إن الله - عز وجل - يختار من خلقه ما يشاء ويصطفيه، فيفضله على غيره من جنسه كما قال تعالى: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ))، وقال: (( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس )).
فاصطفى محمداً - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء والمرسلين، واصطفى جبريل على سائر الملائكة، واختار مكة على سائر القرى، واختار رمضان على جميع الشهور، ويوم عرفة على غيره من الأيام، وليلة القدر على سائر الليالي، وهكذا.. وقد ورد في ذكر ذلك نصوص شرعية تبين ذلك.
وأهل اليمن من أولئك الذين وردت النصوص الشرعية بفضلهم وتميزهم عن غيرهم، وهذه مكرمة ربانية، ونعمة إلهية، والتفاتة نبوية، ولكن ينبغي أن نقف عدة وقفات عند هذه النصوص الشرعية فنقول:
الإيمان بهذه النصوص واجب إذا ثبتت، والتسليم لها مطلوب، حيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعليه فإنه:
يجب أن يعطى أهل اليمن ما يستحقون من هذه الفضائل عند التعامل معهم في أي قضية كانت سواء أكانت بيعاً وشراءاً أو قضاءاً أو غير ذلك، ولا يلزم من ذلك أن يكون كل أهل اليمن على هذه الفضائل الواردة، إنما الأمر على الغالب فيهم، فربما تجد من أهل اليمن من هو معارض لدين محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو مبتغياً غير شرعه، ومن جهة أخرى ربما تتفاوت هذه الصفات من زمن لآخر، ومن منطقة لأخرى، ومن قوم لآخرين منهم، وهذا أمر مشاهد ومعلوم إلا أنه لا يجوز أن ننفي عنهم هذه الصفات بالكلية.
ومن تمام نعمة الله على أهل اليمن أن أعطاهم الله تلك الفضائل، فلا يجوز بأي حال أن يفرطوا فيها أو يقصروا بالعمل بها، بل الواجب عليهم حمد الله – تعالى- وشكره على ما جبلهم عليه، وأن يعملوا جاهدين للاتصاف بهذه الفضائل والمناقب، وأن يتركوا ضدها من الخصال الذميمة والصفات الدنيئة.
والواجب على أهل اليمن جميعاً - والمسؤولين عنهم خاصة، والقائمين على أمرهم - أن يحافظوا على هذا التراث النبوي العظيم بنشر العقيدة الصحيحة، والتزام السنن المأثورة، وتحكيم شرع الله - عز وجل - في كل صغير وكبير، ونبذ كل ما يضاد ذلك من العقائد الفاسدة، والأفكار الهدامة، والتصورات الإلحادية، والأخذ على يد كل من تسول له نفسه إشاعة الفساد العقدي، والفكري، والأخلاقي، فإن رأس مال هذه الأمة الإيمان الصحيح المبني على قواعد ثابتة، فإن ضيعنا ذلك أو كنا سبباً في ضياعه فالخسارة لنا، والويل لنا - حيث سنكون لما سوى ذلك أشد إضاعة -، ونكون بذلك قد خنا أمانة ربنا، وما التزمنا به أمام أمتنا قال تعالى: (( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً ))، وقال تعالى: (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً )).
ومما يؤسف له ما نراه ونسمعه ونقرؤه من الهجوم الشرس على أهل الإسلام والدعاة إلى الله - عز وجل -، وفتح المجال لأهل الأهواء والبدع والمضلين الذين يستهزؤون بدين الله بل وبالذات الإلهية، وهكذا برسول البشرية - صلى الله عليه وسلم - وبالمؤمنين سواء أكان ذلك تصريحاً أو تلميحاً، أو مضايقة لهم في وظائفهم، أو نشاطاتهم الدعوية.
إن الجامع لأهل اليمن هو الإيمان، لا وطنية، ولا قومية، ولا عصبية، ولا قبلية، ولا حزبية مقيتة، بل هو الإيمان الحقيقي الذي جاء به سيد البشرية محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وهنا نسرد باقة من الفضائل اليمنية التي وردت في الأحاديث النبوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
عن ابن مسعود قال أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده نحو اليمن فقال: \"الإيمان هاهنا، الإيمان هاهنا، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين، عند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قرناً الشيطان في ربيعة ومضر\" والحديث إسناده صحيح وأخرجه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: \"أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية\" أخرجه البخاري ومسلم وسنده عند أحمد وصححه.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحا بيده نحو اليمن: \"الإيمان يمان، الإيمان يمان، رأس الكفر المشرق، والكبر والفخر في الفدادين أصحاب الوبر\" أخرجه البخاري.
وعن جابر بن عبد الله قال في حديثه سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"غلظ القلوب والجفاء في أهل المشرق، والإيمان في أهل الحجاز\" سنده صحيح وهو في المسند ورواه مسلم.
وعن جبير بن مطعم قال: بينا نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق مكة إذ قال: \"يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب، هم خيار من في الأرض\" فقال رجل من الأنصار: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت!! قال: ولا نحن يا رسول الله؟ قال في الثالثة كلمة ضعيفة \"إلا أنتم \") سنده صحيح وهو في المسند.
وعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: \"أهل اليمن أرق قلوباً، وألين أفئدة، وأنجع طاعة \" سنده حسن وهو في المسند ورواه الطبراني، أنجع طاعة أي أسمع وأنصح وأبلغ.
قال ابن عباس إن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ فقال: \"لا بل هو رجل ولد عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج، وكنده، والأزد، والأشعريون، وأنمار، وحمير غير ما كلها، وأما الشامية فلخم، وجذام، وعاملة، وغسان\" سنده صحيح ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والترمذي وأبو داوود.
عن أبي هريرة مرفوعاً :\" أتاكم أهل اليمن ألين قلوباً، وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، رأس الكفر قبل المشرق \" سنده صحيح وأخرجه مسلم.
وحديث \" وإن نفس الرحمن من قبل اليمن \".
وحديث: \" سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً: جنداً بالشام، وجنداً باليمن، وجنداً بالعراق، عليكم بالشام فإنها خيرته من عباده، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم...\".
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد