القرآن وأعداء الأمة


 بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وبعد:ـ

إن المرجع الأساس للأمة الإسلامية في تعاملها مع البشر كافة إنما هو كتاب الله - تعالى -وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وان المنهل الذي تنهل منه أحكامها إنما هو شرع ربنا جل جلاله فإذا كان الأمر قد ورد في كتاب الله وسنة نبيه فعندها ينتفي الخيار للمؤمن ولا يصح للمسلم إلا الالتزام بما وردº فقال - تعالى -((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)) وعلى مر الزمان والعصور ما كان المسلمون ملتزمين بهذا النهج إلا علو وارتقوا فوق كل الأمم وما زاغوا وضلوا عن هذا الصراط إلا ذلوا وانحطوا وأصبحوا في ذيل الأمم وبهذا أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي)) والذي ينظر في أيامنا هذه إلى واقع الأمة الإسلامية يعلم يقينا أن الأمة بعيدة كل البعد عن ذلك المنهج مخالفة كل المخالفة لأمر ربها ورسولها.

عباد الله: أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمة في آخر الزمان ستترك أمر ربها وستلحق بالأمم السابقة تبعا لها في أخلاقها وحضارتها واقتصادها وجميع شؤون حياتنا فقال - عليه الصلاة والسلام - ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال فمن إذن!)) ومن هنا يتبين لنا كيف أصبحت الأمة مقلدة لليهود وللنصارى في شتى السبل وفي كل الميادين.

حتى أصبح المسلم من أصغر شؤون حياته إلى أكبرها ينظر إلى هؤلاء القوم فيحذوا حذوهم ويسير على دربهم.

فها هي الأمة في اقتصادها تغرق بالربا الذي حرمه الله - تعالى -وأعلن الحرب على القائمين به ولكنها تبعية لليهود والنصارى وها هي الأمة تغرق في بحور الخمور والسفور والتبرج للمسلمات رغم تحريم شرعها لكل ذلك ولكنها تبعية الغرب حتى وصل الأمر بالبعض أنه أصبح إذا يريد حلاقة رأسه لا بد أن يتشبه بذلك الرجل الغربي ناهيك عن شربه ولبسه وأكله ونومه حتى وصل الأمر ببعض الناس إلى تقليدهم بمعاشرتهم لأزواجهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أخوة الإسلام: إن هذه التبعية للغرب والبعد عن النبع الأصيل من دينناº جرأ هؤلاء الكافرين إلى التدخل في جميع شؤون حياتنا بكل وقاحة ودونما رادع يردعهم، ولما أصبحوا يعلمون مكمن القوة للأمة بدأوا يحاربونها في مواطن في مواطن قوتها الأصلية، بداية من تربيتها على عقيدتها إلى التزامها بسلوكها وعاداتها0 فها هو السيد الغربي يطلق أوامره لمأجوريه في جميع أنحاء الأمة الإسلامية أن عليها تغيير مناهجها الدراسية لأن هذه المناهج لا تعجبه ولا يرى فيها التربية اللازمة لتركيع الأجيال القادمة أكثر فأكثر، وهذا ليس غريبا على عدو يعرف فراغ أمته وتفاهتها في مقابل أمة صاحبة رسالة، ولا بد لها أن تصحوا من جديد وأخبر الله - تعالى - عن هذه الإرادة لهذا العدو منذ القدم فقال الله - تعالى -((ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء)) بل إنهم لا يحبون الخير للأمة الإسلامية أبدا ويستكثرون عليها ما في أيديها من رزق الله ويحسدونها على دينها فقال - تعالى -((ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم)) وقال الله - تعالى -((ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق)).

أخوة الإسلام: ما زال هؤلاء المجرمين يضغطون ويشددون على الأمة حتى تتنازل عن أمور دينها واحدا تلو الآخر وما زال في الأمة من مرضى النفوس وضعافها من يستجيب لهؤلاء الكفرة رغبة أو رهبة حتى وصل الأمر بالمجرمين ومنافقيهم إلى الدعوة إلى توحيد الأديان والتدخل بآيات كتاب ربنا وعدد المصاحف التي يجب أن تطبع في السنة للمسلمين وتحديدهاº وهذا أمر أخواني في الله ليس بالجديد على هذه الأمة بل أن المشركين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا قد عرضوا عليه مرارا وتكرارا أن يعبدوا إلهه يوما ويعبدوا آلهتهم يوما وهي فكرة توحيد الأديان التي يدعون إليها في هذا الزمن إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما جامل أحدا في هذا الموضوع وما تنازل عن أصغر أمر من أمور العقيدة والدين حتى نزل قول الله - تعالى -((قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد 000)) فأين هؤلاء الذين ينطقون بلسان عدونا فيجرمون المجاهدين ويطاردون المخلصين ويضيقون على الدعاة والمصلحين أين هؤلاء من ثبات النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجه المشركين وعدم تنازله عن أصغر أمور دينه لا بالترغيب ولا بالترهيب . ألم يقل الله - تعالى -((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق، يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون)) ألم يسمع هؤلاء القوم إلى ما سبق من قول الله - تعالى -وحقيقة موقفهم منا؟! ولماذا يصر هؤلاء على تجميل صورة عدونا في نظر الناس، رغم أن هذا العدو يعلن عداءه للأمة دونما خجل أو عمل حساب لخاطر أحد وإن نافق المنافقون وتملق المتملقون، أم يستحي هؤلاء من موقفهم من الهوان لدرجة أن يكذبهم من ينافقون لأجله ويعلن زيف أقوالهم أمام شعوبهم بإظهاره حقيقة نواياه تجاه الأمة وتصوره لها دون مراء أو حياء.

عباد الله: إذا كان الله - سبحانه وتعالى - هو الذي خلق الخلق يخبرنا ويعلمنا كيف التعامل مع هؤلاء الأعداء وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسل رحمة للعالمين تعامل معهم وفق منهاج ربه، أفيكون منا والعياذ بالله من هو اتقى وأحرص على الأمة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! أو كما قال الله - تعالى -في وصف الكافرين ((قل ءأنتم أعلم أم الله))، وماذا بقي لأعدائنا ألا يلقوننا إياه، إذا وصل الأمر إلى عقيدتنا وديننا وأوقات عبادتنا وتحديد كل شيء لنا في أمور ديننا أما يكفي الأمة ما تجرعت من ويلات تبيعتها لأعدائنا أما كفاها تدهور حالها وفقدانها لكل مقومات قوتها بانجرارها وراء المتربصين بها، وواعجبا لأمة أصبح الشريف والأمين فيها منبوذا وصار الوضيع والسارق مرموق المكانة وقد أخبر الله - تعالى -واصفا هذا الحال المنقلب لأهل الطهارة وأهل الفجور متمثلا في قوم لوط فقال على لسانهم ((أخرجوهم من قريتكم انهم أناس يتطهرون))º وينطبق على حال الأمة في هذه الأيام قول الشاعر:-

دهرا علا قدر الوضيع به *** وترى الشريف يحطه شرفه

كالبحر ترسو لآلئه سفلا *** وتعلو فوقه جيفة

 

أمة الإسلام: ماذا بقي لأعدائنا أن يتركوه لنا وهاهم يصدرون الأوامر والتعليمات ويعدون القوائم بأسماء المطلوبين والإرهابيين كما يزعمونº والحسرة أنه يوجد في الأمة من هو مستعد للقيام بواجبه طبعا إرضاء لهؤلاء المجرمينº كما هو الحال في كل زمان ومكان، عدو يخطط ويأمر ومأجور منافق ينفذ ويطبق ولكن الله - تعالى -بالمرصاد وهو وحسبنا في الكافرين وولينا على المؤمنين.

عباد الله مخطئ كل الخطأ من يظن أن عدوه يريد به خيرا أو يضمر له حسنا والله - سبحانه وتعالى - يخبر في كتابه عنهم بقوله ((ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلوكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون)) وهم الذين قال الله - تعالى -عنهم ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون))

فأين أنتم يا من تعقلون؟! هل بعد هذا البيان بيانا؟ أي حجة للمدافعين عن نوايا أعدائنا أمام الله والناس؟ وما هو المنطق الذي يسيّرون الأمة به؟ إذا كان قول الله - تعالى -خالقهم مخالفا لهم!، هل أصبح قادة أعدائهم آلهة لهم يشرعون لهم ويحللون ويحرمون لهم فانطبق عليهم قول الله - تعالى -((هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)) وصدق فيهم قول الله - تعالى -((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما بين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم)) فاللهم لا تجعلنا ممن يصدون عنك وعن كتابك واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply