وقت الأضحية وصفة الذبح:
الأضحية عبادة لها وقت لا تصح إلا به وهو من بعد صلاة العيد فإن تعدد المصلى فبأسبقهما، فمن ذبح قبل الصلاة فلا أضحية له وإنما شاته التي ذبحها شاة لحم يأكلها هو ومن شاء وليست بشاة نسك، ويلزمه أن يذبح مكانها أخرى بعد الصلاة لحديث جندب بن سفيان البجلي قال: قال شهدت الأضحى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى صلاته نظر إلى غنم قد ذبحت فقال: {من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله} [أخرجه البخاري ومسلم].
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: {إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء....الحديث} [أخرجه البخاري ومسلم].
والأفضل أن يؤخر الذبح حتى تنتهي الخطبتان تأسياً بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي إن شاء الله.
ومن كان يحسن الذبح فليذبح بنفسه ولا يوكل في ذبحها لحديث أنس - رضي الله عنه -: {ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده} [أخرجه البخاري ومسلم]. ولأن الذبح قربة وكون الإنسان يتولى القرية بنفسه أفضل من الاستنابة، قال البخاري: (أمر أبو موسى بناته أن يضحين بأيديهن).
وتجوز الاستنابة {لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثاً وستين بدنه بيده واستناب علياً في نحر ما بقي من بُدنه} [أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه].
وعند الذبح تراعى الأمور الآتية:
1- الإحسان إلى الذبيحة: وذلك بأن يعمل كل ما يريحها عند الذبح، ومن ذلك أن يكون الذبح بآلة حادة وأن يُمرها على محل الذبح بسرعة وقوةلأن المطلوب وجوب الإسراع في إزهاق النفس على أسرع الوجوه وأكملها من غير تعذيب.
وعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {إن الله كتب الإحسان على كل شيء. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته}. [أخرجه مسلم].
ويكره أن يحد السكين والبهيمة تنظر إليه لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: {أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحد الشفار وأن توارى عن البهائم. وقال: إذا ذبح أحدكم فليجهز} [أخرجه أحمد وابن ماجة وإسناده حسن]. ولأن حد السكين وهي تبصرة يؤدي إلى إزعاجها وهو ينافي الإحسان المطلوب، ولا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها لما ذكرنا.
2- إذا كانت الأضحية من الإبل فتنحر قائمة معقولة يدها اليسرى لقوله - تعالى -: {فاذكروا اسم الله عليها صواف} [سورة الحج: 36]. {قال ابن عباس: قياماً على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى}[تفسير ابن كثير].
وإن كانت من غير الإبل فإنها تذبح مضجعة لأنه أرفق بها. ويكون الاضجاع على جنبها الأيسر لأنه أسهل للذبح في أخذ السكين باليمنى، وإمساك رأسها باليسار إلا إذا كان الذابح أعسر وهو الذي يعمل بيده اليسرى عمل اليمنى فله أن يضجعها على الجانب الأيمن لأن الغرض إراحة الذبيحة وتمكن الذابح منها.
ويستحب وضع الرجل على صفحة عنق الذبيحة ليتمكن منها. ولا يجوز أن يلوي يد الذبيحة من وراء عنقها كما يفعله بعض الناس لأنه تعذيب لها.
3- أن يستقبل القبلة عند الذبح لحديث جابر قال: {ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين مُوُجئين فلما وجههما قال إني وجهت وجهي.... الحديث} [أخرجه أبو داود وابن ماجه].
وإن وجهها إلى غير القبلة أجزأ إذ لم يقم دليل على الوجوب والله أعلم.
4- تجب التسمية فيقول {بسم الله} لقوله - تعالى -: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} [سورة الأنعام: 118]. وقوله - تعالى -: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} [سورة الأنعام: 121].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا} [أخرجه البخاري ومسلم].
ويستحب التكبير {الله أكبر} مع التسمية. ولا يشرع الزيادة عليهما إلا الدعاء بالقبول عند ذبحها لحديث عائشة - رضي الله عنها - وفيه: {وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد ومن آل محمد ومن أمة محمد} [أخرجه مسلم].
ويسمى عند الذبح من هي له ويدعو فيقول: {اللهم هذه أضحية عن فلان يعني نفسه فتقبل مني: أو من فلان فتقبل منه}. وأما مس ظهر الأضحية عند تسميتها- كما يفعله بعض العامة فهذا لا أصل له.
ولا تشرع الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع لأنه غير لائق بذلك ولأنه فيه إيهام الإهلال لغير الله - تعالى -. ولا تسن زيادة {الرحمن الرحيم} لعدم وروده فالاقتصار على المأثور مطلوب.
ولا بد أن تكون التسمية عند الذبح فلو وقع فاصل طويل أعادها إلا إذا كان الفصل لتهيئة الذبيحة وأخذ السكين، والمعتبر أن تكون التسمية على ما أراد ذبحه، فلو سمى على شاة ثم تركها إلى غيرها أعاد التسمية، وأما تغير الآلة فلا يؤثر على التسمية.
5- لا بد من إنهار الدم وذلك أبلغ ما يكون بقطع الودجين وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمريء. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: {ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سناً أو ظفراً}.
وتمام ذلك بقطع أربعة أشياء:
1- الحلقوم 2- المريء 4، 3- الودجان.
6- يحرم على الذابح أن يفعل بالذبيحة ما يؤلمها قبل زهوق نفسها، مثل أن يكسر عنقها أو يبدأ بسلخها أو قطع شيء من أعظائها قبل أن تخرج روحها من جميع أجزائها، لما في ذلك من تعذيب الحيوان. وعلى هذا فلو شرع في سلخها ثم تحركت انتظر حتى تيقن موتها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد