المعنى اللغوي:
الصبر: هو حبس النفس، ويقال: صبرت نفسي على ذلك الأمر أي حبستها.
قال عنترة عن نفسه: فصبرت عارفةً لذلك حرة *** ترسو إذا نفس الجبان تَطَلَّعُ
و المصبورة: المحبوسة على الموت.
و الصبير: الكفيل، وإنما سمي بذلك لأنه يصبر على الغرم، جاء في لسان العرب: صبر يصبر صبراً، فهو صابر وصبار وصبير وصبور، والأنثى صبور أيضاً.
قال الجوهري: الصبر حبس النفس عند الجزع.
والصبر الجراءة، ومنه قول الله تعالى: (فَمَا أَصبَرَهُم عَلَى النَّارِ)
والصبر: الإكراه أيضاً.
وصبير القوم: زعيمهم المقدم في أمورهم.
والصبور: هو القادر على الصبر.
والتصبر: تكلف الصبر.
المعنى الاصطلاحي:
الصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه باختلاف مواقعه.
فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبراً لا غير، و يضاده الجزع.
وإن كان في محاربة سمي شجاعة، ويضاده الجبن.
وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر.
وإن كان في إمساك الكلام سمي كتماناً ويضاده الذل.
وإن كان في إمساك عن الطعام سمي صياماً.
وهكذا نستطيع أن نصف كل ما يحتاج إلى الثبات على شيء أو الإمساك عن شيء صبراً.
والصبر والحلم قرينان، لأن الحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وضده الحماقة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب «.
من أحكام المصطلح:
الصبر أساس الابتلاء في حياة الفرد والجماعة.
يقول تعالى: (ولَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ, مِّنَ الخَوفِ والجُوعِ ونَقصٍ, مِّنَ الأَموَالِ والأَنفُسِ والثَّمَرَاتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155].
عندما يقف المسلم داعياً إلى الله تعالى، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويصدع بالحق الذي آمن بهº فيتعرض للأذى والعذاب، وتنزل به المحن والخطوب، فلا بد من الصبر والثبات أو الانحراف والفساد.
يقول تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُم لا يُفتَنُونَ، ولَقَد فَتَنَّا الَذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَذِينَ صَدَقُوا ولَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 23].
يقول أحد الدعاة: الصبر زاد الطريق في هذه الدعوة، إنه طريق طويل شاق، حافل بالعقبات والأشواك، مفروش بالدماء والأشلاء، بالإيذاء والابتلاء.
الصبر على أشياء كثيرة: الصبر على شهوات النفس ورغائبها وأطماعها وضعفها.
والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصرفهم وانحراف طباعهم وغرورهم.
والصبر على تنفج الباطل، ووقاحة الطغيان، وانتفاش الشر، وتصعير الغرور والخيلاء.
والصبر على قلة الناصر، وطول الطريق، ووساوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق.
والصبر على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر.
والصبر على هذا كله ومثله مما يصادف السالك في هذا الطريق...
لا تصوره الكلمات..
إنما يدرك هذا المدلول من عانى مشقات الطريق وتذوقها انفعالات وتجارب ومرارات.
(يَا أَيٌّهَا الَذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وصَابِرُوا ورَابِطُوا واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) [آل عمران:200]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد