غزة الأبواء أو ودان


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

في صفر سنة 2 هـ، الموافق أغسطس سنة 623م، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها بنفسه في سبعين رجلاً من المهاجرين خاصة يعترض عيراً لقريش، حتى بلغ ودان، فلم يلق كيداً، واستخلف فيها على المدينة سعد بن عبادة -رضى الله عنه-.

وفي هذه الغزوة عقد معاهدة حلف مع عمرو بن مخشى الضمري، وكان سيد بنى ضمرة في زمانه، وهذا نص المعاهدة: (هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمره، فإنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لهم النصر على من رامهم إلا أن يحاربوا دين الله، ما بل بحر صوفة وأن النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه).

وهذه أول غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة، وكان اللواء أبيض وحامله حمزة بن عبد المطلب. الرحيق المختوم صـ (219-220).

 

للمزيد راجع:

\"ابن هشام\" (2/233)، و\"عيون الأثر في سيرة خير البشر\" لابن سيد الناس (1/354)، و\"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية\" لمهدي رزق الله أحمد (330) و\"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير\" العباد للصالحي (4/14)، و\"زاد المعاد\" لابن قيم الجوزية (3/164)، و\"الرحيق المختوم\" للمباركفوري (219-220).

 

 غزوة بُواط

كانت هذه الغزوة في شهر ربيع الأول سنة 2هـ.

وقال أبو عمرو وابن حزم: في ربيع الآخر- في مائتين من المهاجرين، وحمل لواءَه- وكان أبيض- سعدُ بن أبي وقَّاص، واستخلف على المدينة- قال ابن سعد – سعدَ بن معاذ، وقال ابن هشام، وأبو عمرو: السَّائبَ بن عثمان بن مظعون، وتابعهما على ذلك في العيون والإشارة والمورد، يعترض عيراً لقريش، وكان فيها أُمية بن خَلَف ومائة رجلٍ, من قريش وألفان وخمسمائه بعير، فبلغ بُواطاً، ولم يلق كيداً، فرجع إلى المدينة.

 

فائدة:

 بُواط- بضم الموحَّدة وفتحها وتخفيف الواو وبالطاء المهملة-: جبل من جبال جُهينة من ناحية رَضوى- بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة – جبل بينبع، بينه وبين المدينة أربعة بُرُد. راجع: \"سبل الهدى والرشاد\"(4/15).

قال ابنُ إسحاق: ثم غَزَا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في شهر ربيع الأول يُريد قريشاً.

قال ابنُ هشام: واستعملَ على المدينة السائبَ بن عثمان بن مظعون.

قال ابنُ إسحاق: حتى بلغ بُواط، من ناحية رضوى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً، فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جُمادى الأولى.(1)

 

للمزيد راجع:

\"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير\" العباد للصالحي (4/15)، و\"زاد المعاد\" لابن قيم الجوزية (3/165)، و\"الرحيق المختوم\" للمباركفوري (220)، و\"ابن هشام\" (2/240)، و\"عيون الأثر في سيرة خير البشر\" لابن سيد الناس (1/357).

 

الفوائد من غزوتي ودان  وبواط

1. مشروعية المقابلة بالمثل، فاعتراض النبي -صلى الله عليه وسلم- لعير قريش التي أخذت أموال المسلمين وآذتهم ليس من باب الظلم وإنما هو من باب المقابلة بالمثل.

2. كسب المسلمون بعض القبائل المجاورة للمدينة وعقدوا معها معاهدات.

3. استخلاف الإمام الرجل الصالح العاقل على الرعية عند غيابه.

 

غزوة سفوان - وهي غزوة بدر الأولى-

قال ابن إسحاق : ولم يُقم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالمدينة حين قدم من غزوة العشيرة إلا ليالي قلائل لا تبلغ العشر حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة، فخرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في طلبه واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، فيما قال ابن هشام .

قال ابن إسحاق : حتى بلغ وادياً، يقال له سفوان، من ناحية بدر وفاته كرز بن جابر، فلم يدركه وهي غزوة بدر الأولى. ثم رجع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة، فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجبا وشعبان.(2)

 

للمزيد راجع:

\"ابن هشام\" (2/234)، و\"عيون الأثر في سيرة خير البشر\" لابن سيد الناس (1/358-359)، و\"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية\" لمهدي رزق الله أحمد (331) و\"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد\" للصالحي (4/16)، و\"الرحيق المختوم\" للمباركفوري (220).

 

الفوائد من غزوة سفوان (بدر الأولى)

1. حقد المشركين على تلك الدولة المسلمة الناشئة، ويتجلى ذلك من انتهاز أي فرصة للبطش والتنكيل بهم، ونهب ثرواتهم، وأخذ خيراتهم.

2. تأديب من تجرأ على المساس بممتلكات الدولة المسلمة.

3. يقظة القيادة المسلمة ومعرفتها بما يجري في دولتها.

 

غزوة العشيرة

غزوة ذي العشيرة- في جمادى الأول، وجمادى الآخرة سنة 2هـ الموافق نوفمبر وديسمبر سنة 623م ، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خمسين ومائة ويقال: في مائتين، من المهاجرين، ولم يكره أحداً على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بعيراً يعتقبونها، يعترضون عيراً لقريش ذاهبة إلى الشام، وقد جاء الخبر بفصولها من مكة، فيها أموال لقريش، فبلغ ذا العشيرة ، فوجد العير قد فاتته بأيام، وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام فصارت سبباً لغزوة بدر الكبرى. وكان خروجه -صلى الله عليه وسلم- في أواخر جمادى الأولى ورجوعه في أوائل جمادى الآخرة على ما قاله ابن إسحاق.

وفي هذه الغزوة عقد رسول الله معاهدة عدم اعتداء مع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة . واستخلف على المدينة في هذه الغزوة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وكان اللواء في هذه الغزو أبيض وحامله حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه -. راجع \"الرحيق المختوم\" 180).

 قال ابنُ إسحاق : ثم غَزَا قريشاً، فاستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد- فيما قال ابن هشام-

 

 الطريق إلى العشيرة:

قال ابن إسحاق : فسلك على نقب بني دينار،ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يُقال لها: ذات الساق فصلَّى عندها. فثَمَّ مسجدُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصُنع له عندها طعامٌ فأكل منه، وأكل الناسُ معه. فموضع أثافي البرمة معلوم هنالك، واستُقي له من ماءٍ, به يُقال له \"المشترب\"، ثم ارتحل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فترك الخلائق بيسار وسلك شعبة يقال لها: شعبة عبد الله، وذلك اسمها اليوم، ثم صبَّ لليسار حتى هبط بليل، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة، واستقى من بئر بالضبوعة، ثم سلك الفرش \"فرش ملل\"، حتى لقي الطريق بصحيرات اليمام، ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع. فأقام بها جُمادى الأولى وليالي من جُمادى الآخرة، ودعا فيها بني مدلج وحلفاءَهم من بني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيداً .

قال ابنُ إسحاق: فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي، عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خيثم أبي يزيد عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة فلمَّا نزلها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- وأقام بهاº رأينا أناساً من بني مدلج يعملون في عينٍ, لهم وفي نخل; فقال لي عليٌّ بن أبي طالب: يا أبا اليقظان، هل لك في أن تأتي هؤلاءِ القوم فننظر كيف يعملون؟ قال: قلت: إن شئتَ، قال فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعةً ثم غشينا النومُ . فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صور من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا، فوالله ما أهبنا(3) إلا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحركنا برجله. وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، فيومئذٍ, قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعلي بن أبي طالب: (مالك يا أبا تُراب؟) لما يرى عليه من التراب، ثم قال: (ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟) قلنا: بلى يا رسول اللهº قال: (أُحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليٌّ على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى يبلَّ منها هذه. وأخذ بلحيته)(4)(5).

وقال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض أهل العلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما سمى علياً أبا تراب: أنه كان إذا عتب على فاطمة في شئ لم يكلمها، ولم يقل لها شيئاً تكرهه، إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة، فيقول مالك: يا أبا تراب؟ فالله أعلم أي ذلك كان.راجع \" سيرة ابن هشام\" (2/243).

 

للمزيد راجع:

\" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد\" للصالحي (4/17)، و\"الرحيق المختوم\" للمباركفوري (221)، و\"عيون الأثر في سيرة خير البشر\" لابن سيد الناس (1/357)، و\"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية\" لمهدي رزق الله أحمد (332).

 

الفوائد من غزوة ذي العشيرة

1.     انتهاز الفرص التي فيها خير للمسلمين.

2.     جواز السيطرة على ممتلكات المحاربين وأخذها غنيمة ينتفع بها المسلمون.

3.     لا يكون في هذا الكون إلا ما أراده الله - تعالى-.

4.  حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحرصه على تأمين الدولة من الاعتداءات عليها، ويظهر هذا من خلال المعاهدات التي كان يعقدها مع تلك القبائل.


 


1 -سيرة ابن هشام (2/ 240)

2-  -سيرة ابن هشام (2/ 243)

3 - أهبنا : أيقظنا

4 -أحمد في مسنده (4/263)، والحاكم في المستدرك (3/151) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه الزيادة. والنسائي في السنن الكبرى (5/153).

5 - -سيرة ابن هشام (2/240-242).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply