بسم الله الرحمن الرحيم
أراكِ قد أعددت وبتفوق خطة محكمة تستقبلين بها هذا الشهر الكريم، تنظيم الوقت عندك أكثر من رائع، كم هو جميل حرصك على اجتماعك وزوجك وأولادك في أول ليلة من هذا الشهر الكريم، وما أعذب حديثكم عن فضل رمضان، وعظيم الأجر والثواب فيه لكل عمل صالح، وأحسب أنكم ستناقشون إلى أي مسجد ستذهبون لأداء التروايح، وبالتأكيد لن يفوتك تقسيم الأعمال على كل أفراد الأسرةº حتى يتسنى لك وقت للعبادة، فلا يستغرق كل يومك في شؤون المنزل..
كم هي مشجعة تلك المسابقة التي قمت بإعدادها لأولادك ليتسابقوا في حفظ سورة أو أكثر من كتاب الله - تعالى -، وكم سيكون مفيدا تخصيص نصف ساعة يوميا للاجتماع حول تفسير بعض الآيات، كما أنك ـ بارك الله فيك ـ لم تنسي حق أرحامك وجيرانك في الصلة، وتفقد أحوالهم، وتخوّلهم بالكلمة الطيبة، وما يتلمسه عقلك الواعي من موعظة رقيقة يحتاجون إليها، أو طعام بسيط معه هدية تذكر بفضل هذا الشهر الكريم، وما أحلى ترديد الصغار (آمين) خلف دعائك أنت وزوجك قبيل المغرب..
وفي كل عام لك لمسات وإضافات، لا حرمك الله منها، وزادك من فضله، ولكن...
ماذا عن قلبك؟!
أتراكِ أعددتِ له خطة، أم أنك مطمئنة أنه على ما يرام؟
هل كان لك معه وقفات تدبرت فيها الحكمة من كثرة ترديد الحبيب صلى الله عليه سلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك) كما رواه مسلم عن عائشة وغيرها؟
ما الذي سيدور في خلدك إذا تذكرت قول ابن القيم: (كن حارسا على أبواب النفس من جميع جهاتها وإلا دخل العدو) الوابل الصيب.
والقلب جهة.. لكم أغرت الشيطان، ومازال، ومهما احتل من أجزائنا إلا أنه لا يقنع بأقل من النفث والوسوسة فيه. أم لعلمك أن سجنه في هذا الشهر العظيم سيجعل قلبك في مأمن منه، ولكن ماذا عن تراكمات الشهور السابقة من شهوات خفية، وحب وبغض.. أتراه كان في الله ولله، أم كنا نحسب أننا نحسن صنعا؟ ونوايا أتراها كانت لله خالصة، أم وصل التلوث فيها إلى حد مخيف؟
هل سنستطيع أن نتخلص من كل ذلك، ونزكي هذا القلب في ليلة واحدة، أم أن الأمر يحتاج إلى خطة محكمة، ومتابعة ومراقبة ومحاسبة؟! يقول الرافعي: (إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة حولك، وتترك الفوضى في قلبك).
إن تنظيم الحياة دون الالتفات إلى القلب سيجعلنا نسير في أيامها صورا جميلة منسقة، ويا ليت الصور كانت هي محل النظر من الله - تعالى -.. إذن لهان الأمر، ولكن (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم عن أبى هريرة.
وليزداد الشأن خطورة.. إذ سلامته هي مصدر النفع الوحيد في الدنيا والآخرة (يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاّ مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ, سَلِيمٍ,) الشعراء 88-89.
فهلا راجعنا خطتنا، وفقهنا أولويات احتياجاتنا، أم سيقف التسويف عقبة كؤودا في طريقنا؟! ولكن ومضات تشيع في النفس الأمل، وتحفز الهمم، نلمح سناها من قوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ) العنكبوت69.
فلنبدأ من الآن..!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد