) سيصِلُهم ذلك النداءُ الرهيب، و(يسمَعُون) تلك (الصَيحةَ) الهائلة، فهي صيحةُ البَعثِ (بالحَقِّ) اليقين، ف(ذلك) اليَومُ العظيمُ هو (يَومُ) الإحياء و(الخُروجِ) مِن القُبورِ للحَشرِ والحِسابِ.

كما قال تعالى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُود}. وفي ذلك المشهد العظيم تتجلى قدرة الخالق جل وعلا، ولهذا قال: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}، فالله وحدهُ من يحيي الموتى، ومن يميت الأحياء، وإليه سبحانهُ في ذلك اليوم العظيم مَصِيرُهم ومرجعهم جميعًا. ويا لهُ من مشهدٍ عجيب: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}.

(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ) عَنْ أجسادهُمْ، وتتفتحُ القبورُ (عنهم) وهم أحياء؛ فيَخرجون منها (كأنهم جرادٌ منتشر)، ويُساقُون (سِرَاعًا) إلى أرض المحشر، ورغم كثرتهم الهائلة، فلن يتخلفَ منهم أحد، لأن الذي يحشرهم هو الذي خلقهم، وهو العليم الخبير، قال تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}، ثم يؤكدُ اللهُ سهولةَ الأمرِ عليه فيقول: (ذَلِكَ حَشْرٌ عَلينَا يَسِيرٌ).

ثمّ يتوجهَ الخطاب للرسول مثبَّتًا ومذكرًا. {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}. (نحن) يا محمد (أعلم) بكل ما يصدر عن هؤلاء المشركين المكذبين، ونحن من سيتولى محاسبتهم ومجازاتهم بكل ما فعلوا، ولست عليهم بمصيطر، (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ)، فترغمهم على الإيمان والتصديق، {إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِير}، و{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}، (إن عَلَيك إِلاَّ الْبَلاَغُ)، وأَنْ تُذَكِّرَهُمْ بِالْقُرْآنِ، فهو أَعْظَمُ واعظٍ ومذِّكْرِ، لمَنْ كان فِي قَلْبِهِ خَوْفٌ مِنَ (وعيد) اللهِ وعذابه.

كما قال تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى}، أما من عداهم فكما حكى الله عنهم: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُون}.

وهذا الختام الرائع للسورة: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}. قد جاء متناسبًا مع افتِتاحِ السورة ومقاربًا له في المعنَى، حيثُ جاءَ أوَّلُ السُّورةِ: (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ)، وقال في آخِرِها: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ). فيا لبلاغة القرآن العظيم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون}.

اتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين..

معاشر المؤمنين الكرام: لقد تضمنت هذه السورة العظيمة كثيرًا من الدروس والفوائد التربوية الهامة.

من أهمها: أنّ النَّظَر والتّفكرَ في خَلقِ السَّمَواتِ والأرضِ، وما فيهما من الآيات والمخلوقات، يقوي الإيمان، ويزيدُ المسلم بصيرة وإنابة إلى الله. (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)، وقال تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}.

كما أنّ في الآيات لفتةٌ جميلةٌ: وهي أنّ انتفاعَ المسلم بمخلوقات اللهِ تذكرًا واستبصارًا أهمُ من انتفاعه بها ماديًا بما في ذلك الاستمتاعُ والبهجة.

وثاني الدروس: أنَّ العقولَ عندما تُخضِع للإلف والعادة، والتقليد والهوى، ولا تتجردُ للحق، فإنها ستنكرُ البدِيهِيات، وتعارضُ المُسلّمات، وبالتالي فإنها ستعيشُ كما أخبر القرآن قلقة مضطربةً وفي أمرٍ مريج.

وثالثها: أنَّ من وطّنَ نفسه على قبول الحقِّ متى علمهُ وتثبت منه، فسيُفتحُ له من الفهم والتوفيق والفلاح ما لا يُفتحُ لغيره، تأمل: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}.

وأما من يتردَّدُ في قبول الحقَّ عنادًا وهوى، فسيشقى بالشك والحيرة والانصراف عن قبول الحق، قال تعالى: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُون}، وقال تعالى {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.

ورابع الدروس: بيانُ قوةِ تأثيرِ القرآن الكريم وكفايتهِ في الدعوة إلى الحق، ومواجهة الباطل: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ)، وقال تعالى: {فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}.

وخامسها: أنَّ تكذيبَ الرُّسلِ عاقبتهُ وخيمة: قالَ تَعالَى: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}. وقال تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير}. وقال تعالى: {إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَاب}.

وسادسها: أنّ على المسلم أن يحذرَ من الغفلة، وأن يبادر ويستعدَ للقاء الله، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}. وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُون}.

وسابعها: تربية النفس على تقوى الله وخشيته، لينال المسلم موعود الله: قَالَ تعالى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}. وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان}.

وثامن الدروس: الحرص على طهارة القلب وسلامته لكي ينتفعَ بالمواعظ والذكرى: {إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ}. ولكي ينجو ويسلم يوم القيامة: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم}.

وتاسعها: المداومة على الذكر والإكثارُ منه، فإنه فيه طمأنينة للقلب، وسلّوة للنّفس، وعونٌ على الطاعة، قال تعالى: {فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}. وقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين}.

وعاشرها: أنّ دعوة الناسِ للحق ليست بالإكراه والإجبار، وإنما على التخيير، قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}، وقال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر}. وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}.

فاتقوا الله عباد الله وتعاهدوا كتاب ربكم وتدبروا آياته، واستلهموا منه الهدى وتخلقوا بتوجيهاته، تُحَقِقوا مُرادِ اللهِ، وتنَالُوا مَرْضَاتِهِ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق