إعلام السائر بدراسة أحاديث الرؤيا لأول عابر


بسم الله الرحمن الرحيم
 
عن أبي رزين العُقَيليّ لقيط بن عامر بن صبرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوة ، وهي على رجل طائر ، ما لم يتحدث بها ، فإذا تحدث بها سقطت قال : وأحسبه قال : ولا يحدِّث بها إلا لبيباً أو حبيباً \".
وفي رواية قال :\" رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها ، فإذا حدث بها وقعت \" ، ولم يزد . هذه رواية الترمذي .
وفي رواية أبي داود : مثلها ، إلا أنه أسقط قوله :\" جزء من أربعين جزءا من النبوة \".
أخرجه أحمد (4/10) قال : حدثنا هشيم . (ح) وحدثنا بهز ، قال : حدثنا حماد بن سلمة . وفي ( 4/12) قال: حدثنا بهز ، قال : حدثنا شعبة (ح) وحدثنا عبدالرحمن بن مهدي ، وبهز . قالا : حدثنا شعبة . وفي (4/13) قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة . و\" الدارمي\" (2154) قال : أخبرنا هاشم بن القاسم . قال : حدثنا شعبة . و \" أبو داود\" (5020) قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال حدثنا هشيم . و\" ابن ماجة\" (3914) قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا هشيم . و\"الترمذي\" (2278) قال : حدثنا محمود بن غيلان ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : أنبأنا شعبة . وفي (2279) قال : حدثنا الحسن بن علي الخلال ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا شعبة . ثلاثتهم – هشيم ، وحماد ، وشعبة – عن يعلى بن عطاء ، قال : سمعت وكيع بن عدس ، فذكره .
أخرجه أحمد (4/11) قال : حدثنا عبدالرزاق ، قال : أخبرنا سفيان ، عن يعلى بن عطاء ، عن أبي رزين بن لقيط ، عن عمه رفعه قال : قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث .
ولكن الصواب أنه معلول ، لما يأتي :
1- جهالة وكيع بن عدس ، وقيل : ابن حدس العامري ، قال في (الميزان) : لا يعرف ، ولذا وصفه ابن حجر بأنه : مقبول .
2- نكارة متنه ، ومخالفته لما في الصحيحين في قصة تعبير أبي بكر الصديق ، للرؤيا ، أمام رسول الله ، وقول النبي - رسول الله صلى الله عليه وسلم - له : ( أصبت بعضاً ، وأخطأت بعضاً ) ، وقد أشار البخاري إلى ذلك ، فبوب على هذا بقوله : باب من لم ير الرؤيا لأول عابر ، إذا لم يصب (6639) وهذه القصة هي في البخاري(6/2582ح6639البغا)،ومسلم(4/1777ح2269)،وأبو داود(4633.3269.3267) ،والترمذي (2292)، والنسائي في (الكبرى) (7640) وابن ماجة (3918) من حديث ابن شهاب الزهري عن عبيدالله عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : إن رجلاً أتى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني رأيت الليلة في المنام : كأن ظلة تنطف السمن والعسل ، وأرى الناس يتكففون منها بأيديهم ، فالمستكثر ، والمستقل ، وإذا بسبب واصل من الأرض إلى السماء ، فأراك أخذت به فعلوت ، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به ، ثم أخذ به رجل آخر ، فانقطع به ، ثم وصل له فعلا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أنت ، والله لتدعني فأعبرها ، فقال النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" اعبُرها\" ، قال أبو بكر : أما الظلة ، فظلة الإسلام ، وأما الذي ينطف من العسل والسمن ، فالقرآن : حلاوته ولينه . وأما ما يتكفف الناس من ذلك ، فالمستكثر من القرآن ، والمستقل ، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض ، فالحق الذي أنت عليه ، تأخذ به فيعليك الله به ، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ، ثم يوصل له فيعلو به ، فأخبرني يا رسول الله ، بأبي أنت ، أصبتُ ، أم أخطأت ؟ قال النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم :\" أصبتَ بعضاً ، وأخطأتَ بعضاً \" ، قال : فوالله لتحدثني بالذي أخطأت ، قال :\" لا تقسم\" .
وفي رواية قال : جاء رجل إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من أُحُد ، فقال : يا رسول الله ، إني رأيت الليلة .... وذكر الحديث بمعناه .
وفي رواية عن ابن عباس أو أبي هريرة وكان معمر يقول أحيانا : عن ابن عباس ، وأحياناً : عن أبي هريرة .
وفي رواية : أن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يقول لأصحابه : من رأى منكم رؤيا فليقصها أعبرها ، قال : فجاء رجل، فقال : يا رسول الله ، رأيت ظلة – وذكر نحوه . أخرجه البخاري ، ومسلم .
وأخرج الترمذي ، وأبو داود الرواية الأولى ، وجعلاه عن ابن عباس ، عن أبي هريرة .
وأخرجه أبو داود أيضاً في رواية أخرى عن ابن عباس عن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد في آخره : فأبى أن يخبره .
وقد جاء في هذا المعنى أحاديث :
1- أخرج الحاكم (4/391) من طريق يحيى بن جعفر البخاري عن عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة – عبدالله بن زيد الجرمي – عن أنس قال قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الرؤيا تقع على ما تعبر ، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها ، فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً ) .
لكن هو في مصنف عبدالرزاق (11/212ح 20354) عن أبي قلابة عن النبي – مرسلاً – لم يذكر أنساً ، وكذلك ذكره البغوي في (شرح السنة) (12/215) عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي مرسلاً .
فدل على أن الراجح في هذا الحديث أنه مرسل ، لا يصح فيه ذكر أنس ، والمرسل من قسم الضعيف ، كما لا يخفى ، والله أعلم .
2- أخرج الدارمي (2/174ح2163) من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن عائشة زوج النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر ، يختلف فكانت ترى رؤيا كلما غاب عنها زوجها ، وقلما يغيب إلا تركها حاملاً فتأتي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول : إن زوجي خرج تاجراً فتركني حاملاً فرأيت فيما يرى النائم أن سارية بيتي انكسرت وأني ولدت غلاماً أعوراً ، فقال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم :( خير يرجع زوجك عليك إن شاء الله تعالى صالحاً وتلدين غلاماً برا ) فكانت تراها مرتين أو ثلاثاً كل ذلك تأتي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول ذلك لها فيرجع زوجها وتلد غلاماً فجاءت يوماً كما كانت تأتيه ورسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم غائب ، وقد رأت تلك الرؤيا فقلت لها عم تسألين رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أمة الله ؟ فقالت : رؤيا كنت أراها فآتي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله عنها فيقول خيراً فيكون كما قال فقلت : فأخبريني ما هي ؟ قالت : حتى يأتي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرضها عليه كما كنت أعرض ، فو الله ما تركتها حتى أخبرتني فقلت : والله لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك وتلدين غلاماً فاجراً ، فقعدت تبكي فقال : لها مالها يا عائشة ؟ فأخبرته الخبر وما تأولت لها ، فقال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم :( مه يا عائشة ، إذا عبرتم المسلم الرؤيا فاعبروها على الخير فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها ) فمات والله زوجها ولا أراها إلا ولدت غلاماً فاجراً .
ولكن هذا الحديث معلول لما يأتي :
أ – تفرد محمد بن إسحاق به ، وقد تكلم في حفظه وضبطه في غير أحاديث المغازي ، وقد وصفه ابن حجر بأنه : صدوق يدلس .
ب – أنه اختلف في سماع سليمان بن يسار من عائشة ، فنفاه البزار ، بينما أثبته الإمام أحمد والبخاري .
ج - النكارة الواضحة في مواضع من هذا الحديث التي تظهر للمتأمل ، وبناء على هذا فقول ابن حجر : بسند جيد (الفتح) (12/432) فيه نظر ، والله أعلم .
3- وأخرج ابن ماجة (3915) من طريق الأعمش عن يزيد الرقاشي عن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( اعتبروها بأسمائها ، وكنوها بكناها ، والرؤيا لأول عابر )
وهذا أيضاً معلول ، لأن يزيد الرقاشي ضعيف ، وقد صرح بهذا ابن حجر في الفتح (12/433) .
ومن هنا يتبين أنه لا يصح في هذا الباب شيء مرفوع إلى النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply