فوائد وضوابط من كتاب \ الأنوار الكاشفة \ للعلامة المعلمي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسانٍ, إلى يوم الدين:

فهذه فوائد جمعتها من الأنوار الكاشفة للشيخ الناقد عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني.

فأحببت أن أعرض الفوائد، لعلّي أظفر بتعليق أو فائدة أو إرشاد من مشايخ الملتقى وروّاده.

والكتاب متداول وغنيٌ أن يعرّف، وجمعي للفوائد في غالبه على رؤوس أقلام وأطراف أفكار وقليلاً ما أسوق المسألة برمّتها.

والمتأمل في الكتاب يجد علماً راسخاً يسوقه أدبٌ نبيل قلّ أن يتواجد في العصور المتأخرة. فرحم الله العلامة

عبد الرحمن المعلمي رحمةً واسعة.

 

فوائد ونوادر من \"الأنوار الكاشفة\"للإمام عبد الرحمن المعلمي اليماني - رحمه الله -:

1- مراعاة المحدثين لمعنى الحديث عند أربعة أمور:

أ-السماع.

ب-التحديث.

ج-الحكم على الراوي.

د-التصحيح.

 

2- مرجع ما اُنتقد على البخاري ومسلم من أحاديث:

أ- اختلاف النظر.

ب- اصطلاح لما يغفل عنه المنتقِد.

ت- الخطأ الذي لا ينجو منه بشر.

 

3- تفسير كلام ابن أبي ليلى(لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ..)

قال ابن أبي ليلى((لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع)): أقول: هذا موجه إلى فريق من الرواة كانوا يكتبون ويروون كل ما يسمعون من الأخبار، يرون أنه ليس عليهم إلا الأمانة والصدق وبيان الأسانيد، تاركين النقد والفقه في الحديث والإمامة لغيرهم.فأما الأخذ والرد للعمل والاحتجاج، فكل أحد يعلم أنه يؤخذ ما يصح، ويترك ما لا يصح.

 

4- نصيحة ربّانية:

وبعد فإن أضر الناس على الإسلام والمسلمين هم المحامون الاستسلاميون، يطعن الأعداء في عقيدة من عقائد الإسلام أو حكم من أحكامه ونحو ذلك فلا يكون عند أولئك المحامين من الإيمان واليقين والعلم الراسخ بالدين والاستحقاق لعون الله وتأييده ما يثبتهم على الحق ويهديهم إلى دفع الشبهة، فيلجأون إلى الاستسلام بنظام، ونظام المتقدمين التحريف ونظام المتوسطين زعم أن النصوص النقلية لا تفيد اليقين والمطلوب في أصول الدين اليقين، فعزلوا كتاب الله وسنة رسوله عن أصول الدين، ونظام بعض العصريين التشذيب.

 

5- معنى مراعاة العمل عند مالك:

قال أبو رية ص19: ((وكان الإمام مالك يراعي كل المراعـــاة العمل المستمر والأكثر، ويترك ما سوى ذلك وإن جاء فيه أحاديث)).

أقول(المعلمي): كان مالك - رحمه الله - يدين باتباع الأحاديث الصحيحة إلا أنه ربما توقف عن الأخذ بحديث ويقول: ليس عليه العمل عندنا. يرى أن ذلك يدل على أن الحديث منسوخ أو نحو ذلك.

والإنصاف أنه لم يتحرر لمالك قاعدة في ذلك فوقعت له أشياء مختلفة. راجع الأم للشافعي 177: 7 249. وقد اشتهر عن مالك قوله ((كل أحدٍ, يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر)) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقوله للمنصور إذ عرض عليه أن يحمل الناس على الموطأ: إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار فعند أهل كل مصر علم)).

 

6- تحسين المتأخرين فيه نظر:

بعد أن ذكر المعلمي قصة التأبير وجوابها قال:

ونقل(يعني أبو رية) عن شفاء عياض قال ((وفي حديث ابن عباس في الخرص: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما أنا بشر، فما حدثتكم عن الله فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ، وأصيب)).

أقول(المعلمي): ذكر شارح الشفاء أن البزار أخرجه بسند حسن، وتحسين المتأخرين فيه نظر، فإن صح فكأنهم مروا بشجر مثمر فخرصوه يجربون حدسهم، وخرصها النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءت على خلاف خرصه. ومعلوم أن الخرص حزر وتخمين، فكأن الخارص يقول: أظن كذا. وقد مر حكمه. والله أعلم.

 

7- سبب قلة الكتابة في عهد الصحابة وكثرتها في عهد التابعين:

فالحاصل أن ما روى عن عمر وأبي موسى من الكراهة إنما كان كما صرحا به خشية أن يكب الناس على الكتب ويدعوا القرآن، وأما من عاش بعدهما من الصحابة فمنهم أ بو سعيد بقي على الامتناع، ومنهم ابن عباس امتنع ورخص، ومنهم من رأى أنه قد زال المانع كما قال عروة الراوي امتناع عمر ((إن كتاب الله قد استمرت مريرته)) وقد مر ذلك ورأوا أن الحاجة إلى الكتابة قد قويت لأن الصحابة قد قلوا وبقاء الأحاديث تتناقل بالسماع والحفظ فقط لا يؤمن معه الخلل فرأوا للناس الكتابة كما مر عن أبي هريرة وأبي أمامة وأنس - رضي الله عنهم -.

وأما التابعون فغلبت فيهم الكتابة إلا أن من كان ذا حافظة نادرة كالشعبي والزهري وقتادة كانوا لا يرون إبقاء الكتب لكن يكتب ما يسمع ثم يتحفظه فإذا أتقنه محاه- وأكثرهم كانت كتبه باقية عنده كسعيد بن جبير والحسن البصري وعبيدة السلماني ومرة الهمداني وأبي قلابة الجرمي وأبي المليح وبشير بن نهيك وأيوب السختياني ومعاوية بن قرة ورجاء بن حيوة وغيرهم.

 

8-فائدة: في الرواية بالمعنى ونزول القرآن على سبعة أحرف:

ومن تدبر الأحاديث في إنزال القرآن على سبعة أحرف وما اتصل بذلك، بان له أن الله - تعالى -أنزل القرآن على حرف هو الأصل، ثم تكرر تعليم جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - لتمام سبعة أحرف، وهذه الأحرف الستة الزائدة عبارة عن أنواع من المخالفة في بعض الألفاظ للفظ الحرف الأول بدون اختلاف في المعنى[المراد بالاختلاف في المعنى هو الاختلاف المذكور في قول الله - تعالى -(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا]فأما أن يدل أحد الحرفين على معنى والآخر على معنى آخر وكلا المعنيين معاً حق. فليس باختلاف بهذا المعنى] فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلقن أصحابه فيكون بين ما يلقنه ذا وما لقنه ذاك شيء من ذاك الاختلاف في اللفظ، فحفظ أصحابه كل بما لقن، وضبطوا ذلك في صدورهم ولقنوه الناس، ورفع الحرج مع ذلك عن المسلمين، فكان بعضهم ربما تلتبس عليه كلمة مما يحفظه أو يشق عليه النطق بها فيكون له أن يقرأ بمرادفها. فمن ذلك ما كان يوافق حرفاً آخر ومنه ما لا يوافق، ولكنه لا يخرج عن ذاك القبيل، وفي فتح الباري ((ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعاً له)). فهذا ضرب محدود من القراءة بالمعنى رخص فيه لأولئك وكتب القرآن بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قطع من الجريد وغيره وتكون في القطعة الآية والآيتان أو أكثر، وكان رسم الخط يومئذ يحتمل والله أعلم غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة، إذ لم يكن له شكل ولا نقط، وكانت تحذف فيه كثير من الألفات ونحو ذلك كما تراه في رسم المصحف، وبذلك الرسم عينه نقل ما في تلك القطع إلى صحف في عهد أبي بكر، وبه كتبت المصاحف في عهد عثمان، ثم صار على الناس أن يضبطوا قراءتهم، بأن يجتمع فيها الأمران: النقل الثابت بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، واحتمال رسم المصاحف العثمانية.

 

9-أغلب الأحاديث تأتي من صحابيين أو أكثر:

فإن كثيراً من الأحاديث الصحيحة إن لم نقل غالبها يأتي الحديث منها عن صحابيين أو أكثر، وكثيراً ما يتعدد الرواة عن الصحابي ثم عن التابعي، وهلم جرا.

 

10-من صور حفظ الله لدينه:

الأئمة اعتبروا حال كل راو في روايته لأحاديثه في الأوقات المتفاوته فإذا وجدوه يروي الحديث مرة بما يحيل معناه في روايته له مرة أخرى جرحوه، ثم اعتبروا رواية كل راوٍ, برواية الثقات فإذا وجدوه يخالفهم بما يحيل المعنى جرحوه، ثم بالغ محققوهم في العناية بالحديث عند التصحيح، فلا يصححون ما عرفوا له علة نعم قد يذكرون في المتابعات والشواهد ما وقعت فيه مخالفة ما وينبهون عليه، من تدبر هذا ولم يعمه الهوى اطمأن قلبه بوفاء الله - تعالى - بما تكفل به من حفظ دينه، وبتوفيقه علماء الأمة للقيام بذلك، ولله الحمد.

و لكن الأفضل الالتزام بعبارات الشيخ - رحمه الله - كما في الفائدة الأولى:

1- مراعاة المحدثين لمعنى الحديث عند أربعة أمور:

و الصواب:

1 ـ مراعاة المحدثين للعقل في قبول الحديث و تصحيحه في أربعة مواطن:

و راجع الصفحة 14 ط: المكتب الاسلامي

و لو ذكرت أرقام صفحات سائر الفوائد لكان أكمل و أجمل

 

11- معنى التساهل في عبارات الأئمة:

معنى التساهل في عبارة الأئمة هو التساهل بالرواية، كان من الأئمة من إذا سمع الحديث لم يروه حتى يتبين له أنه صحيح أو قريب من الصحيح أو يوشك أن يصح إذا وجد ما يعضده، فإذا كان دون ذلك لم يروه البتة، ومنهم من إذا وجـد الحديث غير شديد الضعيف وليس فيه حكم ولا سنة، إنما هو في فضيلة عمل متفق عليه كالمحافظة على الصلوات في جماعة ونحو ذلك لم يمتنع من روايته، فهذا هو المراد بالتساهل في عباراتهم. غير أن بعض من جاء بعدهم فهم منها التساهل فيما يرد في فضيلة لأمر خاص قد ثبت شرعه في الجملة كقيام ليلة معينة فإنها داخلة في جملة ما ثبت من شرع قيام الليل. فبنى على هذا جواز أو استحباب العمل بالضعيف، وقد بين الشاطبي في الاعتصام خطأ هذا الفهم، ولي في ذلك رسالة لا تزال مسودة.

 

12- النقد من أشد معتركات الأهواء.

وأما قواعدهم في النقد فلا ريب أن نجاحها في هذا الأمر- وهو من أشد معتركات الأهواء- من أقوى الأدلة على وفائها بما وضعت له.

 

13-الرواية عن كعب الأحبار:

إنما كان كعب يعرف الكتب القديمة فكان يحدث عنها بآداب وأشياء في الزهد والورع أو بقصص وحكايات تناسب أشياء في القرآن أو السنة، فما وافق الحق قبلوه، وما رأوا باطلاً قالوا: من أكاذيب أهل الكتاب، وما رأوه محتملاً أخذوه على الاحتمال كما أمرهم نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. ولم يرو عنه أحد من الصحابة إلا ما كان من هذا القبيل. نعم ذكر أصحاب التراجم أنه سئل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن عمر وصهيب وعائشة. وعادتهم أن يذكروا مثل ذلك وإن كان خبراً واحداً في صحته عن كعب نظر، فهذه كتب الحديث والآثار موجودة لا تكاد تجد فيها خبراً يروى عن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن وجد فلن تجده إلا من رواية بعض التابعين عن كعب، ولعله مع ذلك لا يصح عنه. وكذا روايته عن عمر. وكذا روايته عن صهيب وعائشة مع أنه مات قبلها بزمان. وعامة ما روي عنه حكايات عن أهل الكتاب.

 

14-ابن حبان والعجلي في الثقات:

عن عبيد بن آدم قال ((سمعت عمر يقول لكعب: أين ترى أن أصلي؟ قال: إن أخذت عني صليت خلـف الصخـرة،

وكانت القدس كلها بين يديك. فقال عمر: ضاهيت اليهودية، لا، ولكن أصلى حيث صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

عبيد هذا لم يذكر له راو إلا أبو سنان، وأبو سنان ضعفه الإمام أحمد نفسه وابن معين وغيرهما، وقال أبو زرعة ((مخلط ضعيف الحديث))، ولا ينفعه ذكر ابن حبان في الثقات لما عرف من تساهل ابن حبان، ولا قول العجلي ((لا بأس به)) فإن العجلي قريب من ابن حبان أو أشد، عرفت ذلك بالاستقراء.

جزاكم الله خيراً

انتهت الفوائد.

رحم الله العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمةً واسعة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply