بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث في صحيح البخاري ولا إشكال فيه فقد رواه عن عبد الرحمن بن عبدٍ, القاري: خرجت مع عمر بن الخطاب t ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي ابن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.
وأورد قبله قول الإمام الزهري في التراويح: فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر - رضي الله عنهما -.
والتحقيق أنها ليست بدعة وإن تمسّك بها المبطلون، وذلك من عِدّة وجوه:
الوجه الأول:
أنه بفضل الله لا يُعرف في الصحابة مُبتدِعاً، ويكفي البدعة قُبحاً أن يُبرأ منها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الثاني:
أن ما فعله عمر - رضي الله عنه - له أصل في الشرع، بل هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس جماعة في رمضان وصلّى الناس بصلاته.
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى في المسجد ذات ليلة فصلّى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثُر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم. قال: وذلك في رمضان.
الوجه الثالث:
أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن منه إلا أنه أحيا الأمر الأول، وجَمَع الناس على إمام واحد بدل الفرقة والاختلاف.
قال ابن عبد البر: لم يَسُنّ عمر إلا ما رضيه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، فلما عَلِمَ عمر ذلك مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعَلِمَ أن الفرائض لا يُزاد فيها ولا يُنقص منها بعد موته - صلى الله عليه وسلم - أقامها للناس وأحياها، وأَمَرَ بـها وذلك سنة أربعة عشرة من الهجرة، وذلك شيءٌ ذخره الله له وفضّله به. اهـ.
قال ابن رجب - في قول عمر - رضي الله عنه -: نعم البدعة هذه -: وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدعº فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - لمـا جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه. اهـ.
الوجه الرابع:
ثم إن عمر - رضي الله عنه - ممن أُمِرنا أن نقتدي بـهم، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ. رواه الإمام أحمد وغيره.
وفي قولِه - صلى الله عليه وسلم -: اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر. رواه أحمد والترمذي، وهو حديث صحيح.
فأين هذا ممن يبتدع في دين الله ما لم يأذن به الله ثم ينسبه للشرع؟؟!
وأين هذا ممن يدّعي محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يتقدّم بين يديه - عليه الصلاة والسلام - ويزيد على ما جاء به، كأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يُبلّغ البلاغ المبين؟!
وأين هذا ممن يتشبه بأعداء دينه الذين ابتدعوا رهبانية لم يأذن بها الله؟
(وَرَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبنَاهَا عَلَيهِم)
فما أشبه القوم بالقوم!
وأين من يبتدع في دين الله من قوله - عليه الصلاة والسلام - في خُطبه ومواعظه: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. رواه مسلم. ؟؟
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وهؤلاء يستدركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: ليست كل محدثة بدعة! ولا كل بدعة ضلالة!
والعمل الصالح لا يكون مقبولاً عند الله - عز وجل - إلا بموافقته لسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
والله - تعالى -أعلى وأعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد