حلقة 110: إدخال تكبيرة الركوع في تكبيرة الإحرام - حكم من ترك قراءة الفاتحة - جلسة الاستراحة - تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها - حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا - زيارة الأماكن المقدسة للحائض

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

10 / 50 محاضرة

حلقة 110: إدخال تكبيرة الركوع في تكبيرة الإحرام - حكم من ترك قراءة الفاتحة - جلسة الاستراحة - تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها - حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا - زيارة الأماكن المقدسة للحائض

1- ما حكم من وجد الإمام راكعا في الهواء فكبر تكبيرة الإحرام ثم أدخل تكبيرة الركوع فيها، هل تصح صلاته أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: فإن من أدرك الإمام راكعاً تجزؤه التكبيرة الأولى في أصح قولي العلماء؛ لأنها هي الفريضة العظمى, وهي الركن الأعظم ولا تقبل الصلاة إلا بها, أما تكبيرة الركوع قيل بوجوبها وقيل بسنيتها فهي أدنى من التكبيرة الأولى, فإذا ضاق الوقت أجزت التكبيرة الأولى وهو العظمى وهي الركن عن التكبيرة الثانية تكبيرة الركوع، وإن أتى بهما جميعاً فذلك أكمل وأحوط, ثم يركع يكبر الأولى وهو قائم, ثم يكبر منحطاً للركوع وهذا هو الكمال, وإن لم يكبر الثانية واقتصر على الأولى أجزأه ذلك على الصحيح.  
 
2- إذا ترك المأموم الركن الثاني من أركان الصلاة -وأقصد الفاتحة- فهل تبطل صلاته، وكيف نقول في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي ما معناه أن الصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب هي خداج خداج خداج، وفي قوله-صلى الله عليه وسلم-: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ؟
أما الإمام والمنفرد فإن صلاتهما تبطل إذا لم يقرأ بفاتحة الكتاب للحديثين المذكورين, وأما المأموم ففيه خلاف فإن تعمد تركها مع العلم بما جاء في السنة ومع اعتقاده أن معناهما لا معارض له فإن صلاته تبطل في أصح أقوال أهل العلم, أما إن ترك قرأتها لأنه اجتهد ورأى أنها في المنفرد وفي الإمام, أو جهلاً منه بالحكم الشرعي فإن صلاته تكون صحيحة؛ لأنه لم يتعمد فعل ما حرم الله ولا ترك ما أوجب الله بل تركها إما اجتهاداً وإما جهلاً بالحكم الشرعي، فهذا صلاته صحيحة أما من يعلم الحكم الشرعي ويعتقد أنها تجب عليه ثم تركها عمداً فهذا تبطل صلاته؛ لأنه خالف اعتقاده وخالف ما يعلم أنه حق، ولا شك أن قراءتها مهمة جدا, واختلف العلماء في وجوبها والأرجح أنها تجب على المأموم لعموم الأحاديث في ذلك, فلا ينبغي له ترك بل الواجب عليه أن يقرأها لكن لو تركها نسياناً أو جهلاً أو لم يدرك القيام جاء والإمام راكع فإن صلاته صحيحة والركعة تجزؤه ولا يلزمه قضاء الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم، لكن لا تختلف الصلاة الجهرية عن السرية؟ لا مطلقاً سواءً جهرية أو سرية, والحجة في هذا ما رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي بكرة الثقفي أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو راكع فركع معه ولم يقرأ الفاتحة بل فاته القيام فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف ودخل به فركع في دون الصف ثم دخل الصف والإمام راكع، المقصود أنه جاء والإمام راكع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فدخل فيه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (زادك الله حرصا ولا تعد)، ولم يؤمر بقضاء الركعة، فدل ذلك على أن من أدرك الإمام راكعاً أجزأته الركعة وسقطت عنه قراءة الفاتحة؛ لأنه معذور بفوات القيام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو نسي الفاتحة وهو مع الإمام يتحملها عنه الإمام.  
 
3- قرأت في كتاب أن النبي-صلى الله عليه وسلم - في صفة صلاته أنه يجلس جلسة استراحة بعد نهوضه من السجود وقبل القيام، فكيف تكون هذه الجلسة؛ لأنها فيما أتصور لو كانت شبيهه بجلوسه بين السجدتين لسبح المأمومون؟
هذه الجلسة تسمى عند الفقهاء جلسة الاستراحة وهي جلسة خفيفة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها بعد الركعة الأولى وقبل قيامه للثانية, وهكذا بعد الثالثة قبل قيامه للرابعة، و روى عنه مالك بن الحويرث في البخاري, وروى عنه أيضاً أبو حميد الساعدي, والحديثان صحيحان وهما دالان على أنها سنة, وقد جاء في حديث أبي حميد الساعدي أنه يجلس مثل جلسته فيما بين السجدتين هذا هو الأفضل فيها, وهي جلسة خفيفة ليس فيها ذكر وليس فيها دعاء، وإذا كان ذلك معلوماً من النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الصحابة لا يسبحون مثله، لأنهم يعلمون أنه يفعل ذلك فلا يقال إنها لو كان يفعلها مثل الجلوس بين السجدتين لسبح به ما دام أنه يفعل ذلك وهم يعلمون أنه يفعل ذلك فإنهم لا ينبهون لعلمهم أن هذا شيء يفعله-عليه الصلاة والسلام-ويعتاده والحاصل أنها سنة وليست واجبة هذا هو الصحيح, وقال بعض أهل العلم أنها سنة في حق العاجز كالمريض, والشيخ الكبير, والثقيل من أجل السمنة ونحو ذلك والأرجح أنها سنة مطلقا, وإذا تركها بعض الأحيان فلا بأس. ولكن الهيئة هيئة الجلوس هذا هو الأفضل نعم، وهذا هو الثابت في حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -.  
 
4- ما حكم من أخر صلاة الفريضة حتى يخرج وقتها، وأيضاً داوم على هذا العمل؟
هذا منكر حرام عليه لا يجوز له ذلك, بل الواجب أن يصلي الصلاة في وقتها هذا هو الواجب كما قال الله-سبحانه-: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً(النساء: من الآية103)، فهي موقوتة على المؤمنين يعني مفروضة في أوقاتها, فالواجب على المؤمن أن يصليها في وقتها وليس له تأخيرها إلى بعد الوقت لا الرجل ولا المرأة يجب عليهما جميعاً أن يفعلا الصلاة في وقتها، فالظهر في وقتها, والعصر في وقتها, والمغرب في وقتها, والعشاء في وقتها, والفجر في وقتها، وليس لأحد أن يؤخر الفجر إلى بعد طلوع الشمس, وليس لأحد أن يؤخر المغرب إلى غروب الشفق, وهكذا ليس له أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر, ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس كل هذا لا يجوز، و على من فعل هذا التوبة إلى الله والرجوع إليه-سبحانه وتعالى-, وقد قال بعض أهل العلم أنه يكفر بذلك ذهب بعض أهل العلم إلا أنه يكفر بذلك لأنه أخرجها عن وقتها الشرعي، فالحاصل أن هذا منكر عظيم يجب الحذر منه، وأن يجتهد المؤمن والمؤمنة في فعل الصلاة في وقتها بكل عناية هذا هو الواجب.  
 
5- إذا صلى المسلم بثوب أو قميص نجس ناسياً فما حكم صلاته هذه من حيث الإعادة وعدمها؟.
إذا صلى المسلم في ثوب فيه نجاسة سواء كان الثوب سراويل, أو قميص, أو إزار, أو كان فنيلة, أو غير ذلك ولم يذكر إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، وهكذا لو صلى في ثوب نجس ثم لم يعلم بذلك إلا بعد الصلاة فإن جهله عذر كالنسيان, فإذا صلى في ثوب نجس أو ناسياً جاهلاً حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم -صلى ذات في نعل فيها قذر فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ولم يعيد ..... الصلاة بل استمر في صلاته فدل ذلك أن أولها صحيح, فهكذا إذا لم يعلم إلا بعد فراغه منها صلاته صحيحة، لهذا الحديث، حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في نعليه وفيهما قذر فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ثم استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح بسبب الجهل, فهكذا الناسي وهكذا من فرغ منها وكملها ناسياً أو جاهلاً بالنجاسة التي في ثوبه, أو نعله فإن صلاته صحيحة؛ لكن لو ذكر في أثناء الصلاة فخلع أجزأته الصلاة أيضاً كما خلع النبي نعليه واستمر في صلاته، فلو كان في بشته نجاسة, أو في غترته نجاسة, أو في إزاره نجاسة فخلعه وعليه ثوب يستر عورته يعني قميص يستر عورته فخلع إزاره الذي فيه نجاسة, أو سراويله في الحال أجزأته صلاته، لكن إذا كان عالما بالنجاسة قبل الصلاة وكان هذا تفريط منه، ثم نسي، ولو إذا كان عالماً ثم نسي صحت صلاته، أما لو تعمد الصلاة بطلت صلاته.  
 
6- هل يجوز زيارة الأماكن المقدسة للفتاة الحائض؟
إذا كان قصدها المساجد فلا يجوز، في هذه الحالة لا تدخل المسجد، النبي-عليه الصلاة والسلام-قال:( إن لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)، فلا تزورها لقراءة القرآن فيها أو الجلوس فيها لا، لكن لو مرت بالمسجد لحاجة مرور عبور لتأخذ منه حاجة مصلى, أو كتاب, أو لتنبه أحداً في المسجد نائم تدعوه أو ما أشبه ذلك لا بأس؛ لأن الله قال: إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ(النساء: من الآية43)، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة وهي حائض أن تناوله الحضرة من المسجد والحضرة حصير في المسجد أمر أن تناوله إياها قالت له عائشة: يا رسول الله! إني حائض، قال: (إن حيضتك ليست بيدك)، فأمرها أن تأتي بالحضرة من المسجد وهي حائض؛ لأنه مرور عبور فلا حرج في ذلك إن شاء الله, أما إن كانت تقصد أماكن أخرى غير المساجد فلا بد من بيانها ما هي الأماكن المقدسة المقابر لا تزورها المرأة، المرأة لا تزور القبور، الرسول لعن زائرات القبور ولا يقال فيها مقدسة، ولا أعلم شيئاً غير المساجد تمنع منه، إنما الممنوع المساجد أما أي مكان تزوره المرأة في حاجة فلا بأس ولا يقال فيه مقدس إلا بدليل، فالمساجد مقدسة منزهة عن النجاسات فيقال لها مقدسة من هذا المعنى أما بيوت الناس, أو المقابر فلا يقال لها مقدسة. 
 
7- بعض الإخوة من الذين يفدون على المملكة يقولون: إن جميع ما في المدينة من المزارات أو في مكة يقولون إنها أماكن مقدسة، وأيضاً يزورون مثلا غار حراء، وغار ثور، وجبل الرحمة، ويقولون إنها أماكن مقدسة؟
لا هذا غلط، لا يسميها مقدس هذا غلط ولا يقال في غار ثور, ولا في حراء, ولا في مولد فلان أنه مكان مقدس؛ لأن الرسول ما قدسه - صلى الله عليه وسلم -لما أنزل الله عليه النبوة لم يزر حراء بعد ذلك, ولم يصلي في حراء بعد ذلك, ولم يدع إلى زيارته, ولا زاره الصحابة, فدل ذلك على أنه غير مقدس ولا يزار, هكذا غار ثور، ما زاره بعد ذلك ولا زاره الصحابة, فدل على أنه غير مقدس ولا يزار ولا يستحب أن يزار، كذلك في المدينة إنما يزار مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلى فيه, وهكذا مسجد قباء يصلى فيه, وهكذا البقيع يزار الموتى للسلام عليهم للرجال خاصة، وهكذا شهداء أحد يستحب أن يزاروا للسلام عليهم، والدعاء لهم من الرجال، لكن ما يقال للأماكن أنها مقدسة لأن هذا لا دليل عليه, ولكن تزار للدعاء لأهلها والترحم عليهم, وأخذ العبرة والذكرى, فالقبور فيها عظة وذكرى, فالمسلم يزورها للسلام عليهم والدعاء لهم, والتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبأصحابه في ذلك, ولكن لا يزورها ليدعوا عندها أو يصلي عندها لا، هذا منكر، ولا يزروها أيضاً ليقرأ عندها هذا غير مشروع ولكن يزروها للسلام عليهم وللدعاء لهم كالبقيع في المدينة, وشهداء أحد في المدينة, والمعلى في مكة, وسائر القبور في كل بلد، يزروها المسلم للسلام عليهم والدعاء لهم لكن لم يشد الرحال، لا تشد إليها الرحال إنما يزورها إذا كان في بلدها، هذا هو المشروع، والنساء لا يزرن القبور لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة, وصبرهن قليل فمن حكمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور وحرم عليهن ذلك. وليس في المدينة أشياء تزار غير ما عرفت، أما الأعبار والجبال ومساجد الأخرى فلا تشرع زيارتها ولا تكون زيارتها عبادة إنما الذي يزار في المدينة أربعة أشياء: مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة فيه، والقراءة والدعاء، مسجد قباء للصلاة فيه فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، البقيع قبور البقيع للسلام عليهم والدعاء لهم، شهداء أحد للدعاء لهم والسلام عليهم، وهكذا بقية القبور في أي مكان تزار من دون شد الرحل للذكرى والعظة, أما الموالد فلا تزار, وليست مقدسة, والمولد محل المولد فلان, أو فلان النبي - صلى الله عليه وسلم - أو علي, أو غير ذلك لا يشرع زيارتها ولا موالد غيرهم من الناس يعني أي مولد لا تشرع زيارة محله لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا علي, ولا العباس, ولا فاطمة, ولا غيرهم؛ لأن هذا ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -, ولا أصحابه, فدل ذلك على أنه بدعة, والنبي-عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فعلى المسلم أن يتحرى الشرع ويأخذ به ويدع ما خالف ذلك في أي مكان هذا هو طريق النجاة وهذا هو سبيل السعادة وهذا هو الذي قاله أهل العلم وأهل البصيرة.. أيها السادة إلى هنا إلى نهاية لقائنا هذا  

651 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply