معنى اشتمال الصماء وحكمه

162
2 دقائق
13 ذو الحجة 1446 (10-06-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

ما هو *اشتمال الصمّاء*؟ ولماذا نهى عنه النبي ؟

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ مِنْهُ: يَعْنِي شَيْءٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ: نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ فِي إزَارِهِ إذَا مَا صَلَّى إلَّا أَنْ يُخَالِفَ بِطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيه.

فما هذه *الصمّاء*؟ ولِمَ النهي؟

وهل يدخل فيها ما تفعله بعض النساء في صلاتهن من لفّ الشال أو الرداء؟

بدايةً دعونا نقترب من المعنى كما اقترب منه السلف بعيدًا عن التكلف، وبمنأى عن الاصطناع.

أولًا: الصورة التي نهى عنها النبي :

فلتتخيل رجلًا يأخذ ثوبًا واحدًا من قطعة قماش، ثم يلفّه على بدنه لفًا كاملًا، لا فتحة فيه ولا موضع لإخراج اليدين. كأنّ الثوب *صمّاء*، أي مغلقة من كل جانب، لا يدخل منها هواء، ولا تخرج منها يد.

فإذا أراد هذا المتلفف أن يسجد لله، وضع يديه على الأرض –كما يفعل كل مصلٍّ– احتاج أن يرفع طرف ثوبه، لأن يديه لا سبيل لهما للخروج إلا بكشف شيء من الرداء.

وهنا تأتي العلة:

فإذا رفع طرف الرداء، انكشف من جسده ما أمر الله بستره!

وقد يكون ذلك هو العورة أو ما دونها، ولكن في كل الأحوال كان في صنيعه ما يخالف هيبة الصلاة، ويعرضه لكشف ما ينبغي إخفاؤه.

هل النهي خاص بالرجال؟

الأصل أن هذا النهي ورد في الرجال، لأنهم في زمن النبي لم يكن لديهم وفرة من الثياب. فكانوا يأخذون الرداء الواحد فيكتفون به، ويلفونه على أجسادهم سترًا.

أما النساء فإن حالهن مختلف، فثيابهن أوسع وأكثر، ومهيأة لسترٍ أدق.

ومع ذلك، فإن العلة باقية:

فكل لباس يمنع المصلي من أداء الأركان إلا بكشف ما لا يجوز كشفه، فهو داخل في النهي.

ولذلك قال العلماء: العبرة ليست بالشكل الظاهري، بل بالحال.

وهل يدخل في ذلك ما تفعله بعض النساء من لفّ الشال أو الشرشف؟

الجواب: لا، ما لم يكن ذلك اللف يمنع من وضع اليدين على الأرض إلا بكشف جزء من الجسد.

فإذا كانت المرأة تلف الشرشف، ومع ذلك تستطيع أن تضع كفها على الأرض عند السجود دون حاجة لرفعه وكشف ما تحت، فليست داخلة في النهي.

لكن إن حصل من هذا اللفّ ما يحصل من *اشتمال الصمّاء*، فالحكم واحد، لا فرق.

وإن هذا الدين ما نهى عن شيء عبثًا، فالنهي هنا مرتبط بخشوع الصلاة وستر العورة، وعدم التشبه بأحوال التفاخر أو الزينة الفارغة.

ومن لُفّ برداءٍ كأنه شرنقة، فعاقه ذلك عن السجود أو أوقعه في كشف ما لا يجوز، فقد خالف الحكمة التي شُرعت من أجلها الصلاة نفسها.

فصنْ نفسك واهتمّ بصلاتك فهي أول ما تُسأل عنه، وقد قال : "صلوا كما رأيتموني أصلي".

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق