جلسة عابرة مع فتاة مدخنة !


  

بسم الله الرحمن الرحيم

دون سابق ترتيب وجدت نفسي أجلس مع عدد من النساء المدخنات في أحد الأماكن المخصصة للطالبات بجامعة القاهرة حيث المناخ مليء بالمتناقضات.. وجدت إحدى الطالبات تجلس شاردة الذهن سارحة العيون.. والدخان يحيط بها من كل جانب وكأنه الأكسجين الذي تتنفسه.. ترتشف الرشفة وكأنها تطعمها الحياة، تأخذها بعمق بحركات لا إرادية.. آلية.. وترسم على وجناتها تساؤلات لا أدري ما هي، ونظراتها تجيب إجابة المضطر، ألا وهى الحيرة والحزن الدفين.

كل هذا لم يستغرق سوى دقائق معدودة.. وعلى الفور توجّهت إليها أسألها:

*هل أستطيع أن أسألك بعض التساؤلات؟

-فأجابت: نعم.. تفضلي.

*هل أستطيع أن أعرف منذ متى بدأت التدخين؟

- منذ خمس سنوات!!

* خمس سنوات تحرقين صدرًا رقيقًا لا يحتمل كل هذا السواد من الدخان؟!

- إن هذا الصدر لا يستطيع أن يتنفس دون أن يدخن!!

 

* كيف بدأت هذا التدخين؟

- التدخين بالنسبة لي لم يكن مقصوداً حقيقة، ولكن المسألة بدأت بالمزاح في أحد أعياد الميلاد لزميلة لنا في المرحلة الإعدادية، لعلك تندهشين أن أقول لك المرحلة الإعدادية، فقد وجدت بعض الزميلات تدخن، وكانت بالنسبة لي دهشة كبيرة، سرعان ما زالت بكثرة رؤيتي لهن وقت المذاكرة الجماعية، فبدأت أسخر من ذلك عندما عرضن علي أن أجرب التدخين، بحجة أن السيجارة الواحدة تجعل الإنسان في نشوة خاصة عندما يكون المزاج غير رائق على حد قولهن، وتلك التجربة كانت خطوة جريئة وعملية تعارف واستطلاع، سرعان ما تحوّل إلى مزاج وإدمان، وها أنا الآن أعاني من فقدها ولو لساعة واحدة.

* لماذا تقولين أعاني.. هل تسبب لك السيجارة أي مضاعفات؟

- نعم.. معاناة بمعنى الكلمة، فأنا لم أشك فقط من صدري، بل أصبحت معرضة للتعب بشدة وبسرعة لأقل مجهود أو عمل، وفي نفس الوقت لا أستطيع أبداً أن أبتعد عنها أو حتى أن أقللها.

 

* معنى ذلك أن إدمان التدخين بدأ مع الأصدقاء؟

- نعم فإن أهلي لا يوجد بينهم من يدخن، وأبي لا يدخن، وعملية التدخين لم يكن لها تأثير إلاّ من أصحابي، وها أنا أندم، ولكن بعد أن أصبح لا فائدة من الندم.

ولماذا لا فائدة من الندم؟ فإن الندم أولى خطوات النجاح.. إن شعورك هذا شعور طيب، ولكن سارعي إلى تطبيق ما هو صالح لك، وحاولي أن تبتعدي عن هذه الصحبةº فتلك خطوة كبيرة في النجاح، وقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: \"مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير.. \". فلعل أن يصيبك ما يصيب الصحبة الطيبة التي تعينك على الخير.

 

تركتها بنظراتها الحائرة..

وفارقتها مسرعة من المجلس، وأنا أتنفس بصعوبةº فقد امتلئ صدري بالدخان، وأنا أردّد الحمد لله.. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من الناس.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply