بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
للتوضيح هذه المراحل هي مراحل التفقه فقط، أما طلبه لعلم الحديث من السماع وغيره فليس الحديث هنا عنه.
المرحلة الأولى:
نظر أحمد في فقه الحنفية، وسمع من أبي يوسف بل حفظ مصنفاتهم.
قال الخلال: «كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها، وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم فتكلم عن معرفة».
ثم إن أحمد تبين له أن غير هذا المنهج في التفقه أفضل منه وقد ذكر ذلك الخلال كما سبق.
المرحلة الثانية:
الإقبال على التفقه في الحديث، والآثار، وفتاوى التابعين، والاستنباط منها، وما يتعلق بذلك.
المرحلة الثالثة:
اللقاء بالشافعي والقناعة بمنهجه في التفقه والنظر في النصوص.
وذلك أن الشافعي بعد رحلته العلمية عاد إلى مكة في عام 186ه، وكان عمره 36 سنة، وجلس للتدريس في الحرم، وهناك كان اللقاء مع الإمام أحمد، وأعجب أحمد بعقل هذا الفتي القرشي كما يسميه، يقول أحمد: «ما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله، من هذا الفتى القرشي».
وصار بعد ذلك – لأحمد عناية تامة بمنهج الشافعي في التفقه.
وكثرت الإشارة لذلك في كلامه:
قال أحمد بن حنبل: «قدم علينا نعيم بن حماد فحضّنا على طلب المسند، فلما قدم الشافعي وضعنا على المَحَجَّة البيضاء».
وقال أحمد: «كانت أقفيتنا لأصحاب أبى حنيفة حتى رأينا الشافعي، فكان أفقه الناس في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».
وقال: «لا يستغنى، أو لا يشبع صاحب الحديث من كتب الشافعي».
وقال: «ما كان أصحاب الحديث يعرفون معانى أحاديث رسول الله ﷺ فبينها لهم».
وقال: «كان الفقه قفلًا على أهله حتى فتحه الله بالشافعي».
والحاصل:
أن أحمد أعجبته طريقة الشافعي في النظر والتفقه في النصوص، وبيان ما فيها من عام وخاص، ومطلق ومقيد، ومجمع عليه ومختلف فيه، والناسخ والمنسوخ، وبيان الأوامر والنواهي وغير ذلك من القضايا المنهجية التي قررها الشافعي وشرحها في كتبه ودروسه... فسلك أحمد طريقته في التفقه، ومشى عليها.
وإن لم يوافقه في النتائج دائما، فإن أحمد من كبار الفقهاء وله نظر وترجيح وفهم خاص.
رحم الله الشافعي، وأحمد، وسائر الأئمة النجباء، الكرام الفضلاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين