إليكم هديتي 8

41
4 دقائق
12 جمادى الأول 1447 (03-11-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إنَّ النَّصيحةَ أيها الكرام: سُنةٌ ثابتةٌ من سنن الأنبياء، وسمةٌ بارزةٌ من سمات الحكماء، وهديةٌ راقيةٌ يتبادلها العقلاء. فوائدها كثيرة، ومنافعها غزيرة؛ والحاجةُ إليها جدُّ كبيرة، ولذا فقد حصرَ النبي الدينَ كلهُ فيها فقال: "الدينُ النصيحة". وجاء فيها الكثيرُ من الأحاديث الصحيحة، كقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ مِرآةُ أخيه". و"لَا يُؤْمِنُ أحدُكم، حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنفسِهِ". و"ما استرعى اللهُ عبدًا رعيةً فلم يُحِطها بنُصحِه إلا حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّة".

ولئن كانَ الجميعُ بحاجةٍ ماسِّةٍ لها، فإن القليلَ من يبذلها. والأقلُ من يُتقنُها. وأقلُ القليلِ من يتقبلُها ويُحسِنُ الاستفادةَ منها.

وبعدُ يا أحبتي *** إليكمُ هديتي

نصائحٌ جمعتها *** وبعضها ابدعتها

وبعضها عدَّلتُها *** لفكرةٍ فضلتها

وحين كثرُ جمعها *** إزدان لي توزيعها

فقسمتها متتبِّعًا *** كلَّ ثلاثينَ معًا

وبلغ عددُ الأقسام *** عشرٌ على التمام

فالله ربي أسأله *** بفضله أن يقبله

وأن تكونَ نافعة *** قارِئها وسامِعَه

والحمدُ والسَّلامُ *** بِدءً واختتامُ

إليكمُ هديتي (الجزءُ الثامن)

211- على قدر تواضعك في الدنيا يكون علوك في الآخرة والعكس بالعكس. تأمَّل: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].

212- اجتهد أن يكونَ ردُكَ على منْ أساءَ إليكَ، أفضلَ ما يُمكنكَ منْ ردٍ حسنٍ. وبإذن الله ستنقلبُ عداوتهُ إلى مودةٍ. تأمَّل: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

213- من أراد أن يصنعَ بإذن اللهِ فارقًا كبيرًا في حجم مُنجزاته، وأن يحقِّقَ قدرًا كبيرًا من أهدافه وغايتهِ. فعليه أن يتعلَّمَ ويتدرَّبَ كيف يُدِيرُ ذاتهُ، وكيف يوظِفُ مواهبهُ وطاقاته، وكيفَ يستثمرُ أوقاتهُ وامكانياتهِ.

214- إِذا نطقَ السفيهُ فلا تُجبْهُ ~ فخيرٌ من إِجابتِه السكوتُ

فإِن كَلَّمْتهُ فَرَّجْتَ عنه ~ وإِن خليتهُ كَمَدًا يموتُ

215- حتى لو اسْتمعْتَ للشائعات. فلا تُساهِمِ في نقلِها أو نشرها أبدًا. ففي محكم التنزيل: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5]، ومن حِكم الفاروقِ رضي الله عنه: (أميتوا الباطلَ بهجره، وأحيوا الحقَّ بذكره).

216- يمكنك أن تُضاعفَ سُرعةَ قراءتك مرتين أو ثلاثاُ، وذلك بأنْ تتدرَّبَ على النظر إلى أكثرَ من كلمةٍ في المرة الواحدة، فالعينُ يمكنها (بكل سهولةٍ) النظرَ إلى عدة كلماتٍ مرةً واحدة.

217- عليك بالرفقة الصالحة، فهي من أقوى أسبابِ الثبات، خصوصًا في زمن الفتن. تأمَّل: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28].

218- (العاقلُ منْ يُعطي كلَّ لحظةٍ منْ لحظاتِ حياتهِ حقَّهَا (من الاستثمار)، فإنْ بغتهُ الموتُ وجدهُ مُستعِدًا. وإنْ مُدَّ لهُ في الأجل إزدادَ خيرًا إلى خير). ابن الجوزي.

219- لا تقدّمْ وعَّدًا أيًّا كانَ، إلا وأنتَ تعَي تمامًا ما يتطلبهُ منك لإتمامه، وتنوي فعلًا أنْ تفي بهِ.

220- خيرُ الناسِ أنفعُهم للناس، وما من أحدٍ أقلُ شأنًا مِنْ أنْ لا يستفيدَ مِنهُ غيرهُ. وما من أحدٍ أكبرُ شأنًا مِنْ أنْ لا يستفيدَ هو مِنْ غيرهِ.

221- إيَّاكَ أنْ تستسلمَ لأيِّ شعورٍ سلبي. قاومهُ بشدَّةٍ وستتغلبُ عليهِ بإذن الله. تأمّل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].

222- (ثلاثٌ لا تطمعُ فيها: لا راحةَ في الدنيا. ولا سلامةَ مِن الناس. ولا نجاةَ من الموت). المغامسي.

223- ركِّزْ أكثر على تفعيل واستثمارِ ما تملِكهُ منْ طاقاتٍ وإمكانياتِ. فهذا أفضلُ منْ التركيزِ على امتلاكِ ما لا تملكه منها.

224- أخلص لأخيك النصيحةَ، وإن رآها قبيحةً. وجانب صُحبةَ الحسود، وإن زعمَ أنه ودود.

225- فكُن رجلًا إن أتو بعدهُ *** يقولون مرَّ وهذا الأثر.

وكُن في طريقك عفَّ الخطى *** شريفَ السَّماعِ كريمَ النَّظر

226- طالما أنَّ عقولنا لا تتوقفُ عن التَّفكير طوالَ الوقتِ. فلم لا نُنظمُ هذا التَّفكيرَ ونركزهُ فيما هو أفضلُ وأعظم.

227- كما أنَّ مِلعقةً من السُّكر كفِيلةٌ بتغيير طعمِ الشَّاي، فإن الكلمةَ الطيبةَ كفيلةٌ بتغيير طعمِ الحياةِ. فلا تبخل بها على الجميع، خصوصًا من تُحبُّ منهم.

228 – لقد صُنعت السفنُ لتخوضَ البحارَ وتُصارعَ الأمواجَ. لا لتقبعَ في المرافئ الوادعةِ. ولقد خُلقتَ لأمرٍ عظيمٍ فانهض وأعمل له.

229- تَسلَّحْ بالإرادةِ كُلَ حينٍ ~ وبالإصرار إنْ رُمتَ المعالي

وكنْ للسبقِ ذا قلبٍ قويٍّ ~ عنيدٍ للشدائد لا يُبالي

230- لا تشتري شيئًا لا تحتاجهُ ولو كانَ ثمنهُ مُغريًا. لأنَّك غالبًا لن تستخدِمه.

231- كلَّما سنحتْ لك الفرْصةَ: حاولْ أنْ تكونَ السببَ في أنْ يبْتسِمَ أحدُهُمْ. فأحبُّ الاعمالِ إلى الله: *سرورٌ تُدخلهُ على مُسلم*.

232- سيطر على غضبك وإلا سيطرَ عليك. وتنبه لنبرة صوتِك، فمعظمُ الخلافِ معَ الآخرين سببُه نبرةُ الصوتِ الحادةِ، والتي بحكم العادةِ قدْ لا ننتبه لها.

233- لا تنهَ عنْ خُلقٍ وتأتي مثلهُ ~ عارٌ عليكَ إِذا فعلتَ عظيمُ

ابدأ بنفسِكَ فانهَها عن غَيِّها ~ فإِذا انتهتْ عنه فأنتَ حكيمُ

234- بقدر الانشغالِ بالأمور التافهة، يكونُ الانصرافُ عن الأمور العظيمةِ. وغيابُ الوعيِ عمَّا هو مُهمٌ، يورِثُ الانشغالَ بغير المهمِ. ويا لها من خسارةٍ كبيرةٍ أن يُسخِّرَ المرءُ مواهبهُ العظيمةَ من أجلِ أهدافٍ تافهةٍ وغير مُهمِّةٍ. وإذا كان بإمكان المرءِ أن يكونَ أفضل، فلمَ لا يفعل؟.

235- تذكر أنَّ الطريقةَ التي تتكلمُ بها أكثرُ تأثيرًا من الكلام نفسهِ. وأنَّ كلماتٍ قليلةٍ من الثناء الصادقِ كفيلةٌ بإسعاد شخصٍ يومًا كاملًا. وأنَّ الرجلَ العظيمَ إنما تظهرُ عظمتهُ في الطريقة التي يُعامِلُ بها غيرهُ.

256- شجِّعْ أبْنائكَ على المشاركةِ في اتِّخاذِ القراراتِ العائليةِ، وحتْمًا سيدّهشونكَ.

257- التغافلُ عن الزلات من أرقى شِيَم الكرام، فكلُّ الناسِ خطاؤون، وفي محكم التنزيل: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].

258- سيظلُ بإمكانك أن تُغيرَ من طباعك وقتما تريد. لكن الأمرَ يتطلبُ منك شيئًا من الجهدِ والمثابرة.

259- إذا تعرضتَ لموقفٍ سيئٍ فقلْ لنفسكَ: لا شيءَ يستحقُ أنْ أتوترَ منْ أجلهِ ولقد تعرَّضَ غيري لأشدِّ من هذا وصبر. والعاقِلُ من اتعظَ بغيره.

260- تعوَّدْ أن تكون دقِيقًا في مواعيدِك، وكنْ في ذلكَ صارمًا معَ نفسكِ ومعَ الآخرينَ. فالناجحون لا يتراجعون. والمتراجعون لا ينجحون.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


أضف تعليق