الأخلاق الفاضلة في كتاب ..!


  

بسم الله الرحمن الرحيم

من السهل أن يصبح المرء كاتبا أو مؤلفا في أي مجال من مجالات الحياة طالما لديه القدرة الكتابية و التخصص العلمي، ولن يجد من يلومه أو يعاتبه على تقصيره في عدم تطبيق كل أو جزء مما كتب إلا في المجالات ذات الحساسية الخاصة، كما هو الحال في مجال الأخلاق والمثاليات.

ولعل أول ما يتبادر إلي ذهن القارئ المقارنة بين ما تراه عيناه من كلمات وعبارات خطها قلم المؤلف، وبين ما يعرفه أو يسمعه عنه من سلوك وتصرفات، والقارئ في هذا المسلك محق، فمن يدعو إلى خير فالأولى به تطبيق ما يدعو الناس إلى فعله والتمثل به، وإن قصر أو أخفق في تحويل التنظير إلى واقع جاءه التقريع على لسان الشاعر:

يا أيها الرجل المعلم غيره  * * * هلا لنفسك كان ذا التعليم00!

وتأتيه آيات الله تعاتبه بشدة حيث يقول الله - تعالى -في سورة الصف:

\"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالاتفعلون00! \" فالربط بين القول والفعل شيء لابد منه بالنسبة لعموم المؤمنين، وبالنسبة للعالم والفقيه والمؤلف من باب أولى0

عندما استعرضت كتاب \"الأخلاق الفاضلة\" الذي ألفه الدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي الأستاذ بكلية الدعوة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة المنورة، ثارت في ذهني علامة استفهام كبيرة عن درجة الارتباط بين ما هو مكتوب على صفحات المؤلف وبين شخصية المؤلف، الذي عايشته فترة من العمر تكاد تبلغ العشرين عاما، وقد جمعت بينه وبيني سفرات، وتعاملات إدارية وشخصية، كان للدرهم والدينار فيها نصيب لا بأس به، ولولا خشية الإطالة والانزلاق في هوة المبالغة لقلت شيئا كثيرا عما أكنه في أعماقي تجاه هذا الرجل الإنسان الذي رأيت فيه مثالا يحتذي به في كثير من مواقف الحياة.

ولأن الدكتور عبد الله الرحيلي لا يتسم بالعصمة فهو من جملة البشر، قد يعتريه الضعف والنقص، وفي الوقت نفسه يحمل علما وفقها، وهو في هذا الكتاب كغيره من الأعمال لم يبلغ منتهى العلم ولا قمة الفضل، لكنه محاولة مجتهد وجهد مخلص بذل خلال سنوات عمره التي كادت تدق أبواب الخمسين -أطال الله عمره وبارك له فيه - والكتاب مجموعة من النظرات والتأملات المنبثقة عن التدبر في كتاب الله وسنة رسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام -، كما أن هذا الكتاب يعبر عن تجارب مرت بمؤلفه عبر ممارسته الحياة في مواقف عديدة، أحب - جزاه الله خيرا - إهداءها إلى إخوانه أبناء الأمة المسلمة المتعطشين لرؤية اليوم الذي ترفرف فيه راية الفضائل شامخة خفاقة فوق كل شبر من الأرض.

إنه كتاب يستحق فعلا التوقف عند كل صفحة من صفحاته وتدبر ما جاء فيه، ومحاولة الاستفادة العملية منه، هو سفر أرجو الله أن يجعله في ميزان الأعمال الصالحة التي ترجح كفة صاحبها فتدخله برحمة الله الجنة ليكون رفيقا للمصطفى - صلى الله عليه وسلم -0

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply