بسم الله الرحمن الرحيم
وحدة الوجود أعظم عقيدة في الكفر، وهذه العقيدة التي لم تعرف الأرض أكفر ولا أفجر منها، والتي فصّلها هذا الخبيث في كتابه الفصوص، قد نثرها وفرقها في موسوعته الكبيرة الفتوحات المكية، والتي تقع في أربع مجلدات كبار كبار.
* بدأها في مقدمته بقوله: \'ولما حيرتني هذه الحقيقة أنشدت على حكم الطريقة للحقيقة:
الرب حق والعبد حـق *** يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك ميت *** وإن قلت رب أنى يكلف
فهو يطيع نفسه إذا شاء بخلقه...\' إلخ.
* ثم فرق هذه العقيدة الكفرية في كتابه هذا قائلاً: \'وأما عقيدة خاصة الخاصة في الله - تعالى -... جعلناه مبددًا في هذا الكتاب لكون أكثر العقول المحجوبة تقصر... \'. [الفتوحات 47].
* وقال هذا الأفاك فيما قال: إن الله لا ينزَّه عن شيء، لأن كل شيء هو عينه وذاته، وأن من نزهه عن الموجودات قد جهل الله ولم يعرفه، أي جهل ذاته ونفسه... قال: \'اعلم أن التنـزيه عن أهل الحقائق في الجانب الإلهي عين التحديد والتقييدº فالمنزِّه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب\'. [الفصوص 86].
* وقال في وصف نوح: لأن الدعوة إلى الله مكر بالمدعو، {وَمَكَرُوا مَكراً كُبَّاراً} - صلى الله عليه وسلم -: \'فأجابوه مكراً كما دعاهم، فقالوا في مكرهم: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُم وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسراً}. فإنهم لو تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء. فإن للحق في كل معبود وجهًا يعرفه من يعرفه ويجهله من يجهله. {وَقَضَى رَبٌّكَ أَلَّا تَعبُدُوا} أي حكم، فالعالم يعلم من عَبَد وفي أي صورة ظهر حتى عُبِد، وإن التفريق {إِلَّا إِيَّاهُ} والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة والقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود\'. [الفصوص 72].
* ولما جعل هذا الخبيث قوم نوح الذين عبدوا الأصنام لم يعبدوا إلا الله، وأنهم بذلك موحدون حقًا فلذلك كافأهم الله الذي هم نفسه، فهي التي خطت بهم {مِمَّا خَطِيئَاتِهِم} وذاته بأن أغرقهم في بحار العلم في الله. قال: {وَإِذَا البِحَارُ سُجِّرَت} في عين الماء {فَأُدخِلُوا نَاراً} فغرقوا في بحار العلم بالله، فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد {فَلَم يَجِدُوا لَهُم مِن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً}. [الفصوص 73].
* وقال أيضاً: \'ومن أسمائه العلي: على من، وما ثم إلا هو، فهو العلي لذاته أو عن ماذا؟! وما هو إلا هو، فعلوه لنفسه، ومن حيث الوجود فهو عين الموجودات، فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها وليس إلا هو\'. [الفصوص 76].
* وقال: ومن عرف ما قررناه في الأعداد، وأن نفيها عين إثباتها، علم أن الحق المنزه هو الخلق المشبه، وإن كان قد تميز الخلق من الخالق. فالأمر الخالق المخلـوق، والأمر المخلوق الخالق. كل ذلك من عين واحدة، لا، بل هو العين الواحدة وهو العيون الكثيرة. فانظرº والولد عين أبيه. فما رأى يذبح سوى نفسه: {قَالَ يَا أَبَتِ افعَل مَا تُؤمَرُ} ماذا ترى، وفداه بذبح عظيم، فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان. وظهر بصورة ولد: لا، بل بحكم: فما نكح سوى نفسِهِ. اهـ. ] {وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا} ولد من هو عين الوالد. [الفصوص 78].
* وقال أيضًا: \'فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية والنسب العدمية، بحيث لا يمكن أن يفوته نعت منها، وسواء كانت محمودة عرفًا وعقلاً وشرعًا أو مذمومة عرفًا وعقلاً وشرعًا. وليس ذلك إلا لمسمى الله - تعالى -خاصة\'. [الفصوص 79].
* وهذا الخبيث لا يكذب الرسل فقط في إخبارهم عن الله والغيب، بل يكذب ويكابر في المحسوس، فإنه بما زعم في وحدة الوجود وأنه ليس إلا الله، مدعيًا أنه هو عين المخلوقات، وبذلك لا يكون هناك فارق بين الملك والشيطان والمؤمن والكافر، والحلال والحرام، ومن عبد الشمس والقمر، ومن كفر بعبادة الشمس والقمر... بل ادعى كذلك أن الجنة والنار كليهما للنعيم، وأن أهل النار منعمون كما أهل الجنة، قال:
وإن دخلـوا دار الشقــاء فإنهم*** على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد، فالأمر واحد *** وبينهما عند التجـلي تبـاين
يسمى عذابًا من عذوبة طعمه *** وذاك له كالقشر والقشر صاينُ
ولا يخجل هذا الأفاك من وصف الرب الإله - سبحانه وتعالى - بكل صفات الذم تصريحًا لا إجمالاً وتلميحًا وفحوى... فهو يصف الجماع بل الوقاع نفسه أنه دليل هذه الوحدة، فالله عنده هو الطيب والخبيث - تعالى -الله عن ذلك علوًا كبيرًا فيقول: والعالم على صورة الحق والإنسان على الصورتين.
وقال: \'ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أُمِرَ بالاغتسال منه، فعمت الطهارة كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة. فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيهº إذ لا يكون إلا ذلك. فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودًا في منفعل، وإذا شاهده في نفسه - من حيث ظهور المرأة عنه - شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكوَّن عنه كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة. فشهوده للحق في المرأة أتم وأكملº لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب - صلى الله عليه وسلم - النساء لكمال شهود الحق فيهنº إذ لا يشاهد الحق مجردًا عن المواد أبدًا، فإن الله بالذات غني عن العالمين، وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعًا، ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله\'. [الفصوص 217].
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
فين المشكلة
17:03:18 2019-07-30