سورة الممتحنة - تفسير السعدي | |
| | |
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون | |
| إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله | |
| ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم | |
| بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل " | |
يا أيها الذين | |
| صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا تتخذوا عدوي وعدوكم خلصاء وأحباء, تفضون إليهم | |
| بالمودة, فتخبرونهم بأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم, وسائر المسلمين, وهم قد | |
| كفروا بما جاءكم من الحق من الإيمان بالله ورسوله وما نزل عليه من القرآن, يخرجون | |
| الرسول ويخرجونكم- أيها المؤمنون- من " مكة " لأنكم تصدقون بالله ربكم, | |
| وتوحدونه, إن كنتم- أيها المؤمنون- هاجرتم مجاهدين في سبيلي, طالبين مرضاتي عنكم, | |
| فلا توالوا أعدائي وأعداءكم, تفضون إليهم بالمودة سرا, وأنا أعلم بما أخفيتم وما | |
| أظهرتم, ومن يفعل ذلك منكم فقد أخطأ طريق الحق والصواب, وضل عن قصد السبيل. | |
" إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم | |
| بالسوء وودوا لو تكفرون " | |
إن يظفر بكم هؤلاء الذين تسرون إليكم بالمودة يكونوا حربا عليكم, | |
| ويمدوا إليكم أيديهم بالقتل والسبي, وألسنتهم بالسب والشتم, وهم قد تمنوا- على كل | |
| حال لو تكفرون مثلهم. | |
" لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله | |
| بما تعملون بصير " | |
لن تنفعكم قراباتكم ولا أولادكم شيئا حين توالون الكفار من أجلهم, يوم | |
| القيامة يفرق الله بينكم, فيدخل أهل طاعته الجنة, وأهل معصيته النار والله بما | |
| تعملون بصير, لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأعمالكم. | |
" قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم | |
| إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة | |
| والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك | |
| لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير " | |
قد كانت لكم-أيها المؤمنون- قدوة حسنة في | |
| إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين, حين قالوا لقومهم الكافرين بالله: | |
| إنا بريئون منكم ومما تعبدون من دون الله, كفرنا بكم, وأنكرنا ما أنتم عليه من | |
| الكفر, وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ما دمتم على كفركم, حتى تؤمنوا | |
| بالله وحده, لكن لا يدخل في الاقتداء استغفار إبراهيم لأبيه; فإن ذلك إنما كان قبل | |
| أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, ولنا عليك | |
| اعتمدنا, وإليك رجعنا بالتوبة, وإليك المرجع يوم القيامة. | |
" ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز | |
| الحكيم " | |
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بعذابك لنا | |
| أو تسلط الكافرين علينا, فيقول الكفار: لو كان هؤلاء على حق, ما أصابهم هذا العذاب, | |
| فيزدادوا كفرا, واستر علينا ذنوبنا بعفوك عنها ربنا, إنك أنت العزيز الذي لا | |
| يغالب, الحكيم في أقواله وأفعاله. | |
" لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن | |
| يتول فإن الله هو الغني الحميد " | |
لقد كان لكم- أيها المؤمنون- في إبراهيم | |
| عليه السلام والذين معه قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة, | |
| ومن يعرض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه, ويواال أعداء الله, فإن الله هو | |
| الغني عن عباده, الحميد في ذاته وصفاته, المحمود على كل حال. | |
" عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير | |
| والله غفور رحيم " | |
عسى الله أن يجعل بينكم- أيها المؤمنون- وبين الذين عاديتموهم من | |
| أقاربكم من المشركين محبة بعد البغضاء, وألفة بعد الشحناء بانشراح صدورهم للإسلام, | |
| والله قدير على كل شيء, والله غفور لعباده, رحيم بهم. | |
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من | |
| دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " | |
لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم | |
| يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين, وأخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير, وتعدلوا | |
| فيهم بإحسانكم إليهم وبركم بهم إن الله يحب الذين يعدلون في أقوالهم وأفعالهم. | |
" إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم | |
| وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " | |
إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم بسبب | |
| الدين وأخرجوكم من دياركم, وعاونوا الكفار على إخراجكم أن تولوهم بالنصرة والمودة, | |
| ومن يتخذهم أنصارا على المؤمنين وأحبابا, فأولئك هم الظالمون لأنفسهم, الخارجون عن | |
| حدود الله. | |
" يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله | |
| أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم | |
| يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا | |
| تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم | |
| بينكم والله عليم حكيم " | |
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, إذا جاءكم النساء المؤمنات | |
| مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام, فاختبروهن. | |
| لتعلموا صدق إيمانهن, الله أعلم بحقيقة إيمانهن, فإن علمتموهن مؤمنات بحسب ما يظهر | |
| لكم من العلامات والبينات, فلا تردوهن إلى أزواجهن الكافرين, فالنساء المؤمنات لا | |
| يحل لهن أن يتزوجن الكفار, ولا يحل الكفار أن يتزوجوا المؤمنات, وأعطوا أزواج | |
| اللاتي أسلمن مثل ما أنفقوا عليهن من المهور, ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إذا دفعتم | |
| لهن مهورهن. | |
| ولا تمسكوا بنكاح أزواجكم الكافرات, واطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم | |
| اللاتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم, وليطلبوا لهم ما أنفقوا من مهور نسائهم | |
| المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم, ذلكم الحكم المذكور في الآية هو حكم الله يحكم | |
| به بينكم فلا تخالفوه. | |
| والله عليم لا يخفى عليه شيء, حكيم في أقواله وأفعاله. | |
" وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت | |
| أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " | |
وإن لحقت بعض زوجاتكم مرتدات بل الكفار, ولم | |
| يعطكم الكفار مهورهن التي دفعتموها لهن, ثم ظفرتم بهؤلاء الكفار وانتصرتم عليهم, | |
| فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم من المسلمين من الغنائم أو غيرها مثل ما أعطوهن من | |
| المهور قبل ذلك, وخافوا الله الذي أنتم به مؤمنون. | |
" يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله | |
| شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن | |
| وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم " | |
يا أيها النبي إذا جاءك النساء المؤمنات بالله ورسوله يعاهدنك على ألا | |
| يجعلن مع الله شريكا في عبادته, ولا يسرقن شيئا, ولا يزنين, ولا يقتلن أولادهن بعد | |
| الؤلادة لو قبلها, ولا يلحقن بأزواجهن أولادا ليسوا منهم, ولا يخالفنك في معروف | |
| تأمرهن به, فعاهدهن على ذلك, واطلب لهن المغفرة من الله. | |
| إن الله غفور لذنوب عباده التائبين, رحيم بهم. | |
" يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من | |
| الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور " | |
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, لا تتخذوا الذين غضب الله عليهم; | |
| لكفرهم أصدقاء وأخلاء, قد يئسوا من ثواب الله في الآخرة, كما يئس الكفار | |
| المقبورون, من رحمة الله في الآخرة. | |
| حين شاهدوا حقيقة الأمر, وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً