بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها فإنَّ أُمَّتي سيبلُغُ مُلْكُها ما زوَى لي منها وأُعطِيتُ الكَنزَيْنِ: الأحمرَ والأبيضَ فإنِّي سأَلْتُ ربِّي لِأُمَّتي ألَّا يُهلِكَها بسَنةٍ عامَّةٍ وألَّا يُسلِّطَ عليهم عدوًّا مِن سوى أنفسِهم فيَستبيحَ بَيْضَتَهم فإنَّ ربِّي قال: يا مُحمَّدُ إنِّي إذا قضَيْتُ قضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ وإنِّي أُعطيكَ لِأُمَّتِكَ ألَّا أُهلِكَهم بسَنةٍ عامَّةٍ وألَّا أُسلِّطَ عليهم عدوًّا مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بَيْضَتَهم ولوِ اجتَمَع عليهم مِن أقطارِها أو قال: مَنْ بَيْنَ أقطارِها حتَّى يكونَ بعضُهم يُهلِكُ بعضًا ويَسبي بعضُهم بعضًا".
قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّما أخافُ على أُمَّتي مِن الأئمَّةِ المُضلِّينَ وإذا وُضِع السَّيفُ في أُمَّتي لَمْ يُرفَعْ عنها إلى يومِ القيامةِ ولا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يلحَقَ قبائلُ مِن أُمَّتي بالمُشرِكينَ وحتَّى تُعبَدَ الأوثانُ وإنَّه سيكونُ في أُمَّتي ثلاثونَ كذَّابونَ كلُّهم يزعُمُ أنَّه نَبيٌّ، وإنِّي خاتَمُ النَّبيِّينَ لا نَبيَّ بعدي ولا تزال طائفةٌ مِن أُمَّتي على الحقِّ ظاهرينَ لا يضُرُّهم مَن يخذُلُهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ".
خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه الراوي: ثوبان المحدث: ابن حبان المصدر: صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم: 7238 التخريج أخرجه مسلم (2889)، وأبو داود (4252)، والترمذي (2176).
فَجْـرُ النَّفـيــرِ يجنِّدُ الأبرارا | ويعيدُ في قيمِ الجهادِ قـرارَا | |
فَمَـن ارتضى ذلَّ الحياةِ لطغمةٍ | ملعونةٍ فلقد هــوى خـوَّارَا | |
للسيفِ بيئتُـه التي لايُـرتَضى | فيها سواه ولــم يزل بتَّـارَا | |
هيهات أن ترضى المهانــةَ شامُنا | أو تقبلَ الإذعانَ والأخطارَا | |
في نصفِ قــرنٍ مارأتْ يوما به | نــورَ الصباحِ يلفُّها معطارَا | |
زلزالُ حقدِ المجرمين أذاقها | وَيْــلا ألا فاستقـرئِ الآثــارَا | |
فالظالمون المجرمون وقد بغوا | ساموا الشآمَ مـذلَّةً و شنارَا | |
لكنَّه الشَّعبُ الأبيُّ استنفرتْ | فيه القبائلُ للفـدا ثُــوَّارَا | |
قـد هـزَّهــا الإيمانُ باللهِ الــذي | نصرَ الحنيفَ وأيَّــدَ الأبرارَا | |
سفهاءُ مَن حملوا السلاحَ بوجهِ مَن | قد قاتلوا الطاغوتَ والأشرارَا | |
ليعودَ للشامِ الحبيبةِ عــزُهـا | ويزولَ عهدٌ لــم يـزل سمسارا (1) | |
باعَ البلادَ وأمعنتْ قُـوَّاتُه | قتلا بشعبٍ يرفضُ الفجَّــارَا | |
فطـوتْهُ من قَدَرِ المهيمنِ ساعةٌ | فيها امتطى ظهرَ الهوانِ فِــرارَا | |
والشَّرُّ يأبى أن ينامَ بأنفُسٍ | الخبثُ فيهـا لــم يزل فـوَّارَا | |
والبغيُ والأضغانُ في أعماقها | قد ساقتا فيها الهـوى غــدَّارَا | |
عاشوا بأرضِ الشامِ في خيرٍ وفي | أمنٍ ونالوا خيرَها المحبارَا | |
وتَـنَعَّـمـوا فيها وليس ينالُهم | ذاك الأذى واستسهلوا الإنكارَا | |
وتجنَّدوا باسم العدوِّ لحربهـا | بصفاقــةٍ واستكبروا استكبارَا (2) | |
أين المودةُ في رحاب شآمِنا | كانت لكلِّ الساكنين شعارَا | |
دعوى امتطاء الطائفيةِ مركبا | أضحى لدى بعض النفوسِ مُثــارَا | |
خسئتْ نفوسُ الخائنين بلادَهم | أمسى بناءُ فسادِهـم منهــارَا | |
فَجْـرُ النَّـفـيرِ يجدِّدُ الروحَ التي | لم تخشَ سجنَ الخبِّ والـجـزَّارَا | |
أو ترتعدْ من مجرمٍ سلَّ الأذى | وأتــى به في شامنا إعصارَا | |
وأذاق بالأهوالِ شعبا آمنا | سوءَ العذابِ ولـم يَجِــدْ أعــذارَا ! | |
فهو اللئيـمُ ولم يَـجِـمْ عن شرِّه | حين استباحَ رحابَه استكبارَا | |
فالشَّعبُ جنَّده الدمُ الفوَّارُ في | صدرِ الإبا فأزالَ عنه العــارَا | |
فجرٌ تبسَّمَ بالهدى فتلألأتْ | منه المغاني إذْ بهنَّ أنارَا | |
وَبَدتْ به الأنوارُ سلسلُها أتــى | شامَ الوفاءِ فأبهرَ الأبصارَا | |
من بشرياتِ نَـبِـيِّـنـا هذا السَّنا | أسبى العقولَ وأبهجَ الأبرارَا | |
وبه من القيمِ الرفيعةِ مـوردٌ | للنَّـاهلين ولم يـزلْ مــدرارَا | |
وبـدا بِحُلَّتِـه الشَّعبُ الأبيُّ بعزَّةٍ | تُــزجي لأعداءِ الحنيفِ تبــارَا | |
وهي الكتائبُ والقبائلُ أقبلتْ | ترمي الفلولَ وتدحضُ الفُجَّـارَا | |
يبقى الجهـادُ سنامَ دينٍ لم يزل | يحمي الحقوقَ ويكرمُ الأمصـارَا | |
في كلِّ آنٍ يغتدي فرسانُــه | للخيرِ يمــلأُ فضلًه الأسفارَا | |
مضمارُهم هذا الإخاءُ بأُمَّــةٍ | قــد فاضَ في أرجائه زخَّــارَا | |
ونفـيـرُهم ماكان إلا نجــدةً | صفعتْ تَعَنُّتَ مَن غـوى ختَّـارَا | |
فاليوم يومٌ للبطولة والفــدا | فاستشهدِ الفرسانَ والثُّوَّارَا | |
يحكي فصولَ روايةٍ (بدريَّةٍ ) | يقفُ الزمـانُ لسردِهـا إكبارَا | |
ميلادُ فجــرٍ للنفيرِ ففيلقٌ | فـتـرى لديه الفارسَ المغــوارَا | |
وترى الميامين الأُفاضلَ بايعُـوا | ربَّ السَّماءَ وطلَّقُـوا الأغيارَا | |
خمسون عاما أو تزيدُ: وشــرُّها | ملأ القلوبَ كآبــةً ومــرارَا | |
واستنهض الإسلامُ نخـوةَ شعبِنا | وأثار فيه يقينَـه الهــدَّارَا | |
باللهِ مـولاه الــذي أفنى الــذي | قد عاثَ يطوي المجدَ والآثارَا | |
وأذاقـه مُــرَّ الأذىِ وأذلَّــه | وسقاهُ كأسَ عُـتُـوِّه أكــدارَا | |
وأمــاتـه المــرَّات بينَ صِحـابِه | ليـروا هناك مـآلَـه والنَّـارَا | |
ماكان للطاغوتِ إلا ذلَّــةً | ويُــري جحيمَ مصيرِه النُّظَّـارَا | |
فالدِّينُ باقٍ رغــم أيِّ مضلِّــلٍ | يرمي محاسنَه وليس يُجــارَى | |
يبني نفوسَ المؤمنين على التُّقـى | وعلى الهدى يغشى النُّفـوسَ يَسَــارَا(3) | |
إسلامُنا يُعلي الصُّروحَ فأسفرتْ | رغــم المُخَاتــِلِ بالمـنـى إسفارَا | |
وأعادهـا فجرُ النَّفيرِ بِحُـلَّـةٍ | كالــدَّوحـةِ الفيحــاءِ تعبقُ غـــارَا | |
في وجــهِ ديــنٍ قــد تلألأ وجهُــهُ | بِـهُـدى ( المُكرَّمِ ) فازدهـى أنــوارَا(4) | |
وأتــى الحُبورُ على الشعوبِ فرفرفتْ | ريَّــا المباهــج بالأثيرِ عَــرارَا | |
فلديننـا الفضلُ الجــزيلُ لأُمَّــةٍ | مّــنَــحَ الدروبَ أعــزَّةً أنصارَا | |
يعلو بهم وبهم تُصانُ محامدٌ | والنقصُ عن هذا الشموخِ تــوارَى | |
سلمَتْ أياديكم أزالتْ منكرًا | فلقد أردتم أن يصيرَ فصــارَا | |
فبإذن ربِّ الخًـلْقِ دُمِّــرَ حكمُـهم | وأبادَ عهدا قد طغى وشــرارَا | |
فالحمدُ للـدَّيَّانِ ربِّــي إنَّــه | قـهـرَ الطغاةَ وأيَّـــدَ الأبـرارَا | |
وأثابَهم تاجَ الكرامــةِ حُـلَّةً | نالــوا بهــا الرضوانَ والأوطـارَا | |
سبحانـك اللهم أنتَ رجاؤُنـا | يامَـنْ وهبْتَ المنهــجَ المعطـارَا | |
واخترتَ أمَّتَنــا لتحمــلَ هَــدْيَه | لـلـعالمين مــدى القرون منــارَا | |
سَـدِّدْ خـطى جيلَ الثَّباتِ لـرفعةٍ | وأنـلْـهُ في غــدواتِـه استبشارَا | |
ليقودَهم للخير هـديُك وَلْـيَـثِـبْ | جيلُ الهــدى وإلى العلى يتبـارَى | |
هـاهـم سعوا جلَّت مقاصدُ سعيِهم | ليصونَ طُـهْرُ ندائكَ الأعـمــارَا | |
ما ضيَّعوا الأيامَ في لهـوٍ ولا | دفنُـوا الحِــجَــى أو لـوَّثُـوا الأفكارَا | |
إنَّ الجمـوعَ إذا اهتدتْ كانت يــدًا | تبني لحصن الصَّالحين جِــدارَا | |
ولقد رأتْ صدقَ اليقينِ بربِّها | لمَّــا يَــدَعْ للظالمين خيــارَا | |
فأماتَ مافي نفسِ مَن غلبَ الهوى | أنفاسَه مستسلما خـوَّارَا | |
متشوقا لجـهادِ مَن نالوا بـه | عـزما يبدِّدُ بالهــدى الأوزارَا | |
ولعلَّ أحفادُ الأُلــى عادوا وفي | أحنائهم هـمـمٌ تزيلُ غـبــارَا | |
يتسابقــون إلى الجهـادِ كتائبا | رغم الطغاةِ فُجُورُهم قــد جـارَا | |
خانوا الأمانةَ وارتأوا ما في الأذى | للمسلمين إهـانـةً وخسارَا | |
لكنَّ أمرَ اللهِ عاجلهم فقد | نالوا من الحكم البغيض شـــنارَا | |
هاهم شباب الدعوة الغراءِ قد | ساروا فنعم رؤى الشبابِ مسارَا | |
فكأنَّـني أرى الغــدَ الآتي بهم | حقـلا وريفًـا بالمنى محبارَا | |
تجني ثمارَ ربيعه نصرًا لهم | فالسَّيفُ أضحـى لفدا بتَّــارَا | |
هذا زمانُ القوةِ اعتزَّتْ بهــا | مَن سخَّرتْها للإخــا مضمارَا | |
لاترتضي قهرَ الشعوب ولا ترى | إنْ أُفلِتَتْ في بطشِها استكبارَا | |
خابتْ قوى الطغيان مهما عربدتْ | أو أنشبتْ بعُلُوِّهــا الأظفارَا | |
آتٍ زمانُ شريعة الباري إلى | أرضِ براها ربُّنــا استبصارَا | |
كي يُعبَدَ الرحمنُ في أيامهــا | ولكـي يرى الأبرارَ والكفَّـارَا | |
والوعدُ بالنَّبأ اليقين محـقَّـقٌ | أهلوهُ باتوا دونــه ثُــوَّارَا | |
أحفادُ مَن سادوا البريةَ فانْظُـرَنْ | في كلِّ مقدامٍ فـتـى كـرَّارَا | |
يتلون في سَحَرِ الليالي آيَـهُـم | إذ بارك المولى بهم أسحارَا | |
فلهم بها الأُنـسُ الهنيُّ وغيرُهم | قد نادموا النسوانَ والـدولارَا | |
واللهو والترفيه يغضبُ ربُّهم | إذ فعَّلُـوا الأوزارَ والمـزمــارَا | |
وبغفلةٍ تاهـوا فما يدرون مــا | ذا في المآلِ فأكثــروا إكثــارَا | |
إنْ لــم يتوبوا فالجحيمُ مـآلُـهم | يَصْلَوْنَــا يوم القيامةِ نـارَا | |
والله نسألُ أن يتوبَ عليهمُ | ويُــريهُـمُ دربَ النَّجاةِ جهــارَا | |
هذا النَّفيرُ اليومَ أشهرَ مالَنَــا | بين الشعوبِ مـكانَنـا إشهارَا | |
واستنفرَ القيمَ الأثيرةَ في يَــدَيْ | أجنادَ دينِ مُحَمَّـدِ استنفارَا | |
وأفاضَ في صدرِ الأباةِ أريجُـه | إذْ فَـوَّحَ الوادي به نُــوَّارَا | |
ليهبَّ من ليلِ الــونى عـزمُ الفتى | ورأى بأُفْــقِ جهـادِه استبشارَا | |
كـم فارسٍ ألقى خطاهُ بساحهم | يلقى العدوَّ المجرمَ الغــدّاَرَا | |
فإذا أتــى غمرَ المنيِّةِ سَلَّـه | سيفا بـه يلقى العدوُّ عـثــارَا | |
والعيشُ أضحى للمجاهــدِ دأبَـه | والسَّاح كانت للفـدا مضمــارَا | |
ولقد زوى ربُّ الورى لِنَبِيِّنــا | ورأى انتصارَ المسلمين نـهـــارَا | |
لا لَبْسَ في رؤيا النَّـبِـيِّ وإنَّمـا | هـي في الحقيقةِ تُـثْـبِتُ الأخـبــارَا | |
فالفتحُ آتٍ لامحــالة إنــه | من وحـيِ ربِّــي قاهــرًا جبَّـارَا | |
وسيدخلُ الناسُ الذين استأنسوا | من قبلُ بالأهـواءِ تؤتي النَّــارَا: | |
في دينِ ربِّ الخَلْقِ أفواجا وقد | شهدوا الهــدى فاستبعدوا الإنكارَا | |
وتساقطتْ أصنامُ مَن عبدوا الهوى | واستثمروا شوكَ الهوى استثمـارَا | |
وانهار حكمُ الظالمين شعوبَهم | وهـووا هنالـك يحملـون العــارَا | |
تبقى الشعوبُ أسيرةَ العهدِ الذي | وهبَ الشعوبَ مـذلَّةً و دمــارَا | |
فأتـى منادي الفطرةِ السَّمحاءِ إذْ | آنَ الأوانُ فأبعدَ االفجَّــارَا | |
واستيقظتْ تلك القلوبُ وأيقنتْ | أنَّ النداءَ يفسِّرُ الأسرارَا ! | |
هـذا النَّفيرُ يفتُّ في عضدِ الــذي | عاش الزعامةَ زهوها استكبارَا | |
لـن يُــدركَ المجدَ المؤثَّـلَ شعبُنا | مالـم يـدُسْ صلفَ الطغاةِ جهــارَا | |
لايجعلُ الـدَّيَّانُ أن يرثَ العلى | مستهترٌ باعَ العـدوَّ ديـارَا | |
أو أن يُسلطَ ظالمــا يوما على | أهلِ الجهــادِ ، وقـدَّرَ المقدارَا | |
ليرى الطغاةُ مصيرَهم مهما علوا | واستعبدوا الشعبَ الكريمَ إسارَا | |
هذا النفيرُ وأهلُه فرسانُـه | فاهنأ بــه، واستقـرئ الأخبارَا ! |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
إضاءة:
(1) السمسار: مَنْ يتوسَّط بين جهتين لتسهيل صَفْقة مــا مُقابل جُعْل مــا.
(2) صفاقة: الصَّفَاقَة أو الوقاحة وقلة الحياء ، وهي إظهار قلة الاحترام بعمل شيء أو القول به من خلال عدم الامتثال للمعايير الاجتماعية.
(3) اليَسَـــار: الغِــنَــى.
(4) المُـكرَّم: هـو نبيُّنا الحبيبُ صلى اللهُ عليه وسلم.