قال الشاعر:
وينشئ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
نعم صدق الشاعر فالناشئة ما هم إلا نتاج المربي، فإن هو بذر في نفوسهم وعقولهم بذور الخير وغراسه أثمر ذلك - بعون الله وتوفيقه - خلقاً قويماً، فأصبحوا لبنات صالحة في بناء مجتمعهم، وإن كان غير ذلك أثمر - إن لم يتداركهم الله برحمته وهدايته - خلقاً ساقطاً، فأصبحوا مع شديد الأسف لبنات فاسدة في بناء مجتمعهم!!، ومن بذور الفساد التي يبذرها بعض الآباء والأمهات بذرة الكذب على الأطفال!!، ذلك السلوك الذي هو خيانة كبرى، وخصلة من خصال النفاق، وسبب من أسباب غضب الله وسخطه، وجريمة في حق الطفل يقترفها والداه.
ومن الزواجر عن الكذب على الأطفال ((لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)) ما رواه البيهقي عن عبدالله بن عامر - رضي الله عنه - من موقف حدث وهو طفل صغير أنه قال: (دعتني أمي يوماً ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد في بيتنا فقالت: ها تعال أعطك، فقال رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: ما أردت أن تعطيه؟ فقالت: أردت أن أعطيه تمراً، فقال لها رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: «أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة»)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (من قال لصبي:\" هاك\" ثم لم يعطه فهي كذبة)!!. كم مرة في اليوم والليلة يقول بعض الآباء والأمهات لطفله: تعال أعطك فإذا جاء الطفل لا يلوي على شيء ليأخذ ما وعده إياه عله يروي عطشه، ويسد حاجته بعطاء أبيه وأمه الذي لا يوازيه عطاء لدى ذلك الطفلº لم يجده إلا سراباً بقيعة رغم أنه حسب أنه ماءً!!.
ربما قالوا: هو طفل لا يفقه، لا يتذكر ذلك عندما يكبر، ولم يقل ذلك رسول الله - عليه الصلاة والسلام - لأنه بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، وليبني جيل صدق، يصدق مع ذاته، ومع أهله ومع مجتمعه، جيل عرف أن الصدق منجاة، وأنه طاعة لرب الأرض والسماوات، بل قال - عليه الصلاة والسلام - لأم عبدالله بن عامر - رضي الله عنهما –: (أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة)، ومن ذلك يتضح لنا أن كذبنا ولو على أطفالنا وصدقنا معهم مسجل في صحائفنا!!.
من المؤسف أننا لو تأملنا واقع الناس لوجدنا أن منهم من يكذب على طفله في اليوم والليلة مئة كذبة لا يصدقه في واحدة منها!! يعده على سبيل المثال: إن نام مبكراً أن يذهب به إلى مكان يحبه، أو أن يعطيه ما يجب، فينام الطفل المكذوب عليه رجاء تحقق ما وعد به فيفاجأ بأنه قد كذب عليه!!، ممن يا ترى؟!، ممن هم قدوة له أبوه وأمه!!، عندها تنهار ثقته بهما، ويا ليت شعري هل لهما بعد ذلك في نفسه مكانة تذكر، فأبوه كذاب، وأمه كذابة فلا يصدقهما، بل ربما لا يصدق بما يربيانه عليه وهنا تكمن الخطورة القصوى!!.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد