الجواب:
أولاً: لقد ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة: أنه ما أرسل هذا النَّبي الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - إلى الخلائق إلا رحمة لهم. لأنه جاءهم بما يسعدهم وينالون به كل خير من خير الدنيا والآخرة إن اتبعوه. ومن خالف ولم يتبع فهو الذي ضيع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى. وضرب بعض أهل العلم لهذا مثلاً قال: لو فجر الله عيناً للخلق غزيرة الماء، سهلة التناول. فسقى الناس زروعهم ومواشيهم بمائها. فتتابعت عليهم النعم بذلك، وبقي أناس مفرطون كسالى عن العمل. فضيعوا نصيبهم من تلك العين، فالعين المفجرة في نفسها رحمة من الله، ونعمة للفريقين. ولكن الكسلان محنة على نفسه حيث حرمها ما ينفعها. ويوضح ذلك قوله - تعالى -: {أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعمَتَ اللَّهِ كُفرًا وَأَحَلٌّوا قَومَهُم دَارَ البَوَارِ}.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان رحمةً عامةً من حيث إنه جاء بما يسعدهم إن اتبعوه، ومن لم يتبعه فهو الذي قصر في حق نفسه وضيع نفسه من الرحمة.
قال العلامة ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية:
وَقَوله \" وَمَا أَرسَلنَاك إِلَّا رَحمَة لِلعَالَمِينَ \" يُخبِر - تعالى -أَنَّ اللَّه جَعَلَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَحمَة لِلعَالَمِينَ أَي أَرسَلَهُ رَحمَة لَهُم كُلّهم فَمَن قَبِلَ الرَّحمَة وَشَكَرَ هَذِهِ النِّعمَة سَعِدَ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَة وَمَن رَدَّهَا وَجَحَدَهَا خَسِرَ الدٌّنيَا وَالآخِرَة كَمَا قَالَ - تعالى -\" أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعمَة اللَّه كُفرًا وَأَحَلٌّوا قَومهم دَار البَوَار جَهَنَّم يَصلَونَهَا وَبِئسَ القَرَار.
ثانياً: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان رحمةً للكافرين أيضاً من حيث إن عذاب الاستئصال أخر عنهم بسببه. وقد روي عَن اِبن عَبَّاس، فِي قوله - سبحانه وتعالى -: {وَمَا أَرسَلنَاك إِلَّا رَحمَة لِلعَالَمِينَ} قَالَ: مَن آمَنَ بِاَللَّهِ وَاليَوم الآخِر كَتَبَ لَهُ الرَّحمَة فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَة، وَمَن لَم يُؤمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله عُوفِيَ مِمَّا أَصَابَ الأُمَم مِن الخَسف وَالقَذف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد