سورة الطلاق - تفسير السعدي | |
| | |
" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا | |
| العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة | |
| وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك | |
| أمرا " | |
يا | |
| أيها النبي إذا أردتم- أنت والمؤمنون أن تطلقوا نساءكم فطلقوهن مستقبلات لعدتهن- | |
| أي في طهر لم يقع فيه جماع واحفظوا العدة. | |
| لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن, وخافوا الله ربكم, لا تخرجوا المطلقات | |
| من البيوت التي يسكن فيها إلى أن تنقضي عدتهن, وهي ثلاث حيضات لغير الصغيرة | |
| والآيسة والحامل, ولا يجوز لهن الخروج منها بأنفسهن إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة | |
| كالزنى, وتلك أحكام الله التي شرعها لعباده, ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه, | |
| وأوردها مورد الهلاك. | |
| لا تدري- أيها المطلق-: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمرا لا تتوقعه فتراجعها. | |
" فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي | |
| عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن | |
| يتق الله يجعل له مخرجا " | |
فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن فراجعوهن مع حسن المعاشرة, والإنفاق عليهن, | |
| أو فارقوهن مع إيفاء حقهن, دون المضارة لهن, وأشهدوا على الرجعة أو المفارقة رجلين | |
| عدلين منكم, وأدوا- أيها الشهود- الشهادة خالصة لله لا لشيء آخر, ذلك الذي أمركم | |
| الله به يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. | |
| ومن يخف الله فيعمل بما أمره به, ويتجنب ما نهاه عنه, يجعل له مخرجا من كل ضيق, | |
" ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله | |
| بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا " | |
ويسبب له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على | |
| باله, ولا يكون في حسبانه. | |
| ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمه في جميع أموره. | |
| إن الله بالغ أمره, لا يفوته شيء, ولا يعجزه مطلوب, قد جعل الله لكل شيء أجلا | |
| ينتهي إليه, وتقديرا لا يجاوزه. | |
" واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر | |
| واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره | |
| يسرا " | |
والنساء المطلقات اللاتي انقطع عنهن دم الحيض, لكبر سنهن, إن شككتم فلم | |
| تدروا ما الحكم فيهن؟ فعدتهن ثلاثة أشهر, والصغيرات اللاتي لم يحضن, فعدتهن ثلاثة | |
| أشهر كذلك. | |
| وزوات الحمل من النساء عدتهن أن يضعن حملهن. | |
| ومن يخف الله, فينفذ أحكامه, يجعل له من أمره يسرا في الدنيا والآخرة. | |
" ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم | |
| له أجرا " | |
ذلك الذي ذكر من أمر الطلاق والعدة أمر الله | |
| الذي أنزله إليكم- أيها الناس- لتعملوا به. | |
| ومن يخف الله فيتقه باجتناب معاصيه, وأداء فرائضه, يمح عنه ذنوبه, ويجزل له الثواب | |
| في الآخرة, ويدخله الجنة. | |
" أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن | |
| كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا | |
| بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " | |
أسكنوا المطلقات من نسائكم في أثناء عدتهن مثل سكناكم على قدر سعتكم | |
| وطاقتكم, ولا تلحقوا بهن ضررا, لتضيقوا عليهن في المسكن, إن كان نساؤكم المطلقك | |
| ذوات حمل, فأنفقوا عليهن في عدتهن حتى يضعن حملهن, فإن أرضعن لكم أولادهن منكم | |
| بأجرة, فوفوهن أجورهن, وليأمر بعضكم بعضا بما عرف من سماحة وطيب نفس, إن لم تتفقوا | |
| على إرضاع الأم, فترضع للأب مرضعة أخرى غير الأم المطلقة. | |
" لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله | |
| لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا " | |
لينفق الزوج مما وسع الله عليه على زوجته | |
| المطلقة, وعلى ولده إذا كان الزوج ذا سعة في الرزق, ومن ضيق عليه في الرزق وهو | |
| الفقير, فلينفق مما أعطاه الله من الرزق, لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني, سيجعل | |
| الله بعد ضيق وشدة سعة وغنى. | |
" وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا | |
| وعذبناها عذابا نكرا " | |
وكثير من القرى عصى أهلها أمر الله وأمر رسوله وتمادوا في طغيانهم | |
| وكفرهم, فحاسبناهم على أعمالهم في الدنيا حسابا شديدا, وعذبناهم عذابا عظيما | |
| منكرا, | |
" فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا " | |
فتجرعوا سوء عاقبة عتوهم وكفرهم, وكان عاقبة كفرهم هلاكا وخسرانا لا | |
| خسران بعده. | |
" أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين | |
| آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا " | |
أعد الله لهؤلاء القوم الذين طغوا, وخالفوا | |
| أمره وأمر رسله, عذابا بالغ الشدة, فخافوا الله واحذروا سخطه يا أصحاب العقول | |
| الراجحة الذين صدقوا الله واتبعوا رسله. | |
| قد أنزل الله إليكم- أيها المؤمنون ذكرا يذكركم به, وينبهكم على حظكم من الإيمان | |
| بالله والعمل بطاعته . | |
" رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا | |
| الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من | |
| تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا " | |
وهذا الذكر هو الرسول يقرأ عليكم آيات الله موضحات لكم الحق من الباطل, | |
| كي يخرج الذين صدقوا الله ورسوله, وعملوا بما أمرهم الله به وأطاعوه من ظلمات | |
| الكفر إلى نور الإيمان, ومن يؤمن بالله ويعمل عملا صالحا, يدخله جنات تجري من تحت | |
| أشجارها الأنهار, ماكثين فيها ابدا, قد أحسن الله للمؤمن الصلح رزقه في الجنة. | |
" الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن | |
| لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما " | |
الله وحده هو الذي خلق سبع سموات, وخلق سبعا من الأرضين, وأنزل الأمر | |
| مما أوحاه الله إلى رسله وما يدبر به خلقه بين السموات والأرض, لتعلموا- أيها | |
| الناس- أن الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء, وأن الله قد أحاط بكل شيء علما, فلا | |
| يخرج شيء عن علمه وقدرته. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً