العقيدة أولا وأخيرا


 

بسم الله الرحمن الرحيم





تقديم:

الإيمان في اللغة: - قال أبن فارس في مادة (أم ن): الهمزة والميم والنون (أصلان متقاربان أحدهما للأمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها يكون القلب: والآخر التصديق، وأما التصديق فقول الله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا) يوسف (17) أي مصدق لنا وقال بعض أهل العلم: أن المؤمن في صفات الله تعالي، هو من يصدق ما وعد معبوده من الثواب وقال أحرون: هو مؤمن لأوليائه يؤمنهم عذابه ولا يظلمهم هذا قد عاد إلى المعنى الأول) وقال الأزهري في (تهذيب اللغة) (2/452- 452) وأما الإيمان فهو مصدر آمن يؤمن أيماناً وأتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم علي أن الإيمان معناه التصديق.



أما في الشريعة..فلإطلاقه حالتان:

الأولى:

أن يطلق مقرونا بالإسلام يفسر بالاعتقادات الباطنة كما في حديث جبريل وما في معناه وكقوله تعالى: (الذين أمنوا وعملوا الصالحات) في كثير من الآيات.وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم من أحييته منا فأحيه علي الإسلام ومن توفيته منا فتوفه علي الإيمان) الحاكم- وذلك إن الأعمال بالجوارح إنما يتمكن منها في الحياة أما عن الموت فلا يبقى غير قول القلب وعمله.



الثانية:

أن يطلق علي الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله، القول والعمل كقوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلي النور): (من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) (المائدة 5) ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس (هل ترون ما الإيمان بالله وحده؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان/ مسلم في الصحيحين كذلك: (الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاه قول لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق). وسمى الله الصلاة إيماناً في قوله: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي صلاتكم الأولى إلى بيت المقدس (البقرة 143) وهذا هو المعني الذي قصده السلف كما نقله الشافعي - رحمه الله - عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم إجماعاً قالوا: إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل. وهذا المعنى هو الذي أراد البخاري إثباته في كتاب (الإيمان) وعليه بوب أبوابه كلها فقال: (باب أمور الإيمان) و (باب الصلاة من الإيمان) وباب: (الزكاة من الإيمان)... إلخ إذن الإيمان عبارة عن ثلاثة أشياء: -

الأول: هو الاعتقاد الجازم وبكل ما ثبت بالضرورة إنه جاء من عند الله تعالى على نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولابد مع هذا من الرضا والارتياح النفسي.



الثاني: إعلان هذه العقيدة بالقول أو غيره من كل ما يدل عليه ظاهرا.



الثالث: العمل بكل ما أمر الله به من فريضة أو نافلة والإنهاء بما نهى الله عنه في سره وعلانيته بقلبه وجوارحه.



فثبت لنا أن الإيمان.. قول وعمل.



أي قول بالقلب واللسان وعمل بالقلب واللسان والجوارح وفيما يلي بيان كل منها:

(1) قول القلب: وهو تصديقه وإيقانه قال تعالي (والذي جاء بالصدق وصدق به أوليك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين) [الزمر 33-34].

وقال تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) [الحجرات 15] أي صدقوا ثم لم يشكوا.



(2) قول اللسان: وهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمها قال تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [الأحقاف 13].



(3) عمل القلب: وهو النية والإخلاص والمحبة والانقياد والتوكل على الله ولوازم ذلك وتوابعه قال تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه) [الأنعام52].

وقال تعالى: (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلي ربهم يتوكلون) [الأنفال 2]



(4) علم اللسان والجوارح: - فعمل اللسان ما لا يؤدى إلا به كتلاوة القرآن وسائر الأذكار وعمل الجوارح ما لا يؤدي إلا بها كالقيام والركوع والمشي في مرضاة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور) [فاطر 29].

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply