حلقة 324: حكم تارك الصلاة - شرح حديث الجمعة إلى الجمعة - بعض الكبائر - صحة حديث ليلة الأسرى - حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح - من لم يستطع الغسل للحدث الأكبر هل يتيمم - حكم الاستمرار مع امرأة غير طائعة لربها

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 48 محاضرة

حلقة 324: حكم تارك الصلاة - شرح حديث الجمعة إلى الجمعة - بعض الكبائر - صحة حديث ليلة الأسرى - حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح - من لم يستطع الغسل للحدث الأكبر هل يتيمم - حكم الاستمرار مع امرأة غير طائعة لربها

1-   سمعت في البرنامج أن تارك الصلاة تهاوناً كافراً كفراً مخرجاً من الملة، ولكن الشافعية يقولون في كتاب النفحات الصمدية: إنه - أي تارك الصلاة - يستتاب ويقتل ويصلى عليه، ويغسل، ويدفن في مقابر المسلمين، فما رأي سماحتكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد علم أن ترك الصلاة تهاوناً من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين, فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر, واختلف العلماء-رحمة الله عليهم- في حكم تاركها هل يكون كافراً كفراً أكبر, أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر؟ على قولين لأهل العلم: منهم من قال إنه يكون كافراً كفراً أصغر كما ذكره الشافعية وهكذا المالكية, والحنفية وبعض الحنابلة, وقالوا إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر وتعلقوا بالأحاديث الدالة على من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة, وهذا موحد مات على توحيد الله فلا يكون كافراً كفراً أكبر, أما إذا جحد وجوبها قال إنها غير واجبة فهذا قد أجمع العلماء على كفره من اعتقد أنها غير واجبة وقال إنها لا تجب من شاء صلى ومن شاء ترك فهذا قد أجمع علماء المسلمين على أنه كافر كفراً أكبر, الشافعية, والحنبلية, والمالكية, والحنفية وغيرهم من أهل العلم, وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاوناً فقط وهو يؤمن بوجوبها, وقال بعض أهل العلم إنه يكون كافراً كفراً أكبر وهو المنقول عن الصحابة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -, فإنه ثبت عن عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: "لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة", ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة في الميت نوع من الكفر, والبراءة من الأنساب نوع من الكفر لكنه كفر أصغر, فعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر ليس من جنس ما وردت النصوص تسميته كفراً وهو كفر أصغر, واحتجوا أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد, وأبو داود, والترمذي والنسائي, وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر), وبقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله, ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم قال: (لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة), وفي اللفظ آخر: (إلا أن تروا كفراً بواحاً), فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح في أدلة أخرى وهذا هو القول الصواب, وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأن كفر أصغر, لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس يقول الله-عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً, ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ, فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفرٌ أكبر ولو كان تهاوناً ...... جحد الوجوب, وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد, فيقال إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد يكون مات على الكفر, فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) الصلاة من حقها, ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في الصحيحين يقول - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله), ويقول-جل وعلا-عن أهل النار: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ, فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة نسأل الله العافية, فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة تهاوناً أو جحداً لوجوبها, فمن جحد وجوبها كفر إجماعاً, ومن تركها تهاوناً وتساهلاً بها كفر في أصح قولي العلماء, فالواجب الحذر نسأل الله للمسلمين العافية والسلام. إذاً ما قيل في البرنامج هو الصحيح وهو الراجح. بارك الله فيكم. نعم هو الصواب.  
 
2- سماحة الشيخ بالنسبة للمتأولين عن علم أو عن غير علم، كقولهم مثلاً: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، بعضهم مثلاً نوقش في موضوع الصلاة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما) ، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس في فهم النصوص, وكيف يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد؟
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان كفارات لما بنينهما إذا اجتنبت الكبائر), هكذا جاء الحديث إذا اجتنب الكبائر وترك الصلاة من أكبر الكبائر حتى على القول بأنها ليس تركها كفر أكبر, فتركها من أكبر الكبائر, وفي لفظ آخر قال: (ما لم تغشى الكبائر), فمن أتى الكبائر لم تكفر عنه الصلاة, ولا الصوم, ولا الزكاة, ولا الجمعة, ولا غير ذلك, ولهذا قال جمهور أهل العلم إن أداء الفرائض, وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر, أما الكبائر لا يكفرها إلا التوبة إلى الله-سبحانه-وتعالى, ولهذا قال -جل وعلا-: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ يعني الصغائر وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا, فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) وقوله: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) يعني إذا ترك المعاصي ترك الكبائر, ولهذا قال: (لم يرفث ولم يفسق), وهكذا قوله: (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) المبرور ليس معه إصرار على الكبائر, وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكفير السيئات بالعمل الصالح يعني عند اجتناب الكبائر, كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبلها والتي بعده) يعني عند اجتناب الكبائر, وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في صوم يوم عاشوراً أنه يكفر السنة التي قبله يعني عند اجتناب الكبائر, لقوله- سبحانه وتعالى-: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ, ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغشى الكبائر) إذا اجتنب الكبائر ,ما اجتنبت الكبائر ألفاظٌ جاء في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -, ولما ذكر الوضوء-عليه الصلاة والسلام- وأن من توضأ نحو وضوئه - صلى الله عليه وسلم - غفر له قال: (ما لم تصب المقتلة), قال العلماء المقتلة هي الكبيرة يعني عند اجتناب الكبائر نسأل الله السلامة والعافية. جزاكم الله خيراً  
 
3-  هذه الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها، حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها
هذه المعاصي العظيمة الكبيرة المعاصي العظيمة التي جاء فيها الوعيد إما بغضب, أو لعنة, أو نار, أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة, والزنا, وشرب المسكر, وعقوق الوالدين, وقطيعة الرحم, وأكل الربا, وأكل أموال اليتامى, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات, والقتل النفس بغير حق وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد, إما بغضب من الله على فاعله, أو لعنة, أو وعيد من نار, أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم أن الكبيرة ما كان له حد في الدنيا أو جاء فيه وعيد بنار, أو غضب, أو لعن, وقال بعض أهل العلم يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها أو يتبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي تلحق بالكبائر كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا بريء من الصالقة, والحالقة, والشاقة) يعني عند المصيبة الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها, والحالقة: التي تحلق شعرها أو تنتفه, والشاقة: التي تشق ثوبها وفي لفظ آخر: (ليس منا من شق الجيوب أو ضرب القدود أو دعا بدعوى جاهلية), فهذا يدل على أن هذه من الكبائر عن جمع من أهل العلم لهذا الوعيد ليس منا أنا برئ مثل نفي الإيمان مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه), وقوله: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه) يعني ظلمه وعدوانه, وما أشبه ذلك من النصوص هذا يقول بعض أهل العلم إنها أيضاً تلحق بالكبائر إذا نفي الإيمان عن صاحبه أو تبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال فيه ليس منا فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة أو الغضب, أو الوعيد بالنار, أو فيها الحد حد السرقة وحد الزنا وحد القذف ونحو ذلك. بارك الله فيكم ، لا أدري عن السحر عن الغيبة عن النميمة سماحة الشيخ هل تلحق بالكبائر أو لا؟ السحر كفر أكبر ؛لأنه لا يتوصل إليه إلا بالشرك بعبادة الجن, ودعوتهم من دون الله ولهذا قال- سبحانه- في السحر عن الملكين وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فتجعلوا تعليم السحر وتعلمه كفر, وقال في هذه الآيات- سبحانه وتعالى-: وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ يعني السحر مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ يعني من حض ولا نصيب, وقال: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ, فدل على أنهم ضد الإيمان وضد التقوى نسأل الله العافية, فالسحر يتوصل إليه بعبادة الشياطين عبادة الجن من دون الله, والتقرب إليهم بالذبائح والنذور ونحو ذلك, فلهذا روي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (من سحر فقد أشرك), وقال- عليه الصلاة والسلام-: (اجتنبوا السبع الموبقات ، قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم ,والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاري ومسلم في الصحيحين, فجعل السحر قرين الشرك وقدمه على القتل؛ لأنه نوع من الشرك وعبادة للجن من دون الله والتقرب إليهم بما يردونه منه من دعاء, أو استغاثة, أو ذبح, أو نذر حتى يعلموه بعض الشيء وهو من طريق الشياطين كما قال- سبحانه-: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ, فجعل تعليمهم الناس السحر كفراً وضلالاً نسأل الله العافية نسأل الله السلامة, وكذلك الغيبة والنميمة من الكبائر لما جاء فيه من الوعيد, والغيبة ذكر الإنسان أخاه بما يكره بخيل, جبان, شرس الأخلاق, كذا وكذا وكذا, والنميمة نقل الكلام الذي يسبب الفتنة من شخص إلى شخص, أو من جماعة إلى جماعة, أو من قبيلة إلى قبيلة كأن يقول سمعت فلان يقول فيكم كذا أنكم بخلاء, أنكم جبناء, أو يقول لزيد سمعت فلان يقول إنك زناء, أنك خبيث, أنك جبان أنك تتبع مواقف التراب يعني يأتي بأشياء تسبب الفتنة بينه وبين المنقول عنه هذه هي النميمة, والله يقول- سبحانه-: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ, ويقول الله- جل وعلا-: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا, ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الغيبة قال: (ذكرك أخاك بما يكره ، قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته) فصار المغتاب على شرط إن صدق فهو مغتاب وإن كذب فهو باهت, وقال - صلى الله عليه وسلم -: (رأيت ليلة أسري بي رجالاً لهم أظفار من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لي: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم), فهذا يدل على شدة الوعيد في هذا وأنها من الكبائر, وقال- عليه الصلاة والسلام-: (لا يدخل الجنة نمام) متفق على صحته, فدل ذلك على أن النميمة والغيبة من الكبائر نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً  
 
4- بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، ذكرى للنساء: عن الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: [دخلت أنا وفاطمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يبكي بكاءً شديداً، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله! ما الذي يبكيك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا علي! ليلية أسري بي إلى السماء رأيت نساءً من أمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن لما رأيت من شدة عذابهن، رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة قد شُدت رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها ]، ويستمر هذا سماحة الشيخ في سرد هذه الأشياء، ويسأل عن صحة ما في هذا المنشور؟
كل هذا معروف يتداوله الناس وهو باطل كله مكذوب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له أصل هذا من الموضوعات مما كذبه الكذابون ولا صحة له لا عن علي ولا عن غير علي, بل هو من الأحاديث الموضوعة المكذوبة عن النبي- عليه الصلاة والسلام-, وكثيراً ما يكذبون على علي أحاديث كثيرة, فينبغي فيمن وقع في يده شيء من هذا أن يتلفه, وينبه الناس عليه أنه كذب نسأل الله العافية. خطر المنشورات يعود مرة بعد مرة سماحة الشيخ؟ لا شك أنه خطر المنشورات خطر ويجب على المسلمين التنبه لها, وأن لا يغتروا بمنشورات حتى يعرضوها على أهل العلم المعروفين بالاستقامة والعلم الصحيح. لعل أيضاً الجهات المسئولة لها دور في هذا سماحة الشيخ؟ لا شك يجب على ولاة الأمور من أمراء, وعلى وزير الداخلية, وعلى وزير الأوقاف أن يهتم بهذا الأمر وأن يعنوا بهذا الأمر حتى ينبهوا الناس ويعلموا الناس, وهكذا العلماء, وهكذا المحاكم ,وهكذا الهيئات, كل هؤلاء مشتركون في هذه الأمر يجب عليهم أن يتنبهوا لهذه الأمور, وأن ينبهوا الناس على هذه الأشياء التي توزع أو تنشر أو تلصق وهي باطلة نسأل الله السلامة. بارك الله فيكم ، لعل المخاطر لا تخفى من الحسن أن يذكر بها هنا سماحة الشيخ ولاسيما الخطر على الأمن, والخطر على الأوطان, والخطر على أفكار الناس وعقائدهم؟ يجب على المسئولين بلا شك أن يتنبهوا لهذا, ولاسيما الهيئات وفقهم الله, والأمراء, والقضاة, والعلماء في كل مكان, وعلى المسئولين في الداخلية إلى غير ذلك مما يحصل به التعاون ضد هذه النشرات الباطلة. نسأل الله للجميع التوفيق  
 
5- ما حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح؟
إذا كان الجرح عليه شيء من الجبائر يمسح عليه, أو تيمم عنه؛ لأنه لا جيرة عليه فتوضأ الوضوء الشرعي, ثم تيمم عن محل الجرح فصلاته صحيحة والحمد لله ولا يضر ذلك, النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه وقد أصابه ما أصابه يوم أحد- عليه الصلاة والسلام- من الجراحات وهو إمامهم- عليه الصلاة والسلام- عالجها وصلى بهم -عليه الصلاة والسلام- وهكذا....شقه في المدينة وسقط عن دابته, وجلس في البيت مدة وهو يصلي بأصحابه- عليه الصلاة والسلام- فلا حرج في ذلك؟ إذا كان هناك ضماد على الجرح فلا يقع؟ إذا كان ضماد يمسح عليه, وإن كان مكشوفاً لا يستطاع جعل ضماد عليه ولا جبيرة فإنه يتوضأ وضوء الصلاة ثم يتيمم بالنية عن محل الجرح. بارك الله فيكم ، إنما المحذور إذا كان الجرح ينزف ، إذا كان ينزف يجعل عليه شي ما يمسكه يعالج حتى يمسك, وإذا كان ماشي فالأولى به أن لا يؤم الناس, إذا كان يمشي ما وجد حيلة لا جبيرة ولا شيء يمسك الدم هو مثل صاحب السلس فالأحوط له أن لا يؤم الناس إذا كان جرحه يمشي, أما إذا كان واقفاً عليه جبيرة أو عليه ضماد, أو ليس عليه شيء لكنه واقف فإنه يتيمم عنه إذا ما كان عليه شيء, وإذا كان عليه جبيرة مسح عليه وكفى عن التيمم ، على افتراض أن أخانا صلى بالناس وجرحه ينزف وليس عليه جبيرة على هذا الافتراض فما حكمه صلاته؟ صلاته على الراجح صحيحة ولا يلزمه الإعادة والحمد لله ، بالنسبة للإمام والمأموم، نعم فاتقوا الله ما استطعتم. بارك الله فيكم  
 
6- من احتاج إلى الغسل ولكنه لم يستطع لشدة البرد، ولعدم وجود وسيلة لتسخين الماء فهل يتيمم لصلاة الفجر؟ ومن فعل ذلك فما الحكم؟
إذا كان في محل لا يستطيع فيه تدفئة الماء وليس هناك كنٌ يستكن به للغسل بالماء الدافي وخاف على نفسه فإنه يصلي بالتيمم ولا حرج عليه, لقول الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ, ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم), وقد ثبت أن عمر بن العاص-رضي الله عنه-كان في غزوة السلاسل أصابته جنابة, وكان في ليلة باردة شديدة البرد فلم يغتسل بل توضأ وتيمم وصلى بالناس, و سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما قدم من الغزوة فقال: يا رسول الله إني خفت على نفسي, وتأولت قوله-سبحانه-: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل له شيء ولم يأمره بالإعادة-عليه الصلاة والسلام-فدل ذلك على أنه عذر شرعي.  
 
7-   إنه مبتلاً بزوجة غير صالحة إلا أنها ابنة عمه ويتيمة أيضاً، وهي غير طائعة لربها -كما يقول- وبالتالي غير مطيعة له، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه، هل يخرجها أو يصبر عليها ، وبما توجهونه لو تكرمتم؟
أولاً ينظر في شأنها من جهة عدم طاعة ربها إن كانت لا تصلي فترك الصلاة كفر على أرجح قولي العلماء كما تقدم وإن كانت لا تجحد وجوبها, فمثل هذه لا ينبغي له أن يعاشرها, ولا يتصل بها حتى تتوب إلى الله, وترجع عن كفرها, وتقيم الصلاة, أما إن كانت مسائل أخرى تفعلها من بعض المعاصي, كالغيبة, أو بعض التساهل بالحجاب, أو ما أشبه ذلك من المعاصي, فإنه يفعل ما هو الأصلح فإذا رأى الصبر عليها ونصيحتها وتأديبها ولو بالضرب المناسب الذي لا يجرح ولا يكسر ضرب يؤدبها ويؤلمها, ولكن لا يضرها ضراً كثيراً مثل ما قال الله-جل وعلا-: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ, فالمؤمن يؤدب زوجته إذا لم تستقم بالوعظ والتذكير, ولا بالهجر, فله تأديبها التأديب المناسب الذي لا يضرها ولكن يؤلمها بعض الألم, ويخيفها حتى تستقيم على أمر الله, أو يخبر والدها, إن كان لها والد, أو أخاها إن كان لها أخ جيد حتى يقوم بنصيحتها, أو تأديبها ومساعدة زوجها عليها. يقول إنها يتيمة سماحة الشيخ؟ ولو أنها يتيمة اليتم لا يمنع من تأديبها, ونصيحتها, واليتيم يؤدب إذا أخطأ يؤدب, ويضرب إذا ترك الصلاة وهو ابن عشر ضرب, وإذا أساء الأدب ضرب حتى ..... على الخير وحتى يعتاد الخير ولو أنه يتيم, بعض الناس يحسب أن اليتيم لا يؤدب ولا يضرب, اليتيم يضرب إذا دعت الحاجة إلى ضربه ويؤدب ويسجن حتى يستقيم, حتى يتأدب الآداب الشرعية وإلا خرج كَلاًًّ على الناس ضرراً على الناس فاسداً ضائعاً ولا حول ولا قوة إلا به. إذاً يرى سماحة الشيخ أنه يناقش هذه البنت في موضوع الصلاة إن كانت جاحدة بوجوبها أو متساهلة أو متهاونة، ومن ثم يبدأ في عشرتها من جديد؟ ينظر أولاً في مسألة الصلاة، فإذا كانت تصلي يعلمها أن ترك الصلاة كفر، وأنها لا تستقيم له زوجة وهي تترك الصلاة، والواجب فراقها إلى أن تتوب، فإن تابت فالحمد لله وإلا اعتزلها حتى تتوب إلى الله، وإذا كانت فقيرة أنفق عليها إذا كان يستطيع، أو سعى لها في الإنفاق عليها لفقرها؛ لعل الله يهديها بذلك، ولعلها ترجع إلى الصواب، فإن أصرت رفع أمرها إلى ولاة الأمور تستاب فإن تابت وإلا قتلت، لأن من ترك الصلاة ولم يتب يقتل، نسأل الله السلامة. وإن كانت المسألة معاصي أخرى غير ترك الصلاة، معاصي دون ذلك فالمعاصي تعالج بالأدب، تأديبها، يؤدبها الزوج أو أبوها أو أخوها، مع النصيحة مع الوعظ والتذكير حتى تستقيم إن شاء الله، مع الإحسان إليها بالنفقة. إذاً باب المناقشة مفتوح؟ نعم. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ في ختام 

518 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply