حلقة 306: ما صحة ما جاء في كتاب ضياء الصالحين - من قرأ الإنجيل هل يخرج من الإسلام - امرأة تقول أنها تسرح بروحها كل خميس - الاحتفال بالمولد النبوي - المرأة إذا تزوجت برجلين فلمن تكون في الآخرة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

6 / 48 محاضرة

حلقة 306: ما صحة ما جاء في كتاب ضياء الصالحين - من قرأ الإنجيل هل يخرج من الإسلام - امرأة تقول أنها تسرح بروحها كل خميس - الاحتفال بالمولد النبوي - المرأة إذا تزوجت برجلين فلمن تكون في الآخرة

1- يقول الحق - تبارك وتعالى - : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا [الكهف[الكهف:107)(108)]. ويقول - سبحانه وتعالى - :أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:19] إلى غير ذلك من الآيات التي توضح ثواب الذين آمنوا عملوا الصالحات، والتي وردت في القرآن الكريم، وقد سمعت حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه: (لن يدخل أحدٌ عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته). والسؤال: كيف نوفق بين مفهوم الحديث الشريف وبين مفهوم الآيات الكريمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فليس بحمد الله بين الآيات وبين الأحاديث اختلاف، فالله -جل وعلا- بين أن أسباب دخولهم الجنة أعمالهم الصالحة؛ كما قال- عز وجل -: ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [(32) سورة النحل]. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [(107) سورة الكهف]. والآيات في هذا المعنى كثيرة تبين أن الأعمال الصالحة هي أسباب دخول الجنة، كما أن الأعمال الخبيثة هي أسباب دخول النار، والحديث يبين أن دخولهم الجنة ليس بمجرد العمل، بل لا بد من عفو الله ورحمته - سبحانه وتعالى - فهم دخولها بأسباب أعمالهم، ولكن الذي أوجب ذلك رحمته - سبحانه وتعالى – وعفوه ومغفرته، ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده لا يدخلن الجنة أحدكم بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل). فالباء هنا باء العوض هي ليست عوض العمل، ولكنه مجرد رحمة الله وعفوه - سبحانه وتعالى - حصل بذلك قبول العمل، ودخول الجنة والنجاة من النار، فهو الذي تفضل بالقوة على العمل، ويسر العمل وأعان عليه، فكل خير منه - سبحانه وتعالى -، ثم تفضل بإدخال العبد الجنة وإنجائه من النار بأسباب أعماله الصالحة، فالمعوّل على عفوه ورحمته لا عمل العبد، فعمل العبد لو شاء الله -جل وعلا- لما كان هذا العمل، ولا ما وفق له، فهو الذي وفق له وهدى له - سبحانه وتعالى - فله الشكر وله الحمد -جل وعلا-، فدخولهم الجنة برحمته وفضله ومغفرته لا بمجرد أعمالهم، بل أعمالهم أسباب والذي يسرها وأوجب دخول الجنة ومنَّ بذلك هو الله - سبحانه وتعالى- . جزاكم الله خيراً 
 
2- لدي كتاب يسمى ضياء الصالحين فيه جميع الصلوات والتسابيح، والأدعية إلى آخره، لجميع الأيام والشهور، ولكل يوم توجد صلاة اليوم والليلة، وأنا أصليها جميعها دون استثناء، فهل ما جاء في هذا الكتاب صحيح؟ وهل صلاتي صحيحة؟
هذا الكتاب لم نقف عليه، ولا نعرف ما اشتمل عليه من الأحاديث الصحيحة وغيرها، ولكن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضحت ما ينبغي أن يعمله المؤمن في ليله ونهاره، فقد صحت عن رسول الله الأحاديث بما كان يعمل -عليه الصلاة والسلام- وبما أمر الله به العباد وشرعه لهم، فمن ذلك سنة الضحى كان - صلى الله عليه وسلم - يوصي الكثير من أصحابه بسنة الضحى، فهي سنة مؤكدة، وربما صلاها، وربما تركها -عليه الصلاة والسلام-، وقد صلاها يوم الفتح ثمان ركعات، قالت عائشة - رضي الله عنه - كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء. وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا الدرداء بالضحى. وقال عليه الصلاة والسلام لما ذكر الصدقة عن السلاميات، وأن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تحميده صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، إلى آخر الحديث وقال: ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى. فصلاة الضحى مؤكدة، وفيها خير عظيم وأقلها ركعتان، فإذا صلى أربعاً أو ستاً أو ثمان أو أكثر من ذلك فكله خير. كذلك ما بعد الظهر كله محل صلاة وله يستحب أنه يصلي قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً، وهذا عام للرجال والنساء جميعاً. والراتبة أربعاً من الظهر وثنتان بعدها كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال عليه الصلاة والسلام: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرم الله على النار). فإذا صلى أربعاً بعدها أو أربعاً قبلها فهذا فيه خير وفيه فضل. كذلك العصر يقول عليه الصلاة والسلام: (رحم الله امرئ صلى أربعاً قبل العصر). والصلاة أربعاً قبل العصر فيها فضل أيضاً. كذلك بين كل أذانين يصلي ركعتين (بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة، ثم قال: لمن شاء). لئلا يظن أنها واجبة، فيستحب أن يصلي بين الأذانين ما تيسر، وكذلك بعد المغرب ركعتان يسن أن يصلي بعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين راتبة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحافظ عليها ثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء، وإذا صلى زيادة على ذلك بين المغرب والعشاء فكله خير، لو صلى مائة ركعة كله خير الحمد لله، وهكذا بعد العشاء كان يتهجد -عليه الصلاة والسلام- ربما أوتر من أوله، ربما أوتر من وسطه، ربما أوتر من أخره، واستقر وتره - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته في السحر، يعني في آخر الليل، وهو أفضل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من خاف أن لا يقوم من الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل مشهود لها وذلك أفضل). فكله محل تهجد ومحل عبادة. وكان -عليه الصلاة والسلام- يصلي في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل بعد العشاء، والغالب في آخر الليل إحدى عشر ركعة، يسلم من كل ثنتين -عليه الصلاة والسلام- ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاثة عشر ركعة، وربما أوتر بأقل من ذلك كالسبع والخمس، فالمؤمن مخير وكهذا المؤمنة إن صلت واحدة أجزأت بالوتر بعد العشاء وإن صلى ثلاثاً فهو أفضل، وإن صلى خمساً فهو أفضل، وهكذا.. هذه الصلوات المشروعة في الليل والنهار من النافلة غير الفريضة، فأنت أيتها الأخت في الله سمعت الآن ما جاءت به السنة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في الصلوات النوافل، فإذا كنت تصلي مثل هذه الصلوات فهذا خير عظيم. أما الفريضة معلومة الظهر أربع والعصر أربع والمغرب ثلاث والعشاء أربع والفجر اثنتان سوى السنن الراتبة، هذه صلاة الفريضة. أما القراءة فيستحب لك أن تقرأ القرآن كثيراً، مع التدبر ومع التعقل، يقول الله -جل وعلا-: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [(9) سورة الإسراء]. ويقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [(29) سورة ص]. ويستحب لك الإكثار من القراءة بالتدبر والتعقل في الآيات التي تقرئينها لأن فيه ذكر الجنة، وذكر النار، وبيان أعمال الجنة وأعمال النار، وفيها صفات المتقين وصفات الكافرين، وصفات المنافقين. فالمؤمن يتدبر وهكذا المؤمنة فيعمل بصفات الأبرار والأخيار ويبتعد عن صفات الأشرار والمنافقين، ويتذكر الجنة ويشتاق إليها، ويعمل لها، وإذا سمع النار تعوذ بالله منها وابتعد عن أعمال أهلها. وإذا ختمت كل ثلاث أو كل سبع فهذا طيب أو كل عشر أو كل خمسة عشر أو كل شهر كله طيب. وينبغي أيضاً الإكثار من ذكر الله والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأوقات، والإكثار من ذكر الله - سبحانه وتعالى - :"سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير". يستحب الإكثار من هذا الذكر كما كان النبي يفعل -عليه الصلاة والسلام-، والله يقول -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [سورة الأحزاب(41) (42)]. ويقول -جل وعلا- في كتابه العظيم: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(10) سورة الجمعة]. ويقول الله لما عدد صفات المؤمنين قال: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [(35) سورة الأحزاب]. ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (سبق المفردون، قيل: يا رسول الله ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات). فالذكر لله أمره عظيم، وفضله كبير. وهكذا الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، الله يقول -جل وعلا-: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [(56) سورة الأحزاب]. ويقول عليه الصلاة والسلام: (من صلَّى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً). وجاءه جبرائيل بشره أنه من صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ومن سلم عليه واحدة سلم الله عليه بها عشراً، فهذا خير عظيم -صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان-. هذا شيء مما جاء في الكتاب والسنة في فضل الذكر وفضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة والنافلة في الليل والنهار. نسأل الله أن يوفقنا وإياكِ وسائر المسلمين لما فيه الخير والصلاح والسعادة في العاجل والآجل. جزاكم الله خير.  
 
3- لي جارة مسيحية، وذات يوم دفعني الفضول، وحب الاستطلاع على ما جاء في الإنجيل، فاستعرت الكتاب للتعرّف على ما جاء فيه من الخطأ، وقرأت الكتاب وأعدته إلى صاحبته دون علم أهلي بذلك، ولكن منذ قراءتي الإنجيل وإلى حد الآن لم أذق معنى الراحة، وأتساءل مع نفسي هل قرأت عبارة أخرجتني من إسلامي؟ وإذا قرأت هل بهذه البساطة أصبحت على دين المسيح؟ وهل، وهل؟ أسئلة كثيرة تراودني منذ قراءة الإنجيل أرجو أن تتفضلوا بتوجيهي لو تكرمتم؟
ليس عليك حرج في ذلك، والحمد لله، إسلامك على حاله، ولم يتأثر بهذه القراءة، ولكن المشروع للمؤمن أن يستغني بكتاب الله عن التوراة والإنجيل. هذا كتابانا كانا كتابين عظيمين منزلين من عند الله - عز وجل - ولكن حرفهم اليهود والنصارى وغيروا وبدلوا، فهم الآن لا يؤمنان من التحريف والتبديل، وفيهما من التحريف والتبديل مالا يحصيه إلا الله - عز وجل -، فينبغي للمؤمن أن لا يقرأهما، وأن لا يشتغل بهما إلا من كان عنده علم وبصيرة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعنده علم بما غيره اليهود والنصارى وحرفوه، فيطالع في التوراة أو في الإنجيل للرد عليهم، وبيان أباطيلهم وضلالاتهم، فهذا له ذلك عند أهل العلم للحاجة والضرورة للرد عليهم وبيان أباطيلهم. أما عامة المسلمين وعامة طلبة العلم فليس لهم حاجة في ذلك، فلا ينبغي لهم الاشتغال بهذين الكتابين ولا مراجعتهما ولا قراءتهما، وأنتِ بحمد لله ما دمت لم تتأثري بذلك وإنما قرأتيه ثم أعدتيه إلى صاحبته فليس عليك شيء إنما يضرك لو فعلت شيئاً مما يأمر به الإنجيل أو يدعوا إليه الإنجيل مما يخالف شرع الله - سبحانه وتعالى - أما مجرد الاطلاع فلا يضرك ولكن ننصحك بترك ذلك في المستقبل.  
 
4- يوجد في قريتنا امرأة تدعي بأن روحها تسرح في المقابر ليلة كل خميس وجمعة أثناء منامها، وتقول: إنها تنظر موتى المسلمين وكل امرئ بما كسب رهين، ومع ذلك فإنها تنظر الرجل أو المرأة الذين كانوا يعيشون على ظاهر الأرض وانتقلوا إلى عالم الآخرة؛ فإن كان الرجل في الدنيا قاطعاً للصلاة أو آكلاً لأموال الناس بالباطل؛ فإن هذه المرأة تنظره وهو يعذب في الآخرة، والرجل الصالح في الدنيا تقول: إنه في الآخرة مع الصالحين، علماً أن هذه المرأة تزعم وتقول: إنها محملة أمانة من الموتى لأهلهم في الدنيا، أن يسددوا عنهم ديونهم أو السرقات؛ فإنهم يعذبون بها في قبورهم، وفعلاً فإن أهل الميت يقضون ديون موتاهم، وفي المرة الثانية تأتي هذه المرأة وقد خفف عنهم العذاب كما تزعم، سؤالي: أفتونا عن رأي هذه المرأة وغيرها من النساء اللائي يدعين هذه الأقاويل هل هو حق ما ذكر في سؤالي؟ أم أنه كذب وخرافات؟
هذا وأمثاله لا يعتمد عليه، ولا يجوز تصديقه ولا الاعتبار به من كل الوجوه، فإنها قد ترى بعض الرؤيا وتصدق في بعض الرؤيا، وقد ترى رؤيا غير صادقة وقد تكذب في رؤياها، وقد يخيل لها الشيطان أشياء لا صحة لها ولا وجود لها. فالحاصل أن هذه المرائي التي تدعيها يدعيها بعض الناس أو يدعيها بعض النساء كل ذلك لا يجب الاعتماد عليه، لا في قضاء الديون، ولا في السرقات، ولا في غير ذلك، ولكن إذا كانت امرأة صالحة قد ترى مرائي صالحة وتصدق فيها مثل ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين من النبوة). ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات). وهي رؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له. فالرؤيا الصالحة من الرجل الصالح لها شأن ولها قيمة، ولكن لا يعتمد عليها في تشريع أمور في إيجاب أمور أو تحريم أمور أو تكليف أهل بيت في كذا أو تحميلهم كذا أو ما أشبه ذلك، لا، لأن هذه المرأة قد تصدق وقد تكذب وقد يكون الرائي صالحاً وقد يكون غير صالح وقد يكون لبس عليه وقد تأتيه الشياطين فتخيل إليه أشياء يزعم أنه رآها في النوم. فالمقصود أن هذه المرائي وأشباهها لا يعول عليها، ولا يعتمد عليها في أن فلان يعذب أو فلان ينعم أو فلان عليه دين أو فلان ليس عليه دين أو ما أشبه، لا، ولكن أهل الميت ينبغي لهم أن يراعوا ميتهم كأن يعلمون عليه شيئاً من الديون أو من تركته أو من ماله إذا أعانهم الله على ذلك، وهذا عمل طيب، وإذا كان قد سرق سرقة من الناس يعرفونها أدوها عنه من ماله كان له مال، وإن كان ما له مال وأدوها عنه فجزاهم الله خيراً. المقصود أن أهل الميت يلاحظون ميتهم فإن كان عليه ديون أو حقوق للناس أدوها من تركته أو أدوها من ماله إن كان ما عنده تركة، واحتسبوا الأجر في ذلك، أو عنده مال ولم يسمح الورثة فإذا أدى عنه بعض أصحابه أو أحبابه احتياطاً فهذا حسن، وأما الاعتماد على هذه المرائي فلا يعتمد عليه.  
 
5- أنه يعيش مع زوجة يمتدحها كثيراً، ولكنها سبق وأن تزوجت رجلاً قبله، ويرجو أن تكون زوجة له في الآخرة نظراً لما لمسه منها من حسن العشرة، ويسأل - سماحة الشيخ -: هل المرأة إذا تزوجت رجلين في الدنيا مع من تكون في الآخرة؟
ليس هناك نص يدل على أنها تكون لفلان أو فلان، ولكن يروى في بعض الأحاديث التي فيها بعض الضعف أنها إذا كانت تزوجت رجالاً عدة فإنها تخيّر يوم القيامة، فتختار أحسنهم خلقاً، ولكن هذا الحديث ليس فيه تصريح لا يعتمد عليه بل سنده ضعيف، والعلم عند الله - عز وجل - هل تكون للأول أو للآخر أو للأوسط الله أعلم بهذا - سبحانه وتعالى -. أما هذا الحديث ففيه أنها تخير هي فتختار أحسنهم خلقاً، لكن ليس هذا الإسناد بمعتمد، وليس بصحيح حتى يقال به، ولكن الحقيقة أنها إلى الله - سبحانه وتعالى - هو الذي يعلم لمن تكون له، ولا شك أنها إذا كانت تعلم أن فلان كان أحسن عشرة لها، وكان أقوم بحقها، وكان أنفع لها، وكان أحسن خلقاً هو حري بأن يختارها وتختاره في الآخرة هو حري بذلك وهي حرية بذلك. فينبغي لكل زوج أن يتقي الله في زوجته، وأن يحسن عشرته، وأن يحسن خلقه، وأن يؤدي حق الأهل حتى لا يكون عليه تبعة يوم القيامة، وحتى يبرأ من عهدتها، وربما كان ذلك من أسباب اختيارها له يوم القيامة إذا كان ذو خلق حسن. والله المستعان.  
 
6- ما حكم الإسلام في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف،
الاحتفال بالمولد تكلم فيه العلماء وأوضحوا حكمه، وبينوا أن الاحتفال بالموالد بدعة لا أساس له في الشرع، وقد كتبنا في هذا كتابات منذ سنوات كثيرة، وبينا أن الاحتفال بالمولد من البدع التي أحدثها الناس، وأول من أحدثها فيما ذكرها بعض المؤرخين هم الفاطميون الشيعة الرافضة المعروفون حكام مصر والمغرب في الفئة الرابعة والخامسة، وأول ما أحدثها في الفئة الرابعة أحدثوا احتفالاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبمولد فاطمة والحسين والحسن، وبمولد حاكمهم، ثم تتابع الناس في ذلك، وأحدثها جماعة من المسلمين في كثير من الدول الإسلامية تقليداً لمن قبلهم، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ولم يأمر به، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - والخلفاء الراشدون لم يفعلوه، وهكذا بقية أصحابه - رضي الله عنه - لم يفعلوه، وهكذا أصحاب القرون المفضلة القرن الثاني والثالث لم يفعلوه، وإنما حدث في القرن الرابع كما تقدم، والذين أحدثوه هم الشيعة هم الرافضة ليسوا بالقدوة في هذا ولا في غيره فالذي ينبغي للمؤمن أن يتأسى بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يسير على نهجهم في عدم إحداث البدع، ومن ذلك المولد، فإنه ليس له أصل في الشرع، وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتذكر سنته أمر مطلوب دائماً، فينبغي للمسلمين دائماً أن يذكروا - صلى الله عليه وسلم - وأن يتبعوا سنته ويعظموها ويشجعوا عليها ويدعوا إليها في كل وقت في دروسهم وفي خطبهم وفي مجالسهم وفي معاهدهم وفي غير ذلك هكذا شرع الله لهم - سبحانه وتعالى -، وقد رفع الله ذكره وشرع للعباد إتباع سنته وتعظيم أمره، ونهيه -عليه الصلاة والسلام- فهو ينادى بذكره في كل يوم خمس مرات في الأذان وفي الإقامة أشهد أن محمداً رسول الله، والمسلمون يصلون عليه ويشهدون له بالرسالة في كل صلاة مرتين في الظهر والعصر والمغرب والعشاء مرتين التشهد الأول والتشهد الأخير وفي الفجر وفي الجمعة كذلك في صلواتهم النافلة يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهو - صلى الله عليه وسلم - مذكور بين المسلمين في صلواتهم وفي أذانهم وفي إقامتهم وفي غير ذلك، فليس بمنسي حتى يحيا له مولد ومذكور دائماً -عليه الصلاة والسلام-، فالواجب على المسلمين أن يتبعوا سنته، وأن يعظموا أمره ونهيه، وأن يكتفوا بما شرع وأن يحذروا البدع، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). يعني مردود. وكان يقول في خطبة يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد.. فإن أفضل الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة). ويقول في الحديث: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعوة ضلالة). فالاحتفال بالموالد كلها من البدع، ومن جملة ذلك مولده- عليه الصلاة والسلام-. فينبغي للأمة أن يتركوا هذه البدع، وأن يجتهدوا في اتباع سنته، وتعظيم وأمره ونهيه، وأن يسارعوا إلى ما جاء به-عليه الصلاة والسلام- من الهدى، وأن يبتعدوا عما نهى عنه من الباطل، هكذا يكون حب النبي- صلى الله عليه وسلم -، وهكذا يكون تعظيمه، وهكذا يكون ذكره الذي ينفع العبد في الدنيا والآخرة، لا بالبدع والخرافات، وقد نبه جماعة من أهل العلم على هذه البدع كالشاطبي، وشيخ ابن تيمية، وجماعة آخرين، نبهوا على هذه البدع، وبينوا أنها خطأ، وأنها محدثة، فينبغي للمسلمين دائماً ترك البدع والحذر منها، والتواصي بأحياء السنة، والاستقامة عليها، واتباعها، والحذر من ما خالفها- نسأل الله للجميع التوفيق والهداية-. سماحة الشيخ في ختام.... 

972 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply