الترديد وراء المؤذن


بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الترديد وراء المؤذن يعد من القربات والطاعات التي غفل عنها الكثير من الناس لما ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: \"إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن\" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وبعض الذين عرفوا هذه السنة لا يعرفوا عنها الكثير من أحكامها وأريد في هذا البحث أن أبين هذه الأحكام:

أولا: الترديد وراء المؤذن في الأذان:

- حكمه: أنه سنة مستحبة.

- حالة المتابع: على أي حالة سواء كان طاهر أو محدث أو جنب أو حائض أو كبير أو صغير ويستثنى منهم المصلي ومن في الخلاء، وإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك قطعه وتابع المؤذن ثم واصل بعد ذلك.

- طريقة المتابعة: أن يردد بصوت منخفض يسمع نفسه أو من بجانبه.

- ماذا يقول المتابع: أن يقول مثل المؤذن تماما ماعدا عند حي على الصلاة وحي على الفلاح فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله للحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: \"إذَا قالَ المُؤَذّنُ: اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ، فَقالَ أحَدُكُم: اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ، ثُمَّ قالَ: أشهَدُ أن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: أشهَدُ أن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، قالَ: أشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِº ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، قالَ: لا حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللّهº ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الفَلاح، قالَ: لا حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِº ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبَرُ، قالَ: اللَّهُ أكبَرُ اللَّهُ أكبرُº ثمَّ قالَ: لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قالَ: لا إلهَ إِلاَّ اللّه مِن قَلبه دَخَلَ الجنَّة\". رواه مسلم في صحيحه.

- عند دخول المسجد: إذا كان وقت الأذان يستحب له أن ينتظر حتى يفرغ المؤذن من الأذان لكي يردد معه ثم يصلي تحية المسجد للجمع بين الفضيلتين.

- ماذا بعد الأذان:

1- الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : للحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاصº أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: \"إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا علي . فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا...\" رواه مسلم, وأفضل الصيغ الصلاة الإبراهيمية وهي \"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد\" وغيرها من الصيغ الصحيحة.

2- سؤال الوسيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: للحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاصº أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا علي. فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. ثم سلوا الله لي الوسيلة. فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة \". رواه مسلم

وصيغة الدعاء \" عن جابر - رضي الله عنه - أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: \" من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة\" رَوَاهُ البُخَارِيٌّ.

ثانيا: بين الأذان والإقامة:

يستحب الدعاء في هذا الوقت للحديث عن أنس - رضي الله عنه – قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: \"لا يُرَدٌّ الدٌّعاءُ بَينَ الأذَانِ والإِقامَةِ\" رواه أبو داود, والترمذي, والنسائي, وابن السني وغيرهم.

ملحوظة: وأرى والله أعلم أنه لا يشرع رفع اليدين في هذا الموضع وإن قال به البعض وذلك لعدم ورود ما يفيد أن الصحابة كانوا يرفعون أيديهم فيه، مع ورود ما يفيد أنهم كانوا ينتظرون الصلاة الوقت الطويل، والذي أراه في موضوع رفع اليدين أنه توقيفي في المواضع التي ورد فيها نص بأفضلية الدعاء،

أما الدعاء في الأوقات العامة فأرى أن رفع اليدين مستحب للحديث عن سَلمَانَ - رضي الله عنه – قالَ: قالَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: \"إِنّ رَبّكُم حَيِيّ كَرِيمٌ يَستَحيِي مِن عَبدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيهِ إِلَيهِ أَن يَرُدّهُما صِفراً\". وخاصة إذا كان الداعي خاليا،

وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فأرى أنه غير مشروع.

ثالثا: الترديد وراء المؤذن في الإقامة:

فأرى أنه غير مشروع وذلك لعدة أسباب:

1- لأن الحديث الصحيح الوارد في الترديد خاص بالأذان فقط، ومن يرى أنه عام يشمل الأذان والإقامة، أقول له يلزمك من ذلك أن تقول أن الصلاة على النبي وطلب الوسيلة له مستحبة كذلك بعد الإقامة لأن الحديث الوارد واحد، وهذا لم يقل به أحد.

2- لأن الحديث الوارد في الترديد وراء المؤذن ضعيف جدا لا تقوم به حجة، وقد ضعفه النووي والعسقلاني, والألباني, وابن عثيمين وغيرهم.

وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في \" فتاويه\" (12 / 201):

عن المتابعة في الإقامة؟

فأجاب، والراجح أنه لا يتابع. ا. هـ قال: المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة -

3- من المعروف أن السنة في الأذان الاسترسال والتمهل والفصل بين كل كلمتين بسكتة،

فهذا يسمح لمن يردد خلفه أن يردد في سكتاته.

أما بالنسبة للإقامة فالسنة فيها الحذر أي السرعة، وهذا لا يمكن معه الترديد فلهذا لا يشرع الترديد في الإقامة.

لكن أرى أن الإنصات مستحب استعدادا للدخول في الصلاة.

هذا والله - تعالى -أسأل أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply