بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
العلاء بن زياد من أقران الحسن البصري، قال الذهبي عنه: «القدوة... كان ربانيا، تقيا، قانتا لله، بكاء من خشية الله».
تجهز رجلٌ من أهل الشام وهو يريد الحج، فنام فأتاه آت في منامه، فقال له: ائت العراق، ثم ائت البصرة، ثم ائت بني عدي، فأت بها العلاء بن زياد؛ فإنه رجل أفصم الثنية بسام، فبشره بالجنة.
قال: فقال: رؤيا ليست بشيء.
قال: حتى إذا كانت الليلة الثانية رقد، فأتاه آت فقال له: ألا تأتي العراق ثم تأتي البصرة.. فذكر مثل ذلك، حتى إذا كانت الليلة الثالثة جاءه بوعيد، فقال: ألا تأتي العراق، ثم تأتي البصرة، ثم تأتي بني عدي فتلقى العلاء بن زياد، رجل ربعة، أفصم الشفة، بسام، فبشره بالجنة.
قال: فأصبح وأخذ جهازه إلى العراق... فأتى بني عدي فدخل دار العلاء بن زياد فوقف الرجل على باب العلاء فسلم.
قال هشام: فخرجت إليه، فقال لي: أنت العلاء بن زياد؟ قال: قلت: لا. وقلت: انزل رحمك الله، فضع رحلك، وضع متاعك.
قال: لا، أين العلاء بن زياد؟ قال: قلت: هو في المسجد.
قال: وكان العلاء يجلس في المسجد يدعو بدعوات ويتحدث.
قال هشام: فأتيت العلاء فخفف من حديثه وصلى ركعتين ثم جاء، فلما رآه العلاء تبسم فبدت ثنيته، فقال: هذا والله صاحبي.
قال: فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل، ألا أنزلته؟ قال: قد قلت له فأبى.
فقال العلاء: انزل رحمك الله.
قال: فقال: أخلني.
قال: فدخل العلاء منزله، وقال: يا أسماء تحولي إلى البيت الآخر فتحولت، ودخل الرجل فبشره برؤياه، ثم خرج فركب.
قال: وقام العلاء فأغلق بابه فبكى ثلاثة أيام -أو قال: سبعة أيام- لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا، ولا يفتح بابه، قال هشام: فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا أنا.
قال: فكنا نهابه أن نفتح بابه، وخشيت أن يموت فأتيت الحسن -رحمه الله- فذكرت ذلك له، قلت: لا أراه إلا ميتا لا يأكل ولا يشرب، باكيا، فجاء الحسن حتى ضرب عليه وقال: افتح يا أخي، فلما سمع كلام الحسن قام ففتح، وبه من الضر شيء الله به عليم، فكلمه الحسن، ثم قال: رحمك الله ومن أهل الجنة إن شاء الله، أفقاتل نفسك أنت؟!
قال هشام: حدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا، وقال: لا تخبروا بها ما كنت حيًا.
الزهد لأحمد (ص 429)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين