قال البخاري: باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة:
عن عُقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال: صَلَّيتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - العَصرَ، فَلَماَّ سَلَّمَ قَامَ سَرِيعاً فَدَخَلَ عَلَى بَعضِ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَرَأَى مَا فِي وُجُوهِ القَومِ مِن تَعَجٌّبِهِم لِسُرعَتِهِ، فَقَالَ: ((ذَكَرتُ وَأَنَا فيِ الصَّلاَةِ تِبراً عِندَنَا فَكَرِهتُ أَن يُمسِيَ أَو يَبِيتَ عِندَنَا فَأَمَرتُ بِقِسمَتِهِ)).
باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم:
عن عُقبة - رضي الله عنه - قال: صَلَّيتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالمَدِينَةِ العَصرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسرِعاً فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِن سُرعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيهِم فَرَأَى أَنَّهُم عَجِبُوا مِن سُرعَتِهِ، فَقَالَ: ((ذَكَرتُ شَيئاً مِن تِبرٍ, عِندَنَا فَكَرِهتُ أَن يَحبِسَنِي فَأَمَرتُ بِقِسمَتِهِ)).
وأخرجه في باب: من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد.
قوله: ((فَفَزِعَ النَّاسُ)) أي: خافوا، وكانت تلك عادتهم إذا رأوا منه غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شيء يسوؤهم.
قوله: ((ذكرت شيئاً من تبر)) في رواية روح عن عمر بن سعيد في أواخر الصلاة: ((ذكرت وأنا في الصلاة))، وفي رواية أبي عاصم: ((تبراً من الصدقة)). والتِّبرُ - بكسر المثنَّاة وسكون الموحدة -: الذهب الذي لم يُصَفَّ ولم يُضرب، قال الجوهري: لا يقال إلا للذَّهب، وقد قاله بعضهم في الفضة، انتهى. وأطلقه بعضهم على جميع جواهر الأرض قبل أن تصاغ أو تضرب، حكاه الأنباري عن الكسائي، وكذا أشار إليه ابن دريد، وقيل: هو الذهب المكسور، حكاه ابن سيده.
قوله: ((يحبسني)) أي: يشغلني التفكر فيه عن التوجه والإقبال على الله - تعالى -.
وفي الحديث:
1 - أن المكث بعد الصلاة ليس بواجب.
2 - وأن التخطي للحاجة مُباح.
3 - وأن التفكر في الصلاة في أمر يتعلق بالصلاة لا يفسدها، ولا ينقص من كمالها.
4 - وأن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور الجائزة لا يضر.
5 - وجواز الاستنابة مع القدرة على المباشرة.
6 - الإسراع في المشي لحاجة.
7 - فضل تعجيل الصدقة من يومها.
8 - الحفاظ على الثروة الفكرية من أن تبدد في غير موقعها. لا شكَّ أنه دار في أذهان الصحابة كثير من الاحتمالات والتساؤلات حول حركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أنَّ هذه الأفكار ثروة ينبغي المحافظة عليها وتوجيهها إلى الإنتاج والعمل البنَّاء النافع، ولذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفس الوقت وبيَّن لهم سر الموضوع، وهذا بعكس كثير من الناس يبدو غامضاً في كثير من تصرفاته، فيشغل الناس به، وتكثر التحليلات، وتضيع الأوقات، وتسوَّد الأوراق.
9 - الجلوس للذكر بعد الصلاة.
10 - معرفة الصحابة بعادات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحواله.
11 - خشية الصحابة وخوفهم من الله، وكانت تلك عادتهم إذا رأوا منه غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شيء يسوءهم.
12 - عدم إنكاره عليهم تعجبهم منه، فلم يقل: ما شغلكم؟ ما دخلكم..؟
13 - زهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا.
14 - كرمه - صلى الله عليه وسلم -.
15 - قطع كل الشواغل عن التوجه والإقبال على الله - تعالى -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد