بسم الله الرحمن الرحيم
كلما تأملنا في التاريخ وتعمقنا فيه بدت لنا الشواهد والأحداث دليلاً واضحاً وبرهاناً بيناً على إجرام بني صهيون وضلالهم وعنادهم للخالق ولأنبيائه ففي أيام موسي - عليه السلام - وبعد أن أجرى الله على يديه لهم معجزات واضحة وضوح الشمس على صدق نبوته، ظهر مباشرة (السامري) ذلك الدجال من بني إسرائيل الذي اتخذ علمه وسيلة للضلال فكان من شياطين الإنس فجعله الله السبب المباشر لعبادتهم العجل، فقد صنع لبني إسرائيل عجلاً من الذهب يعبدونه من دون الله فحقق أمل قومه في أن يكون لهم صنم كما لغيرهم آلهة من الأصنام. وقد استنكر الله - سبحانه - ذلك كله بقوله - تعالى -: (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً) فالعجل لا يصدر منه غير الخوار.
لقد ظلم بنو إسرائيل أنفسهم وغيرهم لأنهم استعبدوا هذه النفوس لعجل لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً. وظلموا موسى وهارون - عليهما السلام - بانحرافهم عن هدايتهما. ولقد بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينصف الأنبياء ويعيد للعقول صفاء مهمتهم الرسالية التي حاول بنو إسرائيل تشويهها على مدى مئات السـنين.
وخلال وجوده - صلى الله عليه وسلم - في المدينة استطاع أن يؤدب هؤلاء اليهود الذين لم يرق لهم أن يأتي كتاب من عند الله يفضح تاريخهم ومساوئهم واعتداءهم على الأنبياء والبشر، ومن ثم فقد أجلاهم المسلمون عن أرض الرسالة لأنهم ظلوا مشبعين بالانحراف عن عقيدة التوحيد، وبالغدر ونكث العهود.
وحين ننظر إلى عصرنا وما جرى على أرض فلسطين نستذكر بني إسرائيل وعجلهم الذهبي الذي عبدوه دون رب العالمين. فاليهود اليوم هم ورثة قتلة الأنبياء والمنحرفين عن عبادة الله الواحد. والمسلمون في فلسطين اليوم ليسوا إلا امتداداً للمسلمين الذين كلفهم الله أن يسعوا بالخير للبشرية جمعاء.. وعلى هذا فإن اليهود الصهاينة اليوم يعبدون عجلهم الجديد المسمى دولة إسرائيل. لقد أضلهم (هرتزل) كما فعل سلفه(السامري) من قبل.. لقد استغل زعيم الصهيونية رغبة قومه في أن يكون لهم وطن قومي كما لغيرهم وطن. وزين لهم أن يغتصبوا فلسطين.
وها هم يفتنون كما فُتن أجدادهم المنحرفون ليمحص الله ما في قلوبهم ويشهدهم على أنفسهم أنهم شر خلق الله بما يرتكبونه في حق أبناء فلسطين وغيرهم من قتل وتشريد ومكر وخديعة، وقد اجتمعت في عبادة بني إسرائيل لعجلهم الجديد نفس الأسباب المقابلة لأسباب عبادة أجدادهم للعجل القديم، وهذا يدل بلا ريب على أنهم أشربوا العجل في قلوبهم بل أصبح يجري في عروقهم ويتأصل في جيناتهم الو راثية على مر الأزمان والعصور.
لقد صنع هرتزل مع زعماء الحركة الصهيونية دولة لها ضجيج غير أنهم لم يروا فيها الطمأنينة والسلام والأمن. فما أشبه دولة الكيان الصهيوني بعجل السامري لقد كان عجلاً جسداً له خوار لكنه لم يحقق أمانيهم ولا يهديهم سبيلاً.
لقد صنع اليهود اليوم دولة لهم في فلسطين من أموالهم التي جمعوها من الربا ومن أموال غيرهم التي ابتزوها واغتصبوها وهم يعلمون أنها لا تحل لهم. وصوّر لهم زعماؤهم أن هذه الدولة هي معبودهم. فأصابهم عمى البصيرة الذي أصابهم عندما عبدوا عجل السامري من قبل.
أما أبناء الإسلام في فلسطين اليوم فهم صابرون على الجراح حتى يأذن الله لهم بالنصر وتدمير العجل الجديد الذي يسمى اليوم \"إسرائيل\".. إننا نعيش اليوم عصر الإفساد الثاني الذي قام به اليهود. وقد أشار القرآن الكريم إلى أنه بعد إفساد اليهود الثاني لابد أن يأتي نصر الله: (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا). فما يقوم به الشعب الفلسطيني المجاهد من تصدٍ, لعبدة العجل الجديد، وما يقومون به من عمليات استشهادية مؤلمة في قلوب اليهود ونفوسهم ليس إلا تسريعاً لتدمير هذا العجل الكبير المسمى \"إسرائيل\". وبذلك فإنهم يستكملون ما قام به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - تصدياً لفساد بني إسرائيل ومكرهم وغدرهم وانحرافهم.
وطالما أن القرآن الكريم حدد في سورة الإسراء طبيعة هذا الصراع بين عباده الذين اصطفاهم وأورثهم الكتاب وبين هؤلاء الذين عبدوا العجول ومازالوا يعبدونها إلى هذا اليوم ولو بشكل آخر يتخذ من الدولة الصهيونية تجسيداً له، فإن الصراع لابد أن يحتدم. ولابد من تقديم التضحيات كما قدم الرساليون الأوائل من أصحاب رسول الله. وليس لشعب فلسطين سوى الصبر والرباط والمرابطة ومقارعة هذا العدو الفاسد المفسد إلى أن يأتي أمر الله بالنصر وتخليص المسجد الأقصى من براثن عبدة العجل وتدمير كل ما قام به اليهود الصهاينة من علو وسيطرة وفساد في الأرض.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد