بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
معاشر المسلمين والمسلمات، إن مما يتفطر له القلب ألمًا ويتحسّر له الفؤاد حزنًا وتبكي له العين أسفًا تساقطَ الشباب والشابات وجلوسَ الفتيان والفتيات أمام الشاشات والقنوات ليستمِعواº لمحاضرة من المحاضرات؟! كلا، ليتابعوا أخبار المسلمين والمسلمات؟! كلا، ليحضروا دروس العلماء والدعاة؟! كلا، بل ليشاهدوا الساقطين والساقطات، ليتابعوا المطربين والمطربات، ليتصلوا على الفنانين والفنانات ويهنئوهم بالحصول على أعلى الدرجات في السخافة، وتضيع الأوقات.
لقد أجاد أعداء الإسلام في تخدير الشباب وصده عن السنّة والكتاب، فبثوا سمومهم عبر القنوات الفضائحية التي أصبح المسلمون لها ضحيّة، تضيع الأوقات على الشباب، وتهدر الساعات بلا حساب، وشباب المسلمين يشاهدون ما يثير غرائزهم ويحرّك شهوتهم ويميت غيرتهم، في الوقت الذي يمزق الإسلام وأهله في كل مكان، ويعذب المسلمون ويقاسون ما يقاسون، والمسلمون عما يجري لإخوانهم نائمون، همهم ملء البطون وإغماض الجفون وما يأكلون وما يشربون وعلى القنوات يسهرون، وكأنهم لا يسمعون.
يا معاشر الكرام، برنامج ساقط فاجر في القنوات الفضائية، فتَن الفتيان والفتياتِ، وشغل بال كثير من الشباب والشابات، أصبح حديث المجالس في البيوت والمدارس، برنامج فاضح، عفِن، قبيح، منحط، يبث على مدار أربع وعشرين ساعة، وعلى الهواء مباشرة، اسمه: (ستار أكادمي)، وما أدراكم ما وراء هذا البرنامج، دعوني أعرّفكم ما هو ستار أكادمي: هو برنامج هدفه تقديم فنان أو فنانة عربية جديدة للساحة، وكأننا في حاجة لمطرب أو مطرِبة عربيّة جديدة!
فكرة البرنامج مأخوذة من برنامج فرنسي، فيه وضع مجموعة من الشباب والبنات في بيت يفترَض أنه مدرسة أكادميّة لتعليمهم الفنّ بكل أنواعه الغِناء والتمثيل والتقديم والرّقص، وهؤلاء الشباب والبنات يسكنون مع بعضهم دونَ صِلة قرابة بينهم، ثم يتم تقييمهم ووضعت أرقام للهواتف ليتّصل بهم العالم ويصوّتوا على أفضل نموذج ضائع خائب ومائع من الشباب العربي، أتدرون ما الذي يجري في ستار أكادمي؟!
سأذكر لكم موقفين أو ثلاثة لتسمعوا بآذانكم ماذا يتابع شبابنا وإلى أيّ مستوى وصل حالنا، نعم ستار أكادمي جاء ليطعن المسلمين من الخلف ويبيع العار، جاء في أسوأ تعريفات الغدر والرذيلة، سيّئ التوقيت، سيئ الفكرة، سيئ العرض، يسوء الناظرين، استمعوا لهذه الفتاة وهي تخبرنا بالمأساة، تقول: أنا فتاة أبلغ السابعة عشرة من عمري، سمعت من زميلاتي في ثانوية (كذا) عن برنامج يعرضون فيه مجموعة من الفتيات والشباب يجلسون معًا في مكان واحد ليلاً نهارا، وقالت لي صديقتي: يا فلانة، أنت دائما تقولين: إني لا أعرف أكلم شابًا ولا كيف أبدأ معه، والآن ـ يا صديقتي ـ اتبعي هذا البرنامج لكي تتعلّمي منه فنون العلاقات الشبابيّة، ركّزي في برنامج ستار أكادمي جيّدا لمدة يومين فقط، وستكتشفين أن الرّهبة والخوف والحياء الذي يتملّكك من إقامة علاقة مع الشباب ما هي إلا رهبة التخلّف، وما حياؤك إلا عبارة عن عقدة نفسية.
تقول تلك المسكينة: انتظرت أن أخرج من المدرسة بفارغ الصبر في ذلك اليوم، ولما وصلت إلى البيت جلست ليس لي شغل سوى مشاهدة ما يحصل على الهواء مباشرة، فكنت أرى، وماذا رأيت يا ترى؟! كنت أرى البنات والشباب يقبّلون بعضهم بعضًا بين ساعة وأخرى، وتارة يضمون بعضهم بعضا، فقلت: هم يفعلون ذلك وأنا لا زلت خائفة ومتردّدة من التحدّث حتى بالهاتف مع صديقٍ,؟! تقول الفتاة: وأصبحت بعد أيام فقط من متابعتي لهم على الهواء أشعر أنني فعلاً فتاة متخلّفة ومحرومة من الحياة الرومانسيّة المليئة بالحبّ ودفء المشاعر.
ثم لتستمعوا جيدًا لكلامها، تقول: ثم أصبحت أتمنى في كل لحظة أن أكون أنا التي في الأكاديمية الآن لأحظى بالجلوس الساعات الطوال مع المشارك فلان، حتى يصنع معي ما صنع مع الفتيات الأخريات.
معاشر الكرام، هذه الرسالة التي أرسلتها هذه الفتاة المسكينة تجسّد لنا وبدقّة طريقة هؤلاء الساقطين في تضييع وإفساد بناتنا وشبابنا حيث إنهم يجعلونهم يألفون المنكر، وقليلاً قليلاً حتى يعتادون على الحرام، حتى يكون ذلك جزءًا من حياتهم اليومية، كما يصور ذلك هذا البرنامج العفن ستار أكاديمي، ومع ذلك العفن وتلك المهزلة والمجون تجد العالم يصوّتون لأفسق فائز وأميع منتصر وأسوَأ ديّوث وأقبح فاجر، وإن تعجب فاعجب من هذه الإحصائيات للمصوّتين والمصوّتات، جاء في إحصائيّات عدّة أن عدد الذين صوّتوا لبرنامج ستار أكادمي وهي والله إحصائيات تحزن كل غيور، فمن السعودية 11 مليون اتصال، ومن مصر 23 مليون اتصال، ومن لبنان 18 مليون اتصال، ومن الكويت 300 ألف اتصال، ومن الإمارات مليون اتصال، ومن اليمن 7000 ألف اتصال، ومن سوريا 16 مليون اتصال، ومن الأردن 8 ملايين اتصال.
ولو جمعت هذه الاتصالات لبلغت حوالي 79 مليون اتصال، فهؤلاء المتصلون المصوّتون لتشجيع وترشيح المائعين من الشباب والمتبرّجات والضائعات من البنات، ومن المستفيد إلا أعداء الإسلام؟! لقد جنَوا ملايين الملايين من تلك الاتصالات في ترشيحات سخيفة قبيحة. أنت من ترشّح ليكون الفائز بهذه الرّقصة؟ وأنتِ من ترشحين؟ ومن الذي دخل قلبك وتتمنّين أن تقضي معه أقاتًا دافئة؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومأساة أخرى ـ معاشر الكرام ـ من هذا البرنامج السافل، صدِمَ أحد الآباء حينما صرَخت ابنته في وجهه قائلة: أبي أريد أن أتزوج. فتاة عمرها اثنتي عشرة سنة فقط!!
تتوقعون ما الذي دفعها لهذا الفعل؟! إنه ستار أكادمي، استمعوا لمأساة هي قاصمة الظهر. قامت قناة (إل بي سي) بحفلة تحت عنوان ستار أكادمي للمرشّحين من المطربين والمطربات من جيل الشباب الجديد، فكان أحد المرشَّحين هذا الشاب المطرب، واعتذر عن عدم المشاركة مطربتان شابّتان بسبب إصابتهما بحادث مروري إلا أنّ إحدى الشابتين المصابتين دخلت القاعة التي فيها الاحتفال سالمة من الأذى والإصابات، وهنا ولتستمعوا ماذا جرى وما الذي حصل، هنا لم يتمالك المطرب نفسَه، فقدّم قربانَ السجود على طريقة الدّيانات الوثنية الشرقية في مدّ يديه إلا الأمام والانحناء مرات ومرات لتلك المطربة.
معاشر المسلمين، لقد وقع شبابنا ضحيّة لثقافة تقديس الجسد الذي تدفع له شركات الدعاية والإعلان الملايين، لقد فقد شبابنا الهدف الأساسي الذي خلِقوا له، لقد انفصل شبابنا الحائر ليس عن الدين فحسب، بل عن قيم وأعراف المجتمع السليمة، واسألوا الآباء عن تمرد الأبناء، أسألكم: أيّ خير يرجى وشبابنا هذا حاله؟! أي نصر يرتقَب وشبابنا هذه أفعاله؟! أي غيرة تنتظر وشبابنا هذه ديانته؟! أي دين لمن ضيّع دينه؟! أي شرف لمن ميّع خلقه؟! أي ولاء وبراء لمن قلّد كافرًا واستحسن كفره؟!
أيها المسلم الغيور، إن سماحك لأهلك بمتابعة هذا البرنامج يعتبر من الدياثة التي توعّد الله عليها بالعذاب الأليم، إن من الغش للرعية تركهم للقنوات الفضائية، وما جزاء ذلك إلا أن يحرم الغاشّ لرعيته الجنة وريحها.
الله الله ـ أيها الأب وأيتها الأم ـ في التربية الصالحة، أخرجوا جهاز الدشّ من بيوتكم قبل أن تحدثَ الكارثة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد