من أحكام الشرب وآدابه


  

بسم الله الرحمن الرحيم

نعم الله - تعالى -على عباده كثيرةº خلقهم، ورزقهم وهداهم، وأطعمهم، وسقاهم، وآواهم. ومن كل ما يحتاجون أعطاهمº ليعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.

وأعظمُ نعمةٍ, أنعم الله بها على عباده المؤمنين: أن هداهم صراطه المستقيم، وشرع لهم هذا الدين العظيم، وأنزل عليهم كتابه الكريم، وتعبّدهم باتباع هدي رسوله الأمين الذي ما ترك خيرًا إلا دلّ الأمة عليه، ولا شرًا إلا حذرها منه، وأوضح لنا ما نحتاج إليه من عقائد، وعبادات، ومعاملات، وآداب.

آداب لحق النفس، وآداب لحق الغير. آداب في مأكلنا ومشربنا وملبسنا، وفي كل شؤوننا. نتعبد لله - عز وجل - بتلك الآداب، فتنقلب عاداتُنا إلى عبادات نؤجر عليها. وما يكون من طبيعة الإنسان، وتدعوه إليه غريزته كالأكل والشرب والنكاح يكون المسلمُ مأجورًا بفعله لها متى ما صحت النوايا، وجُردت فيها المتابعة لهدي النبي .

وشربُ الماء من طبيعة الإنسان، ولا يعيش بلا ماء، بل هو من ضرورات الحياة، فكل الأحياء تشرب ولا تستغني عن الماء وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون {الأنبياء: 30}، ومع ذلك فإن الشريعة جاءت بآداب وأحكامٍ, للشرب، من راعاها كان مع تنعمه بالشرب، والتذاذه به من المثابين عليه.

ولأن الماء من ضرورات الحياة، كان الناسُ فيه شركاء، ولا يجوز لمسلم أن يمنع فضل مائه عن أخيهº بل إن بغيًا سقت كلبًا، فشكر الله - تعالى - لها، فغفر لها(1).

 

حكم الماء المبذول:

الماء المبرَّد المبذولُ في سوق أو مسجد أو غيره يشرب منه المحتاج إليه وهو العطشان سواء كان غنياً أم فقيراً.

سئل الإمام مالك - رحمه الله تعالى -عن الماء الذي يُسقى الناس في المساجد والأسواق، أترى الأغنياء أن يجتنبوا شربه؟ قال: \"لاº ولكن يشربون أحب إليَّº إنما جعل للعطشان\"(2).

 

استعذاب الماء:

طلبُ الماء البارد الحلو ليس من الترفّه المذموم، ولا ينافي الزهدº بل تركُ ذلك زهدًا يُعدٌّ من الغلو والتشديد غير المشروع. فالنبي وهو أزهد الناس كان أحبَّ الشراب إليه الحلوُ البارد(3).

وقد بوّب العلماء على استعذاب الماء.

قال البخاري: باب استعذاب الماء وروت عائشة - رضي الله عنها - \"أن النبي كان يُستعذب له الماء من بيوت السقيا\"(4).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply