الدعاء (2)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنَّ الحَمدَ لله، نَحمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِن سيئاتِ أعمَالِنا، مَن يَهدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضلِل، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورَسُولُه.

{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُسلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيٌّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ, وَاحِدَةٍ, وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولا سَدِيدًا * يُصلِح لَكُم أَعمَالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد أيها الناس:

فقد ذكرنا سابقاً أن الدعاء هو سلاح المؤمن الذي يلجأ إليه حالَ الأزمات، ومن طريف ما يُذكر: أن أحد العلماء العالمين مرَّ بدارٍ, لأحد الوجهاء، فسمع بها أصوات بعض المنكرات، وأحسَّ منها ريبةً، فطرق الباب، ففتح له الخادم، فقال له: قل لسيِّدك: إما أن ينتهيَ، وإلا قاتلناه بسهام الليل! فلم يفهم الخادم العبارة، فرجع إلى سيِّده فأعلمه بما قيل له، فقال له سيِّده: ارجع إليه، وقل له: سننتهيº فلا طاقة لنا بسهام الليل. ومقصودُهُ بسهام الليل: الدعاء في جوف الليل.

 

معشر الإخوة: تنزل بالمسلمين أحياناً بعض النوازلº كامتناع المطرº فيلجؤون إلى الله ويستسقون، فلا يحسٌّون أثراً لدعائهم، فما السبب؟ إن الأسباب عديدة، وهي تتمثل في عدم تحقق شروط الدعاء، وهي:

أولاً: الإخلاص لله في الدعاءº لأن الدعاء هو العبادة، كما جاء في الحديث الصحيح، عن الإمام أحمد، وأصحاب السنن، وكما دلَّت عليه آيات القرآن، ومنها قوله - تعالى -: {وَقَالَ رَبٌّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، فسمَّى الدعاء هنا عبادةً.

 

وقد نهى الله - سبحانه - عن دعاء غيره، فقال - تعالى -: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن: 18]، وقال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمثَالُكُم فَادعُوهُم فَليَستَجِيبُوا لَكُم إِن كُنتُم صَادِقِينَ} [الأعراف: 194]º ولذا أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمه بقوله: ((إذا سالت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)). وهذا الشرط- أعني به: الإخلاص لله في الدعاء مفقودٌ اليوم في كثير من بلاد الإسلام، إلا ما شاء الله منها، وما أقلَّها!!.

 

ويلتبس الأمر على كثير منهم حين يقول: نحن لا ندعو أحداً من دون الله، ولكنَّا نتوسل إلى الله بالأموات من الأنبياء والصالحين من عبادهº لأن ذنوبنا كثيرة، فإذا توسلنا إليه - سبحانه - بهؤلاء، رجونا منه استجابة الدعاء!.

وهذه الشُبهَة هي التي تعلَّق بها مشركو مكة حين أخبر عنهم - جل وعلا - بأنهم قالوا عن أصنامهم وأوثانهم، التي هي صورٌ لرجال صالحين في السابق، أخبر - تعالى - أنهم قالوا: {مَا نَعبُدُهُم إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلفَى} [الزمر: 3]. أي أنهم جعلوهم وسائطَ فقط.

 

ويوضح هذه المسألة: أن الصحابة - رضوان الله عليهم - هم الذين تحقَّقت فيهم صفات التوحيد الكاملº لأخذهم الدين من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً، وقد كانت تعتريهم بعض الشدائد والمحن، وما أُثِرَ عن أحدٍ, منهم أنه توسل إلى الله - سبحانه - بنبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد موتهº بل إن عمر - رضي الله عنه - كما هو ثابت عنه في \"الصحيح\"، حينما أصابتهم شدَّةٌ في سنةٍ, من السنين، خرج يستسقي ومعه العباس بن عبد المطلب عمٌّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم كنَّا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبيك - صلى الله عليه وسلم - وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبيك. فدعا لهم العباس - رضي الله عنه - فاستجيب له ولهم. فالصحابة هنا بجوار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فلماذا يدَعُون التوسل به، ويتوسلون بدعاء العباس؟؟ الجواب: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في عداد الأموات حُكماً في الدنيا، وإن كان حيّاً عند ربه.

 

والتوسل المشروع ثلاثة أقسام:

1- التوسل إلى الله - سبحانه - بأسمائه وصفاته، فتقول: يا حيٌّ، يا قيٌّومُ، يا سميعُ، يا بصيرُ...وهكذا.

2- التوسل إلى الله - سبحانه - بالأعمال الصالحة، كما في قصة النَّفر الثلاثة الذين سَدَّت عليهم الصخرةُ بابَ الغارº فذكروا من أعمالهم الصالحة، ودعوا ربهمº ففرج الله عنهم الصخرة، وخرجوا يمشون!.

3- التوسل إلى الله - سبحانه - بدعاء الأخ الصالحº كما في قصة عمر مع العباس، وكما في \"الصحيح\" من حديث أنس - رضي الله عنه - حين دخل رجل المسجد، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السٌّبُل - يعني: من قلَّة المطر - وطلب منه الدعاء، فدعا - صلى الله عليه وسلم - فنزل المطر.

هذه أقسام التوسل المشروع، وما عداه فليس بمشروع.

 

الشرط الثاني: عدم الاستعجالº لأنه محبطٌ للدعاء، وفي \"صحيح مسلم\"، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يزال يُستجاب للعبد، ما لم يَدعُ بإثمٍ, أو قطيعة رحمٍ,، ما لم يستعجل)). قيل: يا رسول الله، فما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوت، فلم أَرَ يُستجب لي! فيستحسر عند ذلك، ويَدَع الدعاء)). ومعنى يستحسر: أي ينقطع عن الدعاء.

 

الشرط الثالث: الدعاء بالخير، فقد مرَّ في الحديث السابق قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال يُستجاب للعبد، ما لم يدع بإثمٍ, أو قطيعة رحمٍ,)).

 

الشرط الرابع: حضور القلب حالَ الدعاء، وفي الحديث الذي رواه الترمذي، والحاكم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ, لاهٍ,))º أي: يكون قلبك حاضراً وأنت تدعو، متفهماً لما تقول، وتذكر من تخاطب، فإنك تخاطب رب العزَّة - سبحانه - فلا يليق بك - وأنت العبد الذليل - أن تخاطب مولاك بكلامٍ, لا تعيه، أو بجُملٍ, قد اعتدت على تكرارها دون التفهٌّم لفحواها.

 

وكلنا يرى أننا كثيراً ما نذهب نستسقي وندعو، ثم لا نرى للإجابة أثراً، والسبب أننا ندعو بعبارات اعتدنا عليهاº فلا نعي ما نقول، ومع ذلك فاستسقاؤنا إنما هو تشبٌّعٌº ندعو الله والكثير يدور في خَلَدِه النزهة، وضرب الخيام في البريَّة، والتنعٌّم بما تخرج الأرض من زينتها، أما الدعاء للضر الذي أصاب، فلو أحسسنا به لتدبرنا ما نقول، وأقرب مثال ما أصاب أفريقيا من البلاء، مثل هؤلاء هم الذين لو دعوا اللهº لدعوا من قلوب موجعة، تحسٌّ بضرورة الدعاء، غير أنهم لما دعوا الله واستسقوا، سألوه بجاه البخاري، الذي توفي منذ أكثر من ألف سنة كما حدثني بذلك أحد الإخوة السودانيين لمَّا سألته. وقديماً قيل: ليست النائحة كالثَّكلَى، وهو مَثَلٌ يُضرب لبيان اختلاف الناس في ما يصدر منهم من بكاء ونحوه، بحسب تأثٌّرهم، كالنائحة والثكلىº لأن عند بعض الأمم الجاهلية: إذا توفي شخصٌ أتوا بنائحةٍ, تُستأجر، تصيح وتبكي على المتوفَّى، فيقال: إن بكاء هذه النائحة ليس كبكاء التي أحست بلوعة فراق ابنها، وهذا مَثَلُ مَن يدعو تشبعاً، ومَن يدعو لإحساسه بالضٌّرِّ.

 

الشرط الخامس من شروط استجابة الدعاء: هو إطابة المأكل، وهذه والله هي قاصمة الظهر، التي لا يكاد يسلم منها أحد في هذه الأزمان، نظراً لانغماس الناس في الملذات، وإقبالهم المتزايد على الدنيا وطلبها، وتساهلهم في ما دخل أجوافهم من المأكول والمشروب، وكثرة المعاملات المحرَّمة، والمآكل القادمة من بلاد الكفر، وتساهُل الناس فيها، وفيها ما فيها من الشبهات.

 

كل هذه وأمثالها: نخشى أن تكون هي الحاجز الذي يحجز الدعاء عن أسباب الإجابة. وفي \"صحيح مسلم\" يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيٌّهَا الرٌّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُم} [البقرة: 172])). ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعثَ أغبرَ، يمدٌّ يديه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرامº فأنَّى يُستجاب لذلك؟!.

 

ومن الأمور التي ينبغي للمسلم الحرص عليها: معرفة الله - سبحانه - ودعاؤه حالَ الرخاء والشدَّة، وفي حديث وصيته - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبد الله بن عباس يقول - صلى الله عليه وسلم - له: ((تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة)). يعني: أن العبد إذا اتقى الله، وحفظ حدوده، وراعى حقوقه في حال رخائه، فقد تعرَّف بذلك إلى الله، وصار بينه وبين ربه معرفةٌ خاصةٌ، فعرفه ربٌّه في الشدَّة، ورعى له تعرٌّفه إليه في الرخاء، فنجَّاه من الشدائد بهذه المعرفة. وفي الحديث الذي رواه الترمذي، والحاكم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من سرِّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكُرَبº فليكثر الدعاء في الرخاء)).

 

قال الضحاك بن قيس: \"اذكروا الله في الرخاء، يذكركم في الشدَّة، إن يونس - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله - تعالى -، فلما وقع في بطن الحوت، قال الله - تعالى -: {فَلَولاَ أَنَّهُ كَانَ مِن المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطنِهِ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ} [الصافات: 143-144]، وإن فرعون كان طاغياً ناسياً لذكر الله، فلمَّا أدركه الغرق قال: آمنتُ، فقال الله - تعالى -: {آلآنَ وَقَد عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المُفسِدِينَ} [يونس: 91]\".

وقال أبو الدَّردَاء: \"ادعُ الله - تعالى -في يوم سرّائكº لعله أن يستجيب لك في يوم ضرَّائك\".

 

وأعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا: الموت، وما بعده أشدٌّ منه إن لم يكن مصير العبد إلى خير، فالواجب على المؤمن الاستعداد للموت وما بعده حال الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة. قال - تعالى -{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ, وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [الحشر: 18-19].

أما الكافر فإنه بخلاف المؤمنº فلا يذكر ربَّه إلا وقت الشدَّة، كما قال - تعالى -: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرُّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعمَةً مِّنهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُل تَمَتَّع بِكُفرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِن أَصحَابِ النَّارِ} [الزمر: 8]، وقال - تعالى -: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضٌّرٌّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَو قَاعِداً أَو قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفنَا عَنهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّم يَدعُنَا إِلَى ضُرٍّ, مَّسَّهُ} [يونس: 12].

 

وهناك آداب للدعاء ينبغي للعبد أن يراعيها، منها: أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه، والصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث الصحيح عند الترمذي والنسائي، عن فَضَالة بن عُبَيد، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدٌº إذا دخل رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عجلت أيها المصليº إذا صليتَ فقعدتَº فاحمد الله بما هو أهلُه، وصلِّ عليَّ، ثم ادعه)). قال: ثم صلى رجلٌ آخرُ بعد ذلك، فحمد الله، وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها المصلي، ادعُ تُجَب)).

 

ومن الآداب: أن يحسن الظن بربِّه، وتقدَّم في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)).

ومنها: أن يعترف بالذنبº ففي الحديث الصحيح عند الحاكم وغيره، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليعجب من العبد إذا قال: لا إله إلا أنت، إني قد ظلمت نفسيº فاغفر لي ذنوبيº إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: عبدي عرف أن له ربّاً يغفر ويعاقب)).

ومن الآداب: أن يعزم في المسألةº ففي \"الصحيحين\" يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولنَّ: اللهم إن شئت فأعطنيº فإنه لا مستكرِهَ له)).

وعليه أن يدعو بجوامع الدعاء، ولا يتكلَّف ويعتدي في الدعاء، وليتحرَّ الأوقات الفاضلة التي ترجى فيها الإجابة، كالدعاء في جوف الليل، وبين الآذان والإقامة، وفي الصلاة، وبخاصةٍ, حالَ السجود، وعند الآذان، وكالساعة التي في يوم الجمعة، والدعاء في عرفة، وليلة القدر.

 

وقد لا يستجيب الله للعبد في ما دعا فيه، وذلك لأمور:

1- أن الإجابة قد تكون قد أُجِّلَت إلى الوقت المناسب الذي تثمر فيه، وربك أعلم بمصالح عباده.

2- قد لا يستجيب الله للعبد في الدنيا، فيجازي صاحبها عنها في الآخرةº لحكمه يعلمها.

3- قد يرفع الله عن العبد سوءاً مقدَّرا ًعليه، أعظم مما دعا لأجله، ونحن لا ندرك مصالحناº كما قال - تعالى -في قصة الغلام في سورة الكهف: {وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمِنَينِ فَخَشِينَا أَن يُرهِقَهُمَا طُغيَانًا وَكُفرًا} [الكهف: 80]. فقد تظن يا أخي أن الخير أن يرزقك الله ولداً، كي تفرح به، وتربيه تربيةً صالحةً، ويكون لك عقبى خير، ولا يخطر ببالك أن هذا الولد قد يكون وبالاً عليك، كما في قصة هذا الغلام.

 

وهناك حالات يستجاب فيها الدعاء: وهي دعوة المظلوم، والمسافر، والوالد على ولده، والغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر، ودعوة الأخ لأخيه بظَهر الغيب.

فهذه من الحالات التي يستجاب فيها الدعاء، فلنحرص - معشر الإخوة - على تحقيق شروط الدعاء، وبخاصةٍ, في هذه الأزمان التي فرَّط قسمٌ كبيرٌ من المسلمين فيها في الإخلاص لله في الدعاء، فصرفوه لغير الله، أو وقعوا في بعض الأمور غير المشروعة التي تفضي إلى الشرك بالله كالتوسل بالأموات، سواءٌ بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بحقِّ الوليِّ الفلاني، أو القُطب الفلاني. ومَن مَنَّ الله عليه من المسلمين بتحقيق التوحيد - خاصةً في الدعاء - فإنك تجده مفرِّطاً في بعض شروط استجابة الدعاء الأخرىº كإطابة المأكل، ولذا نرى أن الأعداء تسلطوا على البلاد والعباد، والدعاء مستمرٌ، ولا نرى آثار الإجابة في كثير من الأحوال، وما ذاك إلا للتفريط في هذه الأسباب، التي أسأل الله - سبحانه - أن يمنَّ عليَّ وعليكم وعلى سائر إخواننا المسلمين بتحقيقها، حتى يعود المسلمون أعزَّةً بعد الذلَّة، أعزَّةً بإسلامهم، وبتحقيق طاعة الله وعبادته، وما ذلك على الله بعزيز، فاللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الكفر والكافرين، وانصر عبادك الموحِّدين في برِّك وبحرك أجمعين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كلِّ خير، واجعل الموت راحة لنا من كلِّ شر، وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply