سورة المنافقون - تفسير السعدي | |
| | |
" إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم | |
| إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " | |
إذا | |
| حضر مجلسك المنافقون -يا محمد- قالوا بألسنتهم, نشهد إنك لرسول الله, والله يعلم | |
| إنك لرسوله الله, والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك, | |
| وحلفوا عليه بألسنتهم, وأضمرا الكفر به. | |
" اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون | |
| " | |
إنما جعل المنافقون أيمانهم التي أقسموها سترة ووقاية لهم من المؤاخذه, | |
| والعذاب, ومنعوا أنفسهم, ومنعوا الناس عن طريق الله المستقيم, إنهم بئس ما كانوا | |
| يعملون | |
" ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون " | |
ذلك لأنهم آمنوا في الظاهر, ثم كفروا في | |
| الباطن, فختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم, فهم لا يفهمون ما فيه صلاحهم. | |
" وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب | |
| مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون " | |
وإذا نظرت إلى هؤلاء المنافقين تعجبك | |
| هيئاتهم ومناظرهم, وإن يتحدثوا تسمع لحديثهم ; لفصاحة ألسنتهم, وهم لفراغ قلوبهم | |
| من الإيمان, وعقولهم من الفهم والعلم النافع كالأخشاب الملقاة على الحائط, التي لا | |
| حياة فيها, يظنون كل صوت عال واقعا عليهم وضارا بهم, لعلمهم بحقيقة حالهم, ولفرط | |
| جبنهم, والرعب الذي تمكن من قلوبهم, هم الذين تناهوا في العداوة لك وللمؤمنين, فخذ | |
| حذرك منهم, أخزاهم الله وطردهم من رحمته, كيف ينصرفون عن الحق أي ما هم فيه من | |
| النفاق والضلال؟ | |
" وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم | |
| يصدون وهم مستكبرون " | |
وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: أقبلوا تائبين | |
| معتذرين عما بدر منكم من سيئ القول وسفه الحديث, يطلب لكم رسول الله من ربه أن | |
| يعفو عنكم, حركوا رؤوسهم استهزاء: واستكبارا, وأبصرتهم - يا محمد- يعرضون عنك, وهم | |
| مستكبرون عن الامتثال لما طلب منهم. | |
" سواء عليهم أأستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن | |
| الله لا يهدي القوم الفاسقين " | |
سواء على هؤلاء المنافقين أطلبت لهم المغفرة | |
| من الله- يا محمد- أم لم تطلب لهم, إن الله لن يصفح عن ذنوبهم أبدا ; لإصرارهم على | |
| الفسق ورسوخهم في الكفر إن الله لا يوفق للإيمان القوم الكافرين به, الخارجين عن | |
| طاعته. | |
" هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا | |
| ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون " | |
هؤلاء المنافقون هم الذين يقولون لأهل " المدينة " : لا تنفقوا على أصحاب رسول الله من | |
| المهاجرين حتى يتفرقوا عنه. | |
| ولله وحده خزائن السموات والأرض وما فيهما من أرزاق, يعطيها من يشاء ويمنعها عمن | |
| يشاء, ولكن المنافقين لا يفهمون ذلك. | |
" يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله | |
| العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون " | |
يقول هؤلاء المنافقون: لئن عدنا إلى " المدينة " ليخرجن فريقنا الأعز منها فريق المؤمنين | |
| الأذل, والله تعالى العزة ولرسوله صلى الله عليه وسلم, والمؤمنين بالله ورسوله لا | |
| لغيرهم, ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك لفرط جهلهم. | |
" يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله | |
| ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " | |
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, لا | |
| تشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن عبادة الله وطاعته, عن ومن تشغله أمواله, وأولاده | |
| عن ذلك, فأولئك هم المغبونون حظوظهم من كرامة الله ورحمته. | |
" وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب | |
| لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين " | |
وأنفقوا -أيها المؤمنون- بالله ورسوله بعض | |
| ما أعطيناكم في طرق الخير, مبادرين بذلك من قبل أن يجيء أحدكم الموت, ويرى دلائله | |
| وعلاماته, فيقول نادما: رب هلا أمهلتني, وأجلت موتي إلى وقت قصير, فأتصدق من مالي, | |
| وأكون من الصالحين الأتقياء. | |
" ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون " | |
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء وقت موتها, | |
| وانقضى عمرها, والله سبحانه خبير بالذي تعملونه من خير وشر, وسيجازيكم على ذلك. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً