بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
توفي زوجي قبل فترة و أنا أقيم في بلاد الغربة، فما الذي يجب علي في العدة غير القرار في البيت؟
الجواب:
أقول مستعيناً بالله - تعالى -:
قد جرت عادت الناس في بلادنا و غيرها على التشديد على المرأة المتوفى عنها زوجها و التيسير على المطلقة في العدة، و هذا أمر مناف لما جاء به الشرع الحنيف الذي لم يفرق بين أحكام العدة الواجبة بسبب الطلاق أو الوفاة، بل هما سواء في ما يجب على المرأة فيهما، اللهم إلا في المدة التي تمكثها المرأة بعد مفارقة الزوج.
و من العجب أن يُفتى للمرأة المعتدة من وفاة زوجها بتحريم خروجها من البيت، أو الاختلاط بالرجال، أو السفور أمام غير المحارم باعتبار ذلك من محرمات الحداد على الزوج أثناء العدة.
و ليس العجب في تحريم هذه الأمور و ما شابهها على المرأة المسلمة، و لكن العجب العجاب في قصر التحريم على فترة العدة، وكأن السفور و الاختلاط و ما إليهما حلٌ لا بأس به إلا في العدة، و هذا من التقول على الله بغير علم، بل من العبث الذي تنزه عنه الشريعة الغراء، و ينبغي أن يتنبه له أعلامُ الموقعين عن ربِّ العالمين.
و الحق أن يقال: إن الواجب على المرأة في العدة من حيث اللباس و الحشمة و مجانبة الرجال و تحاشي الاختلاط بهم و الخروج من بيتها لغير الضرورة هو عينه الواجب على بنات جنسها العُمرَ كُلَّه، لا فرق في ذلك بين معتدة وغير معتدة، و يضاف إلى ذلك على المعتدة خاصَّةً تحريم الخطبة و النكاح و التزيٌّن في جسمها و ملبسها حتى تنقضي عدتها لما رواه مسلم و أحمد وغيرهما، عن أم عطية - رضي الله عنها -، قالت: (كُنَّا نُنهَىَ أَن نُحِدَّ عَلَىَ مَيِّتٍ, فَوقَ ثَلاَثٍ,، إِلاَّ عَلَىَ زَوجٍ,، أَربَعَةَ أَشهُرٍ, و عَشراً، و لاَ نَكتَحِلُ، و لاَ نَتَطَيَّبُ، و لاَ نَلبَسُ ثَوباً مَصبُوغاً، و قَد رُخِّصَ لِلمَرأَةِ فِي طُهرِهَا، إِذَا اغتَسَلَت إِحدَانَا مِن مَحِيضِهَا، فِي نُبذَةٍ, مِن قُسطٍ, و أَظفَارٍ,).
و المراد في هذا الحديث واضح لمن تدبره، و جماع ما فيه نهي المرأة عن التزين أثناء عدَّتها، باستثناء ما لا بد منه للمرأة إذا انقضت حيضتها، فإنها تحتاج لتتبع الأذى و رفع أثره، و لذلك رخص لها في القدر اليسير من القسط و الأظفار، و هما نوعان من البخور يتخذان لغير التطيٌّب كما قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم.
أما ما سوى ذلك من أحكام الاختلاط و خروج المرأة لغير حاجة و الحجاب و ستر الوجه (عند من أوجبه) و نحو ذلك، فالنساء فيه سواء، المعتدة و غير المعتدة، و لا فرق في حكم شيء من ذلك بين فترة الحداد و غيرها.
هذا، و الله أعلم و أحكم، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و آله و صحبه و سلَّم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد