الحياء خلق نبيل يحول ببت من يتمتع به وبين فعل المحرمات وإتيان المنكرات ويصونه من الوقوع في الأوزار والأثام.
والحياء بتعبير آخر هو الامتناع عن فعل كل ما يستقبحه العقل ولا يقبله الذوق السليم والكف عن كل ما لا يرضى به الخالق والمخلوق.
وبهذا يكون الحياء بمثابة الرقيب على صاحبه فلا يمكنه من تجاوز الحدود التي يرسمها له الإسلام.
ويعد الحياء دليلاً صادقاً على مقدار ما يتمتع به المرء من أدب وإيمان، وقد روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الحياء من الإيمان)). وجاء في حديث آخر: ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)).
ويجب على المؤمن أن يتصف بالحياء تأسياً بالرسول الذي ضرب بأقواله وأفعاله المثل الأعلى في الحياء، والدليل على ذلك قول الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وهو: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه)). وقد حثت الشريعة الإسلامية المسلمين على التحلي بفضيلة الحياء، وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن هذا الخلق الشريف السامي هو أبرز ما يتميز به الإسلام من فضائل، فقال: ((إن لكل دين خلقاً وخلق الإسلام الحياء)).
والحياء - كما جاء في السنة النبوية المشرفة ((لا يأتي إلا بخير)) وهو وسيلة من الوسائل التي توصل الإنسان إلى الجنة، كما أن عدم التحلي به من الأمور المؤدية - والعياذ بالله - إلى النار. وروي أن الرسول مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله: ((دعه فإن الحياء من الإيمان)).
وكان رسول الله يقول: ((خمس من سنن المرسلين: الحياء والحلم والحجامة والتعطر والنكاح)).
وخلق الحياء صفة حميدة يحبها الله - سبحانه وتعالى - في خلقه ومن أحبه الله أحبه الناس، وروي ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال لرجل حضر مجلسه: ((إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والحياء)) ويمكن
تقسيم الحياء في الإنسان إلى ثلاثة أقسام هي:
1. الحياء من الله - تعالى -.
2. الحياء من الناس.
3. الحياء من النفس.
ويكون حياء الإنسان من الله - سبحانه وتعالى -، وهو أعلى درجات الحياء بامتثال أوامره وترك نواهيه، وعدم التقصير في طاعته. وهنا يكون الحياء دليلاً على صحة الدين وقوة الإيمان.
وقد روي عن الرسول (ص)أنه قال لأصحابه: ((استحيوا من الله - عز وجل - حق الحياء))فقالوا: يا رسول الله إنا لنستحيي من الله والحمد لله. قال: ((ليس كذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)).
والمراد من هذا الحديث هو أن يحفظ الإنسان سمعه وبصره ولسانه فلا يستعملها إلا في طاعة الله. وأن يكون مأكله ومشربه من الرزق الحلال.
أما حياء الإنسان من الناس فيكون بالكف عن أذاهم، ورعاية حقوقهم الأمر الذي يؤدي إلى أن يثق به الناس ويحبونه.
ويكون حياء الإنسان من نفسه بأن يجعل حياءه حكماً عليه في كل ما يقوم به من أعمال سراً أو علانية، فإذا أراد القيام بعمل ما فإن كان ذلك العمل موافقاً لطاعة الله ورضاه فعله وإذا كان مخالفاً لذلك تجنبه وتحاشاه.
وإذا كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة وهي: حياؤه من الله، وحياؤه من الناس، وحياؤه من نفسه فقد اكتملت فيه أسباب الخير وانتفت عنه أسباب الشر.
ويعد الحياء زينة للإنسان وصفة حميدة له، فقد روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله: ((ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه))، وإذا فقد الإنسان فضيلة الحياء فإنه يصبح قليل المروءة، ضعيف الإيمان، لا يخجل من فعل الشر ولا يؤتمن على عرض أو مال أو سر، وهذا يؤدي إلى جعله مكروهاً عند الله وعند الناس. ويظهر هذا بوضوح في قول الرسول: ((إذا أبغض الله عبداً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضاً مبغضاً)).
ويستحب الحياء في كل ما يصدر عن الإنسان من قول أو عملº والحياء في القول هو أن يطهر الإنسان فمه من الفحش، وأن ينزه لسانه من العيب، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الخلق وسوء الأدب أن يتلفظ الإنسان بالكلمات البذيئة دون أن يحسب حساباً لما ينتج عنها من ردود فعل نحوه ونحو من كان يستمع إلى ألفاظه البذيئة. ومن الحياء أن يحرص المسلم على سمعته فلا يقول أو يفعل ما يشوه سمعته، ويعرضه للهزء والسخرية والاحتقار، ومن مصلحة الإنسان أن تظل سمعته نظيفة نقية بعيدة عن الإشاعات السيئة، والأقاويل المغرضة. وقد قال أحد الحكماء في هذا: ((من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه)).
وهكذا يجب أن يستحيي الإنسان من أهله وأصدقائه وأفراد مجتمعه فلا يقول أو يفعل إلا ما يرضي الله ورسوله.
وفيما يلي بعض الأقوال عن الحياء:
1. لا خير فيمن لا يستحيي من الناس.
2. القناعة دليل الأمانة، والأمانة دليل الشكر، والشكر دليل الزيادة، والزيادة دليل بقاء النعمة، والحياء دليل الخير كله.
3. لا وفاء لمن ليس له حياء.
4. إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياؤك فاحفظه عليك فإنما يدل على فعل الكريم حياؤه
5. إن من الحياء وقاراً، وإن من الحياء سكينة.
6. فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
7. وإني ليثنيني عن الجهل والخنا وعن شتم ذي القربى خلائق أربع
حياء وإسلام وتقوى وإنني كريـم ومثلي قد يضر ويـنـفع
8. إذا حرم الـمرء الـحياء فإنه بكـل قبيح كان منه جـدير يرى الشتم مدحا والدناءة رفعة وللسمع منه في العظات نفور
9. الحياء في الطفل يدل على ذكائه وأدبه، والحياء في المرأة يدل على عفتها، والحياء في الرجل يدل على كرم أخلاقه.
10. أنفع الحياء أن تستحيى من الله أن تسأله ما تحب وتأتي ما يكره.
11. إذا لم تخش عاقبة الليالي *** ولم تستح فافعل ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذ ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد