خطبة عيد الأضحى لعام 1425هـ


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا.

نحمده - سبحانه - على نعمه التي لا تحصى، وأعظمها نعمة الهداية إلى هذا الصراط المستقيم، والدين القويم، بما أوحى به إلى خاتم النبيين والمرسلين وسيد ولد آدم أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، فبه بعـث الله - تعالى -أمتنا، وأعزها، وأظهــر ملتنا الحنيفية ورفعها قال - تعالى -:\"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين\"وقال:\"كنتم خير أمة أخرجت للناس\"، وعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه -: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله - تعالى -:\"كنتم خير أمة أخرجت للناس\"قال: إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله\"خرجه أحمد والترمذي وغيرهما.

 

وبعـــــد،،

أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يا من حججتم ببيت الله ووقفتم بابه، ومن تهفو قلوبكــم إلى جنبــات حرمه، ورحابه، ويا أحبار الملة العلماء السائرين على نهج خاتم الأنبيــاء وفي ركابه، ويامن وقفتم بالثغور مجاهدين أمام سيف العدو وحرابه، ويا أهل القرآن الساعين لعظيم ثوابه، ويا أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - المصطفى المختار وأصحابه..

لقد غدا دين الإسلام محاطا بأعدائه أهل الكفر والمنكرات، يسعون لإطفاء نوره وهيهات، ويخططون لردة المسلمين عن دينهم بشتى الوسائل والأدوات، كما قال - تعالى -\"ولايزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا\".

بالجيوش الغازية والاحتلال، وببث الزنادقة، والمنافقين، وأهل الضلال، وبالصد عن سبيل الله - تعالى -بشتى العراقيل والأغلال،

غير أن أخطر مكرهم، وأعظم كيدهم، هــو إلباس الباطل لباس الحق، ذلك أن معلمهم إبليس، بدأ كيده لأدم بالتلبيس، فأخذوا منه منهجه، وساروا على طريقه، واتبعوا مدرجه،

 

وذلك بأمريــن:

أحدهما تزييف الوعي بالتلاعب في أسماء الحقائق والأشياء!

وثانيهما: إشغال الأمّة عن مقاومــة عدوّها، بحرب أبناءها الذين ينشدون عزّهــا!

أما الأوّل فمنــه:

تسمية المجاهدين إرهابيين، وتكفيريين، وضالين، ومارقين، وما نقموا منهم إلاّ كفرهم بطاغــوت العصر أمريكــا! وقيامهم لــردّ عدوانــهــا!

وتسمية الجهاد فتنة وإرهابا!

وتسمية حفظ دين التوحيد، ومولاة المسلمين، تطرفـا!

وتسمية التمسك بالوحي والإنتصار له رجعيّة وتعصــبا!

وتسمية تحريف الشريعة لإرضاء أعداءها حوارا حضاريا!

وتسمية سعي الأمة لإرجاع عزهــا تهديدا للسلم والأمن العالميين!

وتسمية التحذير من مكائد أعداء الأمّة زرعا للكراهيــة!

وتسمية البراءة من أعداء الإسلام تشــددا!

وتسمية السماح بنشر الضلال والزندقة حرية رأي!

وتسمية العدوان على ثقافة الأمة وهويتها تعدديــة!

وتسمية أعداء الله - تعالى -إخوة الإنسانية!

وتسمية الحملة الصليبية على الإسلام، الحملة على الإرهاب!

وتسمية احتلال بلاد الإسلام تحريرا!

وتسمية الكيان الصهيوني دولة اسرائيل، واسرائيل - عليه السلام - منهم بريء!

وتسمية موالاة الكفار على المسلمين سياسة حكيمة!

وتسمية التعصب لراية جاهلية تفرق المسلمين، وطنية!

وتسمية من يموت تحت رايتها شهيد الوطن!

وتسمية الحكم بغير ما أنزل الله - تعالى -سيادة القانون!

وتسمية المجاهرة بالخروج عن شريعة خالق السموات والأرض ديمقراطية!

وتسمية التنازل عن بلاد المسلمين وحقوقهم سلاما عادلا!

وتسمية قتل الكفار للمسلمين دفاعا عن الحرية!

وتسمية دفاع المسلمين عن دينهــم وأرضهم خروجا عن النظــام الدولي!

وتسمية الربا اقتصادا ناجحــا!

وتسمية الدعوة إلى الفاحشة والعري فنــا واعلامــا ناجحــا!

وتسمية إفساد المرأة وتحويلها إلى سلعة تحريــرا!

وقـد سخّروا وسائل الإعلام، وحثالة الزنادقة الذين يطلقون عليهم أهل الفكر، ومراكز الثقافة المأجورة، سخّروها لنشر هــذه الأغلوطــات، وإشاعة هذه التلبيسات، تأزهم أبالسة الجن والإنس على ذلك أزا، وتلقي عليهم رجسا ورجزا، كما قال - تعالى -: \"وكذلك جعلنا لكي نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرروا\".

غير أن الله - تعالى -حكم وحكمه الحق، أن الباطل مهما انتفش يوحي أنه في شاهــق، فمصيره أن يضمحل وينكمش في ساحــق، وقد قال الحق: \"بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق\".

هذا والعصمة من هذا التلبيس الذي هو رجز الشيطان، بالتمسك بهداية الوحــيّ، فهو الفصل الذِى ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله - تعالى -، ومن ابتغى الهدى فِي غيره أضله الله - تعالى -، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذِي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضِي عجائبه، من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن تمسك به هدِى إلى صراط مستقيم.

 

وأما الثاني: فإنكم تــرون الإعلام المفسد المزيف، قــد غــدا، وغاية همّه، أن يبث أخبث سمّه، فيصوّر هذه الهجمة على بلاد الإسلام، ودين الأمّـة، وهويتها، وعزها، وكرامتها، بأنها حماية لها، ورفقا ورحمة بها، وأن الكافرين المعتدين على هذه الأمة، الغاصبين لحقها، أحق بكل عدالــة وأهلها!

وأن من يقاومهم بالقول محرضون، وبالفعل مجرمون، خوارج، ومفسدون، فهم أحق بكل عقوبة وأهلها!

هذا مع أن المعركة تجري في عقر بلاد الإسلام، وجيوش الكفر تعيث فيها فسادا علانية وجهارا، والمسلمون تسفك دماؤهم، وتغتصب نساؤهم، وتنتهك حقوقهم، ليلا ونهارا، والكافر يزداد طغيانا وعنادا، ولا يزيد مع ذلك خداعــه إلا اشتدادا!

فالحذر الحذر من هذه المكائد الشيطانية، احذروها، وحذروا منها، واكشفوا باطلها، وكذبوا قائلها.

الله الله أيها المسلمون في دينكم وأمانة نبيكم، أفيقوا وانتبهــوا، وهبّوا لنصر دينكم، فإن به عزكم ومجدكــم، وثقوا بأن طريق النصر هو الجهاد لا غيره،

وان نصر الله - تعالى -القائل\"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم\"، وعد حق، وخبر صدق.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

 

وبعــد،،

أمة الإسلام، التغيير الذي ننشده اليوم لأمتنا، لا يمكن أن يبدأ قبل تغيير النفس، قال - تعالى -: \"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم\"، وجماع ذلك في لزوم التقوى، قال - تعالى -: \"ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله\".

فمن بدأ فاتقى الله في نفسه، وأهله وذويه ومن تحت سلطانه، فقد وفق للهــدى، فأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وجاهدوا في الله حق جهاده، واتخذوا أعداء الله أعداءكم، وأولياءه أولياءكم، وتمسكوا بوحيه تفلحوا،،

ومن التقوى أن يأمر العبــد بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الخير ويصبر على الأذى،

تذكروا الموت والآخرة، واجعلوا أوقاتكم بالخير عامرة.

واحذروا الذنوب فإنها أشــدّ البلاء، وطريق الشقــاء، وبها يتسلط الأعداء.

واغتنموا العمر بالطاعات، والزموا عمل الصالحات، واستزيدوا من الحسنات، وتحلوا بمكارم الأخلاق والعادات..

قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: \"رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله\"وقال\"الصلاة نور، والصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار\".

عليكم بالذكر فإنه أفضل العمل، وأفضله قراءة القرآن في صلاة الليل، وهــي شرف المؤمن.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -\"إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرا فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، من أعطى خيرا فالله أعطاه، ومن وقي شرا فالله وقاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة، إنما هما اثنتان، الهدى والكلام، فأفضل الكلام كلام الله، وأفضل الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشـر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، فلا يطولن عليكم الأمد، ولا يلهينكم الأمل\".

أيها المسلمون: أول شيء يفعل اليوم بعد صلاة العيــد، ذبح الأضاحي، اقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم - عليه السلام- ، انقيادا لأمر الله - تعالى -، واستسلاما لشريعة الله - تعالى -، لما أمره بذبح ولده فقال أسلمت لرب العالمين، وبنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر\"متفق عليه.

وأقل ما يجزىء من الضان ماله نصف سنة، ومن المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنين، ولاتجزىء بينة المرض، ولا الهزيلة العجفاء، ولا العرجاء، ولا العوراء، ولا التي ذهب أكثر إذنها، فإن كان ما ذهب من إذنها أقل من النصف أجزأ، ويسن أن يقول بعد التسمية عند الذبح، اللهم هذا منك ولك، وأول الذبــح بعد أسبق صلاة عيد بالبلد، وآخره غروب شمس آخر أيام التشريق، ليلا ونهارا، ويسن الأكل من الأضحية، ويجب أن يتصدق بأقل ما يصدق عليه اسم اللحم، ويحرم بيع شيء منها حتى من شعرها وجلدها ولا يعطي الجازر بأجرته منها شيئا، إلا أن يعطيه صدقة أو هدية.

اللهم! إنا أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وموجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وقلوبــا سليمة، وألسنة صادقة، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلمº إنك أنت علام الغيوب.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا فى ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا

اللهم انصر أمتنا، وردها إلى دينها، ووحّدها أمة واحدة، خلافتهــا فيمن خافك واتقاك وطلب رضاك.

اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، وفي كل مكان.

اللهم كن لهم ولاتكن عليهــم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، وانصرهم على من بغى عليهم، اللهم خذ عنهم العيون، واملأ قلوبهم رضا بك وبدينك ونبيك، واشرح صدورهم للجهاد، وثبت أقدامهم، اللهم كن لهم عونا ونصيرا، واجمع كلمتهم، وألف قلوبهم، وسدد رميهم، واجعل عاقبة جهادهم خيرا ورشدا، اللهم اجعلنا من جنودك، وارزقنا الشهادة في سبيلك، واختم لنا بها حياة الصالحين، اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماما، اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، آمين.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply