بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه جملة من المسائل المهمة التي تتعلق بأحكام شهر رجب، والتي تم طرحها في صورة سؤالات وأجوبة مختصرة ليسهل على القاريء فهمها واستيعابها، نسأل الله تعالى القبول والإخلاص.
السؤال الأول:
ما حكم تخصيص رجب بالإكثار من الصيام فيه؟
قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة:36).
وعن أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ" (متفق عليه).
فلا شك أنَّ شهر رجب أحد الأشهر الحرُم التي نصت عليها أدلة الشرع، فهذا مما قد ثبت في فضل شهر رجب، وقد كانت من عادة أهل الجاهليه المبالغة في تعظيم شهر رجب بالإكثار من الصيام فيه خاصة دون غيره من الأشهر الحرم.
فتوارث البعض تلك العادة، فدرَجوا على الإكثار من الصيام في معظم شهر رجب، رغم أنه لم يثبت في فضل ذلك حديث صحيح.
وثبوت كون شهر رجب أحد الأشهر الحرم – مع ثبوت أحكام حرمة الزمان - لا ينبني عليه القول بأفضلية الصوم فيه.
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى الناس عن تخصيص رجب بالصوم فيه، وكان رضي الله عنه يضرب أيديَ الناس ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب، ويقول:
*لا تُشَبِّهُوه برمضان*. (صححه شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى"(25/291)).
ولفظه عند ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب *الصيام*(2/103):
عن خرشة بن الحر قال: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَضْرِبُ أَكُفَّ الرِّجَالِ فِي صَوْمِ رَجَبَ، حَتَّى يَضَعُونَهَا فِي الطَّعَامِ، وَيَقُولُ: «رَجَبُ وَمَا رَجَبُ؟ إِنَّمَا رَجَبُ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ تُرِكَ»".
وقال عطاء: كان ابن عباس رضي الله عنهما *ينهى عن صيام رجب كلّه؛ لئلا يُتَّخذَ عيدًا*. (أخرج عبد الرزاق (7854) وسنده صحيح).
وقد نص العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر أنَّ كل حديث يُروى في فضل صوم رجب أو الصلاة فيه فكذب باتِّفاق أهل العلم بالحديث، وعليه فلا يَعتَمِد أهل العلم على شيء منها. كما أنها ليست من الضعيف الذي يُعمل بها في الفضائل الأعمال -عند من يجوِّز ذلك - بل عامَّتُها من الموضوعات والمكذوبات على السنة.
كما نصوا أنَّ من صامه يعتقد أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعُزّر.
وليعلم أنَّ كراهية العلماء إفراد رجب بصوم إنما جاء سدًا للذريعة وحسمًا للمادة، لئلا يقع التشبّة بشعائر الجاهلية، ولئلا يتخذ شرعٌ لم يأذن به الله عزوجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما صومُ رجب بخصوصه فأحاديثه كلُّها ضعيفة، بل موضوعة. *مجموع الفتاوى*(25/291).
قال ابن حجر: *لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معيَّن*. *تبيين العجب*(ص/11).
قال ابن القيم: *كل حديث في ذكر صوم رجب، وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذبٌ مفترى*. (المنار المنيف في الصحيح والضعيف(ص/170).
قال ابن دحية: وفي هذا الشهر أحاديث كثيرة من رواية جماعة من الوضاعين، وكان شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي لا يصوم رجبًا، وينهى عن ذلك، ويقول: ما صح في فضل رجب ولا في صيامه عن رسول الله ﷺ شيء. (أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب(ص/70)).
أما ما يذكره بعض الوعَّاظ والقصاصين في الترغيب في صيام شهر رجب كحديث: (إنَّ في الجنة نهرًا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، من صام يومًا من رجب شرب منه) فهو حديث موضوع، ذكره ابن الجوزي في "الأحاديث الواهية" (ح/912)،وقال الذهبي في "الميزان"(6/524): *حديث باطل*.
وكذلك حديث:
*رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، فمن صام يومًا من رجب فكأنما صام سنة ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ومن صام منه ثمانية أيام فتح له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام منه عشر أيام لم يسأل الله إلا أعطاه ومن صام منه خمسة عشر يومًا نادى مناد في السماء قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل ومن زاد زاده الله*.
فقد رواه البيهقى فى الشعب (3801) والطبراني في الكبير (5538).
وقد عدَّه الحافظ ابن حجر من الأحاديث الباطلة، وقال الهيثمي: فيه عبدالغفور – يعني ابن سعيد - وهو متروك.ا.ه
*لذا فالسُنة في الصوم في شهر رجب لا تزيد عمَّا يعتاده المرء من الصيام في غيره من الأشهر الهجرية، كصيام الإثنين والخميس، وصيام أيام البيض (13/14/15).
أو من كان له عادة دارجة، كمن يصوم يومًا ويفطريومًا، فله أن يصوم ما كان من عادته. والله تعالى أعلم.
السؤال الثاني:
ما حكم صلاة النصف من رجب؟
نذكر أولًا على سبيل الإجمال ما نص عليه الحافظ ابن رجب في قوله:
لم يصح في شهر رجب صلاةٌ مخصوصة تختص بهذا الشهر.(لطائف المعارف(ص/118)).
*أما ما يُروى عن صلاة نصف رجب، ومثاله ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى ليلة النصف من رجب أربع عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وقل هو الله أحد عشرين مرة، وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الناس ثلاث مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ عشر مرات، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ثلاثين مرة، بعث الله إليه ألف ملك يكتبون له الحسنات ويغرسون له الأشجار في الفردوس، ومحى عنه كل ذنب أصابه إلى تلك الليلة، ولم يكتب عليه خطية إلى مثلها من القابل، ويكتب له بكل حرف قرأ في هذه الصلاة سبعمائة حسنة، وبنى له بكل ركوع وسجود عشرة قصور في الجنة من زبرجد أخضر، وأعطي بكل ركعة عشر مدائن في الجنة، كل مدينة من ياقوتة حمراء، ويأتيه ملك فيضع يده بين كتفيه فيقول: استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك"
قال ابن الجوزي:
هذا حديث موضوع، رواته مجهولون، ولا يخفى تركيب إسناده وجهالة رجاله، والظاهر أنه من عمل الحسين بن إبراهيم، وهو من الأحاديث الموضوعةا.ه. (الموضوعات (2/126)) .
قال أبو الحسنات اللكنوي: أخرجه الجوزقاني وقال ابن الجوزي والسيوطي وابن عراق وغيرهم، موضوع، ورواته مجاهيل. (الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة(ص/70)).
*أما عن صلاة ليلة المعراج:
وهي صلاة تصلَّى ليلة السابع والعشرين من رجب، وتسمَّى:
صلاة ليلة المعراج، فهي من الصلوات المبتدعة التي لا أصل لها صحيح، لا من كتاب ولا سنة.
*مع التنبيه على أنَّ دعوى أنَّ واقعة الإسراء والمعراج كان في رجب مما لا يعضده دليل.
قال أبو شامة:
*ذكر بعض القصاص أنَّ الإسراء كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والتجريح عين الكذب*. (الباعث على إنكار البدع والحوادث(ص/74).
لذا فإنَّ ما يقع في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من إقامة البعض احتفالًا لذلك، اعتقادًا أنَّ تلك الليلةَ هي ليلةُ الإسراء والمعراج، فتُلقَى الكلماتُ وتنشد القصائدُ وتُتلى المدائح فهذا أمرٌ لم يكن معهودًا ولا معروفًا في القرون المفضلة، خيرِ القرون وأفضلِها، بل هو من البدع المحدثات.
*أما صلاة الرغائب:
فهي كذلك من الصلوات المحدثة في شهر رجب.
وهيئتها:
أنها اثنتا عشرة ركعة بعد المغرب في أول جمعة بست تسليمات، يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة القدر ثلاثا، والإخلاص ثنتي عشرة مرة، وبعد الإنتهاء من الصلاة يصلي على النبي ﷺ سبعين مرة ويدعو بما شاء.
وهي بلا شك بدعة منكرة، وحديثها موضوع بلا ريب وذكرها ابن الجوزي في (الموضوعات 2/124).
قال ابن رجب:
والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء. ((لطائف المعارف(ص/118)).
وقد سئل شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عن صلاة الرغائب:
هل هي مستحبة أم لا؟
فقال رضي الله عنه:
هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا أئمة المسلمين، ولا رغَّب فيها رسول الله ﷺ، ولا أحد من السلف، ولا الأئمة، ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها، والحديث المرويّ في ذلك عن النبي ﷺ كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك. [مجموع الفتاوى (23/135)].
السؤال الثالث:
ماحكم تخصيص رجب بالذبح (العتيرة)؟
قال أبوعبيد القاسم بن سلام:
العتيرة هي الرجبية، وهي ذبيحة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لأصنامهم، وتعظيمًا للأشهر الحرم، ورجب أولها. (غريب الحديث (2/171).
وذكر ابن سيَّدة:
أنَّ العتيرة أنَّ الرجل كان يقول في الجاهلية: *إنْ بلغ إبلي مائة عترت منها عتيرة*. ((فتح الباري(5/598)).
فلما جاء الإسلام أمر الناس بالذبح لله - تعالى - وأبطل فعل الجاهلية.
*واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة رجب في الإسلام على قولين للعلماء:
الأول: أنها مشروعة، وهذا قول الشافعي وابن سيرين، وذلك لقول النبى ﷺ بِعَرَفَةَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةً، وَعَتِيرَةً، أَتَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّاسُ الرَّجَبِيَّةُ". (أخرجه أحمد(20731)، وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته، وهو أبو رَمْلة: واسمه عامر. معاذ بن معاذ).
القول الثانى:
عدم المشروعية، وأنَّ العتيرة كانت مشروعة ثم نُسخت، وهذا قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة.
▪قالوا: ويؤيد عدم مشروعية تخصيص شهر رجب بالذبح فيه *عتيرة*:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي ﷺ قال: "لا فرع ولاعتيرة" (متفق عليه).
وراوي الحديث أبو هريرة رضي الله عنه أسلم في السنة السابعة من الهجرة، فهو من متأخري من أسلم من الصحابة رضي الله عنهم.
*ومما يؤيد النسخ: أنَّ العتيرة كانت من سنة أهل الجاهلية لأصنامهم، فهو أمر متقدِّم على الإسلام، فبقوا على هذا حتى جاء النسخ.
* قال القاضي عياض: إنَّ الأمر بالعتيرة منسوخ عند جماهير العلماء.ا.ه (نص عليه صاحب الفتح).
فالحاصل أنَّ القوم كانوا يُعظِّمون شهرَ رجبَ، ويَتقرَّبون فيه لآلهتِهم، فيَذبَحون الذَّبائحَ، ويُسمُّونها العَتِيرة، أو الرَّجبيَّةَ، أوالتَّرجيب، فورد نَهى النَّبيُّ ﷺ عن ذلك، وعن كلِّ ذَبحٍ لغيرِ اللهِ تعالَى؛ لأنَّ العبادةَ يَنْبغي أنْ تكونَ مُقدَّمةً للخالقِ خالِصةً مِن شائبةِ الشِّركِ.
فإذا انتفى الشِّركُ في الذَّبيحةِ لغيرِ اللهِ تعالى جاز ذبحُها دون النَّظَرِ إلى اسمِها أو وقتِها، كما أوضحت روايةٌ عند أبي داودَ والنَّسائيِّ: أنَّ رَجُلًا سأل النبيَّ ﷺ في حَجَّةِ الوداعِ، فقال: إنَّا كُنَّا نَعتِرُ عَتيرةً في الجاهِليَّةِ في رَجَبٍ، فما تأمُرُنا؟
قال: "اذبَحوا لله عزَّ وجلَّ في أيِّ شَهرٍ ما كان، وبَرُّوا اللهَ عزَّ وجلَّ وأطعِموا". (الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (2/202).
قال ابن حجر: فلم يبطل رسول الله ﷺ العتيرة من أصلها، وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب. (نص عليه صاحب الفتح).
لذا نقول: هذا موضع النزاع، فإذا ثبت بطلان فعلها في خصوص شهر رجب، أو اعتقاد أفضليتها فيه؛ فإنَّ الذبح لله تعالى مطلقًا مشروع بهذا الحديث وغيره، ومن قصد رجبًا بهذه الذبيحة فقد خالف السنة.
وأما لو ذبح إنسان ذبيحة في رجب لحاجته إلى اللحم أو للصدقة به أو إطعامه لم يكن ذلك مكروهًا، وذلك لأنه لم يقصد تعظيم الشهر بذبح ونحوه، وبانتفاء العلة ينتفي الحكم، والله أعلم.
السؤال الرابع:
ماحكم تخصيص رجب بالعمرة؟!
وقد اعتاد بعض الناس أداء العمرة في شهر رجب، ويظنون أنَّ للعمرة فيه مزية و فضيلة على العمرة في غيره من الشهور، ولا شك أنَ خلاف السنة ؛ فإنَّ الأدلة قد دلت هلى أنَّ الوقت الفاضل لأداء العمرة هو أشهر الحج وشهر رمضان، و ما عدا ذلك من الشهور فهي سواء في ذلك.
قال ابن سيرين: ما أحد من أهل العلم يشك أنَّ عمرةً في أشهر الحج أفضل من عمرة في غير أشهر الحج. (تفسير ابن كثير(1/541)).
ولما ذَكر ابن القيم عدد العمَر التي اعتمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها كلها في أشهر الحج، قال: وهذا دليل على أنَّ الإعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك.
(زاد المعاد(2/90))
وعليه نقول: تخصيص شهر رجب من بين الشهور بالعمرة فيه فهو يحتاج إلى دليل، و لا دليل على ذلك، بل إنَّ المتأمل في السيرة النبوية يجد أنَّ كل عمرات النبي كانت في ذي القعدة، إلَّا التي كانت في حجته، ويدل ذلك على فضل الإعتمار في ذي القعدة.
*فهذا مما صح من فعله صلى الله عليه وسلم، وكذا صح من قوله فضل العمرة في رمضان خاصة.
فقد روى البخاري (1782) ومسلم (1256) عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ:
مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ بعيران، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ [نسقي عليه] الأرض، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي،
فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً، وفي رواية لمسلم: *حجة معي*.
*فهذا فعله ﷺ وهذه سنته، فأما تخصيص رجب بالاعتمار فيه فلم يثبت له فضيلة لا من هذا ولا من ذاك، فتأمل.
وعليه: لايُشرع أن يُخص رجب بأداء العمرة فيه دون غيره من الشهور، وما يُسمى ب *العمرة الرجبية* بدعة منكرة.
ثم نقول:
وحتى لو ثبت أن الرسول ﷺ اعتمر في رجب فلا يصلح أن يكون ذلك دليلًا على فضل خاص لها في ذلك الشهر ؛ إذْ إن الأصل هو وقوعها فيه اتفاقًا لا قصدًا ولا تعبدًا،إلَّا أن يصحب فعلَ الطاعة في زمان أو مكان قولٌ يثبت قصد أحدهما بالفعل.
ومن ادَّعى قصد النبي ﷺ لشهر رجب بهذه العمرة فعليه الدليل.
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت وقوع عمرته ﷺ في رجب.
ولا يُعبد الله تعالى إلَّا بما شرع، وقصد الزمان والمكان ضرب من الأمور التوقيفية التي لا يقال بفضلها إلا بدليل خاص، وإلا كانت من البدع المذمومة.
حاصل القول:
لا يخص شهر رجب بعمرة ظنًا أنَّ له من الفضل والأجر ما لا لغيره من الأشهر، ولا يخص ولا يقصد بأداء العمرة فيه، والفضل إنما في أداء العمرة في رمضان أو أشهر الحج للتمتع، ولم يثبت أنَّ النبي ﷺ اعتمر في رجب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين